الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتشفعت عِنْد الْملك أَن أرَاهُ أَنا وأزوره فأنعم لي بذلك قَالَ فسرت وَمَعِي رَسُول من الْملك إِلَى إشبيلية وَكَانَ الْكتاب الْكَرِيم فِي كَنِيسَة بهَا قَالَ القَاضِي فَلَمَّا وصلنا دَعَا الرَّسُول بالبترك والمطران وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا مِفْتَاح من ذهب وَإِذا هُوَ فِي خزانَة عالية عَن الأَرْض فكشفا رؤوسهما وَأَخْرَجَاهُ من صندوق من ذهب وَهُوَ مطوى فِي حَرِير أَبيض مبطن بالمسك قَالَ القَاضِي فحسرت عَن رَأْسِي وَفتحت الْكتاب وقبلته وقرأته وتبركت بِهِ وأعيد إِلَى مَكَانَهُ وَرجعت إِلَى السُّلْطَان أبي الْحسن فَلَمَّا رَآنِي بَكَى وَكَانَ قد بلغه الْخَبَر وَقبل عَيْني قَالَ أَبُو طَالب وَبَقِي على وَجه القَاضِي وضاءة لم تكن عَلَيْهِ قبل ذَلِك
فصل فِي بعث أبي بكر رضي الله عنه إِلَى هِرقل
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ قلت وَقد بعث أَبُو بكر رضي الله عنه بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى قَيْصر ثَانِيًا حَدثنَا سعد الْخَيْر بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ عَن مُوسَى بن عقبَة أَن هِشَام بن الْعَاصِ ونعيم بن عبد الله ورجلا آخر قد
سَمَّاهُ بعثوا إِلَى ملك الرّوم فِي زمن أبي بكر رضي الله عنه قَالَ فَدَخَلْنَا على جبلة بن الْأَيْهَم وَهُوَ بالغوطة وَإِذا عَلَيْهِ ثِيَاب سود وَإِذا كل شَيْء حوله أسود فَقَالَ لبست هَذِه نذرا فَلَا أَنْزعهَا حَتَّى أخرجكم من الشَّام كلهَا قُلْنَا فاتئد حَتَّى تمنع مجلسك وَالله لنأخذنه مِنْك وَملك الْملك الْأَعْظَم إِن شَاءَ الله أخبرنَا بذلك نَبينَا صلى الله عليه وسلم قَالَ عِيَاض قَالَ صَاحب الْعين التؤدة التأني والرزانة يُقَال اتئد وتوأد التَّاء مبدلة من الْوَاو والتوأد من التؤدة قَالَ يَعْنِي جبلة فَأنْتم إِذا السمراء قُلْنَا نَحن السمراء قَالَ الْجَوْهَرِي الأسمران المَاء وَالْبر وَيُقَال المَاء وَالرِّيح والسمراء الْحِنْطَة والسمار بِالْفَتْح اللَّبن الرَّقِيق وتسمير اللَّبن ترقيقه بِالْمَاءِ والسمر المسامرة وَهُوَ الحَدِيث بِاللَّيْلِ فنسبة جبلة لَهُم من هَذِه الْمَادَّة وتسميتهم بِهِ وَالله أعلم ثمَّ قَالَ يَعْنِي جبلة لَسْتُم بهم قُلْنَا وَمن هم قَالَ هم الَّذين يَصُومُونَ النَّهَار
ويقومون اللَّيْل قُلْنَا نَحن وَالله هم قَالَ فَكيف صومكم فوصفنا لَهُ صومنا قَالَ فَكيف صَلَاتكُمْ فوصفنا لَهُ صَلَاتنَا قَالَ فَالله يعلم لقد غشيه سَواد حَتَّى صَار وَجهه كَأَنَّهُ قِطْعَة طابق قَالَ الْجَوْهَرِي هُوَ الْآجر الْكَبِير فَارسي مُعرب وَقَالَ يَعْنِي جبلة قومُوا فَأمر بِنَا إِلَى الْملك فَانْطَلَقْنَا فلقينا الرَّسُول بِبَاب الْمَدِينَة فَقَالَ إِن شِئْتُم أتيتم ببغال وَإِن شِئْتُم أتيتم ببراذين فَقُلْنَا لَا وَالله لَا ندخل عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا نَحن قَالَ فَأرْسل إِلَيْهِ أَنهم يأبون قَالَ فَأرْسل أَن خل سبيلهم فَدَخَلْنَا معتمين متقلدين السيوف على الرَّوَاحِل
