الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من مؤلفات أستاذنا الدكتور عبد اللطيف حمزة وبحوثه:
أولًا الكتب الأدبية:
1-
تراث الإسلام ترجمة بالاشتراك مع لجنة الجامعيين لنشر العلم عام 1936.
2-
ابن المقفع تأليف سنة 1937.
3 صلاح الدين تأليف سنة 1944.
4-
حكم قراقوش تأليف سنة 1945.
5-
الحركة الفكرية في مصر، في العصرين الأيوبيّ والمملوكيّ الأول. تأليف سنة 1947.
6-
أدب الحروب الصليبية تأليف سنة 1949.
7-
الفاشوش في حكم قراقوش تأليف سنة 1951.
8-
صلاح الدين بطل حطين تأليف سنة 1958-1959.
9-
الأدب المصريّ منذ قيام الدولة الأيوبية إلى مجيء الحملة الفرنسية. تأليف سنة 1960.
"حلقة من سلسلة ألف كتاب".
10-
القلقشندي مؤلف صبح الأعشى
"حلقة من سلسلة أعلام العرب" تأليف سنة 1962.
ثانيًا: الكتب الصحفية
1-
أدب المقالة الصحفية جزء أول عام 1950
2-
أدب المقالة الصحفية جزء ثانٍ عام 1950
3-
أدب المقالة الصحفية جزء ثالث عام 1951
4-
أدب المقالة الصحفية جزء رابع عام 1951
5-
أدب المقالة الصحفية جزء خامس عام 1952
6-
أدب المقالة الصحفية جزء سادس عام 1954
7-
0 أدب المقالة الصحفية جزء سابع عام 1955
8-
أدب المقالة الصحفية جزء ثامن عام 1963
9-
أدب المقالة الصحفية جزء تاسع، بالاشتراك مع د. عبد العزيز شرف، هيئة الكتاب 1999
10-
الأدب والصحافة في مصر عام 1955
11-
المدخل في فن التحرير الصحفيّ عام 1956
12-
مستقبل الصحافة في مصر عام 1957
13-
الصحافة المصرية في مائة عام عام 1957
14-
أزمة الضمير الصحفيّ عام 1960
15-
أخبار الشرق الأوسط في الصحافة العالمية "ترجمة - اشتراك".
16-
الصحافة والمجتمع عام 1963
17-
الإعلام "له تاريخه ومذاهبه" عام 1965
18-
قصة الصحافة العربية في مصر طبعة بغداد عام 1967
19-
الإعلام والدعاية عام 1968
20-
الإعلام والجريمة "مقال طويل نشرته مجلة "الشرطة" ببغداد في عدد من أعدادها" عام 1968
21-
الدعاية الصهيونية، طبعة النادي العربيّ بالخرطوم عام 1969
22-
الدعاية والإعلام في عهد الرسول، طبعة جامعة أم درمان بالسودان عام 1959
23-
الإعلام في صدر الإسلام عام 1970
ثالثًا: بحوث أدبية وصحفية نشرتها مجلات علمية
1-
بعض بذور الشخصية المصرية في الأدبين القديم والوسيط، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، عدد ديسمبر 1953.
2-
الحروب الصليبية وأثرها في العالم الإسلاميّ، مجلة العالم الإسلاميّ، عام 1953.
3-
الجاحظ المعتزليّ "مجلة كلية الآداب". جامعة القاهرة، عدد ديسمبر 1957.
4 أسلوب القاضي الفاضل "مجلة الثقافة القديمة".
5 أبو الحسين الجزار وشعره "مجلة الثقافة القديمة".
6-
أجواء فكرية وسياسية عاش فيها الأدب الحديث والصحافة المصرية "مجلة كلية الآداب" جامعة القاهرة، عدد ديسمبر 1954.
7-
العقدة الشركسية عند مدرسة الشيخ محمد عبده، وأثرها في صحافة هذه المدرسة "مجلة كلية الآداب" جامعة القاهرة، عدد مايو 1956.
8-
مستقبل التأهيل الصحفيّ، منشور رقم "1" من منشورات قسم الصحافة، جامعة القاهرة، عام 1957.
9-
نشر الوعي الصحفيّ في المدرسة، المنشور رقم "2" من منشورات قسم الصحافة، جامعة القاهرة، عام 1958.
10-
دور الصحافة العربية في تنمية الوعي القوميّ "صحيفة المجلة التي تصدرها وزارة الثقافة".
11-
الطور الصحافيّ من أطوار الحركة الوطنية، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، عدد مايو عام 1958.
12-
شخصية لا أنساها، وهي شخصية الشيخ على يوسف ومكانته من تاريخ الصحافة المصرية "مجلة الهلال عدد يولية 1959".
رابعًا: بحوث في مجال التربية والتعليم
نشرت هذه البحوث في مجلة "الرائد" التي تصدرها نقابة المهن التعليمية، واتخذ لها عنوانًا ثابتًا في هذه الصفحة، وهو كما يلي:"الخالدون في ميدان التربية والتعليم"
وجاءت تباعًا على النحو التالي:
1-
زعماؤنا الخالدون في ميدان التربية والتعليم "مجلة الرائد، عدد أكتوبر" عام 1963.
2 رفاعة الطهطاوي، أو المعلم الأول "مجلة الرائد، عدد نوفمبر" عام 1963.
3-
محمد عبده، المعلم الثاني "مجلة الرائد، عدد ديسمبر" عام 1963.
4-
محمد عبده، أو المعلم الثاني "مجلة الرائد، عدد مارس" عام 1964.
5-
أحمد لطفي السيد، أو المعلم الثالث "مجلة الرائد، عدد مارس"1964.
6-
طه حسين، أو المعلم الرابع "مجلة الرائد، عدد أبريل" عام 1964.
كما كتب بحوثًا أخرى بعنوان: "الخالدين في ميدان التربية والتعليم".
تتضمن الحديث مرةً أخرى عن الدكتور طه حسين، ثم الحديث، والمعلم الخامس، وهو المرحوم إسماعيل محمود القباني، الوزير السابق للتربية والتعليم، وواضح أنه من هذه البحوث الأخيرة سيتألف كتاب جديد بالعنوان المتقدم، وذلك بمشيئة الله تعالى.
وما زال قَسَمُ الصحفيّ الجامعيّ الذي لقنه لتلاميذه محفورًا في قلوبهم، وهو القَسَمُ الذي يقول:
قَسَمُ الصحفيّ الجامعيّ!!
أقسم بالله العظيم، أن أحترم مهنة الصحافة، وأن أعمل فيها بشرفٍ وذمةٍ وأمانةٍ، وصدقٍ، ونزاهةٍ، وأن أجعل مصلحة الوطن هي العليا، وأن أشارك ما استطعت في بناء الإنسانية الراقية "المتحضرة".
وكتابه: "المدخل في فن التحرير الصحفيّ" الذي تصدره الهيئة المصرية العامة للكتاب، في طبعته الجديدة، هو الكتاب "العمدة" في موضوعه، منذ صدور طبعته الأولى من نيفٍ وأربعين عامًا، ولقد صدرت بعده كتب ودراساتٌ في لغة العرب وغيرها من اللغات، وما تزال للكتاب جدة، وما تزال له جوانب تَمَيُّزٍ، انفرد بها بين المراجع الكبرى في هذا الفن.
