المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخاتمة: مستقبل التحرير الصحفي في مصر - المدخل في فن التحرير الصحفي

[عبد اللطيف محمود حمزة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات:

- ‌تقديم:

- ‌من مؤلفات أستاذنا الدكتور عبد اللطيف حمزة وبحوثه:

- ‌هذا الكتاب:

- ‌الكتاب الأول: الرأي العام

- ‌الصحافة والرأي العام:

- ‌تعريف الرأي العام:

- ‌الفرق بين الرأي والسخط والعام والاتجاه العام

- ‌أنواع الرأي العام:

- ‌دور الصحافة في تكوين الرأي العام:

- ‌القانون والرأي العام:

- ‌الرقابة على الصحف:

- ‌نشأة الرأي العام في مصر:

- ‌مصادر الكتاب الأول:

- ‌الكتاب الثاني: فن الخبر

- ‌نشأة الخبر وأهميته

- ‌تعريف الخبر:

- ‌في سبيل الحصول على الخبر:

- ‌تقويم الخبر:

- ‌مذاهب نشر الخبر:

- ‌قوالب صياغة الخبر:

- ‌الحوادث الداخلية أو المحلية:

- ‌الأخبار الخارجية:

- ‌طبيعة اللغة التي يكتب بها الخبر:

- ‌تحرير العنوان

- ‌التعليق على الخبر:

- ‌الطرائف المتصلة بالخبر:

- ‌الخبر والمجتمع:

- ‌الأخبار من الزاوية الأخلاقية، وزاوية

- ‌الذوق الصحفيّ والخبر:

- ‌مصادر الكتاب الثاني:

- ‌الكتاب الثالث: فن المقال

- ‌فنون المقال

- ‌المقال القصصيُّ:

- ‌مقال الاعترافات:

- ‌المقال الكاريكاتوري:

- ‌مقال الخواطر والتأملات:

- ‌المقال العلمي:

- ‌المقال الصحفيّ:

- ‌المقال الافتتاحي:

- ‌العمود الصحفي:

- ‌عمود الموضوعات الإنسانية:

- ‌عمود الرياضة والفنون:

- ‌الحملة الصحفية:

- ‌الحيل الصحفية أو الصراع بين الصحيفة والرقيب:

- ‌الكتاب الرابع: فن التقرير

- ‌المجلة

- ‌المقال في المجلة:

- ‌القصة في المجلة:

- ‌وظيفة التقرير الصحفيّ وأهميته:

- ‌فن الحديث الصحفيّ وأنواعه:

- ‌مراحل إعادة الحديث الصحفي، ونموذج له

- ‌التحقيق الصحفي وأنواعه وقواليه

- ‌مصادر التحقيق الصحفيّ، ونموذج له:

- ‌الماجريات وطريقة تحريرها:

- ‌الماجريات البرلمانية:

- ‌الماجريات القضائية:

- ‌الماجريات الدبلوماسية:

- ‌الماجريات الدولية:

- ‌تحرير الصورة والإعلان:

- ‌مصادر الكتاب الرابع:

- ‌الخاتمة: مستقبل التحرير الصحفيّ في مصر

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌الخاتمة: مستقبل التحرير الصحفي في مصر

‌الخاتمة: مستقبل التحرير الصحفيّ في مصر

إذا أردنا أن نتكلم عن مستقبل فنٍّ من الفنون، أو علمٍ من العلوم، فلا غنى لنا عن معرفة شيء عن ماضي هذا الفن أو العلم، ثم شيء عن حاضر هذا الفن أو العلم، وعلى أساس من الماضي والحاضر نستطيع أن نتكهن -إلى حد ما- بالمستقبل.

ونظرة عاجلة إلى صحافتنا المصرية منذ نشأتها إلى اليوم، ترينا أن هذه الصحافة مرت بخمس مراحل، ولا بأس من أن نقف لحظةً واحدةً عند كل مرحلة منها على حدة.

المرحلة الأولى:

وهي المرحلة التي بدأت بولاية محمد علي على مصر، واستمرت إلى قرب ولاية إسماعيل، ولقد ظهر من كبار الصحفيين في تلك الفترة: رفاعة الطهطاوي في صحيفة "الوقائع المصرية" ومجلة "روضة المدارس"، وعبد الله أبو السعود في صحيفة "وادي النيل"، ومحمد أنسي في صحيفة "روضة الأخبار"، وعثمان جلال في صحيفة "نزهة الأفكار"، وميخائيل عبد السيد في صحيفة "الوطن"، وسليم وبشارة تقلا في صحيفة "الأهرام". ولقد اعتدنا في دراستنا لهؤلاء أن نطلق عليهم اسم:"المدرسة الصحفية الأولى".

