المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وممن كاتبه صلى الله عليه وسلم قبل مولده بألف عام تبع - المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي - جـ ٢

[ابن حديدة]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌ذكر الْكتاب

- ‌تَفْسِير غَرِيب مَا فِي هَذَا الْكتاب

- ‌فصل فِي ذكر كِتَابيه صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّجَاشِيّ

- ‌فَكتب النَّجَاشِيّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فِي زواج أم حَبِيبَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِأَرْض الْحَبَشَة

- ‌تَفْسِير

- ‌فصل فِي إرْسَال النَّجَاشِيّ وَلَده أرها وغرقه

- ‌فصل فِي فضل الْحَبَشَة

- ‌وَمِمَّا جَاءَ فِي الْقُرْآن مُوَافقا للغة الْحَبَشَة

- ‌وَمِمَّا سَمعه صلى الله عليه وسلم من كَلَامهم فأعجبه ونطق بِهِ

- ‌فصل فِي إرْسَال قُرَيْش إِلَى النَّجَاشِيّ عَمْرو بن العَاصِي وَعمارَة بن الْوَلِيد الْمرة الثَّانِيَة بعد وقْعَة بدر

- ‌فصل فِي خبر عمَارَة بن الْوَلِيد مَعَ عَمْرو بن الْعَاصِ وسحره حَتَّى مَاتَ مَعَ الْوَحْش فِي الْبَريَّة

- ‌فصل فِي ذكر توجه عَمْرو بن الْعَاصِ فِي الْمرة الثَّانِيَة إِلَى النَّجَاشِيّ وإسلامه عِنْده ورجوعه إِلَى الْمَدِينَة ولقائه خَالِد بن الْوَلِيد وَعُثْمَان بن طَلْحَة الحَجبي وإسلامهم

- ‌فصل فِي ذكر أَلْفَاظ وَقعت بَين عَمْرو بن الْعَاصِ وَبَين عبد بن الجلندي حِين بَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ وَإِلَى أَخِيه وَكَانَا ملكي عمان مِمَّا يتَعَلَّق بالنجاشي

- ‌تَفْسِير

- ‌تَفْسِير

- ‌فصل فِي ذكر مُخَاطبَة دحْيَة لقيصر

- ‌فصل فِي ذكر الْمَسِيح عليه السلام والحواريين

- ‌تَفْسِير

- ‌عود وانعطاف إِلَى مَا نَحن بصدده

- ‌تَفْسِير

- ‌فصل

- ‌فصل فِي بعث أبي بكر رضي الله عنه إِلَى هِرقل

- ‌فصل فِي رِوَايَات مُخْتَلفَة جَاءَت فِي كتبه صلى الله عليه وسلم إِلَى قَيْصر

- ‌فصل

- ‌فصل فِي خبر الْمُغيرَة بن شُعْبَة مَعَ الْمُقَوْقس وَسبب إِسْلَامه

- ‌فصل

- ‌فصل فِي فضل مصر وَأَهْلهَا وَمَا خصها الله سبحانه وتعالى بِهِ

- ‌فصل فِي ذكر سراقَة بن مَالك بن جعْشم فِي الْهِجْرَة وإعلامه صلى الله عليه وسلم لَهُ بِأَنَّهُ يلبس سواري كسْرَى وتاجه وَمَا فِيهِ من عجائب معجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فِي ذكر إبتداء ملك الْفرس فِي بِلَاد الْيمن وإسلامهم وَذكر تَاج كسْرَى وإيوانه ورؤيا الموبذان وَهُوَ القَاضِي بلغتهم

- ‌تَفْسِير مَا فِيهِ من الْغَرِيب

- ‌فصل فِي وُفُود الْعَرَب على سيف بن ذِي يزن وَمن جُمْلَتهمْ عبد الْمطلب وبشراه لَهُ بِظُهُور رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تَفْسِير غَرِيب لُغَة هَذَا الْخَبَر

- ‌رَجعْنَا إِلَى حَدِيث وهرز

- ‌فصل فِي ذكر سطيح ورؤيا كسْرَى والموبذان

- ‌تَفْسِير غَرِيب لغته

- ‌وَمن الَّذين كاتبهم صلى الله عليه وسلم وَأرْسل إِلَيْهِم أَسْقُف نَجْرَان وَهُوَ كَانَ كَبِير وَادي نَجْرَان والمشار إِلَيْهِ بَينهم