ذلك أن أستاذنا د. حمزة، في رحلته العلمية، منذ اشتغاله بتدريس "الأدب المصريّ" وهو يستقري قوانين الإبداع في الأدب والنقد، وتغدو لديه بمثابة الأساس الراسخ لقوانين التحرير، هذا المنهج الاستقرائيّ أكسب كتابه التميز في موضوعه، وجعل له مكانة تصله بأسلافه من مؤلفي كتب "الصناعتين" في التراث العربيّ، صناعة الشعر وصناعة النثر، وكأنما كان يتفيأ تشييد صناعة ثالثة، هي صناعة "النثر الصحفيّ" الأمر الذي وجهه إلى دراسة "أدب المقالة الصحفية في مصر" كما عُنِيَ بدراسة التحرير، في كتابه:"المدخل في فن التحرير الصحفيّ"، متضمنًا دراسة: فن الخبر والتقرير، والمقال، وفن تحرير المجلة، حتى لنذهب إلى أن هذا الكتاب في "الصناعة الثالثة" صناعة "النثر الصحفيّ" إنما يمثل البلاغة الجديدة، حين تنظر إلى الناس، كما يقول طه حسين: من حيث لا يصطنعون الشعر للإعراب عما يضطرب في نفوسهم من شئون الحياة اليومية، وهم لا يحررون الصحف شعرًا ولا يكتبون فيما يريدون أن يكتبوا فيه حين يؤلفون الكتب شعرًا أيضًا، وإنما يصطنعون النثر في هذا العصر، كما اصطنعوه في جميع العصور، منذ تقدمت الحضارة لتأدية أغراضهم المختلفة".
والبلاغة الجديدة ترتبط بالمدرسة التجديدية في المقال الصحفيّ؛ فكتابها هم الذين طوروا الذوق العام في النصف الأول من القرن العشرين، وقد أعانهم على الوصول إلى مشارف هذه البلاغة العملية أنهم لم يكونوا يعيشون في البروج العاجية، ولا يعتزلون الحياة الشعبية، ولا ينأون بحالٍ من الأحوال عن آلام الناس وآمالهم، ولا يهملون قدرتهم وطاعتهم، وإنما كانوا يعيشون مع الشعب، بل يعيشون بالشعب
وللشعب، يعيشون لأنهم كانوا يعربون عن ذات نفسه، يصورون له آماله ليحرض عليها، ويَجِدَّ في تحقيقها، ويفتحون له آفاقًا جديدةً من الأمل ليسرع إليها، ويمعن فيها، ويصورون له آلامه ليبرأ منها، ويضع عن نفسه أثقالها.
وأيسر القراءة فيما كانوا يكتبون، وكما يظهر في سلسة:"أدب المقالة الصحفية" تبين ذلك في غير لبسٍ ولا غموض، فهم الذين صوروا له الاستقلال وزينوه في قلبه، وهم الذين بغضوا إليه الاحتلال، وأثاروه على الإنجليز، وهم الذين كَرَّهوا له الاستبداد، وأطمعوه في الحرية، وأغروه بالإلحاح في طلبها، وهم الذين أعدوه للثورة، وأسخطوه على حياةٍ سيئةٍ كان يحياها، وهيأوا ضميره ليسرع إلى الخير حين يدعى إليه، وينصرف عن الشر حين يُرَدُّ عنه، ويتقبل الإصلاح حين يُعْرَضُ عليه، وهم قاوموا الاستبداد، ولقوا في مقاومته ضروبًا من الأذى، وفنونًا من النكر، وهم قوّموا المعوجِّين من الحكام، وجَدُّوا في صرف الشعب عنهم، وتزهيده فيهم.
فعلوا كل هذا، وتَقَبَّلَ الشعب منهم ما فعلوا، واستجاب الشعب لهم حين يخطبون أو يتحدثون".
وفي دراسات د. حمَزة، التي ضمنها سلسلة:"أدب المقالة الصحفية" يتضح أن الصحفيين في المدرسة التجديدية، وقد جمعوا بين الثقافتين، استطاعوا بجهودهم أن يؤصلوا لغة الفن الصحفيّ العربيّ التي تقترب من لغة الأدب، وتمتاز بالسلالة والواقعية والتبسيط.
وهذا التقارب الذي تكشف عنه البلاغة الجديدة بين مستويات اللغة العلمية والأدبية والعملية، إنما يدل على تجانس المجتمع، وتوازن طبقاته وحيوية ثقافته، ومن ثَمَّ إلى تكامله وسلامته العقلية، فمن الثابت أن العصور التي يسود فيها نوعٌ من التألف بين هذه المستويات، هي غالبًا أزهى العصور وأرقاها.
يمتاز المقاليُّون التجديديون بأن ولاء مدرستهم يرتبط بالبيئة المتحضرة التي يعيش فيها الكاتب للجمهور وبالجمهور، تتبين هذه الميزة إذا نظرنا إلى المدرسة التقليدية من جهةٍ، وإلى العقاد والمازني وهيكل وطه حسين في المدرسة التجديدية من جهةٍ أخرى، فقد كان الكاتب التقليديّ لا يعيش لأدبه، وإنما يعيش بأدبه، في حاجة إلى حمايةٍ تكفل له ما يجب من العيش والمكانة، ولا بد له من "مسين" كما يقول الأوربيون، يحميه ويعطيه، ويحيطه بالرعاية والعناية، ويدفع عنه العاديات والخطوب، أما الأربعة الآخرون، فثائرون على هذا النوع من الحياة والأدب، يكبرون
أنفسهم أن يحميهم هذا العظيم أو ذاك، يعيشون أولًا ويعيشون أحرارًا.
وهم يأبون أن يؤدوا عن إنتاجهم حسابًا لهذا أو ذاك، وقد فتحت هذه الحرية أمام المقاليّين المجددين أبوابًا لم تكن تفتح لهم حين كان الأدب خاضعًا للسادة والعظماء، فهم يؤثرون أنفسهم، ويؤثرون الفن، ويؤثرون الشعب بما ينتجون، وكذلك عكف هؤلاء المقاليون المجددون على الشعب؛ فجعلوا يدرسونه ويتعمقون درسه، ويعرضون نتائج هذا الدرس، ويظهرون الشعب على نفسه فيما ينتجون له من الآثار.
ومن ثمار هذا الدرس جاءت البلاغة الجديدة؛ لتجعل من لغة الفن الصحفيّ لغة المغزى والمعنى والأهمية؛ إذ تقوم على الوظيفية الهادفة، والوضوح والإشراق، حتى لتكاد تكون فنًّا تطبيقيًّا قائمًا بذاته، فالفن الصحفيّ تعبيرٌ اجتماعيٌّ شاملٌ، لغته ظاهرة مركبة خاضعة لكل مظاهر النشاط الثقافيّ؛ من علمٍ وفنٍّ وموسيقي وفنٍّ تشكيليّ.. وغيرها من الفنون، إلى جانب السياسة والتجارة والموضوعات العامة.
ومن ذلك يتضح لنا أن فن التحرير الصحفيّ يرتبط بنوع الوسيلة التي تحمله إلى الجمهور، ثم بطبيعة مادته وصياغته، فكل الأنواع التي نعرفها أدبيةً وعلميةً وصحفيةً، يمكن أن تكون فنونًا صحفيةً متى توفرت لها الحالية والحيوية والاستجابة لاهتمامات الجمهور، والصياغة السهلة القريبة إليهم.