ووجدنا لهذه المدرسة أسلوبًا في التحرير، يوصف في مجموعه بالهبوط عن كلٍّ من المستوى الأدبيّ، والمستوى الصحفيّ في وقت واحد معًا، والسبب في ذلك أن المدرسة الأولى في مصر، إنما ورثت عن الأجيال الأدبية السابقة

ص: 554

لها أسلوبًا مهلهل النسيج، ضعيف البناء، يعتمد على الزينة اللفظية، والزنية المعنوية، ولكن كما تعتمد السيدة الجاهلة بأمور التجميل على كثرة المساحيق، وعلى استخدامها بطريقةٍ تدل على السذاجة، والبعد عن الحضارة، وعدم الفهم الصحيح للغرض الأساسيّ من الزنية، واستمرَّ الحال على ذلك حتى جاءت المرحلة الثانية.

المرحلة الثانية:

وهي المرحلة التي شبَّت فيها الصحافة المصرية عن الطوق، بعد إذ كانت في المرحلة الأولى تمثل دور الطفولة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنًى.

وفي هذه المرحلة الثانية، ظهر من نوابغ الصحفيين المصريين والسوريين من تمثل فيهم شباب الصحافة المصرية من حيث التحرير، ومن أولئك الصحفيين الممتازين:

أديب إسحق في صحف: مصر" و"التجارة" و"مصر القاهرة"، وسليم النقاش في صحيفتي "المحروسة" و"العصر الجديد"، وحسن الشمسي في صحيفة "المفيد"، ومحمد عبده في صحيفتي "الأهرام" و"الوقائع المصرية" ومجلة "العروة الوثقى"، وعبد الله النديم في صحف: "التنكيت والتبكيت" و"الطائف" و"الأستاذ"، وإبراهيم المويلحي في صحف كثيرة أصدرها بنفسه، من أهمها صحيفة "مصباح الشرق".

أما فن التحرير عند هذه المدرسة الثانية، فقد جنح جنوحًا واضحًا إلى الأسلوب الأدبيّ الخالص، وهو أسلوب يمتاز عن سابقه بالجودة، وحسن استخدام الزينة اللفظية، والزينة المعنوية، إلى حدٍّ يدل في مجموعه على مهارة الكاتب.

ولقد بلغ هذا الأسلوب أوجَّه عند رجلين بنوع خاص، هما: أديب إسحق، وإبراهيم المويلحي.

ص: 555

واستمر الحال على ذلك حتى دخلت الصحافة المصرية في المرحلة الثالثة.

المرحلة الثالثة:

وفيها ظهرت الصحافة اليومية، وحلت محل الصحافة الدورية، وفيها وقعت حوادث الثورة العرابية والاحتلال البريطانيّ.

وقد اعتمد الاحتلال يومئذٍ على صحيفة مصرية، هي صحيفة "المقطم"، التي صدرت عام 1988، فعزَّ على الوطنيين أن يكون للاحتلال الإنجليزيّ صحيفةً، وألَّا تكون لهم صحيفة، فاجتمع رأيهم على إنشاء صحيفة "المؤيد" لصاحبها السيد على يوسف 1889، ثم تلتها صحف وطنية أخرى، منها: صحيفة "اللواء" لصاحبها مصطفى كامل عام 1900، و "الجريدة" لمحررها أحمد لطفي السيد عام 1907.

وهناك ظاهرة تستحق التسجيل في هذه المرحلة من مراحل الصحافة المصرية، هي أنه في دور هذه الصحف التي أشرنا إليها، نشأت الأحزاب المصرية التي سمعنا عنها، ففي دار "الجريدة" نشأ حزب الأمة، وفي دار "المؤيد" نشأ حزب الإصلاح على المبادئ الدستورية، وفي دار "اللواء، نشأ الحزب الوطني.

والمهم أن الصحافة في المرحلة الثالثة استطاعت أن تفصل فصلًا يوشك أن يكون تامًّا بين فنونها المختلفة التي هي: فن الخبر، وفن المقال بأنواعه الثلاثة: الأدبيّ، والعلميّ، والصحفيّ، فبعد أن كانت هذه الفنون تكتب كلها بلغةٍ واحدةٍ، وصياغةٍ فنيةٍ واحدةٍ، أدرك الصحفيون في تلك الفترة أن الفرق عظيم بين المادة الصحفية الخالصة، والمادة الأدبية، أو العلمية الخالصة، وبعبارةٍ أخرى: استطاع الصحفيون أن يميزوا تمييزًا واضحًا بين الأسلوب الأدبيّ، والأسلوب الصحفيّ، ولا شك أن السيد: علي يوسف، هو رائد الجميع في كل ذلك، ثم جاءت المرحلة الرابعة.

ص: 556

المرحلة الرابعة:

وهي المرحلة التي بدأت حوالي عام 1922، وانتهت حوالي عام 1942، وهنا نلاحظ شيئًا هامًّا في تاريخ الصحافة المصرية، هو اهتمام هذه الصحافة اهتمامًا بالغًا بالأدب، حتى ليصح لنا أن نطلق على هذه المرحلة الرابعة اسم:"مرحلة الأدب"، وفيها أنجبت مصر -في الواقع- خير أدبائها، وكتابها، وقصاصيها، وقد أشرنا إلى ذلك في الفصل الأول من كتاب فن المقال.

