المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في إرسال قريش إلى النجاشي عمرو بن العاصي وعمارة بن الوليد المرة الثانية بعد وقعة بدر - المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي - جـ ٢

[ابن حديدة]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌ذكر الْكتاب

- ‌تَفْسِير غَرِيب مَا فِي هَذَا الْكتاب

- ‌فصل فِي ذكر كِتَابيه صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّجَاشِيّ

- ‌فَكتب النَّجَاشِيّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فِي زواج أم حَبِيبَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِأَرْض الْحَبَشَة

- ‌تَفْسِير

- ‌فصل فِي إرْسَال النَّجَاشِيّ وَلَده أرها وغرقه

- ‌فصل فِي فضل الْحَبَشَة

- ‌وَمِمَّا جَاءَ فِي الْقُرْآن مُوَافقا للغة الْحَبَشَة

- ‌وَمِمَّا سَمعه صلى الله عليه وسلم من كَلَامهم فأعجبه ونطق بِهِ

- ‌فصل فِي إرْسَال قُرَيْش إِلَى النَّجَاشِيّ عَمْرو بن العَاصِي وَعمارَة بن الْوَلِيد الْمرة الثَّانِيَة بعد وقْعَة بدر

- ‌فصل فِي خبر عمَارَة بن الْوَلِيد مَعَ عَمْرو بن الْعَاصِ وسحره حَتَّى مَاتَ مَعَ الْوَحْش فِي الْبَريَّة

- ‌فصل فِي ذكر توجه عَمْرو بن الْعَاصِ فِي الْمرة الثَّانِيَة إِلَى النَّجَاشِيّ وإسلامه عِنْده ورجوعه إِلَى الْمَدِينَة ولقائه خَالِد بن الْوَلِيد وَعُثْمَان بن طَلْحَة الحَجبي وإسلامهم

- ‌فصل فِي ذكر أَلْفَاظ وَقعت بَين عَمْرو بن الْعَاصِ وَبَين عبد بن الجلندي حِين بَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ وَإِلَى أَخِيه وَكَانَا ملكي عمان مِمَّا يتَعَلَّق بالنجاشي

- ‌تَفْسِير

- ‌تَفْسِير

- ‌فصل فِي ذكر مُخَاطبَة دحْيَة لقيصر

- ‌فصل فِي ذكر الْمَسِيح عليه السلام والحواريين

- ‌تَفْسِير

- ‌عود وانعطاف إِلَى مَا نَحن بصدده

- ‌تَفْسِير

- ‌فصل

- ‌فصل فِي بعث أبي بكر رضي الله عنه إِلَى هِرقل

- ‌فصل فِي رِوَايَات مُخْتَلفَة جَاءَت فِي كتبه صلى الله عليه وسلم إِلَى قَيْصر

- ‌فصل

- ‌فصل فِي خبر الْمُغيرَة بن شُعْبَة مَعَ الْمُقَوْقس وَسبب إِسْلَامه

- ‌فصل

- ‌فصل فِي فضل مصر وَأَهْلهَا وَمَا خصها الله سبحانه وتعالى بِهِ

- ‌فصل فِي ذكر سراقَة بن مَالك بن جعْشم فِي الْهِجْرَة وإعلامه صلى الله عليه وسلم لَهُ بِأَنَّهُ يلبس سواري كسْرَى وتاجه وَمَا فِيهِ من عجائب معجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فِي ذكر إبتداء ملك الْفرس فِي بِلَاد الْيمن وإسلامهم وَذكر تَاج كسْرَى وإيوانه ورؤيا الموبذان وَهُوَ القَاضِي بلغتهم

- ‌تَفْسِير مَا فِيهِ من الْغَرِيب

- ‌فصل فِي وُفُود الْعَرَب على سيف بن ذِي يزن وَمن جُمْلَتهمْ عبد الْمطلب وبشراه لَهُ بِظُهُور رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تَفْسِير غَرِيب لُغَة هَذَا الْخَبَر

