المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل العجب من ادعائهم المشيخة وهم لا يعرفون مبادئ أمر دينهم] - المدخل لابن الحاج - جـ ٣

[ابن الحاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ آدَابِ الْمُجَاهِدِ وَكَيْفِيَّةِ نِيَّتِهِ وَهَدْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسَارَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْصَافِ الْمُوجِبَةِ لِلْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمُحَارِبِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّمْيِ وَفَضِيلَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرِّبَاطِ وَفَضْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَضْلِ الشَّهَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِتَالَ بِنِيَّةِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْفَقِيرِ الْمُنْقَطِعِ التَّارِكِ لِلْأَسْبَابِ وَكَيْفِيَّةِ نِيَّتِهِ وَهَدْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْظُرْ الْعَبْدُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ أَمْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ ويتقي الرِّيَاء والكبر والعجب]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصِّدْقِ وَالْعَقْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الطَّمَعِ وَقُبْحِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّزَيُّنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِدْرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُجْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّوَاضُعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النِّيَّةِ وَالْعِبَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى مَعْرِفَةِ عُيُوبِ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحُزْنِ وَالْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الزُّهْدِ وَالْخَلْوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَصْلِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ مِنْهَا فُنُونُ الْخَيْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ تَهْوِينِ سُلُوكِ الطَّرِيقِ وَالْوُصُولِ إلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّمَاعِ وَكَيْفِيَّتِهِ]

- ‌[تَوْقِيرُ السَّلَفِ لِلْمَسَاجِدِ]

- ‌[سَمَاع الغناء الَّذِي يشترك فِيهِ الْخَاصّ والعام]

- ‌[فَصْلٌ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ]

- ‌[فَصْلٌ اتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ وَالتَّنَافُسُ فِي أَلْوَانِ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْضَارُ الْمُرْدِ فِي مَجَالِسِهِمْ وَالنَّظَرُ فِي وُجُوهِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدُّفُّ وَالرَّقْصُ بِالرِّجْلِ وَكَشْفُ الرَّأْسِ وَتَخْرِيقُ الثِّيَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْسِيرِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَرْكُ الْوُقُوفِ عَلَى أَبْوَابِ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا وَمُخَالَطَتِهِمْ وَالتَّعَرُّفِ بِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَاضِعُ قَبُولِ الدُّعَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخَلْوَةُ عَنْ النَّاسِ وَالِانْفِرَادَ بِنَفْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ آكَدُ مَا عَلَيْهِ فِي خَلْوَتِهِ النَّظَرُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَا اُبْتُلِيَ بِهِ بَعْضُ مَنْ يُنْسَبُ إلَى طَرِيقِ الْقَوْم]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاشْتِغَالُ بِتَحْصِيلِ عِلْمِ الْكِيمْيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ الْمُرِيدِ الْخَلْوَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَلُّقُ بِرَبِّهِ وَالسُّكُونُ إلَيْهِ وَانْقِطَاعُ رَجَائِهِ مِمَّنْ هُوَ مَخْلُوقٌ مِثْلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْمُرِيدِ إذَا اجْتَمَعَ لَهُ فِي زَمَانِهِ أَوْ بَلَدِهِ مَشَايِخُ]

- ‌[فَصْلٌ للمريد أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ النَّاسِ نَظَرًا إلَى نِعَمِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي للمريد أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالْخَوَاطِرِ حَسَنِهَا وَسَيِّئِهَا]

- ‌[فَصْلٌ جَامِعٌ لِبَعْضِ آدَابِ السُّلُوكِ وَلِبَعْضِ الْآثَارِ عَنْ السَّلَفِ الْمَاضِينَ أَجْمَعِينَ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلْمُرِيدِ أَنْ يَتَفَقَّدَ فِي الِاجْتِمَاعِ بِإِخْوَانِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ صُحْبَةِ الْأَعْضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْإِخْوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلْمُرِيدِ أَنْ يَكُونَ نَظَرُهُ لِلْخَلْقِ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ وَالتَّوَدُّدِ]

- ‌[فَصْلٌ إنْ كَانَ الْمُرِيدُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْأَوْلَادِ]