- ‌فصل فِي خبر سطيح وشق وَذكر نَجْرَان وَابْتِدَاء النَّصْرَانِيَّة بِأَرْض الْعَرَب من بِلَاد الْيمن

- ‌فصل فِي إرْسَاله صلى الله عليه وسلم خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى بني الْحَارِث بن كَعْب بِنَجْرَان ومكاتباته

- ‌ذكر الْكتاب

- ‌ذكر كِتَابه صلى الله عليه وسلم إِلَى أكيدر دومة الجندل

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌ذكر كِتَابه صلى الله عليه وسلم إِلَى أسيبخت صَاحب هجر

- ‌وَمن الْمُلُوك الَّذين بعث إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْأَصْبَغ بن عَمْرو

- ‌وَمِمَّنْ كَاتبه صلى الله عليه وسلم باذان صَاحب صنعاء من الْفرس

- ‌وَمِمَّنْ كَاتبه صلى الله عليه وسلم قبل مولده بِأَلف عَام تبع

- ‌فصل فِي خبر مِفْتَاح الْكَعْبَة

- ‌ذكر إرْسَاله صلى الله عليه وسلم إِلَى جبلة بن الْأَيْهَم الغساني

- ‌تَفْسِير مَا فِي الشّعْر من الْغَرِيب

- ‌تَفْسِير مَا فِي هَذَا الْخَبَر

- ‌ذكر مكاتباته صلى الله عليه وسلم إِلَى جَيْفَر وَعبد ابْني الجلندي ملكي عمان

- ‌ذكر كِتَابه صلى الله عليه وسلم لجنادة الْأَزْدِيّ وَقَومه

- ‌وَمِنْهُم جفينة النَّهْدِيّ

- ‌وَمِنْهُم جُزْء بن عمر العذري

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم من الْمُلُوك الْحَارِث بن أبي شمر الغساني

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ من الْمُلُوك الْحَارِث بن عبد كلال

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم خَالِد بن ضماد الْأَزْدِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ ربيعَة الْحَضْرَمِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم رِفَاعَة بن زيد الجذامي ثمَّ الضبيبي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم زرْعَة من أقيال حَضرمَوْت

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم ذُو الكلاع الْحِمْيَرِي سميفع

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم سعيد بن سُفْيَان الرعلي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم سمْعَان الراقع

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عبد يَغُوث بن وَعلة الْحَارِثِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عَامر بن الْأسود الطَّائِي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَرْوَة الجذامي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الْمُنْذر بن ساوي ملك الْبَحْرين

- ‌مُخَاطبَة الْعَلَاء للمنذر

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مطرف بن الكاهن الْبَاهِلِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مَالك بن نمط فِي وَفد هَمدَان وأقيال الْيمن

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌تَفْسِير غَرِيب أَبْيَات ابْن نمط

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مُسَيْلمَة الْكذَّاب لَعنه الله

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم معدي كرب بن أَبْرَهَة

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم نهشل

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم نعيم بن أَوْس الدَّارِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم هَوْذَة بن عَليّ صَاحب الْيَمَامَة

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الْهلَال

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَائِل بن حجر وهمدان

- ‌فصل فِي سَبَب إِسْلَامه

- ‌تَفْسِير

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يحنة بن رؤبة من أَيْلَة ويهود مقنا وهم بِقرب أَيْلَة

- ‌تَفْسِير

- ‌تَفْسِير

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يزِيد بن الطُّفَيْل الْحَارِثِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يزِيد بن المحجل الْحَارِثِيّ

- ‌ذكر سَنَد البُخَارِيّ رحمه الله

- ‌سَنَد صَحِيح مُسلم

- ‌سَنَد جَامع التِّرْمِذِيّ

- ‌سَنَد السِّيرَة الشَّرِيفَة لإبن هِشَام عَن البكائي عَن ابْن إِسْحَاق

- ‌سَنَد الشفا بتعريف حُقُوق الْمُصْطَفى صلى الله عليه وسلم للْقَاضِي عِيَاض رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌سَنَد الرَّوْض الْأنف لِلسُّهَيْلِي رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌سَنَد أَخْبَار مَكَّة شرفها الله تَعَالَى للأزرقي