وبحسبنا أن نصف هذه المرحلة بأنها "مرحلة الأدب" -كما قلنا- لنصوّرَ الحدَّ الذي بلغته الكتابة في تلك الفترة، وقد ضربنا الأمثلة على فنونها المختلفة في الفصول الثلاثة التي تلت الفصل الأول من كتاب "فن المقال"، وأخيرًا تأتي المرحلة الخامسة.

المرحلة الخامسة:

وهي المرحلة التي نعيش فيها الآن، وفيها نرى تحولًا جديدًا في الصحافة المصرية، تدل عليه ظواهر شتَّى، من أهمها قلة العناية بالأدب، حتى لكأن النهضة الأدبية نفسها قد انتكست في هذه المرحلة، وأصابها شيء من المرض أو الكسل.

ومنها -أي من تلك الظواهر- أن الصحافة في هذه المرحلة الأخيرة أصبحت صحافة خبر في أكثرها، ولم تعد صحافة مقال، كما كانت الحال قبل ذلك.

وأكبر الظن أن السبب الرئيسيّ في هذه النكسة الأدبية التي تعانيها مصر، ويعانيها العالم أجمع، في وقتنا هذا، يرجع إلى انقسام العالم المتحضر إلى معسكرين كبيرين، هما: المعسكر الشرقيّ، والمعسكر الغربيّ، وحرص كل منهما على تتبع الأخبار، وصياغتها بطريقة خاصة، من شأنها أن تحدث

ص: 557

التأثير الذي يطلبه كل معسكر منهما على حدة، ومن شأنها أن تجعل الحرب الباردة مستمرةً وباقية.

كما يرجع السبب في قلة العناية بالمقال كذلك، إلى تغير كبير طرأ على طبيعة القارئ، فبعد أن كان القراء محصورين تقريبًا في طبقة الموظفين، أصبح القراء في عصرنا هذا طبقات مختلفة، منها الموظفون، ومنها العمال وأصحاب الأعمال، ومديرو الشركات والمؤسسات على اختلافها، وغيرهم من ذوي الأمزجة العقلية المختلفة، ولا بد للصحيفة من إرضاء كل هذا العدد من القراء على اختلافهم، وبيان أمزجتهم.

تلك نظرة عجلى إلى المراحل التي مرت بها الصحافة المصرية منذ نشأتها إلى اليوم، فماذا عسى أن تكون عليه هذه الصحافة في المستقبل؟

لعل أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو:

إلى أيِّ حدٍّ تعتبر الصحافة في وقتنا هذا مرادفة للأدب؟

أو بعبارةٍ أخرى: إلى أيِّ حدٍّ يمكن التمييز في الوقت الحاضر بين الصحافة، والأدب؟ وبين الصحافي والأديب؟

إن الإجابة عن هذا السؤال، هي وحدها التي تهدينا إلى الطريق الصحيح في التنبؤ بمستقبل التحرير الصحفيّ في مصر، وفي غيرها من أقطار العالم المتمدين.

نقطة التحول في الصحافة:

الواقع أن الصحافيّ والأديب كانا شيئًا واحدًا إلى وقت قريب جدًّا، وليس ذلك في مصر فقط، ولكن في غيرها من جهات العالم أيضًا، والدليل على ذلك أن أعلام الصحافة في مصر - وقد ذكرنا عددا كبيرًا منهم-

ص: 558

كانوا كلهم أو معظمهم من رجالات الأدب والفكر في وقت معًا، وقل مثل ذلك في الصحافة الإنجليزية، أو الفرنسية، أو الأمريكية.

غير أننا نشاهد الآن تحولًا كبيرًا في هذه الظاهرة، نشاهد أن الصحافة نفسها غدت حرفةً من الحرف، وإن كانت ما تزال تربطها صلات متينة بالأدب.

فتلك إذن هي نقطة التحول الحقيقيّ في تاريخ الصحافة الحديثة في العالم المتمدين.

ومنذ أصبحت الصحافة حرفةًَ كحرفة الطب، أو التدريس، أو المحاماة، أو الهندسة، أصبح لهذه الحرفة -وهي الصحافة- فنون خاصة بها، ومن أهم هذه الفنون ثلاثة هي: فن التحرير، وفن الإخراج، وفن إدارة الصحف.

ولسنا نحتاج الآن إلى النظر في الفنين الأخيرين، ولكننا بصدد النظر في الفن الأول، فماذا عسى أن يكون عليه مستقبل الصحافة المصرية في فن التحرير؟

الواقع أننا حين نقول: "فن التحرير"، نعنى: شيئين دائمًا، هما:

التفكير من جهةٍ، والتعبير من جهةٍ ثانيةٍ، أو بعبارةٍ أخرى: الموضوع والأسلوب في وقت معًا.