فَلَمَّا كُنَّا بِبَاب الْملك إِذا هُوَ فِي غرفَة لَهُ عالية فَنظر إِلَيْنَا فرفعنا رؤوسنا وَقُلْنَا لَا إِلَه إِلَّا الله فَالله يعلم لنفضت الغرفة كلهَا حَتَّى كَأَنَّهَا عذق نفضته الرّيح قَالَ الْجَوْهَرِي العذق بِالْفَتْح النَّخْلَة بحملها وَمِنْه قَول الْحباب بن الْمُنْذر فِي يَوْم السَّقِيفَة أَنا عذيقها المرجب والنفض بِالْفَاءِ التحريك يُقَال نفضت الشّجر إِذا حركته لينتفض ويشدد للْمُبَالَغَة والإنقاض بِالْقَافِ صويت مثل النقر وأنقض الْحمل ظَهره أَي أثقله وَأَصله الصَّوْت والنقيض صَوت المحامل والرحال قَالَ فَأرْسل إِلَيْنَا الْملك أَن هَذَا لَيْسَ لكم أَن تَجْهَرُوا بدينكم
عَليّ وَأرْسل أَن ادخُلُوا فَدَخَلْنَا فاذا هُوَ على فرَاش إِلَى السّقف وَإِذا عَلَيْهِ ثِيَاب حمر وَإِذا كل شَيْء عِنْده أَحْمَر وَإِذا عِنْده بطارقة الرّوم وَإِذا هُوَ يُرِيد يُكَلِّمنَا برَسُول فَقُلْنَا لَا وَالله لَا نكلمه برَسُول وَإِنَّمَا بعثنَا إِلَى الْملك فان كنت تحب أَن نكلمك فَأذن لنا نكلمك فَلَمَّا دَخَلنَا عَلَيْهِ ضحك وَإِذا هُوَ رجل فصيح يحسن الْعَرَبيَّة فَقُلْنَا لَا إِلَه إِلَّا الله فَالله يعلم لقد نقض السّقف حَتَّى رفع رَأسه هُوَ وَأَصْحَابه فَقَالَ مَا أعظم كلامكم عنْدكُمْ قُلْنَا هَذِه الْكَلِمَة قَالَ الَّتِي قُلْتُمُوهَا قبل قُلْنَا نعم قَالَ فاذا قُلْتُمُوهَا فِي بِلَاد عَدوكُمْ نقضت سقوفهم قُلْنَا لَا قَالَ فاذا قُلْتُمُوهَا فِي بِلَادكُمْ نقضت سقوفكم قُلْنَا لَا وَمَا رأيناها فعلت هَذَا وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء عبرت بِهِ فَقَالَ مَا أحسن الصدْق فَمَا تَقولُونَ إِذا افتتحتم الْمَدَائِن قُلْنَا نقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر قَالَ تَقولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله لَيْسَ مَعَه شَيْء وَالله أكبر أكبر من كل شَيْء قُلْنَا نعم قَالَ فَمَا منعكم أَن تحيوني بِتَحِيَّة نَبِيكُم قُلْنَا إِن تَحِيَّة نَبينَا لَا تحل لَك وتحيتك لَا تحل لنا فنحييك بهَا قَالَ وَمَا تحيتكم قُلْنَا تَحِيَّة أهل الْجنَّة قَالَ وَبهَا كُنْتُم تحيون نَبِيكُم قُلْنَا نعم قَالَ وَبهَا يُحْيِيكُمْ قُلْنَا نعم فَمن كَانَ يُورث مِنْكُم قُلْنَا من كَانَ أقرب قرَابَة قَالَ وَكَذَلِكَ ملوككم قُلْنَا نعم
قَالَ فَأمر لنا بِنزل كثير ومنزل حسن فَمَكثْنَا ثَلَاثًا ثمَّ أرسل إِلَيْنَا لَيْلًا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْده أحد فاستعادنا كلامنا فأعدنا عَلَيْهِ فاذا عِنْده شبه الربعة الْعَظِيمَة مذهبَة قَالَ الْجَوْهَرِي الربعة جونة الْعَطَّار