الفصل: ‌وممن كاتبه صلى الله عليه وسلم قبل مولده بألف عام تبع

حرف التَّاء

‌وَمِمَّنْ كَاتبه صلى الله عليه وسلم قبل مولده بِأَلف عَام تبع

وَفِيه ذكر التبابعة وبنيان الْكَعْبَة وَخبر مفتحها

قَالَ صَاحب الهناء الدَّائِم لمولد أبي الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم وَمِمَّنْ آمن بِهِ قبل رسَالَته تبع الأول وَهُوَ أحد الْخَمْسَة الَّذين ملكوا الدُّنْيَا حِين مر بِيَثْرِب وَهِي منزله فِيهَا عين مَاء فَأخْبرهُ أَرْبَعمِائَة عَالم من عُلَمَاء أهل الْكتاب وَلَهُم عَالم يرجعُونَ إِلَيْهِ أَن هَذَا مَوضِع قبر نَبِي آخر الزَّمَان الَّذِي يخرج من مَكَّة اسْمه مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَهُوَ إِمَام الْحق صَاحب الْقَضِيب والناقة والتاج وَصَاحب الْقُرْآن والقبلة واللواء صَاحب قَول لَا إِلَه إِلَّا الله

ص: 228

مولده بِمَكَّة وهجرته بِالْمَدِينَةِ فطوبى لمن أدْركهُ وآمن بِهِ وبينوا لَهُ مَا بَينه لَهُم من قبلهم فَآمن بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبنى لَهُم الْمَدِينَة من مَاله وَأعْطى كلا مِنْهُم مَالا كِفَايَته وكفاية عِيَاله وَكتب كتابا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وختمه بِالذَّهَب وَدفعه إِلَى كَبِيرهمْ مضمونه أما بعد يَا مُحَمَّد فَإِنِّي آمَنت بك وبكتابك الَّذِي ينزله الله عَلَيْك وَأَنا على دينك وسنتك آمَنت بِرَبِّك وَرب كل شَيْء وَبِكُل مَا جَاءَ من رَبك من شرائع الْإِسْلَام وَالْإِيمَان وَإِنِّي قبلت ذَلِك فَإِن أَدْرَكتك فبها ونعمت وَإِن لم أدركك فاشفع لي يَوْم الْقِيَامَة وَلَا تنسى فَإِنِّي من أمتك الْأَوَّلين وتابعيك قبل مجيئك وَقبل أَن يرسلك الله وَأَنا على ملتك وملة أَبِيك إِبْرَاهِيم وَختم الْكتاب وَنقش عَلَيْهِ لله الْأَمر من قبل وَمن بعد ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله وَكتب عنوان الْكتاب إِلَى مُحَمَّد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم خَاتم النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ وَرَسُول رب الْعَالمين من تبع الأول حمير أَمَانَة الله فِي يَد من وَقع إِلَى أَن يَدْفَعهُ إِلَى صَاحبه

ص: 229

وَدفعه إِلَى رَئِيس الْعلمَاء الْمَذْكُورين ثمَّ وصل الْكتاب الْمَذْكُور إِلَى نَبِي الله صلى الله عليه وسلم على يَد بعض ولد الْعَالم الْمَذْكُور الَّذِي سلم إِلَيْهِ حِين هَاجر صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة ثمَّ مَاتَ تبع مُؤمنا وَبَين يَوْم مَوته ومولد النَّبِي صلى الله عليه وسلم ألف سنة لَا زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَمن شعره فِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم

(وَيَأْتِي بعد هم رجل عَظِيم

نَبِي لَا يرخص فِي الْحَرَام)

(يُسمى أحمدا يَا لَيْت أَنِّي

أعمر بعد مبعثه بعام)

قَالَ السُّهيْلي رحمه الله معنى تبع فِي لُغَة الْيمن الْملك الْمَتْبُوع وَقَالَ المَسْعُودِيّ لَا يُقَال للْملك تبع حَتَّى يملك الْيمن والشحر وحضرموت وَأول التبابعة الْحَارِث الرائش بن همال بن ذِي شدد وَسمي الرائش لِأَنَّهُ راش النَّاس بِمَا أوسعهم من الْعَطاء وَقسم فيهم من الْغَنَائِم وَكَانَ أول من غنم وَكَانَ مُؤمنا وَقَالَ شعرًا يُنبئ فِيهِ بمبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَذكر الْبَيْتَيْنِ لَهُ وَزَاد عَلَيْهِمَا أبياتا أخر على غير الروى

(منع الْبَقَاء تصرف الشَّمْس

وطلوعها من حَيْثُ لَا تمسى)

(وطلوعها بَيْضَاء مشرقة

وغروبها صفراء كالورس)