فأما من حيث الأسلوب: فقد لاحظنا من تاريخ الصحافة المصرية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، أنها ورثت عن القرون السابقة أسلوبًا عتيقًا يميل إلى التكلف، ثم أخذ هذا الأسلوب يتخلَّى شيئًا فشيئًا عن هذا التكلف، حتى جاءت المدرسة الصحفية الثالثة، وعلى رأسها السيد: علي يوسف، صاحب "المؤيد"، فوجدنا أنفسنا أمام كُتَّابٍ يميزون بين الأسلوب الأدبيّ، والأسلوب الصحفيّ، ومضى التحرير الصحفيّ في طريقه هذا إلى الوقت الحاضر، وإذاك وجدنا له لغةً تبعد بعدًا ظاهرًا عن لغة الأدب، فقد

ص: 559

استحدث الصحفيون الحاليون تراكيب جديدةلم تخطر للأدباء الأولين على بال.

فمن ذلك قول بعضهم: وهنا نريد أن نضع النقط على الحروف، وذلك بدلًا من قولهم: وهنا نريد أن نوضح المسألة توضيحًا لا يدع مجالًا للشك أو الإبهام.

ومن ذلك ما نسمعه بين حينٍِ وآخر، من الصفات والنعوت التي لا وجود لها في الكتب القديمة، أو في الصحافة القديمة، مثل:

الحقيقة الصارخة.. الأكذوبة البيضاء.. الليلة الحمراء.

ثم من ذلك ما نراه من معانٍ جديدةٍ لبعض الأفعال، كما في قول بعضهم:"وهكذا أصبح حشد الجنود التركية على حدود سوريا يشكِّلُ خطرًا على هذه البلاد".

والشاهد في قوله "يُشَكِّلُ" فقد أصبح لهذا الفعل معنًى جديد في لغة الصحافة، ولغة السياسة.

ومن ذلك قول بعضهم -وهو التابعي- على سبيل المثال:

"وهنا قفزت طائفة كبيرة من علامات الاستفهمام، معبرًا بذلك عن معنى الغرابة، أو التعجب.

وقول آخر:

"فكان عليّ أن أضع أعصابي في ثلاجة بعد سماعي هذا الكلام" إلى غير ذلك من مئات التراكيب التي أثرت عن أمثال "مصطفى أمين، وعلى أمين، وسلامة موسى، ويوسف السباعي، وحسنين هيكل، وسامي داود، وعبد الرحمن الخميسي، ومن إليهم من شباب الصحفيين المصريين في وقتنا هذا.

ص: 560

والمهم أن هذه الأساليب التي تطالعنا بها الصحف كل يوم جديدة، ومن صنع هذه الصحافة، ولا صلة لها مطلقًا بالأدب، ولا بطرائفه المعروفة لدى القدماء من الأدباء والمحدثين على السواء.

وهناك أثر آخر من آثار الصحافة في الأسلوب، فكثيرًا ما نشاهد في المقال الصحفيّ، أو في العمود، أن الكاتب يؤثر استخدام الجمل الاسمية التي دخلت عليها "إن" بكسر الهمزة، يريد بذلك شيئين في حقيقة الأمر:

أولهما: أن تبدو كل جملة من الجمل كأنها وحدة مستقلة بذاتها عن الجمل أو الوحدات الأخرى.

ثانيهما: أنه يؤكد المعنى الذي قصد إليه من كتابة كل جملة.

والذي لا شك فيه أن الكاتب، أو المحررين الصحفيين، إنما اعتادوا هذا الأسلوب لتأثرهم بالصحافة، وتأثرهم بنوعٍ خاصٍّ بطريقة كتابة الأخبار، وقد أشرنا من قبل إلى أن من القواعد المعترف بها في كتابة الخبر الصحفيّ قاعدة تقوم بتقسيم "صلب الخبر" إلى وحدات متكاملة، تستقلُّ كل وحدة منها عن الأخرى، والغرض من ذلك هو إتاحة الفرصة للصحيفة لكي تحذف ما تريد من هذه الوحدات عند الحاجة، بدون أن يؤثِّرَ ذلك على المعنى العام لصلب الخبر1.

ولك أيها القارئ أن تتأمل هذه الظاهرة في جميع الأعمدة الصحفية التي يكتبها محررون من أمثال: مصطفى أمين، وعلى أمين، ومحمد زكي عبد القادر، وغيرهم من المحررين والمذيعين بالإذاعة المصرية.

هذا كله من حيث الأسلوب، أما من حيث الموضوع: فقد رأينا العجب أيضًا، رأينا الموضوع يتجه قُدُمًا نحو التوسع، ورأيناه يغزو مناطق جديدة، وعديدة، بحيث أصبح يشمل جميع مرافق المجتمع، ورأينا الفنون الصحفية المستحدثة تعين على هذا التوسع والتضخم، ومن هذه الفنون

1س- راجع الفصل السادس من الكتاب الثاني من كتب هذا البحث الذي بين يديك.