- ‌رَجعْنَا إِلَى حَدِيث وهرز

- ‌فصل فِي ذكر سطيح ورؤيا كسْرَى والموبذان

- ‌تَفْسِير غَرِيب لغته

- ‌وَمن الَّذين كاتبهم صلى الله عليه وسلم وَأرْسل إِلَيْهِم أَسْقُف نَجْرَان وَهُوَ كَانَ كَبِير وَادي نَجْرَان والمشار إِلَيْهِ بَينهم

- ‌فصل فِي خبر سطيح وشق وَذكر نَجْرَان وَابْتِدَاء النَّصْرَانِيَّة بِأَرْض الْعَرَب من بِلَاد الْيمن

- ‌فصل فِي إرْسَاله صلى الله عليه وسلم خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى بني الْحَارِث بن كَعْب بِنَجْرَان ومكاتباته

- ‌ذكر الْكتاب

- ‌ذكر كِتَابه صلى الله عليه وسلم إِلَى أكيدر دومة الجندل

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌ذكر كِتَابه صلى الله عليه وسلم إِلَى أسيبخت صَاحب هجر

- ‌وَمن الْمُلُوك الَّذين بعث إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْأَصْبَغ بن عَمْرو

- ‌وَمِمَّنْ كَاتبه صلى الله عليه وسلم باذان صَاحب صنعاء من الْفرس

- ‌وَمِمَّنْ كَاتبه صلى الله عليه وسلم قبل مولده بِأَلف عَام تبع

- ‌فصل فِي خبر مِفْتَاح الْكَعْبَة

- ‌ذكر إرْسَاله صلى الله عليه وسلم إِلَى جبلة بن الْأَيْهَم الغساني

- ‌تَفْسِير مَا فِي الشّعْر من الْغَرِيب

- ‌تَفْسِير مَا فِي هَذَا الْخَبَر

- ‌ذكر مكاتباته صلى الله عليه وسلم إِلَى جَيْفَر وَعبد ابْني الجلندي ملكي عمان

- ‌ذكر كِتَابه صلى الله عليه وسلم لجنادة الْأَزْدِيّ وَقَومه

- ‌وَمِنْهُم جفينة النَّهْدِيّ

- ‌وَمِنْهُم جُزْء بن عمر العذري

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم من الْمُلُوك الْحَارِث بن أبي شمر الغساني

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ من الْمُلُوك الْحَارِث بن عبد كلال

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم خَالِد بن ضماد الْأَزْدِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ ربيعَة الْحَضْرَمِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم رِفَاعَة بن زيد الجذامي ثمَّ الضبيبي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم زرْعَة من أقيال حَضرمَوْت

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم ذُو الكلاع الْحِمْيَرِي سميفع

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم سعيد بن سُفْيَان الرعلي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم سمْعَان الراقع

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عبد يَغُوث بن وَعلة الْحَارِثِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عَامر بن الْأسود الطَّائِي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَرْوَة الجذامي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الْمُنْذر بن ساوي ملك الْبَحْرين

- ‌مُخَاطبَة الْعَلَاء للمنذر

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مطرف بن الكاهن الْبَاهِلِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مَالك بن نمط فِي وَفد هَمدَان وأقيال الْيمن

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌تَفْسِير غَرِيب أَبْيَات ابْن نمط

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مُسَيْلمَة الْكذَّاب لَعنه الله

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم معدي كرب بن أَبْرَهَة

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم نهشل

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم نعيم بن أَوْس الدَّارِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم هَوْذَة بن عَليّ صَاحب الْيَمَامَة

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الْهلَال

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَائِل بن حجر وهمدان

- ‌فصل فِي سَبَب إِسْلَامه

- ‌تَفْسِير

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يحنة بن رؤبة من أَيْلَة ويهود مقنا وهم بِقرب أَيْلَة

- ‌تَفْسِير

- ‌تَفْسِير

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يزِيد بن الطُّفَيْل الْحَارِثِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يزِيد بن المحجل الْحَارِثِيّ