ص: 230

(تجْرِي على كبد السَّمَاء كَمَا

يجْرِي حمام الْمَوْت فِي النَّفس)

(فاليوم أعلم مَا يجِئ بِهِ

وَمضى بفصل قَضَائِهِ أمس)

وَقد قيل إِن هَذَا الشّعْر لتبع الآخر وَالله أعلم الورس نبت أصفر يكون بِالْيمن يصْبغ بِهِ

قَالَ وَأما العرنجج الَّذِي ذكر أَنه حمير بن سبأ فَمَعْنَاه بالحميرية الْعَتِيق وَفِي زمن تبع الْأَوْسَط وَهُوَ حسان بن تبان أسعد هما اسمان جعلا اسْما وَاحِدًا كمعديكرب وتبان من التبانة وَهِي الذكاء والفطنة فِي زَمَانه كَانَ خُرُوج عَمْرو بن عَامر من الْيمن من أجل سيل العرم وَهُوَ عَمْرو مزيقيا كَانَ يمزق كل يَوْم حلَّة ابْن عَامر وَهُوَ مَاء السَّمَاء بن حَارِثَة الغطريف بن امْرِئ الْقَيْس بن ثَعْلَبَة كَانَ يُقَال لَهُ ثَعْلَبَة العنقاء وكلهذم مُلُوك متوجون وعامر مَاء السَّمَاء وَهُوَ وَالِد الْأَوْس والخزرج قَالَ السُّهيْلي الْأَوْس الْعَطِيَّة والخزرج الرّيح الْبَارِدَة وَمَات عَامر مَاء السَّمَاء بِالْمَدِينَةِ بعد حربهم للروم

ص: 231

وظهورهم على كل من حَارَبُوهُ وَبعد مَوته كَانَ من أَمر الْيَهُود مَا كَانَ وانتكاث الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَينهم وَبَين الْأَوْس والخزرج وَكَانُوا نزلوها مَعَهم حِين خَرجُوا من الْيمن على شُرُوط وعهود كَانَت بَينهم فَلم يَفِ لَهُم بذلك يهود واستضاموهم فاستغاثوا بتبع فَقَدمهَا وَذكر القتبي أَنه لم يقْصد غزوها وأنما قصد قتل الْيَهُود الَّذين كَانُوا فِيهَا وَقد قيل بل كَانَ هَذَا الْخَبَر لأبي جبيلة الغساني وَأَنه الَّذِي استصرخته الْأَوْس والخزرج على يهود وَالله أعلم وَالَّذِي رَجحه السُّهيْلي وَصَوَّبَهُ خبر أبي جبيلة الغساني فَإِن تبعا حَدِيثه أقدم من ذَلِك يُقَال كَانَ قبل الْإِسْلَام بسبعمائة عَام وَالصَّحِيح فِي اسْم أبي جبيلة جبيلة غير مكنى ابْن عَمْرو بن جبلة بن جَفْنَة وجفنة هُوَ غَلَبَة بن عَمْرو بن عَامر مَاء السَّمَاء وجبيلة هُوَ جد جبلة ابْن الْأَيْهَم آخر مُلُوك بني جَفْنَة وَمَات جبيلة الغساني من علقَة شربهَا فِي مَاء وَهُوَ منصرف عَن الْمَدِينَة وَذكر أَن تبعا أَرَادَ تخريب الْمَدِينَة واستئصال الْيَهُود فَقَالَ لَهُ رجل مِنْهُم لَهُ مِائَتَان وَخَمْسُونَ سنة الْملك أجل من أَن يطير بِهِ نزق أَو يستخفه غضب وَأمره أعظم من أَن يضيق عَنَّا حلمه ونحرم صفحه

ص: 232

مَعَ أَن هَذِه الْبَلدة مهَاجر نَبِي يبْعَث بدين إِبْرَاهِيم عليه السلام قَالَ السُّهيْلي وَهَذَا الْيَهُودِيّ أحد الحبرين اللَّذين ذكر ابْن إِسْحَاق وَاسم أحد الحبرين سحيت وَالْآخر مُنَبّه ذكره قَاسم بن ثَابت فِي الدَّلَائِل وَفِي رِوَايَة يُونُس عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ وَاسم الحبر الَّذِي كلم الْملك بنيامن أَو بليامن بلام وَذكر أَن امْرَأَة اسْمهَا فكيهة من بني زُرَيْق كَانَت تحمل المَاء من بِئْر رومة بعد مَا قَالَ لَهُ الحبران مَا قَالَا وكف عَن قتال أهل الْمَدِينَة ودخلوا عسكره فَأعْطى فكيهة حَتَّى أغناها فَلم تزل هِيَ وعشيرتها من أغْنى الْأَنْصَار حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَام وَلما آمن الْملك بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَأعلم بِخَبَرِهِ قَالَ