إذ أن فنون التحرير الصحفية هي الفنون التي تنشرها الجريدة لتواجه تساؤلات، أو اهتماماتٍ ذات صفةٍ حاليةٍ ترتبط بالأحداث الهامة، أو المشكلات التي تمس جمهور القراء، أو تلك التي يمكن أن تجري في حياتهم في المستقبل القريب، وهذا الفن يمتاز ببلاغته الصحفية، ويتخذ الصيغة المميزة لطابع الصحيفة التي تنشره، أو الصيغة للمدرسة أو المذهب الصحفيّ الذي ينتمي إليه كاتب المقال.
على أن البلاغة الجديدة كما تظهر في دراسات أستاذنا د. حمزة رحمه الله، تمتاز كما تقدَّم بأنها جاءت ثمرة للخصومة بين أنصار القديم والجديد في تراثنا الصحفيّ، ذلك أن الكثرة المطلقة من الذين يقرءون الصحف والكتب حريصةً كل الحرص على شيئين لا ترضي بدونهما:
الأول: أن يُقَدَّمَ إليها نثرٌ فصيحٌ مستقيمُ اللفظِ، نقيُّ الأسلوبِ، برئٌ من الابتذال، حُرٌّ من أغلال البيان والبديع.
الثاني: أن يكون هذا النثر، على كل ما قدمناه ملائمًا لذوقها الجديد وميولها الجديدة، قيِّمًا في معناه، كما هو قيِّمٌ في لفظه، حر في معناه كما هو حر في لفظه أيضًا، ومعنى هذا: أن الكثرة المطلقة من الذين يقرأون العربية الآن، تحرص في حياتها كلها على أمرين:
- نحرص على قديمها؛ لأنها لا تريد أن تمحو شخصيتها.
- وتحرص على الجديد؛ لأنها لا تريد أن تكون أقلَّ من الغرب علمًا ولا أدبًا ولا حضارةً، وهذا النثر وحده الذي تقدم وصفه هو الملائم لهذا الذوق الجديد وهذه الآمال الجديدة.
وفي أدب المقالة الصحفية في مصر يتأكد لنا أن طبيعة المقال تستلزم بيئةً مناسبةً للنمو والازدهار، ويظهرنا التطور المقاليّ على أن البيئة الأولى التي وُلِدَ فيها المقال على أيدي رفاعة الطهطاوي، وعبد الله أبو السعود، ومحمد أنسى، وغيرهم، كان قصاراها أن حاولت إنشاء ما يسمى: بـ "المقال الصحفيّ"، ذلك أنها كانت مقيدة في هذه المحاولة بقيود كثيرة، كان معظمها نتيجةً للظروف السياسية والاجتماعية والفكرية التي اكتنفت رجال تلك البيئة، وفرضت على المقال الناشئ صبغة علمية أدبية، أكثر منها سياسةً واجتماعيةً، من حيث الموضوع، أما من حيث الأسلوب، فقد كان كتَّاب البيئة الأولى مقيدين كذلك بقيود تقليدية، أورثت لغة المقال لونًا باهتًا من ألوان النثر العربيّ، لم يكن خليقًا أن يحتذى، ولا كان جديرًا بأن ينسج على منواله، ولكن البيئة الصحفية الثانيةلم تلبث أن سئمت هذا اللون الباهت، فنعم فيها المقال بقسط من الحرية في الموضوع، ومن الحرية في الأسلوب، نتيجةً لاتجاهها إلى لونٍ آخر من ألوان الجهاد القوميّ، فاتجهت إلى الإصلاح الاجتماعيّ والسياسيّ واللغويّ.
على أن المقال الصحفيّ في هذه البيئة لم يبرأ من عيوب المقال في البيئة الأول؛ حيث لم يستطع كتابه أن يرسموا في أذهانهم صورةً صحيحةً للمقال الصحفيّ، كما يفهم من هذه الكلمة عند إطلاقها اليوم.
وإن كان هؤلاء الكتاب قد مهدوا لإدراك الفرق بين لغة الأدب ولغة الصحف، لظهور كتَّاب البيئة الصحفية الثالثة، التي ترتبط بظهور الصحافة اليومية، وهي
البيئة التي ولد فيها المقال الصحفيّ على يد السيد علي يوسف، صاحب "المؤيد" ولطفي السيد في "الجريدة" ومصطفى كامل في "اللواء" وفريد وجدي في "الدستور" وكانت هذه البيئة لنموِّ المقال الصحفيّ وازدهاره، لما اتصفت به من مقاومةٍ للاحتلال، ونشاط العقول والأقلام في هذه المقاومة، فامتاز المقال بالجِدَّةِ في الأسلوب السياسيّ، كما امتاز بالجدة في التفكير السياسيّ على حد تعبير د. حمزة رحمه الله.
وفي هذه البيئة الثالثة وجد الشبَّان من المجددين أساتذةً لهم، مهدوا للمفهوم المقاليّ الجديد، ووضعوا الثقافة العربية على بداية مرحلةٍ عنيفةٍ من صراع الأضداد، وذهب أبناء هذه المدرسة إلى تنمية الاتجاه العقلانيّ الذي أرساه الجيل السابق من كتّاب البيئة الصحفية الثالثة.
ونخلص من دراسات د. حمزة، إلى أن البيئة الصحفية الثالثة هي التي وضعت المقال الصحفيّ على بداية مرحلةٍ جديدةٍ من لقاء الأصالة والمعاصرة؛ حيث تمثلت التيارين: القديم برافديه المصريّ والعربيّ، والحديث الوافد من الغرب، ولعل صفة البقاء والاستمرار التي عرفها المؤرخون عن تطور التاريخ في مصر، والتي نسبها "أرنولد ينبي" إلى اقترانها بعملية التغيير والتجديد، هي في الحقيقة أكثر اقترانًا بعناصر الأصالة وعناصر التجديد، من خلال وحدة الشعور التي وسمت البيئة المصرية بالبقاء والاستمرار.
ولعل استقراء "لوبون" للحضارة المصرية، جاء أصدق استقراءٍ لحقيقة القوى الواقعة في البيئة المصرية؛ إذ يرى "مصر الفرعونية تعيش في مصر العربية باقيةً في مصرنا الحاضرة". وفي ذلك ما يُبَيِّنُ عمق العوامل النفسية التي وجَّهَت المقال المصريّ الحديث، حيث برهنت مصر طوال تاريخها على قدرةٍ فذةٍ على الاستجابة، وهذا هو السر في بقائها واستمرارها وتجددها، إلّا أنها في استجابتها، شأنها في ذلك شأن الأمم العريقة، لا تخلو من حوافز المقاومة المرنة، حتى لتضفي على الاستجابة تلك الحيوية التي تتمثل فيها الجديد، وتصهره في قديمها؛ ليكون النتاج: قوةً جديدةً تدفع بها إلى الإمام، ولعل في ذلك ما يفسر الصراع بين القديم والجديد، بين التقليديين والتجديديين في عصر النهضة الصحفية، كلونٍ من ألوان المقاومة المرتبطة بالاستجابة للجديد، الأمر الذي أكسب المقال والفنون الأخرى قوةً أبقى على الأيام.