- ‌[فَصْلٌ اُبْتُلِيَ الْمُرِيدُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ بِالنَّاسِ وَخِلْطَتِهِمْ بِالْأَذِيَّةِ وَالْجَفَاءِ مِنْهُمْ]

- ‌[الصَّمْتُ وَغَضُّ الْبَصَرِ مِفْتَاحَانِ لِأَبْوَابِ الْقُلُوبِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ إلَى النَّاسِ تَعَبٌ فِي الْعَاجِلِ وَنَدَامَةٌ فِي الْآجِلِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلْمُرِيدِ أَنْ تَكُونَ أَوْقَاتُهُ مَضْبُوطَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ الْمُرِيدِ مِنْ السَّفَرِ وَدُخُولِهِ الرِّبَاطَ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّرِيقَةُ الصُّوفِيَّةُ نَظِيفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالْمَشَايِخِ وَأَهْلِ الْإِرَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَجَبُ مِنْ ادِّعَائِهِمْ الْمَشْيَخَةَ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَبَادِئَ أَمْرِ دِينِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ أَخْذُ بَعْضِهِمْ الْعَهْدَ عَلَى مَنْ يُرِيدُ الدُّخُولَ فِي الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ تَعْلِيقُ السُّبْحَةِ فِي عُنُقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَالَغَ فِي أَخْذِ الْعَهْدِ إلَى حَدٍّ لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِبْطَالِهِ]

- ‌[فَصَلِّ اعتقاد المشتبهين بالمشايخ وَأَهْل الإرادة يدور بَيْن أمرين]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُكَاتَبَةِ الْفَقِيرِ لِأَخِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَرْفِ هِمَمِ الْمُرِيدِ كُلِّهَا إلَى الْآخِرَةِ وَأُمُورِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُرِيدِ سُلَّمٌ فِي اتِّبَاعِ شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِ النَّبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرُّفُ النَّاسِ فِي أَسْبَابِهِمْ وَصَنَائِعِهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ]

- ‌[حَال الْمُحْتَضَر وَمَا يَحْتَاج إلَيْهِ]

- ‌[حُرْمَةُ الْمَيِّتِ كَحُرْمَةِ الْحَيِّ]

- ‌[غُسْلُ الْمَيِّتِ]

- ‌[تَكْفِينُ الْمَيِّتِ]

- ‌[آدَاب المغسل]

- ‌[تَكْبِيرُ الْمُؤَذِّنِينَ مَعَ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَأَرْكَانُهَا وَسُنَنُهَا]

- ‌[التَّعْزِيَةُ جَائِزَةٌ قَبْلَ الدَّفْنِ]

- ‌[السُّنَّةُ فِي تَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[يَنْبَغِي أَنْ يَشْرَعَ أَوَّلًا فِي حَفْرِ الْقَبْرِ قَبْلَ الْأَخْذِ فِي غُسْلِهِ]

- ‌[إذَا فَرَغُوا مِنْ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ فَلْيَرْفَعُوا الْقَبْرَ قَلِيلًا عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[مَوْضِعُ التَّعْزِيَةِ عَلَى تَمَامِ الْأَدَبِ إذَا رَجَعَ وَلِيُّ الْمَيِّتِ إلَى بَيْتِهِ]

- ‌[الذَّبْحُ عِنْدَ الْقَبْرِ]

- ‌[نَقْشِ اسْمِ الْمَيِّتِ وَتَارِيخِ مَوْتِهِ عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْبَابُ تَهْيِئَةُ طَعَامٍ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامُ الْوِلَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَقِيقَة]

- ‌[فَصْلٌ الْخِتَانُ]

الفصل: ‌[فصل العجب من ادعائهم المشيخة وهم لا يعرفون مبادئ أمر دينهم]

