المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حرمة الميت كحرمة الحي] - المدخل لابن الحاج - جـ ٣

[ابن الحاج]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ آدَابِ الْمُجَاهِدِ وَكَيْفِيَّةِ نِيَّتِهِ وَهَدْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسَارَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْصَافِ الْمُوجِبَةِ لِلْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمُحَارِبِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّمْيِ وَفَضِيلَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرِّبَاطِ وَفَضْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَضْلِ الشَّهَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِتَالَ بِنِيَّةِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْفَقِيرِ الْمُنْقَطِعِ التَّارِكِ لِلْأَسْبَابِ وَكَيْفِيَّةِ نِيَّتِهِ وَهَدْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْظُرْ الْعَبْدُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ أَمْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ ويتقي الرِّيَاء والكبر والعجب]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصِّدْقِ وَالْعَقْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الطَّمَعِ وَقُبْحِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّزَيُّنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِدْرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُجْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّوَاضُعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النِّيَّةِ وَالْعِبَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى مَعْرِفَةِ عُيُوبِ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحُزْنِ وَالْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الزُّهْدِ وَالْخَلْوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَصْلِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ مِنْهَا فُنُونُ الْخَيْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ تَهْوِينِ سُلُوكِ الطَّرِيقِ وَالْوُصُولِ إلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السَّمَاعِ وَكَيْفِيَّتِهِ]

- ‌[تَوْقِيرُ السَّلَفِ لِلْمَسَاجِدِ]

- ‌[سَمَاع الغناء الَّذِي يشترك فِيهِ الْخَاصّ والعام]

- ‌[فَصْلٌ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ]

- ‌[فَصْلٌ اتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ وَالتَّنَافُسُ فِي أَلْوَانِ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْضَارُ الْمُرْدِ فِي مَجَالِسِهِمْ وَالنَّظَرُ فِي وُجُوهِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدُّفُّ وَالرَّقْصُ بِالرِّجْلِ وَكَشْفُ الرَّأْسِ وَتَخْرِيقُ الثِّيَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْسِيرِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَرْكُ الْوُقُوفِ عَلَى أَبْوَابِ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا وَمُخَالَطَتِهِمْ وَالتَّعَرُّفِ بِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَاضِعُ قَبُولِ الدُّعَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخَلْوَةُ عَنْ النَّاسِ وَالِانْفِرَادَ بِنَفْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ آكَدُ مَا عَلَيْهِ فِي خَلْوَتِهِ النَّظَرُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَا اُبْتُلِيَ بِهِ بَعْضُ مَنْ يُنْسَبُ إلَى طَرِيقِ الْقَوْم]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاشْتِغَالُ بِتَحْصِيلِ عِلْمِ الْكِيمْيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ الْمُرِيدِ الْخَلْوَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّعَلُّقُ بِرَبِّهِ وَالسُّكُونُ إلَيْهِ وَانْقِطَاعُ رَجَائِهِ مِمَّنْ هُوَ مَخْلُوقٌ مِثْلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْمُرِيدِ إذَا اجْتَمَعَ لَهُ فِي زَمَانِهِ أَوْ بَلَدِهِ مَشَايِخُ]

- ‌[فَصْلٌ للمريد أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ النَّاسِ نَظَرًا إلَى نِعَمِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي للمريد أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالْخَوَاطِرِ حَسَنِهَا وَسَيِّئِهَا]

- ‌[فَصْلٌ جَامِعٌ لِبَعْضِ آدَابِ السُّلُوكِ وَلِبَعْضِ الْآثَارِ عَنْ السَّلَفِ الْمَاضِينَ أَجْمَعِينَ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلْمُرِيدِ أَنْ يَتَفَقَّدَ فِي الِاجْتِمَاعِ بِإِخْوَانِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي آدَابِ صُحْبَةِ الْأَعْضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْإِخْوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلْمُرِيدِ أَنْ يَكُونَ نَظَرُهُ لِلْخَلْقِ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ وَالتَّوَدُّدِ]

- ‌[فَصْلٌ إنْ كَانَ الْمُرِيدُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْأَوْلَادِ]