ص: 561

الأخيرة، فن الحديث الصحفيّ، والتحقيق الصحفيّ، وفن الماجريات، ورأينا الصحيفة أشبه ما تكون بمعرض من المعارض الوطنية، أو الدولية، تعرض فيها جميع المنتجات على اختلاف أنواعها، واختلاف أثمانها، واختلاف جودتها.

ولقد كان من نتيجة كل ذلك، أن أصبح الجيل الحاضر أوسع علمًا من الأجيال السابقة كلها، وإن كانت الأجيال السابقة كلها تمتاز على الجيل الحاضر من حيث العمق، ومن حيث الفهم لأصول العلم أو الفن، وذلك أن كل طائفةٍ من طوائف الأجيال الماضية توفرت على علمٍ بعينه، أو فنٍّ بعينه، لم تكن تتركه إلى سواء.

مستقبل الخبر في الصحيفة:

هذا كله من حيث المقال، وهو أحد شطري التحريري الصحفيّ، أما من حيث الأخبار، وهي الشطر الثاني من التحرير الصحفيّ، فقد أصبح لها في الصحافة الحديثة شأنٌ آخر، والخبر عند كثير من الصحفيين هو الغرض الأول من إصدار الصحيفة1.

وقديمًا كانت الصحف المصرية تحرر الأخبار بطريقةٍ عجيبةٍ، حرصت فيها على إيراد الخبر مورد السجع، والجناس، والطباق، ثم بالتدريج أخذت الصحف تتخلص من هذا الشكل العتيق من أشكال التحرير، ثم لم يقف الأمر عند هذا الحد، حتى وجدنا أن فَنَّ تحرير الخبر أصبح له

1 من طريف ما قرأت في ذلك أن كلمة الأخبار بالإنجليزية NEWS تتألف من أربعة أحرف، وهي: حرف n وتدل على الشمال NORTH وحرف E وتدل على الشرق EAST، وحرف w وتدل على الغرب WEST، وحرف S وتدل على الجنوب SOUTH. ومعنى ذلك أن الصحيفة مسئولة عن تزويد القارئ بالأخبار من جميع أنحاء العالم، بجهاته الأربع.

ص: 562

أصول، وله قواعد، وله قوالب خاصة، وصيغ معينة، هي التي مرت بك في الكتاب الثاني، من كتب هذا البحث، وهو كتاب:"فن الخبر".

ولقد أصبحت للأخبار هذه الأهمية الكبرى من حيث التحرير، وقد شاهدنا من حيث الإخراج نوعًا من الصراع الكبير بينه وبين المقال، وما زال هذا الصراع قائمًا بينهما، فأيهما أولى بعناية الصحيفة في الوقت الحاضر؟ المقال، كما كان الشأن إلى وقتٍ قريبٍ في حياتنا الصحفية، أم الخبر، كما هو الحادث بالفعل في السنوات الأخيرة؟

ولا ريب أن الخبر في هذه الأيام مُقَدَّمٌ على المقال، وأن الصحافة تفسح من صدرها للأخبار، وما يتصل بالأخبار مما لا تفسحه للمقال.

والرأي عندنا أن هذا وضعٌ شاذٌّ من أوضاع الصحافة الحديثة، والسبب فيه -كما قلنا- هو ما يعانيه العالم الحديث من موقفه من المعسكرين الغربيّ والشرقيّ.

والرأي عندنا كذلك، أن الصحافة الحديثة ستعود في القريب العاجل إلى وضعها الطبيعيّ، أو -على الأقل- إلى المساواة التامة، من حيث العناية، بين الخبر والمقال، غير أن ذلك مشروط بالاستقرار الذي يهيء للكتاب والمفكرين أن يفرغوا أفكارهم، ويتقنوا إنتاجهم، حتى يكون من وراء هذه الثروة الفكرية ربحٌ عظيمٌ للبشرية، ويومئذ تشعر الصحافة الحديثة بأن عليها واجبًا عظيمًا، هو تغذية العقل البشريّ بالأفكار الصحيحة، والآراء السليمة، وإذ ذاك تفتح الصحيفة الحديثة صدرها من جديد للأدباء، والمفكرين، والفنانين، والفلاسفة، وتستعين بهم -على نطاق واسع- في مادة المقال السياسيّ، والمقال الأدبيّ، والمقال العلميّ، والمقال الاجتماعيذ، والمقال الفنيّ، ونحو ذلك.

وإذ ذاك تتقدم النهضة الفكرية، والنهضة السياسية، والنهضة الاجتماعية، وأكبر الظن عندي أنه لن يمضي وقتٌ طويلٌ حتى تصيب الصحافة هذا القدر من التقدم لخير البشرية.