أَوْ يَتْبَعُهُمْ؟ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْإِجَازَةَ، وَالْحَالَةَ هَذِهِ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الدِّينِ وَمَعَ كَوْنِهَا لَا أَصْلَ لَهَا فَالْإِجَازَةُ الَّتِي يُعْطُونَهَا شَبِيهَةٌ بِالظُّلْمِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَا يُعْطُونَهَا فِي الْغَالِبِ لِمَنْ سَأَلَهَا حَتَّى يُعْطِيَ عَلَى ذَلِكَ عَطَاءً جَزِيلًا بِحَسَبِ حَالِهِمَا وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ بِشُكْرَانِ الدُّخُولِ فِي طَرِيقِ الْقَوْمِ فَيُعْطِي الشَّيْخُ مَا يَلِيقُ بِهِ وَلِخُدَّامِ الشَّيْخِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ مَا يَلِيقُ بِدَرَجَاتِهِمْ وَكَذَلِكَ الْأَكَابِرُ أَصْحَابُ الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ وَلَا بُدَّ مِنْ لَيْلَةٍ يَطْلُبُونَهَا مِنْهُ لِلسَّمَاعِ كُلٌّ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ وَيَخْتَلِطُونَ كَمَا تَقَدَّمَ.

ثُمَّ مَعَ هَذَا الْحَالِ لَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى كَتْبِ الْإِجَازَاتِ لِمَنْ طَعَنَ فِي السِّنِّ وَلِمَنْ لَهُ ثُبُوتٌ فِي الْعَقْلِ مِنْ الْكُهُولِ، بَلْ يُعْطُونَهَا لِلشُّبَّانِ الْمُرْدَانِ وَلَهُمْ صُوَرٌ حِسَانٌ فَيَتَسَلَّطُونَ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَلَى الْكَشْفِ عَلَى حَرِيمِ الْمُسْلِمِينَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَالْأَمَاكِنِ بِسَبَبِ الِاخْتِلَاطِ بِهِمْ مِنْ أَجْلِ الْإِجَازَاتِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ. هَذَا حَالُهُمْ مَعَ مَنْ سَأَلَ الْإِجَازَةَ مِنْهُمْ.

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَسْأَلْهَا فَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَجَاهَةٌ، أَوْ جِدَةٌ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَيَعْلَمُونَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَمِيلُ إلَى شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَارِيًّا عَنْ الْوَجَاهَةِ وَالْجِدَةِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُتَشَوِّفٌ لِلْإِجَازَةِ كَالْأَوَّلِ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَعْمَلُونَ عَلَيْهِ الْحِيَلَ فِي رَبْطِهِ عَلَيْهِمْ وَسُكُونِهِ إلَى قَوْلِهِمْ وَالرُّجُوعِ إلَيْهِمْ فَإِذَا ظَفَرُوا مِنْهُ بِذَلِكَ كَلَّفُوهُ التَّكَالِيفَ الَّتِي تَضُرُّ بِحَالِهِ وَحَالِ عِيَالِهِ غَالِبًا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ إذَنْ بَيْنَ مَنْ هَذَا حَالُهُ وَبَيْنَ الظَّلَمَةِ إلَّا أَنَّ الظَّلَمَةُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِالْعُنْفِ وَالْقَهْرِ وَهَؤُلَاءِ يَفْعَلُونَ مِثْلَهُ بِالْحِيَلِ، وَالْخَدِيعَةِ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ وَلَا وَجَاهَةَ فَإِنَّهُمْ يَسْتَخْدِمُونَهُ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ لِيَحْصُلَ لَهُمْ مِنْ تَكَلُّفِ النَّاسِ وَالتَّسَلُّطِ عَلَيْهِمْ، وَالْإِلْحَاحِ عَلَيْهِمْ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى الْغَنِيِّ مِنْهُمْ وَالْفَقِيرِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُمْ مَا يُرْضِيهِمْ كَالْأَوَّلِ وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَمَسُّ أَخْلَاقَ الْمُسْلِمِينَ فِي شَيْءٍ؛ إذْ إنَّ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ الْمُنَاصَحَةَ بَيْنَهُمْ وَالشُّفْعَةَ وَرَحْمَةَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضِ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ مِنْ بَلَائِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.

[فَصْلٌ الْعَجَبُ مِنْ ادِّعَائِهِمْ الْمَشْيَخَةَ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَبَادِئَ أَمْرِ دِينِهِمْ]

(فَصْلٌ) : ثُمَّ الْعَجَبُ مِنْ ادِّعَائِهِمْ الْمَشْيَخَةَ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَبَادِئَ أَمْرِ

ص: 202

دِينِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَيْفَ بِالِانْتِمَاءِ إلَى الْمَشْيَخَةِ.