- ‌[فَصْلٌ اُبْتُلِيَ الْمُرِيدُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ بِالنَّاسِ وَخِلْطَتِهِمْ بِالْأَذِيَّةِ وَالْجَفَاءِ مِنْهُمْ]

- ‌[الصَّمْتُ وَغَضُّ الْبَصَرِ مِفْتَاحَانِ لِأَبْوَابِ الْقُلُوبِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ إلَى النَّاسِ تَعَبٌ فِي الْعَاجِلِ وَنَدَامَةٌ فِي الْآجِلِ]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي لِلْمُرِيدِ أَنْ تَكُونَ أَوْقَاتُهُ مَضْبُوطَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ الْمُرِيدِ مِنْ السَّفَرِ وَدُخُولِهِ الرِّبَاطَ]

- ‌[فَصْلٌ الطَّرِيقَةُ الصُّوفِيَّةُ نَظِيفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالْمَشَايِخِ وَأَهْلِ الْإِرَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَجَبُ مِنْ ادِّعَائِهِمْ الْمَشْيَخَةَ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مَبَادِئَ أَمْرِ دِينِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ أَخْذُ بَعْضِهِمْ الْعَهْدَ عَلَى مَنْ يُرِيدُ الدُّخُولَ فِي الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ تَعْلِيقُ السُّبْحَةِ فِي عُنُقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَالَغَ فِي أَخْذِ الْعَهْدِ إلَى حَدٍّ لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِبْطَالِهِ]

- ‌[فَصَلِّ اعتقاد المشتبهين بالمشايخ وَأَهْل الإرادة يدور بَيْن أمرين]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُكَاتَبَةِ الْفَقِيرِ لِأَخِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَرْفِ هِمَمِ الْمُرِيدِ كُلِّهَا إلَى الْآخِرَةِ وَأُمُورِهَا]

- ‌[فَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُرِيدِ سُلَّمٌ فِي اتِّبَاعِ شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِ النَّبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرُّفُ النَّاسِ فِي أَسْبَابِهِمْ وَصَنَائِعِهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ]

- ‌[حَال الْمُحْتَضَر وَمَا يَحْتَاج إلَيْهِ]

- ‌[حُرْمَةُ الْمَيِّتِ كَحُرْمَةِ الْحَيِّ]

- ‌[غُسْلُ الْمَيِّتِ]

- ‌[تَكْفِينُ الْمَيِّتِ]

- ‌[آدَاب المغسل]

- ‌[تَكْبِيرُ الْمُؤَذِّنِينَ مَعَ الْجِنَازَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَأَرْكَانُهَا وَسُنَنُهَا]

- ‌[التَّعْزِيَةُ جَائِزَةٌ قَبْلَ الدَّفْنِ]

- ‌[السُّنَّةُ فِي تَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[يَنْبَغِي أَنْ يَشْرَعَ أَوَّلًا فِي حَفْرِ الْقَبْرِ قَبْلَ الْأَخْذِ فِي غُسْلِهِ]

- ‌[إذَا فَرَغُوا مِنْ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ فَلْيَرْفَعُوا الْقَبْرَ قَلِيلًا عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[مَوْضِعُ التَّعْزِيَةِ عَلَى تَمَامِ الْأَدَبِ إذَا رَجَعَ وَلِيُّ الْمَيِّتِ إلَى بَيْتِهِ]

- ‌[الذَّبْحُ عِنْدَ الْقَبْرِ]

- ‌[نَقْشِ اسْمِ الْمَيِّتِ وَتَارِيخِ مَوْتِهِ عَلَى الْقَبْرِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْبَابُ تَهْيِئَةُ طَعَامٍ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامُ الْوِلَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَقِيقَة]

- ‌[فَصْلٌ الْخِتَانُ]

الفصل: ‌[حرمة الميت كحرمة الحي]

وَالنَّعْيَ فَإِنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ النَّعْيِ الْأَذَانُ عَلَى الْمَيِّتِ. ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُنَّ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ لَيْلًا وَنَهَارًا.