ولذلك يرى د. حمزة -رحمة الله، أن من أسباب ظهور فن المقال الصحفيّ في مصر ملائمة البيئة الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية لطبيعة فن المقال نفسه، وهي البيئة التي شهدت ظهور الرأي العام المصريّ وتكوّنه من خلال الصحافة والتعليم، والرغبة في التغيير السياسيّ والاجتماعيّ، وتلك هي العوامل التي هيأت لظهور فن المقال الصحفيّ؛ لأنه بطبيعته فنٌّ حضاريٌّ يزدهر في بيئة الفكر والعلم والنهضة والتعقيل.
ويلاحظ القاريء الكريم لكتاب: "المدخل في فن التحرير الصحفيّ" أن التحرير يشمل قسمين رئيسيين في الصحف هما: الأخبار من ناحية، وفنون المعالم Features من جهةٍ أخرى، وأن هذه الفنون الأخيرة تشمل: فن التقرير الصحفيّ، وفنون المقال.
أذكر لأستاذنا د. حمزة -رحمة الله، سلسلة مقالات في بداية الستينات، بعنوان:"دراسات وقراءات في النقد" منها مقالٌ خصَّصَه لدراسة نظرية "لسنج" في التفرقة بين الفنون، قال فيه:
عاش لسنج في القرن الثامن عشر الميلاديّ، وحدَّثَ مرةً أن طلع على تمثل في الفاتيكان، وهو تمثال "اللاوكون" وكان موحيًا لكثير من الشعراء والأدباء الذين قالوا فيه الكثير من الشعر، وفي الوقت نفسه كان موحيًا للفنانيين الذين اشتغلوا بتقليده مرات عديدة.
وقصة هذا التمثال خلاصتها: أن راهبًا كان يتعبد في معبد أبو لون، ثم كفر به في آخر حياته، وذهب يعبد إله البحر، فما كان أبو لون إلّا أن أرسل عليه لينتقم منه، والتمثال للراهب وهو يصارع ليدفع أذاها عن نفسه وعن ولديه، وحين رأي لسنج التمثال رأى آثار الألم باديةً على وجه الراهب وعلى جسده، ولكنه لاحظ أن هذا الألم مكبوت، وكان لسنج قد سبق له أن قرأ ما كُتِبَ عن شعر اللاتيني فرجيل، وفي هذا الشعر كان الراهب يصرخ ويصيح ويملأ الدنيا بصراخه وعويله، فالتفت لسنج منذ هذه اللحظة إلى الفرق بين فن النحت وفنِّ الشعر.
فالقصة التي أوحت إلى النحات والشاعر واحدة، فأخذ لسنج يتساءل: ترى ما سبب هذا الفرق، وما كنهه؟ فالراهب في الشعر يصرخ، ويصف الشاعر ملابسه، ويذكر كثيرًا من التفاصيل التي تتصل بهذا
المنظر، الزاهب نفسه في الصخر، يكبت ألمًا وهو صامت صمتًا مخيفًا، ولا يقلُّ في روعته عن صراخ الشعر وعويله، أوحت هذا القصة للناقد إذن بالتفرقة بين الفنون؛ من حيث المواد الأولية التي يستعملها الفنانون؛ فرأي لسنج أن ذلك الفرق جاء من طبيعة كلٍّ من الصخر والشعر؛ إذ المادة الأولى التي يستعملها النحات وهي الصخر تختلف عن المادة التي يستعملها الشاعر وهي اللفظ.
رأى أن النحات لا يمكنه أن يصور الراهب مرتديًا ملابسه، وإلّا اختفت آلامه، ورأى الراهب يصرخ في الشعر، فهل من الممكن أن يصرخ في الصخر؟ لو حاول النحات ذلك لرسم الراهب فاتحًا فمه، فلا يرى الرائي إلّا فتحةً مظلمةً تنقص من جمال التمثال، والجمال ينبغي أن يتوخى في النحت؛ لأنه يعرض للنظارة ليعادوا النظر إليه مرةً بعد أخرى، ولو ظهرت هذه الهوة المظلمة لظهر التمثال بشعًا تشمئز منه النفوس، فلا نعود إلى النظر إليه، وعلى هذا الأساس أخذ لسنج يفرق بين المواد الأولية للفنون، فهناك النحت والرسم والشعر والموسيقي، وموادها: الصخر والألوان والكلمات والأنغام، وهذه المواد تختلف فيما بينها، وبسبب ذلك تختلف الفنون بعضها عن بعض.
والكلمة تمثِّل الحركة، فنحن إذ نصوغ صورةً من صور البشر، فإننا لا نصوغها دفعةً واحدةً، وإنما نصوغها كلمةً كلمةً، فهي متتالية في الزمن، وعلى خطٍّ مستقيمٍ، وعلى هذا، فلكلٍّ من الصخر والشعر ميدان يكون فيه أصلح من الآخر.
والصخر يضع أمامك التمثال فتراه دفعةً واحدةً، وتعاود النظر فيه، ولكن الشعر لا نراه دفعةً واحدةً، وإنما نراه متتاليًا في فترات زمنية متتالية أيضًا؛ فالصخر أقدر على تصوير العظمة، والشعر أقدر على تصوير الحركة.
والصخر يشبه الرسم، في أن كلًّا منهما يظهر دفعةً واحدةً، والرسم يعتمد على الألوان، فتمثال الصبيّ المرح أو صورته، تؤخذ له في وقتٍ معينٍ، وفي لحظةٍ معينةٍ، وفي وضعٍ معينٍ، وتُمَثِّلُ حالةً معينة، أما صورة الصبيّ المرح في الشعر، فتذكر لنا السبب الذي من أجله فرح هذا الصبيّ، والظروف التي جعلته يشعر بهذا الفرح.
ولو أن الشاعر أراد أن يصف التمثال والصورة الزمنية، وذكر تلك التفاصيل التي يستخدمها النحات أو الرسام، وأخذ يذكر أن طول الذراع كذا، وأن سعة العين كذا وأن
الظل على هيئة كذا، لخرج كلامه من دائرة الشعر، ثم إن الألوان في الرسم توحي بما لا توحي به الكلمات المقابلة لها في الشعر؛ فمثلًا كلمة "أحمر" لا توحي بما يوحى اللون الأحمر، وهكذا.
والشعر يعتمد على الموسيقى، فهو يُمَثِّلُ اللامحدود؛ إذ الموسيقى تتجه إلى العواطف المبهمة، وهي غير محدودة الفهم، فنحن إذا استمعنا لأيَّةِ قطعةٍ موسيقيةٍ لا نفهم ماذا تقول، وإنما تثير فينا هذه القطعة عواطف، وتسير بنا إلى عوالم اللامحدود.
ومع ذلك يفترق الشعر عن الموسيقى، وحين افترق عن بقية الفنون، فإنه يدل على معنًى؛ فالكلمة لها جانبان، جانب المعنى، وجانب الصوت؛ إذ لكل كلمةٍ جَرْسٌ، ومن هذا الجرس تتألف موسيقى الشعر، ومن أجل أن لكل كلمةٍ في الشعر معنًى، فإن الشعر يخالف هذه الفنون الأخرى.
و"الخلاصة": أن لكل فَنٍّ من الفنون ميدانًا خاصًّا به، وقد جاء هذا التقسيم على أساس المواد الأولية.
