الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فِي ذكر الْمَسِيح عليه السلام والحواريين
قَالَ السُّهيْلي وَأَصَح مَا قيل فِي معنى الْمَسِيح على كَثْرَة الْأَقْوَال فِي ذَلِك أَنه الصّديق بلغتهم ثمَّ عربته الْعَرَب وَكَانَ إرْسَال الْمَسِيح للحواريين بعد مَا رفع وصلب الَّذِي شبه بِهِ فَجَاءَت مَرْيَم الصديقة عليها السلام وَالْمَرْأَة الَّتِي كَانَت مَجْنُونَة فابرأها الْمَسِيح عليه السلام وقعدتا عِنْد الْجذع تبكيان وَقد أصَاب أمه من الْحزن عَلَيْهِ مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله فأهبط إِلَيْهِمَا وَقَالَ علام تبكيان فَقَالَتَا عَلَيْك فَقَالَ إِنِّي لم أقتل وَلم أَصْلَب وَلَكِن الله رفعني وكرمني وَشبه عَلَيْهِم فِي أَمْرِي أبلغا عني الحواريين أَمْرِي أَن يلقوني فِي مَوضِع كَذَا لَيْلًا فجَاء الحواريون ذَلِك الْموضع فَإِذا الْجَبَل قد اشتعل نورا لنزوله بِهِ ثمَّ أَمرهم أَن يَدْعُو النَّاس إِلَى دينه وَعبادَة ربه فوجههم إِلَى الْأُمَم الَّتِي ذكر ابْن إِسْحَاق وَغَيره ثمَّ كسى كسْوَة الْمَلَائِكَة فعرج مَعَهم فَصَارَ ملكيا إنسيا سمائيا أرضيا
قَالَ القَاضِي عِيَاض قيل فِي أَصْحَاب عِيسَى عليه السلام هم القصارون لأَنهم يبيضون الثِّيَاب والحور الْبيَاض وَكَانُوا أَولا قصارين وَقيل الصيادون قَالَ السُّهيْلي وَأَصَح مَا قيل فِي معنى الحواريين أَن الْحوَاري هُوَ الخلصان أَي الْخَالِص الصافي من كل شَيْء وَقَول الْمُفَسّرين هُوَ الخلصان كلمة فصيحة أنْشد أَبُو حنيفَة
(خليلي خلصاني لم يبْق حبها
…
من الْقلب إِلَّا عوذا سينالها)
قَالَ والعوذ مَا لم تُدْرِكهُ الْمَاشِيَة لارتفاعه فَكَأَنَّهُ قد عاذ مِنْهَا
وَذكر الْقُضَاعِي فِي عُيُون المعارف أَن عِيسَى عليه السلام ولد فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الْخَامِس وَالْعِشْرين من كانون الأول بعد قيام الْإِسْكَنْدَر بثلاثمائة وَثَلَاث سِنِين وحملت بِهِ مَرْيَم وَلها ثَلَاث عشرَة سنة قَالَ
الْحسن حملت بِهِ تسع سَاعَات وَوَضَعته من يَوْمهَا وَكَانَت وِلَادَته فِي بَيت لحم وَلما تمت لَهُ ثَمَانِيَة أَيَّام ختن على سنة مُوسَى عليه السلام وسموه اليسوع وهربت بِهِ أمه إِلَى مصر وَأقَام بهَا اثْنَتَيْ عشرَة سنة ثمَّ رجعت بِهِ إِلَى ناصرة من جبل الْجَلِيل عليه السلام فَلَمَّا بلغ ثَلَاثِينَ سنة جَاءَهُ الْوَحْي وَكَانَت نبوته ثَلَاث سِنِين وَتكلم فِي المهد ثَلَاث مَرَّات ثمَّ لم يتَكَلَّم حَتَّى بلغ حد الْكَلَام وَبشر بنبينا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فِي إنجيل يوحنا احْفَظُوا وصيتي فسيأتيكم الفارقليط وَهُوَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَيُقَال إِنَّه رفع إِلَى السَّمَاء فِي لَيْلَة الْقدر من جبل بَيت الْمُقَدّس فَلَمَّا كَانَ بعد سبع ظهر لأمه فَقَالَ لَهَا لم يُصِبْنِي إِلَّا خير وأمرها بِأَن تَأتيه بالحواريين فجاؤا إِلَيْهِ وأوصاهم وبثهم فِي الأَرْض وَقَالَ وهب توفى الله عِيسَى ثَلَاث سَاعَات من النَّهَار ثمَّ رَفعه وَعَاشَتْ مَرْيَم بعده سِتّ سِنِين
يَقُول مُؤَلفه عَفا الله عَنهُ والجبل الَّذِي ذكره الْقُضَاعِي بِبَيْت الْمُقَدّس يعرف الْآن بجبل الطّور وَهُوَ مشرف على الْمَسْجِد الْأَقْصَى وعَلى قلته بُنيان قديم من زمن الرّوم هَيئته هَيْئَة حصن وَفِي ذروته من دَاخل صُورَة معبد لطيف مربع الْبناء وبأعاليه قبَّة مُقَوَّرَة الرَّأْس لَيْسَ بَين ذَلِك المعبد وَبَين السَّمَاء حَائِل يزار وَيَقُول أهل الطّور إِنَّه