- ‌ذكر سَنَد البُخَارِيّ رحمه الله

- ‌سَنَد صَحِيح مُسلم

- ‌سَنَد جَامع التِّرْمِذِيّ

- ‌سَنَد السِّيرَة الشَّرِيفَة لإبن هِشَام عَن البكائي عَن ابْن إِسْحَاق

- ‌سَنَد الشفا بتعريف حُقُوق الْمُصْطَفى صلى الله عليه وسلم للْقَاضِي عِيَاض رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌سَنَد الرَّوْض الْأنف لِلسُّهَيْلِي رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌سَنَد أَخْبَار مَكَّة شرفها الله تَعَالَى للأزرقي

الفصل: ‌فصل في إرسال قريش إلى النجاشي عمرو بن العاصي وعمارة بن الوليد المرة الثانية بعد وقعة بدر

ثمَّ دَفعهَا على ركبتيها فَانْكَسَرت قلتهَا فَلَمَّا ارْتَفَعت التفتت إِلَيْهِ فَقَالَت سَوف تعلم يَا غدر إِذا وضع الله الْكُرْسِيّ وَجمع الْأَوَّلين والآخرين وتكلمت الْأَيْدِي والأرجل بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ تعلم أَمْرِي وأمرك عِنْده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صدقت كَيفَ يقدس الله قوما لايؤخذ لضعيفهم من قويهم

‌فصل فِي إرْسَال قُرَيْش إِلَى النَّجَاشِيّ عَمْرو بن العَاصِي وَعمارَة بن الْوَلِيد الْمرة الثَّانِيَة بعد وقْعَة بدر

ذكر الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي} الْآيَة قَالَ لما هَاجر جَعْفَر بن أبي طَالب وَالصَّحَابَة رضي الله عنهم إِلَى الْحَبَشَة واستقرت بهم الدَّار وَهَاجَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَة وَكَانَ من أَمر بدر مَا كَانَ اجْتمعت قُرَيْش فِي دَار الندوة وَقَالُوا إِن لنا فِي الَّذِي عِنْد النَّجَاشِيّ من أَصْحَاب مُحَمَّد ثأرا مِمَّن قتل مِنْكُم ببدر فاجمعوا مَالا واهدوه إِلَى النَّجَاشِيّ لَعَلَّه يدْفع

ص: 47

إِلَيْكُم من عِنْده من قومكم ولينتدب لذَلِك رجلَانِ من ذَوي رَأْيكُمْ فبعثوا عَمْرو بن الْعَاصِ وَعمارَة بن الْوَلِيد مَعَ الْهَدَايَا الْأدم وَغَيره فركبا الْبَحْر وَأَتيا الْحَبَشَة فَلَمَّا دخلا على النَّجَاشِيّ سجدا لَهُ وسلما عَلَيْهِ وَقَالا لَهُ إِن قَومنَا لَك ناصحون شاكرون ولصلاحك محبون وَإِنَّهُم بعثونا إِلَيْك لنحذرك هَؤُلَاءِ الَّذين قدمُوا عَلَيْك لأَنهم قوم أَتَاهُم رجل كَذَّاب خرج فِينَا يزْعم أَنه رَسُول الله وَلم يُتَابِعه أحد منا إِلَّا السُّفَهَاء وَإِنَّا كُنَّا قد ضيقنا عَلَيْهِم الْأَمر وألجأناهم إِلَى شعب بأرضنا لَا يدْخل عَلَيْهِم أحد وَلَا يخرج مِنْهُم أحد قد قَتلهمْ الْجُوع والعطش فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَمر بعث إِلَيْك ابْن عَمه ليفسد عَلَيْك دينك وملكك ورعيتك فَاحْذَرْهُمْ وادفعهم إِلَيْنَا لنكفيكهم قَالَا وَآيَة ذَلِك أَنهم إِذا دخلُوا عَلَيْك لَا يَسْجُدُونَ لَك وَلَا يحيونك بالتحية الَّتِي يُحْيِيك بهَا النَّاس رَغْبَة عَن دينك وسنتك قَالَ فَدَعَاهُمْ النَّجَاشِيّ فَلَمَّا حَضَرُوا صَاح جَعْفَر بِالْبَابِ يسْتَأْذن عَلَيْك حزب الله فَقَالَ النَّجَاشِيّ مروا هَذَا الصائح فليعد كَلَامه فَفعل جَعْفَر فَقَالَ النَّجَاشِيّ نعم فليدخلوا بِأَمَان الله وذمته فَنظر عَمْرو بن الْعَاصِ إِلَى صَاحبه فَقَالَ أَلا تسمع كَيفَ يرطنون بحزب الله وَمَا أجابهم بِهِ