وَقَدْ قَالَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقِ: إنَّ الْفَقِيرَ لَا يَكُونُ فَقِيرًا يَكُونُ قَلْبُهُ كَأَنَّهُ فِي كَفِّهِ يَعْنِي مِنْ قُوَّةِ مُعَايَنَتِهِ لَهُ، وَنَظَرُهُ لَا يَكُونُ فَيَعْرِفُ الزِّيَادَةَ فِيهِ مِنْ النَّقْصِ بَدِيهَةً. هَذَا حَالُ الْفَقِيرِ الْمُنْفَرِدِ بِنَفْسِهِ دُونَ أَنْ يَصِلَ إلَى اقْتِدَاءِ الْغَيْرِ بِهِ.

وَأَمَّا الشَّيْخُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ قُلُوبُ أَصْحَابِهِ كَأَنَّهَا فِي كَفِّهِ وَكَذَلِكَ أَحْوَالُهُمْ فِي تَصَرُّفَاتِهِمْ وَخَوَاطِرِهِمْ فَيَعْلَمُ مَا يَزِيدُ فِيهَا وَمَا يَنْقُصُ مِنْهَا فَيُرَبِّيهِمْ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ مِنْ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ وَيُنَبِّهُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ أَحَدٌ مِنْ جُلَسَائِهِ، بَلْ الشَّخْصُ نَفْسُهُ قَدْ لَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَلَهُمْ فِي مَعْرِفَةِ هَذَا أُمُورٌ وَتَصَرُّفٌ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ عَاجِزًا عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ أَعْنِي أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَا زَادَ فِي حَالِ أَصْحَابِهِ وَمَا نَقَصَ فِي غَيْبَتِهِ فَلَا يَدَّعِي الْمَشْيَخَةَ وَلَا الْهِدَايَةَ، بَلْ إخْوَانٌ مُجْتَمِعُونَ يَتَذَاكَرُونَ فِي مَسَائِلِ الدِّينِ وَمَنَاقِبِ أَهْلِ الْأَحْوَالِ السَّنِيَّةِ فَلَعَلَّ بَرَكَةَ ذَلِكَ وَبَرَكَةَ اجْتِمَاعِهِمْ تَعُودُ عَلَيْهِمْ دُون أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَالًا، أَوْ مَقَالًا هَذَا حَالُ الْقَوْمِ مَعَ وُجُودِ الْإِخْلَاصِ مِنْهُمْ وَالصِّدْقِ وَالتَّصْدِيقِ وَالرُّكُونِ إلَى مَوْلَاهُمْ فِي دَقِيقِ الْأُمُورِ وَجَلِيلِهَا وَالْتِزَامِ الْوُقُوفِ بِبَابِهِ سبحانه وتعالى وَمَعَ هَذِهِ الْمَقَامَاتِ الْعَلِيَّةِ وَالْأَحْوَالِ السَّنِيَّةِ لَا يَدَّعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ حَالًا وَلَا مَقَالًا، بَلْ يَقُولُ أَكْثَرُهُمْ إلَى الْآنَ مَا أَحْسَنَ أَنْ أَتُوبَ حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ

يَظُنُّونَ بِي خَيْرًا وَمَا بِي مِنْ خَيْرٍ

وَلَكِنَّنِي عَمْدٌ ظَلُومٌ كَمَا تَدْرِي

سَتَرْتَ عُيُوبِي كُلَّهَا عَنْ عُيُونِهِمْ

وَأَلْبَسْتَنِي ثَوْبًا جَمِيلًا مِنْ السَّتْرِ

فَصَارُوا يُحِبُّونِي وَلَسْتُ أَنَا الَّذِي

أَحَبُّوا وَلَكِنْ شَبَّهُونِي بِالْغَيْرِ

فَلَا تَفْضَحْنِي فِي الْقِيَامَةِ بَيْنَهُمْ

وَلَا تُخْزِنِي يَا رَبِّ فِي مَوْقِفِ الْحَشْرِ

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ الصَّالِحِ رضي الله عنه: لِوَلَدِهِ لَمَّا أَنْ رَأَى مِنْهُ شَيْئًا لَا يُعْجِبُهُ يَا بُنَيَّ أَمَا تَعْرِفُ قَدْرَكَ فَقَالَ: وَمَا قَدْرِي فَقَالَ لَهُ: أُمُّكَ اشْتَرَيْتُهَا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ

ص: 203