ص: 563

المخترعات الحديثة وأثرها في الصحافة:

على أن هناك خطرًا آخر يهدد الخبر في الصحيفة، ويجب أن تحسب له الصحافة حسابه منذ الآن، وهذا الخطر هو المخترعات الحديثة، وهي المخترعات التي سوف تلعب دورًا خطيرًا في تكييف الصحافة في المستقبل.

ومن أهم هذه المخترعات: الإذاعة، والتليفزيون، فقد أصبحتا منافستين خطيرتين للصحافة.

أما الإذاعة: فإنها تمد القارئ بالأخبار فور وقوعها تقريبًا، وأما التليفزيون: فإنه يضيف إلى ذلك تمكين الجمهور من مشاهدة واقع الحادث، فضلًا عن العلم به، ومن ثَمَّ تتمكن الجماهير من رؤية جلسات البرلمان، أو المحاكم، أو الهيئات الدولية على اختلافها بغاية السهولة.

وإذن فماذا تكون جدوى الصحيفة بعد ذلك؟

إن الصحف الحديثة أمام هذه الوسيلة الجديدة ستبدو كأنها وسيلةٌ عنيفةٌ من وسائل نقل الأخبار، وستصبح شبيهةً بوسائل النقل الأولى، كالحمير والبغال، وذلك بالقياس إلى الوسائل الحديثة التي هي الطائرة والقطار!

لن يكون أمام الصحافة الحديثة إذن إلّا التسليم بالمخترعات الحديثة على طول الخط.

وإذ ذاك سوف تجد الصحافة نفسها مضطرةً إلى التقليل نوعًا ما من الأهمية الأولى التي للأخبار أو الإعلام، وإذا ذاك ستضطر الصحافة الحديثة إلى العناية بالمهمة الأخرى من مهام الصحيفة، وهي مهمة تفسير الأخبار، أو التعليق عليها، أي: أن القراء في المستقبل القريب لن يطالعوا الصحيفة ليقفوا منها على أخبار "آخر ساعة" ولكنهم سيطالعون الصحيفة ليفهموا كنه الحوادث الجارية، وهي مهمة لا يستغني عنها السواد الأعظم من القراء على اختلاف طبقاتهم، وتنوع ثقافاتهم.

ص: 564

وتصبح الصحيفة اليومية باختصارٍ أشبه بالمجلة الدورية، لا تُعْنَى بالسبق الصحفيّ من حيث الأخبار، وإنما تُعْنَى بالسبق الصحفيّ من حيث التعليق على هذه الأخبار.

وإذ ذاك يعود المقال ليحتل مكانه القديم في الصحافة الحديثة، ويعود الكتاب والمفكرون فيصبحون من أهم أعضاء الأسرة الصحفية الجديدة.

وشيء آخر نبشر به الصحافة في القريب العاجل، وهو التخصص، والتخصص في ذاته ظاهرة تدل على التقدم، فسيوجد في الصحف المصرية المتخصص في السياسة، والمتخصص في شئون المرأة، والمتخصص في الاقتصاد، والمتخصص في التربية والتعليم، والمتخصص في الأدب، والمتخصص في شئون المرأة، والمتخصص في شئون الرياضة، والمتخصص في شئون المسرح، بل سنرى قريبًا المتخصص في الصفحة الأولى، والمتخصص في الصفحة الثانية من الصحيفة، وهكذا.

وعلى هذا النسق، سيكون لكل صحفيّ من صحافيّ الغد لونٌ يُعْرَفُ به، ومادةٌ يتميز بها، وعمل يخالف عمل الآخرين كل المخالفة.

وسيكون من آثار هذا التخصص المنتظر تخلص الصحافة الحديثة من التفاهات العقلية الكثيرة التي توصم بها، بل تخلصها كذلك من هذه الثقافة الضحلة الهابطة التي جنت بها على الجيل الذي نعيش فيه، بل تخلصها من هذا العبث المعيب بمواد الصحيفة، والضعف البادي على محرريها، حتى لقد أصبحوا يعتمدون في تحريرهم على النقط الكثيرة، وعلامات الترقيم الكثيرة هنا وهناك، والفراغ الكثير الذي يتركونه بين كل كلمة وأخرى، وكل جملة وأخرى، ونحو ذلك من الطرق التي توحي للقارئ بأن المحررين قد أعوزهم التعبير، فراحوا يستعيون بكل هذه الوسائل لعلهم يكلمون بها تعبيرهم، ويستمدون منها الحركة والحياة اللازمين لهذا التعبير.

بل إن هذا التخصص الذي نتنبأ به للصحافة في المستقبل، سيجعل من الصحيفة شيئًا محببًا لدى القارئ، وشيئًا لازمًا لهم لزومًا تامًّا في نفس

ص: 565

الوقت؛ لأنها ستقدم لكل طائفةٍِ من القراء ما يناسبها، أو يتفق وميولها الخاصة.

