الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي ظروف معينة، وذلك لسبب واحد فقط، هو أن الناس في حالة "الرأي العام" يتمتع كل منهم بفرديته، ويستطيع أن يظهر شخصيته، وأن يظفر بالحرية الكافية لشرح وجهة نظره التي يقتنع بها، ويريد أن يقنع غيره بما فيها من صواب.
ولكن الناس في حالة "السخط العام" تنعدم فرديتهم وذاتيتهم، أو تكاد، ففي الزحام والتجمع تنمحي هذه الصفات، ويفكر الناس بالصور والخيالات، ويكون المجال واسعًا أمام الزعماء والقادة من غير العقلاء، وهم المعرفون عند الأوربيون باسم:"الديماجوج" ممن يثيرون الجماعات، ويستغلون سذاجتها، وانعدام الفردية، أو الذاتية بين أفرادها.
إن الشعب في حالة "السخط العام" يكون أشبه شيء بالنظارة في المسرح، يتأثرون بالرواية المسرحية وقت مشاهدتهم لها، فلا يستطيعون الجمع وقتئذ بين المشاهدة والنقد، ولايستطيعون التمييز بين شتَّى المواقف المسرحية المعروضة عليهم في ذلك الوقت.
"4"
أنواع الرأي العام:
اختلف الباحثون في الرأي العام، فمنهم من رأى أنه ثلاثة أنواع على النحو الأتي:
1-
الرأي العام المسيطر.
2-
الرأي العام المستنير أو القاريء.
3-
الرأي العام المنقاد.
والأول: رأي القادة، والزعماء، والحكومات في أغلب الأحيان.
والثاني: رأي الطبقة المثقفة في الأمة، وهي الطبقة القادرة على الدرس والمناقشة.
والثالث: رأي السواد الأعظم من الشعب، ممن يستطيعون متابعة البحث أو الدرس.
ومن الباحثين من رأى أنه -أي: الرأي العام- ثلاثة أنوع، ولكن على النحو الآتي:
1-
الرأي العام الكليّ.
2-
الرأي العام المؤقت.
3-
الرأي العام اليوميّ.
فالأول: يتصل اتصالًا قويًّا بالدين، والأخلاق العامة، والعادات، والتقاليد الموروثة، وغيرها من الأشياء الثابتة في الأمة، ولذا يمتاز هذا النوع بالثبات، ويشترك فيه السواد الأعظم من الناس.
والثاني: هو ما تمثله الأحزاب السياسية، والهيئات العامة والخاصة، وذلك عندما تسعى لتحقيق هدفٍ معينٍ في وقت معين.
والثالث: هو النوع المتقلب كتقلب الجو في شهر أمشير -كما يقول المصريون- وعليه تعيش الصحف اليومية، والإذاعة، ونحو ذلك.
ومن الباحثين من يرى في الرأي العام كذلك أنه أربعة أنواع:
1-
رأي الأغلبية أو الأقلية.
2-
رأي الأقلية مجتمعة.
3-
الرأي الساحق.
4-
الرأي الجامع.
فالأول: هو رأي الجماعة حين تنقسم إلى هذين القسمين: أغلبية، وأقلية، وقد تتحول الأولى إلى الثانية، وقد يحدث العكس، ومن أجل هذا، كان لرأي الأقلية وزنٌ كبيرٌ في الأمة، وذلك أن أصحاب الأقلية إنما يعتمدون على بذل الجهود الكثيرة في سبيل الوصول إلى الأغلبية، وبهذه الجهود تنتفع الأمة.
والثاني: هو رأي الأقليات الكثيرة حين تتفق أحيانًا على رأي معين في ظرف معين، ولهدف معين، ولكن قد يفضي هذا النوع من الرأي بالأمة إلى التحول السريع، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومن أجله قد تسقط وزارة، وتعقبها أخرى، ويستمر الحال على ذلك حتى تتمكن إحدى الأقليات من أن تصبح أغلبية.