(شهِدت على أَحْمد أَنه

نَبِي من الله باري النسم)

(فَلَو مد عمري إِلَى عمره

لَكُنْت وزيرا لَهُ وَابْن عَم)

(وجاهدت بِالسَّيْفِ أعداءه

وفرجت عَن صَدره كل غم)

قَالَ السُّهيْلي وَذكر أَبُو إِسْحَاق الزّجاج فِي كتاب الْمعَانِي لَهُ أَن قبرا حفر بِصَنْعَاء فَوجدَ فِيهِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا لوح من فضَّة مَكْتُوب

ص: 233

بِالذَّهَب وَفِيه هَذَا قبر لميس وحبي ابْنَتي تبع ماتتا وهما تشهدان أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وعَلى ذَلِك مَاتَ الصالحون قبلهمَا وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا أَدْرِي تبع لعين أم لَا وروى عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَا تسبو تبعا فَإِنَّهُ كَانَ مُؤمنا فَإِن صَحَّ هَذَا الحَدِيث الْأَخير فَإِنَّمَا هُوَ بعد مَا أعلم بِحَالهِ وَلَا نَدْرِي أَي التبابعة أَرَادَ غير أَن فِي حَدِيث معمر عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تسبو أسعد الْحِمْيَرِي فَإِنَّهُ أول من كسا الْكَعْبَة فَهَذَا أصح من حَدِيث الأول وَأبين حَيْثُ ذكر فِيهِ أسعد وَهُوَ تبان أسعد الَّذِي تقدم ذكره وَقَالَ فِي بني النجار النجار هُوَ تيم الله بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج سمي النجار لِأَنَّهُ نجر وَجه رجل بقدوم

قَالَ وَرُوِيَ نقلة الْأَخْبَار أَن تبعا لما عمد إِلَى الْبَيْت يُرِيد إخرابه رمي بداء تمخض مِنْهُ رَأسه قَيْحا وصديدا يثج ثَجًّا وأنتن حَتَّى لَا يَسْتَطِيع أحد أَن يدنو مِنْهُ قيد الرمْح فَدَعَا بالحزاة والأطباء فَسَأَلَهُمْ عَن دائه فهالهم مَا رَأَوْا مِنْهُ وَلم يجد عِنْدهم فرجا فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ لَهُ الحبران لَعَلَّك هَمَمْت بِشَيْء فِي أَمر هَذَا الْبَيْت فَقَالَ نعم أردْت هَدمه فَقَالَا لَهُ تب إِلَى الله مِمَّا نَوَيْت فَإِنَّهُ بَيت الله وَحرمه

ص: 234

وأمراه بتعظيم حرمته فَفعل فبرئ من دائه وَصَحَّ من وَجَعه وأخلق بِهَذَا الْخَبَر أَن يكون صَحِيحا فَإِن الله سُبْحَانَهُ يَقُول {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم نذقه من عَذَاب أَلِيم} أَي وَمن يهم فِيهِ بظُلْم وَالْبَاء فِي قَوْله {بظُلْم} تدل على صِحَة الْمَعْنى وَأَن من هم فِيهِ بالظلم وَإِن لم يفعل عذب تشديدا فِي حَقه وتعظيما لِحُرْمَتِهِ وكما فعل الله بأصحاب الْفِيل أهلكهم قبل الْوُصُول إِلَى بَيته فكسا الْبَيْت الخصف جمع خصفه ينسج من الخوص والليف وَقيل ثِيَاب غِلَاظ وَقيل الْجلَال النجرانية وَقَالَ فِي كتاب الْعين الخصف لُغَة فِي الخزف والخصف بِضَم الْخَاء وَسُكُون الصَّاد هُوَ الْجَوْز قَالَه أَبُو حنيفَة

ويروى أَن تبعا لما كسا الْبَيْت المسوح والأنطاع انتفض الْبَيْت فَزَالَ ذَلِك عَنهُ وَفعل ذَلِك حِين كَسَاه الخصف فَلَمَّا كَسَاه الملاء والوصائل قبلهَا الوصائل ثِيَاب يمنية وَيُقَال إِنَّهَا برود حمر فِيهَا خطوط خضر واحدتها وصيلة وَمن قَوْله حِين كسا الْبَيْت