والتفرقة بين الفنون على هذه الطريقة عملٌ فنيٌّ ممتازٌ، ومع أن النقاد قبل لسنج فرقوا بين الفنون، كما لاحظنا ذلك عند أفلاطون الذي قارن الشعر بالرسم، فقال في نظريته هذه: إن الشعر كالرسم؛ إذ الرسم قريب من التقليد، والشعر مثله قريب من التقليد، ولاحظ أفلاطون أن هناك فنونًا جميلةً وفنونًا غير جميلة.
والتصوير يعتمد على حاسة النظر، والموسيقى والشعر يعتمد على حاسة السمع، وهكذا فرقوا بين الفنون كذلك على أساس الفنان نفسه، ولكن لم يفرق أحدٌ قبل لسنج بين الفنون على أساس المواد الأولية، وهو بهذه التفرقة أتى ببرهانٍ جديدٍ لفهم طبيعة الشعر، وهاجم القائلين بنظرية التقليد، قائلًا: إن قصة الراهب السابقة الذكر واحدة، ولكن الفنون التي تختلف في موادها الأولية اختلفت في تصويرها؛ فالصخر يصور الألم المكبوت.
ولم يكن هذا التصوير تقليدًا؛ لأن الفنان هنا صوَّر القصة، ولم ينقلها على حقيقتها، فالفنون إذن تختلف باختلاف المواد الأولية، رغم أن الصورة الموجودة في الطبيعة واحدة لم تتعدد.
ولو كان الشعر أو الفن تقليدًا لتشابهت هذه الصور في الفنون كلها، وكانت في ذلك مطابقة للواقع، ولكن هذا محال لاختلاف المواد الأولية لكل فنٍّ.
فالشعر لا يصور من الطبيعة إلّا ما يختص بمادته الأولية "وهو عالم الحركة" ولا يقوى الشعر على تصوير العظمة وتخليد الأبطال كما يقوى الصخر على ذلك، ولا ينقل الألوان ويؤثر بها كما يفعل الرسم، ولا يصور اللامحدود والعواطف المبهمة كالموسيقي، بل إن للشعر عالمًا خاصًّا، وميدانًا معينًا لا يتعداه، ولا يصح أن ننظر إلى الشعر في ميدانه هذا على إنه ضربٌ من ضروب التقليد، كما ذهب إلى ذلك أفلاطون، بل هو تعبيرٌ ملائمٌ لطبيعته التي يخالف بها طبائع الفنون الأخرى.
وفي الفترة نفسها نُشِرَ في "الأهرام" مقالًا بعنوان: "وداعًا دولة الشعر" قال منه:
"بمناسبة البدء في بناء السد العالي، وبمناسبة تأميم قناة السويس قبل ذلك، وما جرى بين هاتين المناسبتين من أحداثٍ جسامٍ، تعرَّضَتْ في أثنائها القومية العربية لمحنة كبيرة، انتقل ذهني سريعًا إلى الحركة الوطنية منذ بدايتها على يد الزعيم الشاب مصطفى كامل، إلى المرحلة التي كان يقود فيها الحركة زعيمٌ آخر جليلٌ، هو المرحوم سعد زغلول، وبالموازنة السريعة بين الحركة الوطنية على يد هذين الزعيمين الكبيرين، والحركة القومية على يد الرئيس جمال عبد الناصر، ووقفت حائرًا في تفسير هذه الظاهرة، لماذا اقترنت الحركة الوطنية في جميع مراحلها بنهضة الشعر المصريّ والعربيّ، ولم تقترن الحركة القومية بنهضةٍ تماثل أو تزيد على الأول زيادةً تتفق وجلال الحركة الأخيرة؟
لقد اقترنت الحركة الأولى، وهي الحركة الوطنية، بظهور طائفةٍ من الشعراء الكبار، أمثال: شوقي وحافظ، وخليل مطران، وإسماعيل صبري، وعلى القاياتي، وأحمد محرم.. أبلى كل واحد منهم بلاء حسنًا في ميدان الحركة الوطنية، وكان لكلٍّ منهم أثرٌ بعيد المدى في نفوس الجماهير.
والعجيب في الموضوع أن الصحافة كانت صاحبة الفضل الأكبر في تلك النهضة الشعرية التي صحبت الحركة الوطنية، فقد كان على الشاعر أن ينشر قصيدته في صحيفةٍ سيارةٍ ليضمن أن تصل إلى الجماهير، كما كان على الشاعر أن يحسب في
قصيدته حسابًا كبيرًا لهذه الجماهير، وهكذا أصبحت القصيدة الشعرية صورةً من المقالة الصحفية في هدفها، والعجيب أيضًا أن القراء كانوا يتلهفون تلهفًا عظيمًا على قصيدةٍ لشوقي، أو لحافظ، أو لغيرهما من شعراء الوطنية، كما يتلهفون على مقال مصطفى كامل، أو على يوسف، أو سعد زغلول، أو أمين الرافعي، أو عبد القادر حمزة، أو عباس العقاد، وكانت القصيدة الشعرية تحتل مكان الصدارة من الصحيفة، فهي لا تنشر غالبًا إلّا في الصفحة الأولى، وفي مكانٍ بارزٍ من هذه الصفحة.
فأين هذا كله اليوم؟ ولم اختفت القصيدة من الشعر اختفاءً تامًّا من الصحف؟ ولِمَ قلت عناية الناس بقراءة القصيدة السياسية والقصيدة الاجتماعية، وأين من شعراء الشباب العربيّ من كان يجب أن يخلفوا الشعراء القدامى.
هل هي الصحافة التي أصبحت كما يقولون صحافة خبر، بعد أن كانت إلى عهد قريب صحافة رأيٍ ومقالٍ؟ وما دام المقال نفسه قد اختفى، أو كاد يختفي من الصحف، فأولى بذلك القصيدة التي قلنا إنها صورة من المقالة في هدفها.
هل المسئول عن هذه الحالة نوع من التطور الأدبيّ تخضع له النهضة في أيامنا هذه، وهو تطور من مظاهره أن أصبحت الأغنية، أو النشيد، يقومان مقام القصيدة، ويسدان مسدها "!
من هذين المقالين يتضح لنا أن فكرة "الصناعة الثالثة" في النقد الأدبيّ، تمثل محورًا رئيسيًّا في دراسات "التحرير الصحفيّ" عند أستاذنا د. حمزة رحمه الله، يريد من ورائها وَصْلَ اللاحق بالسابق، كما صنع نقاد أواخر القرن الثاني والقرون التالية؛ حين أثاروا في "صناعة الشعر" أفكارًا نقديةً بموهبة الشاعر، والإجراء الثنائي الذي يبذله، والملاءمة النوعية، وتثقيفه بقوانين فن الشعر، وضرورة مراعاة الزمن المناسب لإنشاء القصيدة، والعمل في ظل الدوافع النوعية!.
وفي دراساته الأدبية والنقدية، عُنِيَ بالجاحظ عناية دفعت به إلى أن يراه صحفيُّ عصره، ويشير إلى رسالة "بشر بن المعتمر" التي ضمنها "البيان والتبيين"، وما تشير إليه من إعدادٍ للنصِّ الأدبيِّ نثرًا وشعرًا، وهي الفكرة التي شغلت ابن المدبر 270هـ؛ حين عُنِيَ باستقراء مقومات النص الأدبيّ في "الرسالة العذراء" وقد
خصها د. حمزة، بدراسته في مقدمات "أدب المقالة الصحفية في مصر" وكذلك ابن قتيبة الذي تناول من خلاله عملية بناء النص.