وَلَوْ أَخَذْنَ لِأَنْفُسِهِنَّ رَاحَةً وَخَفَضْنَ مِنْ أَصْوَاتِهِنَّ حِينَ نَعْيِهِنَّ، ثُمَّ اعْتَدْنَ مَعَ ذَلِكَ عَادَةً جَاهِلِيَّةً، وَهِيَ أَنَّ مَنْ جَاءَتْ لِتُعَزِّيَ تَدْخُلُ، وَهِيَ تَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَاللَّطْمِ عَلَى الْخُدُودِ وَتَخْمِيشِ الْوُجُوهِ، وَتَتَلَقَّاهَا النَّوَائِحُ عَلَى مَا يُعْهَدُ مِنْ فِعْلِهِنَّ الذَّمِيمِ وَيَتَكَلَّفْنَ إذْ ذَاكَ رَفْعَ أَصْوَاتِهِنَّ، فَإِذَا وَصَلْنَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ قُمْنَ إلَى لِقَائِهِنَّ، وَفَعَلْنَ مَعَهُنَّ كَفِعْلِهِنَّ وَيَعْمَلْنَ كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ كَذَلِكَ، ثُمَّ كَذَلِكَ مَعَ كُلِّ مَنْ أَتَى إلَيْهِنَّ مِنْ النِّسَاءِ لِلتَّعْزِيَةِ، وَيَبْقَيْنَ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً عَلَى قَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ مَعَارِفُهُنَّ، وَيَفْعَلْنَ مَعَ ذَلِكَ أَفْعَالًا قَبِيحَةً شَنِيعَةً تُنَزَّهُ الْأَقْلَامُ عَنْ كَتْبِهَا، وَالْأَلْسُنُ عَنْ النُّطْقِ بِهَا فَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذِكْرِهَا، وَكُلُّهَا مُصَادِمَةٌ لِلشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَهِيَ وَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تَنْحَصِرَ أَوْ تَرْجِعَ إلَى قَانُونٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَوَائِدِ الْبِلَادِ، وَالْأَقَالِيمِ فَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذَا جُهْدَهُ، فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَا يَحْضُرُ مَوْضِعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّهُ حَضَرَ لَكَانَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَعْنِي فِي حُصُولِ الْإِثْمِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ اعْتِقَادُهُ لَيْسَ كَاعْتِقَادِهِمْ أَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَ بِمَنِّهِ.

[حُرْمَةُ الْمَيِّتِ كَحُرْمَةِ الْحَيِّ]

فَإِذَا قَضَى الْمَيِّتُ فَلْيَشْتَغِلْ مَنْ حَضَرَهُ بِحَقِّهِ وَيَأْخُذْ فِي إصْلَاحِ شَأْنِهِ. فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُغْمِضَ عَيْنَيْهِ لِئَلَّا تَبْقَى مَفْتُوحَتَيْنِ، وَذَلِكَ شَوَهٌ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عِصَابَةً أَوْ طَرَفَ عِمَامَةٍ أَوْ غَيْرَهُمَا وَيَجْعَلَهَا تَحْتَ ذَقَنِهِ وَيَشُدَّهَا عَلَى رَأْسِهِ لِئَلَّا تَسْتَرْخِيَ ذَقَنُهُ فَيَبْقَى فَاهُ مَفْتُوحًا، وَذَلِكَ شَوَهٌ، وَقَدْ يَنْزِلُ الْمَاءُ فِي جَوْفِهِ حِينَ غُسْلِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ بَعْدَ تَكْفِينِهِ فَيُلَوِّثُهُ، وَقَدْ تَدْخُلُ الْهَوَامُّ مِنْهُ لِجَوْفِهِ إذَا كَانَ مَفْتُوحًا، ثُمَّ يُلِينُ مَفَاصِلَهُ وَيَمُدُّ يَدَيْهِ مَدًّا، وَكَذَلِكَ رُكْبَتَيْهِ حِينَ خُرُوجِ الرُّوحِ مِنْهُ، وَلْيَحْذَرْ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَعَذَّرَ مَدُّهَا.