(وكسونا الْبَيْت الَّذِي حرم الله

ملاء معضدا وبرودا)

(فَأَقَمْنَا بِهِ من الشَّهْر عشرا

وَجَعَلنَا لبابه إقليدا)

(ونخرنا بِالشعبِ سِتَّة ألف

فترى النَّاس نحوهن ورودا)

(ثمَّ سرنا عَنهُ نَؤُم سهيلا

فرفعنا لواءنا معقودا)

ص: 235

وَقَالَ القتبي كَانَ قصَّة تبع قبل الْإِسْلَام بسبعمائة عَام

قَالَ السُّهيْلي رحمه الله وَقَالَ ابْن إِسْحَاق فِي غير هَذَا الْموضع أول من كسا الْكَعْبَة الديباج الْحجَّاج وَذكر جمَاعَة سواهُ مِنْهُم الدَّارَقُطْنِيّ أَن نتيلة بنت جناب أم الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب كَانَت قد أضلت الْعَبَّاس صَغِيرا فنذرت إِن وجدته أَن تكسو الْكَعْبَة الديباج فَفعلت ذَلِك حِين وجدته وَكَانَت من بَيت مملكة وَقَالَ الزبير النسابة بل أول من كساها الديباج عبد الله بن الزبير

قَالَ السُّهيْلي الْأَقْيَال الْمُلُوك الَّذين دون التبابعة واحدهم قيل وَقد صرفُوا من القيل فعلا فَقَالُوا قَالَ علينا فلَان أَي ملك والقيالة الْإِمَارَة وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي تسبيحه الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ التِّرْمِذِيّ سُبْحَانَ الَّذِي لبس الْعِزّ وَقَالَ بِهِ أَي ملك بِهِ وقهر هَكَذَا فسر الْهَرَوِيّ فِي الغريبين

قَالَ وَكَانَ بِنَاء الْكَعْبَة فِي الدَّهْر خمس مَرَّات الأولى حِين بناها شِيث بن آدم وَالثَّانيَِة حِين بناها إِبْرَاهِيم على الْقَوَاعِد الأولى وَالثَّالِثَة حِين بنتهَا قُرَيْش قبل الْإِسْلَام بِخَمْسَة أَعْوَام وَالرَّابِعَة حِين احترقت فِي عهد ابْن الزبير بشرارة طارت من أبي قبيس فَوَقَعت فِي أستارها وَقيل

ص: 236

إِن امْرَأَة أَرَادَت أَن تجمرها فطارت شرارة من المجمر فِي الأستار فاحترقت فَهَدمهَا وبناها وَالْخَامِسَة فِي زمن عبد الْملك بن مَرْوَان لما قتل الْحجَّاج عبد الله بن الزبير هدمها وردهَا على مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا بلغه حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها حِين قَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم ألم ترى قَوْمك حِين بنوا الْكَعْبَة اقتصروا على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم حِين عجزت بهم النَّفَقَة ثمَّ قَالَ عليه السلام لَوْلَا حدثان عهد قَوْمك بالجاهلية لهدمتها ولجعلت لَهَا خلفا وألصقت بَابهَا بِالْأَرْضِ وأدخلت فِيهَا الْحجر فعلى مُقْتَضى حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها بناها عبد الله بن الزبير على مَا ذكرت عَائِشَة فَقَالَ عبد الْملك وددت أَنِّي تركت ابْن الزبير وَمَا تحمل من ذَلِك فَلَمَّا ولي أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور الْخلَافَة أَرَادَ أَن يبنيها على مَا بناها ابْن الزبير فَقَالَ لَهُ مَالك بن أنس أنْشدك الله أَن تجْعَل هَذَا الْبَيْت ملعبة للملوك بعْدك لَا يَشَاء أحد أَن يُغَيِّرهُ إِلَّا غَيره فتذهب هيبته من قُلُوب النَّاس فَصَرفهُ عَن ذَلِك وَقيل إِنَّه بني فِي أَيَّام جرهم مرّة أَو مرَّتَيْنِ لِأَن السَّيْل كَانَ قد صدع حَائِطه وَلم يكن ذَلِك بنيانا على نَحْو مَا قدمْنَاهُ إِنَّمَا كَانَ إصلاحا

ص: 237