وحين يستقرئ النص الصحفيّ في العصر الحديث، يدرس أثر الصحافة في هذا النص، من حيث أصبحت موضوعية في اهتماماتها، أصبحت مقالاتها تُعْنَى بالاقتصاد والاجتماع والفن والأدب والرياضة والثقافة جميعًا، ذلك أن فن التحرير الصحفيّ يشتق موضوعاته من الحياة الواقعية، ويشتق لغته كذلك من نفس تلك الحياة الواقعية، وينبغي أن يكتب باللغة التي يفهمها أكبر عدد من الشعب على اختلاف أذواقهم أو أفهامهم أو بيئتهم أو ثقافتهم، وهذه اللغة هي اللغة القومية في صورتها العملية، وليست صورتها العامية؛ لأنها تمتاز بالبساطة والوضوح والإيناس واللطف والرشاقة، وتنأى ما أمكن عن صفات التعالي على القرَّاء والتقعر، أو الغرابة في الأسلوب، والمبالغة في التعمق الذي لا تقبله طبيعة الصحف بحالٍ ما.
في مواجهة هذه الوظيفة الاجتماعية العملية، اتخذ التحرير الصحفيُّ أشكالًا جديدةً منها: المقال الرئيسيُّ والعمود الصحفيُّ، ومقالات اليوميات، والتقرير بأشكاله المختلفة، وذهب الصحفيُّ بهذه الفنون يعالج السياسة والحياة اليومية، ويتعرض لبعض شئون الاجتماع، وقليل منه كان يفرغ للأدب الخالص فراغًا تامًّا، وكان للصحافة المعارضة فضل ظهور فنّ المقال النزالي على الصعيد الأدبيّ أولًا، ثم على الصعيد السياسيّ فيما بعد.
فعلى صفحات "الجريدة" تناظر مصطفى صادق الرافعي عن الأدب القديم، وطه حسين عن الأدب الجديد، ثم ما لبثت هذه المعركة أن انتقلت إلى "السياسة الإسبوعية" ولعلها مستمرةٌ إلى يومنا هذا، وتناظر العقاد مدافعًا عن الأدب السكسوني ضد الأدب اللاتيني الذي دافع عنه طه حسين، وعلى الصعيد السياسيّ كانت الحملات قاسيةً، بل ضاريةً أحيانًا، وبعض هذه الحملات أنقذ البلاد من نير الظلم، ونعني: الحملة التي قادها على يوسف ضد اللورد كرومر باسم: "مقالات قصر الدوبارة بعد يوم الأربعاء" وعددها أربعة عشر مقالًا، واشتهر منها مقالات مصطفى كامل ضد كرومر أيضًا، وقد أطاحت به، وأبعدته عن الحكم في مصر. ويذهب الدكتور طه حسين في هذا الصدد إلى أن الخصومات السياسية قد يسَّرت اللغة، ومنحت العقول حدةً ونفاذًا رائعين، واستطاعت أن تشغل الجماهير، وتعلمهم العناية
بالإمور العامة، والاهتمام بها، والتفكير المتصل فيها، ويذهب إلى أن هذه الخصومات التي استحدثت فن المقال النزالي قد أحيت في النشر العربيّ فن الهجاء الذي أتقنه الجاحظ، وقصر فيه بعده من الكتاب، فقد أصبح هذا الهجاء السياسيّ من أهم الألوان في أدبنا العربيّ الحديث؛ فيه الحدة والعنف، وفيه المتعة واللذة، وفيه التنوع والاختلاف بتنوع الأمزجة واختلافها، وفيه الإيجاز والإطناب، وفيه التصريح والإشارة.
ويذهب الدكتور طه حسين أيضًا إلى أن الخصومة السياسية قد دفعت صحف الأحزاب المختصمة إلى التنافس، فافتَنَّت فيما جعلت تنشر من الفصول أو المقالات؛ فاستعرض الكُتَّابُ الادب القديم يحيونه بالنقد والتحليل، كما استعرضوا الآداب الأوروبية الحديثة يذيعونها ناقدين ومحللين ومترجمين، وإذا هم بعد هذا كله يرقون إلى إنشاء الدراسات التي تطول، حتى تصبح كتبًا تستقل بنفسها، وتقصر حتى تصبح فصولًا تنشر في الصحف والمجلات، ثم يجمع بعضها إلى بعضٍ فإذا هي أسفارٌ قيِّمَةٌ يجد فيها القاريء نفعًا ولذةً ومتاعًا.
وما دامت اللغة هي الرابطة الكبرى بين الصحافة والثقافة بالمفهوم الاجتماعيّ، فينبغي أن ننظر إليها نظرًا علميًّا صحيحًا، فاللغة ليست القواعد التي نحصلها ونسميها بالنحو المتواضع عليه، وهي لا يمكن أن تكون وسيلة إفادةٍ فحسب، بل لا يمكن أن تخضع لقواعد المنطق الصوريّ، أو المنطق الإستطاليسيّ الذي قسم الكلام إلى مخارج محدودة، جعلها أسماءً وأفعالًا وأدوات، اللغة ليست هذا كله، ذلك لأنها بمفهومها الاجتماعيّ سلوكٌ فرديٌّ وجماعيٌّ، وهي بهذا المفهوم ترتبط بالصحافة من حيث هي مرآة تنعكس عليها مشاعر الجماعة وآراؤها وخواطرها، ومن هنا، جاء تعريف أوتوجروت للصحافة بأنها تجسيد لروح الأمة.
وتأسيسًا على هذا الفهم، فإن البلاغة الجديدة في الحضارة الصحفية تبعد به عن البلاغة الجمالية للمقال في حضارة التدوين؛ إذ تجعل من هذا الأخير فنًّا جماليًّا، في حين تنظر البلاغة الجديدة للتحرير الصحفيِّ على أنه فنٌّ تطبيقيٌّ، وكلاهما فنٌّ لا شك فيه، إلَّا أن البلاغة الجمالية تستعمل خامات اللون واللفظ للوصول إلى الجمال، أما البلاغة الجديدة في فنِّ التحرير الصحفيِّ فإنها تدخل في اعتبارها أمورًا عمليةً فنيةً اجتماعيةً. والتحرير الصحفيّ يجب أن يراعي مستوى القرَّاء وثقافتهم، وسياسة
الصحيفة، وقوانين المطبوعات والرقابة، والتعبير المبسط عن الأفكار المعقدة لتلائم السواد الأعظم من الجماهير المتصل بها، ولذلك يهتم التحرير الصحفيّ بتفاصيل ما يجري من الأحداث اليومية في المجتمع، وبتسجيل الإحصاءات والأرقام التي جمعت، والكلمات التي قيلت، والأحداث التي وقعت، كأنه يثبت جسم الحقيقة، في حين ينفذ المقال الأدبيُّ إلى روح تلك الإحصاءات والأرقام التي جمعت، والكلمات التي قيلت، والأحداث التي وقعت، كأنه يثبت جسم الحقيقة، في حين ينفذ المقال الأدبي إلى روح تلك الإحصاءات والأرقام والكلمات والأحداث من خلال اهتمامه بالقيم؛ فالفرق إذن بين الأديب والصحفيّ في فنِّ المقال هو في نزوع أحدهما إلى أعماق النفس البشرية، ونزوع الثاني منزع الناقد الاجتماعيّ الذي يُعْنَى بالواقع والتفاصيل.