فاذا فِيهَا أَبْوَاب صغَار فَفتح مِنْهَا بَابا فاستخرج مِنْهُ خرقَة حَرِير سَوْدَاء فِيهَا صُورَة بَيْضَاء فاذا رجل طوال أَكثر النَّاس شعرًا فَقَالَ أتعرفون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا آدم ثمَّ أَعَادَهَا وَفتح بَابا آخر فاستخرج حريرة سَوْدَاء فِيهَا صُورَة فاذا رجل ضخم الرَّأْس عَظِيم لَهُ شعر كشعر القبط أعظم النَّاس أليتين أَحْمَر الْعَينَيْنِ فَقَالَ أتعرفون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا نوح ثمَّ أَعَادَهُ وَفتح بَابا آخر فاستخرج خرقَة سَوْدَاء فِيهَا صُورَة بَيْضَاء فَقُلْنَا هَذَا النَّبِي مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَالَ وَالله هَذَا مُحَمَّد رَسُول الله قَالَ فَالله يعلم أَنه قَامَ ثمَّ قعد قَالَ آللَّهُ بدينكم أَنه نَبِيكُم قُلْنَا الله بديننا أَنه نَبينَا كَأَنَّمَا نَنْظُر إِلَيْهِ حَيا ثمَّ قَالَ أما إِنَّه كَانَ آخر الْأَبْوَاب وَلَكِنِّي عجلته لأنظر مَا عنْدكُمْ ثمَّ أَعَادَهُ وَفتح بَابا آخر فاستخرج خرقَة سَوْدَاء فِيهَا صُورَة بَيْضَاء فاذا رجل مقلص الشفتين غائر الْعَينَيْنِ متراكم الْأَسْنَان كثيف اللِّحْيَة عَابس فَقَالَ أتعرفون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا مُوسَى وَإِلَى جنبه رجل يُشبههُ غير أَن فِي عَيْنَيْهِ ميلًا وَفِي رَأسه استدارة فَقَالَ هَذَا هَارُون ثمَّ رفعهما وَفتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ خرقَة سَوْدَاء فِيهَا صُورَة بَيْضَاء أَو حَمْرَاء فاذا هُوَ رجل مَرْبُوع فَقَالَ أتعرفون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا دَاوُد ثمَّ أَعَادَهُ وَفتح بَابا آخر واستخرج مِنْهُ حريرة أَو خرقَة سَوْدَاء
فاذا فِيهَا صُورَة بَيْضَاء ووإذا رجل رَاكب على فرس طَوِيل الرجلَيْن كل شَيْء مِنْهُ جنَاح تحفه الرّيح قَالَ أتعرفون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا دانيال ثمَّ أَعَادَهُ وَفتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ حريرة أَو خرقَة سَوْدَاء وفيهَا صُورَة بَيْضَاء فاذا صُورَة شَاب تعلوه صفرَة حسن اللِّحْيَة قَالَ أتعرفون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا عِيسَى بن مَرْيَم ثمَّ أَعَادَهُ وَأمر بالربعة فَرفعت فَقُلْنَا هَذِه صُورَة نَبينَا قد عرفناها فانا قد رَأَيْنَاهُ فَهَذِهِ الصُّورَة الَّتِي لم نرها كَيفَ نَعْرِف أَنَّهَا هِيَ فَقَالَ إِن آدم عليه السلام سَأَلَ ربه أَن يرِيه صُورَة نَبِي نَبِي فَأخْرج إِلَيْهِ صورهم فِي خرق الْحَرِير من الْجنَّة فأصابها ذُو القرنين فِي خزانَة آدم فِي مغرب الشَّمْس فَلَمَّا كَانَ دانيال صور هَذِه الصُّور وَهِي بِأَعْيَانِهَا فوَاللَّه لَو تطيب نَفسِي فِي الْخُرُوج عَن ملكي مَا باليت أَن أكون عبدا لأميركم ملكه وَلَكِن عَسى أَن تطيب نَفسِي قَالَ فَأحْسن جائزتنا وأخرجنا وَفِي رِوَايَة وَذكر فِي الْأَنْبِيَاء لوطا وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب وَإِسْمَاعِيل ويوسف فَلَمَّا قدمنَا على أبي بكر حدّثنَاهُ فَبكى أَبُو بكر وَقَالَ مِسْكين لَو أَرَادَ الله بِهِ خيرا لفعل ثمَّ قَالَ أخبرنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنهم وَالْيَهُود يَجدونَ نعت مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَالَ الله