ص: 48

النَّجَاشِيّ فساءهما ذَلِك ثمَّ دخلُوا عَلَيْهِ فَلم يسجدوا لَهُ فَقَالَ عَمْرو ابْن الْعَاصِ ألم تَرَ أَنهم يَسْتَكْبِرُونَ أَن يسجدوا لَك فَقَالَ لَهُم النَّجَاشِيّ مَا منعكم أَن تسجدوا لي وتحيوني بالتحية الَّتِي يحييني بهَا من أَتَى من الْآفَاق قَالُوا نسجد لله الَّذِي خلقك وملكك وَإِنَّمَا كَانَت تِلْكَ التَّحِيَّة لنا وَنحن نعْبد الْأَوْثَان فَبعث الله فِينَا نَبيا صَادِقا وأمرنا بالتحية الَّتِي رضيها الله وَهِي السَّلَام تَحِيَّة أهل الْجنَّة فَعرف النَّجَاشِيّ أَن ذَلِك حق وَأَنه فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل قَالَ أَيّكُم الْهَاتِف يسْتَأْذن عَلَيْك حزب الله قَالَ جَعْفَر أَنا قَالَ فَتكلم قَالَ إِنَّك ملك من مُلُوك أهل الأَرْض وَمن أهل الْكتاب وَلَا يصلح عنْدك كَثْرَة الْكَلَام وَلَا الظُّلم وَأَنا أحب أَن أُجِيب عَن أَصْحَابِي فَمر هذَيْن الرجلَيْن فَلْيَتَكَلَّمْ أَحدهمَا ولينصت الآخر فَتسمع محاورتنا قَالَ الْجَوْهَرِي المحاورة المجاوبة فَقَالَ عَمْرو لجَعْفَر تكلم فَقَالَ جَعْفَر للنجاشي سل هذَيْن الرجلَيْن أعبيد نَحن أم أَحْرَار فَأن كُنَّا عبيدا أبقنا من أربابنا فارددنا إِلَيْهِم فَقَالَ النَّجَاشِيّ أعبيد هم أم أَحْرَار فَقَالَ بل أَحْرَار كرام فَقَالَ النَّجَاشِيّ نَجوا من الْعُبُودِيَّة ثمَّ قَالَ جَعْفَر سلهما هَل أهرقنا دَمًا بِغَيْر حق فيقتص منا فَقَالَ عَمْرو لَا