وعلى هذا فإن البلاغة الجديدة عند أستاذنا د. حمزة رحمه الله، تطوّع اللغة لتتسع للكثير الجديد في نطاق الفكر النظريّ، والتطبيقات العملية طواعيةً ليست في المفردات فحسب، بل في التراكيب وصور الأداء، قد أدت هذه البلاغة الجديدة المرتبطة بالصحافة نشأةً وبيئةً، إلى تحرير النثر العربيّ من تلك الأغلال والقيود التي كان يرسف فيها النثر القديم، والتي كان يتكلفها في أواخر القرن الماضي بحكم العادة.
ولم يكن بُدٌّ في ذلك الوقت الذي أحسَّ فيه العقل بحريته وشخصيته، من أن تشب الحرب ضروسًا بين المذهبين المختصمين دائمًا في النثر؛ مذهب أصحاب القديم، ومذهب أصحاب الجديد، وقد شَبَّتْ بالفعل هذه الحرب.
البلاغة الجديدة ترتبط بالصحافة إذن، وبفن التحرير الصحفيّ بصفة خاصةٍ، ونستند في هذا المذهب إلى مقولةٍ يؤيدنا فيها الدكتور طه حسين، من أن الصحفيّ مضطر بحكم صناعته، وما تستتبعه من العجلة والاتصال بالجماهير، إلى أن يتحلل من هذه القيود البديعية، ويتخلص من هذه الأغلال الفنية، وكذلك فعل الصحفيون من السوريين، وكذلك فعل الصحفيون المصريون أيضًا، واستطاع الشيخ محمد عبده، وسعد زغلول، وعبد الكريم سلمان، أن يكتبوا فصولًا لا تخلو من آثار القديم، فيها السجع، وفيها تكلف البديع والبيان، ولكنها بعيدةٌ كل البعد عما كان يكتب في أوائل القرن الماضي، ومنتصفه أيضًا، فيها حرية لفظية ومعنوية ظاهرة، وفيها اجتهاد في اختيار الحر من اللفظ
واجتناب المبتذل، وفيها طموح إلى الجديد، لم يكن يألفه الكتاب، وكثر انتشار المباحث العلمية الحديثة في مصر والشام بفضل المجلات والصحف والكتب، واشتدت حركة إحياء الأدب العربيّ في القطرين، وقرأ الناس العلم والأدب الغربيين، فنشطت عقولهم، وقرأوا الأدب العربيّ القديم، فاستقامت ألسنتهم وأقلامهم.
ولم يكد ينتهي القرن الماضي حتى كان الجهاد بين القديم والجديد في لغة الفن الصحفيّ قد تطور غريبًا، فأصبح أنصار القديم لا يستمسكون بركاكة الجبرتي، ولا يحرصون على بديع ابن حجة، وإنما يستمسكون بقديم بغداد وغيرها من أمصار البلاد العربية في العصر العباسيّ، ويستمسكون بصحة اللفظ من الوجهة اللغوية، وبراءته من العامية والابتذال، وأصبح أنصار الجديد لا ينفرون من البديع والبيان، فقد استراحوا من البديع والبيان، وإنما ينفرون من الإغراق في هذا الأدب العربيّ القديم، ويطمحون إلى تقليد الأدب الغربيّ الحديث، واصطناع الألفاظ الأوروبية والأعجمية.
اشتد الجهاد بين أنصار القديم والجديد في العقد الأول من هذا القرن، وكان السوريون بنوعٍ أخص من أشد الناس نصرًا للجديد، وكان شيوخ مصر هؤلاء الذين توسطوا بين الأزهر والمدارس المدنية؛ لأنهم تخرجوا في دار العلوم من أشد أنصار القديم، وكان العلم يزداد انتشارًا، والشباب يزداد إمعانًا في الاتصال بأوروبا، والتغذي بما فيها من علمٍ وأدبٍ، ثم كانت حركة وطنية في مصر قويةً عُنِيَت بها الصحف، واندفعت فيها اندفاعًا شديدًا، وكان الشبان قوة هذه الحركة، ومن الذي يستطيع أن يأخذ الصحف المندفعة في حركتها السياسية بملاحظة القديم وانتقاء الألفاظ؟ ومن الذي يستطيع أن يأخذ الشباب التأثر بأن يتقيد بالقاموس أو لسان العرب؟ وكان هذا كله صدمةً عنيفةً لأنصار القديم من الكتاب والشعراء، ذلك لأن الحركات السياسية نقلت الكتابة عن بيئتها القديمة إلى بيئاتٍ جديدةٍ، ما كانت لتكتب لولا هذه الحركات، فقد كانت الكتابة -كما كان العلم- حظًّا مقصوًا على بيئةٍ خاصةٍ من الناس، ثم أصبحت الكتابة -كما أصبح العلم- حظًّا شائعًا في الناس جميعًا، ومن ذا الذي يستطيع أن يأخذ الناس جميعًا بالتحرج فيما يكتبون، والتقيد بمعاجم اللغة وأساليب القدماء؟ وكانت الحرب العظمى فاشتد الاتصال والمخالطة بين المشرق والغرب، وانتهيا إلى حدٍّ لم يعرف من قبل، ثم انتهت هذه الحرب ونتج عنها ما نتج من هذه الثورة السياسية العامة في الشرق العربيّ كله، وأثر
هذا في حياة الناس على اختلاف فروعها، فلم يكن بُدٌّ من أن يؤثر في الأدب، وفي النثر بنوع خاص.
ويطلق د. حمزة، على الصحيفة اليومية اسم:"جامعة رجل الشارع" يقصد بذلك أن الصحيفة الجيدة هي التي تقدم للقاريء أكبر قدر ممكن من الموضوعات الآنيّة:
الحوادث الجارية، وتفسيرها لهذه الحوادث الجارية، الأخبار المتصلة بالحكومة وبالسياسة، وعرض وجهات النظر المختلفة في الميدان السياسيّ، معلومات تتصل بالعلاقات الدولية، معلومات تتصل بالمخترعات الحديثة والنظريات والأراء الحديثة، أخبار عن العمل والعمال، وعن السلع والأثمان، ونحو ذلك من الأخبار الاقتصادية الهامة، أخبار عن سلوك الناس في مختلف الطبقات، يجد فيها المهتمون بعلم النفس والاجتماع مادةً خصبةً للدراسة، ويجد فيها القارئ العاديّ موضوعات ثقافية أخرى، تفيد في تثقيف الملايين، وتبصرهم بالعالم الذي يعيشون فيه، تواريخ عن بعض الشخصيات الهامة في الماضي أو في الحاضر، يحس القارئ برغبته الشديدة في الوقوف عليها، ومعرفة الدور الذي لعبته في بناء الحضارة، معلومات خاصة بالفنون على اختلافها، ونحو ذلك.
وباختصارٍ شديدٍ، ينتظر القارئ من الجريدة الجيدة أن تكون حافلةً بالموضوعات التي تخدم المجتمع في شَتَّى نواحيه، ويفيد منها الناس على اختلافهم.