ثُمَّ يَجْعَلُ عَلَى بَطْنِهِ حَدِيدَةً أَوْ سِكِّينًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَطِينًا مَبْلُولًا طَاهِرًا؛ لِئَلَّا يَعْلُوَ فُؤَادُهُ فَيُخْشَى أَنْ يَتَفَجَّرَ قَبْلَ حُلُولِهِ فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ يُزِيلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ مَا عَدَا الْقَمِيصَ، ثُمَّ يُجْعَلَ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ كَدَكَّةٍ وَنَحْوِهَا

ص: 235

لِئَلَّا يَتَسَارَعَ إلَيْهِ الْهَوَامُّ وَالتَّغْيِيرُ وَيُسَجَّى بِثَوْبٍ. ثُمَّ يَأْخُذُ فِي تَجْهِيزِهِ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ مِنْ إكْرَامِ الْمَيِّتِ الِاسْتِعْجَالَ بِدَفْنِهِ وَمُوَارَاتِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ فَجْأَةً، أَوْ بِصَعْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ سَبْتَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا يُسْتَعْجَلْ عَلَيْهِ وَيُمْهَلْ حَتَّى يُتَحَقَّقَ مَوْتُهُ، وَلَوْ أَتَى عَلَيْهِ الْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةُ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَغْيِيرُهُ فَيَحْصُلُ التَّيَقُّنُ بِمَوْتِهِ؛ لِئَلَّا يُدْفَنَ حَيًّا فَيُحْتَاطَ لَهُ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِكَثِيرٍ فَيُتَحَفَّظُ مِنْ هَذَا.

وَإِذَا فَعَلَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ تَلْيِينِ مَفَاصِلِهِ وَغَيْرِهَا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ بِتُؤَدَةٍ وَوَقَارٍ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَيِّتِ كَحُرْمَةِ الْحَيِّ. وَيُسَمِّي اللَّهَ عز وجل عِنْدَ الْأَخْذِ فِي ذَلِكَ فَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا بَعْضُهُمْ، وَهِيَ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا مَاتَ أَوْقَدُوا عِنْدَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ شَمْعَةً حَتَّى يُصْبِحَ، وَذَلِكَ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الشَّمْعِ أَوْقَدُوا سِرَاجًا عَلَيْهِ حَتَّى يُصْبِحَ وَيُيَسِّرُ قَبْلَ غُسْلِهِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْكَفَنِ، وَالْحُنُوطِ وَيُبَخِّرُ الْكَفَنَ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْخُذُ فِي غُسْلِهِ فَيَشُدُّ عَلَى وَسَطِ الْمَيِّتِ مِئْزَرًا غَلِيظًا، ثُمَّ يُعَرِّيهِ مِنْ الْقَمِيصِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُغَسِّلُهُ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ رحمه الله.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله: أَنْ يُغْسَلَ فِي قَمِيصٍ وَلَا يُعَرَّى وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «غُسِّلَ فِي قَمِيصِهِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا أَرَادُوا أَنْ يُعَرُّوهُ كَمَا يَفْعَلُونَ بِمَوْتَاهُمْ فَسَمِعُوا الْهَاتِفَ يَقُولُ: غَسِّلُوهُ فِي الْقَمِيصِ» وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ رحمه الله، وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى تَعْرِيَةِ الْمَيِّتِ مِنْ الْقَمِيصِ؛ لِأَنَّهُمْ «أَرَادُوا أَنْ يُغَسِّلُوهُ عليه الصلاة والسلام مُتَجَرِّدًا مِنْ الْقَمِيصِ كَمَا يَفْعَلُونَ بِمَوْتَاهُمْ حَتَّى سَمِعُوا الْهَاتِفَ فَتَرَكُوهُ» ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ عليه الصلاة والسلام دُونَ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ تَعْرِيَةَ الْمَيِّتِ أَبْلَغُ فِي تَنْظِيفِهِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ عَلَى عَوْرَتِهِ خِرْقَةً غَلِيظَةً فَوْقَ الْمِئْزَرِ حَتَّى لَا تُوصَفَ الْعَوْرَةُ.

وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْضُرَهُ أَحَدٌ إذْ ذَاكَ إلَّا الْغَاسِلُ وَحْدَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يُعِينُهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الضَّرُورَةِ

ص: 236