وكما يقول الأستاذ "ويكهام ستيد":

"إن من الضرورة لكل صحيفةٍ تريد لنفسها النجاح والرواج، أن تحرز في كل يوم نصرًا جديدًا في الإخراج، تتغلب به على عناصر الركود والانحلال، وأكثر ما يكون ذلك عن طريق التحرير الصحفيّ، قبل أي شيء آخر، ألَا ما أضخم هذا العبء الذي سوف تقوم به صحافة الغد، وما أثقل هذه التبعات التي ستنهض بها، وما أنبل هذه الرسالة التي ستحققها للبشرية في القريب العاجل".

أو كما قال الأستاذ "ويكهام ستيد" أيضًا:

"لكل أمة صحافتها التي تستحقها:

نعم، لكل أمة صحافتها التي تستحقها، ونحن نريد أن تكون مصر أهلًا لصحافةٍ راقيةٍ بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنًى، وليس عسيرًا عليها أن تبلغ من ذلك ما تريد.

المحرر المثالي:

وفي ختام هذا البحث عن مستقبل التحرير في مصر، نرى أن ننقل عبارةً كتبها الأديب الإنجليزي "شو" إلى مجلة "تايم آند تايد" Time& Tide" ثم أتى الأستاذ "ويكهام ستيد" W. steed فجعلها كذلك في نهاية كتابه:"الصحافة Journalism"1.

يقول "شو" بطريقته الساخرة المعروفة: "إن عمل الصحفيّ

1 انظر الترجمة العربية لهذا الكتاب، بقلم الدكتور على الأنصاري ص 54.

ص: 566

في الأصل هو الإخبار والإعلام، وليست الفلسفة السياسية، وإن جمهور القراء لا يطبق الجعجعة الفارغة التي لا تحوي شيئًا، كما لا يطبق سخافة المدعين من الوعاظ ورجال الدين، ولا من رجال السياسة أيضًا، ولقد يقرأ الجمهور لبعض الحمقى من هؤلاء وأولئك؛ لأن هذا الذي يقرءون خير من لا شيء، ولكن متى ظفر الجمهور القارئ بذلك الشخص الذي يستطيع أن يغذيه بشيء حقيقيٍّ، فإذ ذاك لن تجد حدًّا لنَهَمِ هذا الجمهور، وتَهَافُتِهِ على القراءة"!

وهنا تسائل "ستيد" قائلًا: "ولكن ما هو هذا الشيء الحقيقيّ؟ "

وأجاب هو على سؤاله بقوله:

"هو ما يشعر الناس بأنه حيويٌّ لهم، ومؤثر في حياتهم ومعرفتهم، ومعنى ذلك أنه لا بد أن يجمع المحرر الصحفيّ إلى عنصر الطرافة عنصر صدق الفكرة، سواء أكانت هذه الفكرة جديدة أم قديمة، أيّ: أن مهمة التحرير هي تقديم ذلك الشيء الحقيقيّ للقارئ، ومن هنا كان الأكفاء من المحررين الصحفيين أندر من الذهب، أو الماس، وهم بكفاءتهم النادة هذه قادرون دائمًا على أن ينتجوا في الأدب، ولكنهم يفضلون على الدوام أن يعملوا في الصحافة على أن يعملوا في الأدب"

ثم استطرد "ستيد" يقول:

"لكن من ينظر إلى الصحف اليومية في عصرنا هذا، يمكنه أن يلاحظ -مع الأسف- أن إدارتها أشبه بالسجون التي عكف فيها المحررون، وانقطعوا فيها انقطاعًا تامًّا عن العالم الخارجيّ، وعن الحياة السياسية، وعن المحاضرات العلمية، وعن حفلات الموسيقى، ودعوات العشاء، بحجة أنهم يكونون في ذلك الوقت مشغولين بتأدية أعمالهم في عقر هذه السجون التي حالت بينهم وبين الحياة نفسها، ولعلاج تلك الحالة أقترح أن يكون للصحيفة اليومية ثلاثة رؤساء

ص: 567

للتحرير، وليس رئيسًا واحدًا فقط، حتى يكون لكل واحد من هؤلاء الثلاثة يومٌ أو يومان، ينقطع فيهما عن العمل بإدارة الصحيفة، ويتصل في أثنائهما بالعالم الخارجيّ، وبغير هذا تصبح الصحف كأنها تعيش متأخرة عشرين عامًا إلى الوراء؛ لأن محرريها يكونون -كما هم الآن- أشبه بنسَّاكٍ يعتزلون الحياة، ولا يزيدون عن حراس المنارات على شواطيء البحار".

وهكذا استطاع "شو" أن يضع يده على الداء الأليم الذي يعاني منه التحرير في الوقت الحاضر، وجاء "ستيد" فاقترح حلًّا لهذه الهوة العميقة بين المحررين والقراء.