ص: 49

وَلَا قَطْرَة قَالَ جَعْفَر سلهما هَل أَخذنَا أَمْوَال النَّاس بِغَيْر حق فعلينا قضاءها قَالَ النَّجَاشِيّ إِن كَانَ قِنْطَارًا فعلي قَضَاءَهُ فَقَالَ عَمْرو لَا وَلَا قيراطا قَالَ النَّجَاشِيّ فَمَا تطلبون مِنْهُم قَالَ عَمْرو كُنَّا وهم على دين وَاحِد على دين آبَائِنَا فتركوا ذَلِك وَاتبعُوا غَيره فَبَعَثنَا إِلَيْك قَومنَا لتدفعهم إِلَيْنَا فَقَالَ النَّجَاشِيّ مَا هَذَا الَّذِي كُنْتُم عَلَيْهِ وَالدّين الَّذِي اتبعتموه اصدقني قَالَ جَعْفَر أما الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ فتركناه فَهُوَ دين الشَّيْطَان كُنَّا نكفر بِاللَّه ونعبد الْحِجَارَة وَأما الَّذِي تَحَوَّلْنَا إِلَيْهِ فدين الله الْإِسْلَام جَاءَنَا بِهِ من الله رَسُول وَكتاب مثل كتاب ابْن مَرْيَم مُوَافقا لَهُ فَقَالَ النَّجَاشِيّ يَا جَعْفَر تَكَلَّمت بِأَمْر عَظِيم فعلى رسلك ثمَّ أَمر النَّجَاشِيّ فَضرب بالناقوس فَاجْتمع إِلَيْهِ كل قسيس وراهب فَلَمَّا اجْتَمعُوا عِنْده قَالَ النَّجَاشِيّ أنْشدكُمْ الله الَّذِي أنزل الْإِنْجِيل على عِيسَى هَل تَجِدُونَ بَين عِيسَى وَبَين يَوْم الْقِيَامَة نَبيا مُرْسلا فَقَالُوا اللَّهُمَّ نعم قد بشرنا بِهِ عِيسَى وَقَالَ من آمن بِهِ فقد آمن بِي وَمن كفر بِهِ فقد كفر بِي فَقَالَ النَّجَاشِيّ لجَعْفَر مَاذَا يَقُول لكم هَذَا الرجل وَمَا يَأْمُركُمْ بِهِ وَمَا يَنْهَاكُم عَنهُ فَقَالَ يقْرَأ علينا كتاب الله وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر ويأمرنا بِحسن

ص: 50

الْجوَار وصلَة الرَّحِم وبر الْيَتِيم ويأمرنا بِأَن نعْبد الله وَحده لَا شريك لَهُ فَقَالَ اقْرَأ عَليّ مِمَّا يقْرَأ عَلَيْكُم فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَة العنكبوت وَالروم فَفَاضَتْ عينا النَّجَاشِيّ وَأَصْحَابه بالدمع فَقَالُوا زِدْنَا يَا جَعْفَر من هَذَا الحَدِيث الطّيب فَقَرَأَ عَلَيْهِم سُورَة الْكَهْف فَأَرَادَ عَمْرو أَن يغْضب النَّجَاشِيّ فَقَالَ إِنَّهُم يشتمون عِيسَى وَأمه فَقَالَ النَّجَاشِيّ مَا تَقولُونَ فِي عِيسَى وَأمه فَقَرَأَ عَلَيْهِم جَعْفَر سُورَة مَرْيَم فَلَمَّا أَتَى على ذكر مَرْيَم وَعِيسَى رفع النَّجَاشِيّ نفثة من سواكه قدر مَا يقذى الْعين قَالَ وَالله مَا زَاد الْمَسِيح على مَا تَقولُونَ هَذَا قَالَ الْجَوْهَرِي النفاثة مَا بَقِي فِي فِيك من السِّوَاك فنفثته مضموم الأول ثمَّ أقبل على جَعْفَر وَأَصْحَابه فَقَالَ اذْهَبُوا فَأنْتم شيوم بأرضي يَقُول آمنون من سبكم أَو إِذا كم غرم ثمَّ قَالَ أَبْشِرُوا وَلَا تخافوا فَلَا دهورة الْيَوْم على حزب إِبْرَاهِيم قَالَ عَمْرو يَا نجاشي وَمن حزب إِبْرَاهِيم قَالَ هَؤُلَاءِ الرَّهْط وصاحبهم الَّذِي جَاءُوا من عِنْده وَمن تَبِعَهُمْ فَأنْكر ذَلِك الْمُشْركُونَ وَادعوا دين إِبْرَاهِيم ثمَّ رد النَّجَاشِيّ على عَمْرو وَصَاحبه المَال الَّذِي حملوه وَقَالَ إِنَّمَا هديتكم إِلَيّ رشوة فاقبضوها فَإِن الله ملكني وَلم يَأْخُذ مني رشوة قَالَ الْجَوْهَرِي رشوة بِضَم الرَّاء وَكسرهَا يُقَال ترشيت الرجل إِذا لاينته واسترشى فِي حكمه طلب الرِّشْوَة عَلَيْهِ قَالَ جَعْفَر فانصرفنا فَكُنَّا فِي خير دَار

ص: 51