يفيد منها كاتب المأساة أو الملهاة، ويفيد الأخصائيّ الاجتماعيّ أو العالم النفسيّ، ويفيد منها الطبيب والمحامي والمدرس والصحفيّ المحترف، والصحفيّ الدارس، أو العالم، ويفيد منها الواعظ ورجل الدين والمصلح الاجتماعيّ والديني، وأخيرًا يفيد منها المدرسون في المدارس؛ لأنهم يرون فيها أمثلةً شَتَّى لكل قضية من قضايا العلم الذي يدرسونه للطلبة في كل مرحلة من مراحل التعليم المعروفة في كل أمة.
إذا كانت هذه هي محتويات الصحيفة الجيدة، فكيف نستطيع أن ننتفع بها، أو بعبارةٍ أخرى، الطريقة التي نتبعها في قراءتها، والاطلاع على المهم من موادها؟
نحن نعلم أولًا أن هذه الأهمية نسبية خالصة، فما يهمني أن أطلع عليه في الصحيفة غير ما يهمك أن تطلع عليه في هذه الصحيفة، ومعنى ذلك أنه ليس هناك من يقرأ الجريدة كلها، لا يدع منها كلمة واحدةً، وإلّا لكان على هذا القارئ أن يقضي
أكثر من عشر ساعاتٍ كل يوم في قراءة الصحف التي يحبها ويختارها، وقد لا تكفي هذه الساعات على كثرتها لكي يستوعب ما يريد.
إن قراءة الصحيفة يحتاج إلى ذكاء خاص من القارئ الواعي، وإنه ليطعن في ذكاء هذا القارئ اهتمامه بالموضوعات الطفيفة، وانصرافه عن الموضوعات الهامة المفيدة بالقياس إليه، وإلى نوع العمل الذي يرتزق منه، أو نوع الهواية التي يميل إليها، فعلى القارئ الواعي أذن، أن يعرف بالضبط أين تكتب الصحيفة هذه الموضوعات الهامة بالنسبة إليه، ولقد بالغ خبراء الصحافة في كتابة الإرشادات لقراء الصحيفة إلى حَدِّ أنهم أرشدوهم إلى الطريقة التي يمسكون بها الجريدة اليومية، فهمسوا في أذن القارئ مثلًا أن تفتح الجريدة اليومية لِمَ أطوها من نصفها طولًا؟ وابتدئ بقراءة الأعمدة الأربعة، حتى على اليمن؛ حيث تجد أهم أخبار اليوم، بهذه الطريقة نفسها تستطيع أن تقرأ الصفحة الثانية، ثم الصفحات الباقية، وقد دلت الإحصاءات التي أجريت في قراءة الصحف على أن الرجل العاديّ يستطيع أن؟؟؟ في اتباع أحسن الطرق للاستفادة بأحسن صورة ممكنة، لا شك أن القارئ يحس أن عليه أولًا أن ينظر نظرةً تامةً إلى محتويات الصحيفة، فإذا كان هناك دليل لهذه المحتويات فذلك، وإلّا فإن نظرة خاطفة إلى صفحات الجريدة كلها تعطي هذه الفكرة.
كما يَحُسُّ هذا القارئ أن عليه بعد ذلك أن ينظر نظرةً خاطفةً إلى الصور والرسوم التي تشتمل عليها الصحيفة، ولا يستغرق ذلك في الغالب أكثر من ثلاث دقائق.
وعلى القارئ بعد ذلك أن يعود إلى الأخبار الرئيسية، ولها يجب أن يخصص القارئ وقتًا لا يقل عن عشر دقائق بحالٍ ما، وعليه بعد هذا مباشرةً أن ينتقل إلى المقال الافتتاحيّ ليجد فيه تفسير الجريدة للأهم من هذه الأخبار الرئيسية، ومن حسن الحظ أن المقالات الافتتاحية تكتب في هذه الأيام بطريقة موجزة كل الإيجاز حتى لا تستغرق وقتًا ما من القارئ أن يرجع إلى الموضوعات التي تروقه، وتتفق مع هوايته، أو مع العمل الذي يعمله، وفيها بقضي القارئ بقية الوقت الذي خصصه لقراءة الصحيفة، ويستمتع بهذه القراءة كما يستمتع بأكل الفاكهة في ختام غذائه أو عشائه.
وفي مقال آخر -في الفترة نفسها، الستينات- يكتب عن "حرية الصحافة ورقابة الرأي العام قائلًا:
"إذا كان للواجب الوطنيّ وسائل مختلفة يؤدى بها، فمما لا شك فيه أن الصحافة تعتبر من أقوى هذه الوسائل ومن أشرفها، ولكن كيف يمكن للصحفيّ أن يؤدي هذا الواجب الوطنيّ أداءً يرتاح له ضميره، ويكون في الوقت نفسه مصدر خير للمجتمع؟
لا شك في أن الطريق الوحيد إلى ذلك إنما هو حرية الصحافة، فهذه الحرية تعتبر في جميع الأمم الراقية صمام الأمن لها على الدوام، وإذا حدث أن وجدنا صحيفةً من صحف الرأي تعلو بنفسها إلى مرتبةٍ عاليةٍ من مراتب النزاهة والأمانة، وشهد لها المجتمع بذلك، فإن من الحق لهذه الصحيفة أن تعلو علوًّا كبيرًا على الرقابة، سواء أكانت هذه الرقابة من جانب المجتمع، أم كانت من جانب الحكومة.
ويقال إن جريدة "التايمز" اللندنية، تتمتع بهذه المنزلة العالية، كما يقال: إن رئيس تحرير هذه الصحيفة الإنجليزية ينظر إليه دائمًا على أنه شريك الحكومة في تحمل المسئولية، وذلك باعتبار أنه موجه للحكومة.
فأما الدعاية، فقد كشف الرئيس جمال عبد الناصر في كثير من خطبه عن هذه الدعاية السوداء التي قامت بها الصهيونية العالمية، من طريق الصحف الأمريكية، وبلغ الأمر بهذه الدعاية أنها زيَّفت بعض المجلات المصرية، وزيفت بعض الرسوم الكاريكاتورية، وزيفت بعض الأحاديث الصحفية، نسبتها تارةً إلى رئيس الجمهورية، وأخرى إلى القائد العام للقوات المسلحة.
أشكر للأديبة المبدعة الدكتورة جيلان حمزة، وشقيقتيها الكريمتين: الأستاذة "كريمان" والأستاذة "وجدان" وللصديق العالم المفكر الأديب المبدع الأستاذ الدكتور سمير سرحان، إتاحة هذه الفرصة، التي كرمتني بتقديم سفر عظيم لعالم جليل، وأستاذ أعتز به وبعلمه، ولسوف يرى القارئ الكريم مصداق هذا المعنى حين يقرأ كتاب:"المدخل في فنِّ التحرير الصحفيّ"، ويتعرف من قريب، على صورة أستاذ أراد للمعرفة العلمية أن تكون أداة عظيمة للوصول إلى غايات أبعد.... وقد كان ما أراد
…
ذلك أن الغد إنما يصنع اليوم.... وحسبنا هذا الدرس الذي تعلمنا من أستاذ نذر نفسه للعلم، وأثرى حاضرنا بمن كان يسميهم: رجال المستقبل.
رحم الله أستاذنا د. عبد اللطيف حمزة. ونفع الله بعلمه.