وثَمَّ اقتراحٌ آخر لتقوية الصلة بين المحررين والقراء، وهو ما كانت تفعله صحيفة "المؤيد" للسيد علي يوسف، منذ أواخر القرن الماضي، وما كانت تفعله صحيفة "الأهرام" منذ سنوات، وهذا الاقتراح هو فتح باب الصحيفة، أو بالأحرى باب رئيس التحرير كل مساء لاستقبال الصفوة من المصريين في العلم والأدب، والسياسة، والاجتماع، والاقتصاد، حيث يتناقش هؤلاء جميعًا في جوٍّ من البساطة والحرية في شتَّى المشكلات التي تهم القراء، ورئيس التحرير يصغي لجميع هذه المناقشات كل الإصغاء، ثم ينقل لقرائه في اليوم التالي زبدة الفكرة المصريّ، وخلاصة التجارب المصرية.

ولندع هذا الاستطراد جانبًا، لنعود مرة أخرى إلى عبارة "شو" التي قال فيها:

"ولكن متى ظفر الجمهور بذلك الشخص الذي يستطيع أن يغذيه بشيء حقيقيٍّ، فإذ ذاك فقط لا تجد حدًّا لنَهَمِ هذا الجمهور، وتَهَافُتِهِ على القراءة". فهذه العبارة وحدها تصلح لأن تكون أساسًا لجانبٍ من جوانب هذا البحث، وهو الجانب المتصل بما نسميه:"ثقافة الصحفيّ".

والذي نعلمه حق العلم أنه لا مفرَّ للصحفيِّ في عصرنا هذا من أن يكون

ص: 568

رجلًا مركبًا من عدة رجال، أو بعبارة أخرى: أصبح عليه -كما يقول علماء الصحافة- أن يجمع في حذقٍ، وانسجامٍ، ومهارةٍ، بين صفات السياسيّ، والأديب، والمحدث، والقديس، والاجتماعيّ، والفيلسوف، ورجل المال والاقتصاد في وقتٍ واحدٍ!

وعلى الصحفيّ في عصرنا هذا، أن يظهر للناس وكأنه موسوعة عظيمة، أو دائرة معارف كبيرة، وضعت لتكون تحت تصرف القراء في أية لحظة من اللحظات.

والصحفيّ المثاليّ -كما يقول أولئك العلماء- هو "من تمكن من حكمة القدماء، وهضمها هضمًا جيدًا، وألَمَّ بفلسفة المحدثين، وفهمها فهمًا مستقيمًا، وعرف آلات المهندسين؛ مما يتصل بفن الطباعة والتصوير وما إليهما، ودرس تاريخ عصره، فضلًا عن تاريخ العصور التي سبقت عصره، ثم عرف العوامل المؤثرة في الحياة السياسية، والحياة الاقتصادية، والحياة الاجتماعية، وشعر بأن عليه مع هذا كله أن يختزن في صدره جميع هذه العلوم والمعارف، كما عليه بعد هذا كله، أن يقدِّر حاجات القراء من هذه العلوم والمعارف، وأن يعرف مدى تقبلهم لهذه الأشياء، وأن يمدهم منها بين آنٍ وآخر بالقدر الذي يسيغونه، وبالطريقة التي يحبونها"1.

ثم مضى "ستيد" كذلك يقول:

"لهذا كان من الخطأ كل الخطأ، أن نظن أن الجمهور يجري وراء أولئك الذين يتملقون غرائز القراء؛ إذ الحقيقة التي لا مراء فيها، أن الجمهور إنما يريد أن يشعر دائمًا بأن أولئك الزعماء الذين يقودونه يعرفون الجهة التي يقصدون إليها، كما يعرفون الطرق المؤدية إلى هذه الجهة".

"والحقيقة الأخرى التي يجب أن نصدقها كذلك هي أن الجمهور

1 المصدر المتقدم ص50.

ص: 569

لا يمكنه في الوقت نفسه أن يغتفر ذنبًا لأولئك الذين يضللونه، أو يغررون به".

وبعد، فإن للبحث في مستقبل الصحافة والأدب في مصر كتابٌ آخر لنا غير هذا الكتاب، هو "مستقبل الصحافة في مصر - الأدب والصحافة"، ولكن حسب هذا الكتاب الذي بين يديك أنه أول تنظيم علمي ظهر في مصر والعالم العربيّ لمادة من مواد الحضارة الحديثة، هي:"مادة الفن الصحفيّ".

أجل، حسب هذا البحث أنه المحاولة الأولى من نوعها في هذا السبيل، وإننا لنرجو-مخلصين- أن تتبعها محاولات أخرى كثيرة وجليلة -إن شاء الله.

فمن حق مصر أن تشارك دائمًا في بناء الحضارة الإنسانية بجميع مظاهرها، ومن حق المصريين ألّا يكونوا متخلفين يومًا ما عن غيرهم من سكان العالم المتحضر في شأنٍ من شئونه، والله يوفقنا دائمًا لما فيه الخير.

" تم بحمد الله "

ص: 570