المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في ذكر سراقة بن مالك بن جعشم في الهجرة وإعلامه صلى الله عليه وسلم له بأنه يلبس سواري كسرى وتاجه وما فيه من عجائب معجزاته صلى الله عليه وسلم - المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي - جـ ٢

[ابن حديدة]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌ذكر الْكتاب

- ‌تَفْسِير غَرِيب مَا فِي هَذَا الْكتاب

- ‌فصل فِي ذكر كِتَابيه صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّجَاشِيّ

- ‌فَكتب النَّجَاشِيّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فِي زواج أم حَبِيبَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِأَرْض الْحَبَشَة

- ‌تَفْسِير

- ‌فصل فِي إرْسَال النَّجَاشِيّ وَلَده أرها وغرقه

- ‌فصل فِي فضل الْحَبَشَة

- ‌وَمِمَّا جَاءَ فِي الْقُرْآن مُوَافقا للغة الْحَبَشَة

- ‌وَمِمَّا سَمعه صلى الله عليه وسلم من كَلَامهم فأعجبه ونطق بِهِ

- ‌فصل فِي إرْسَال قُرَيْش إِلَى النَّجَاشِيّ عَمْرو بن العَاصِي وَعمارَة بن الْوَلِيد الْمرة الثَّانِيَة بعد وقْعَة بدر

- ‌فصل فِي خبر عمَارَة بن الْوَلِيد مَعَ عَمْرو بن الْعَاصِ وسحره حَتَّى مَاتَ مَعَ الْوَحْش فِي الْبَريَّة

- ‌فصل فِي ذكر توجه عَمْرو بن الْعَاصِ فِي الْمرة الثَّانِيَة إِلَى النَّجَاشِيّ وإسلامه عِنْده ورجوعه إِلَى الْمَدِينَة ولقائه خَالِد بن الْوَلِيد وَعُثْمَان بن طَلْحَة الحَجبي وإسلامهم

- ‌فصل فِي ذكر أَلْفَاظ وَقعت بَين عَمْرو بن الْعَاصِ وَبَين عبد بن الجلندي حِين بَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ وَإِلَى أَخِيه وَكَانَا ملكي عمان مِمَّا يتَعَلَّق بالنجاشي

- ‌تَفْسِير

- ‌تَفْسِير

- ‌فصل فِي ذكر مُخَاطبَة دحْيَة لقيصر

- ‌فصل فِي ذكر الْمَسِيح عليه السلام والحواريين

- ‌تَفْسِير

- ‌عود وانعطاف إِلَى مَا نَحن بصدده

- ‌تَفْسِير

- ‌فصل

- ‌فصل فِي بعث أبي بكر رضي الله عنه إِلَى هِرقل

- ‌فصل فِي رِوَايَات مُخْتَلفَة جَاءَت فِي كتبه صلى الله عليه وسلم إِلَى قَيْصر

- ‌فصل

- ‌فصل فِي خبر الْمُغيرَة بن شُعْبَة مَعَ الْمُقَوْقس وَسبب إِسْلَامه

- ‌فصل

- ‌فصل فِي فضل مصر وَأَهْلهَا وَمَا خصها الله سبحانه وتعالى بِهِ

- ‌فصل فِي ذكر سراقَة بن مَالك بن جعْشم فِي الْهِجْرَة وإعلامه صلى الله عليه وسلم لَهُ بِأَنَّهُ يلبس سواري كسْرَى وتاجه وَمَا فِيهِ من عجائب معجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فِي ذكر إبتداء ملك الْفرس فِي بِلَاد الْيمن وإسلامهم وَذكر تَاج كسْرَى وإيوانه ورؤيا الموبذان وَهُوَ القَاضِي بلغتهم

- ‌تَفْسِير مَا فِيهِ من الْغَرِيب

- ‌فصل فِي وُفُود الْعَرَب على سيف بن ذِي يزن وَمن جُمْلَتهمْ عبد الْمطلب وبشراه لَهُ بِظُهُور رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تَفْسِير غَرِيب لُغَة هَذَا الْخَبَر

- ‌رَجعْنَا إِلَى حَدِيث وهرز

- ‌فصل فِي ذكر سطيح ورؤيا كسْرَى والموبذان

- ‌تَفْسِير غَرِيب لغته

- ‌وَمن الَّذين كاتبهم صلى الله عليه وسلم وَأرْسل إِلَيْهِم أَسْقُف نَجْرَان وَهُوَ كَانَ كَبِير وَادي نَجْرَان والمشار إِلَيْهِ بَينهم

- ‌فصل فِي خبر سطيح وشق وَذكر نَجْرَان وَابْتِدَاء النَّصْرَانِيَّة بِأَرْض الْعَرَب من بِلَاد الْيمن

- ‌فصل فِي إرْسَاله صلى الله عليه وسلم خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى بني الْحَارِث بن كَعْب بِنَجْرَان ومكاتباته

- ‌ذكر الْكتاب

- ‌ذكر كِتَابه صلى الله عليه وسلم إِلَى أكيدر دومة الجندل

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌ذكر كِتَابه صلى الله عليه وسلم إِلَى أسيبخت صَاحب هجر

- ‌وَمن الْمُلُوك الَّذين بعث إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْأَصْبَغ بن عَمْرو

- ‌وَمِمَّنْ كَاتبه صلى الله عليه وسلم باذان صَاحب صنعاء من الْفرس

- ‌وَمِمَّنْ كَاتبه صلى الله عليه وسلم قبل مولده بِأَلف عَام تبع

- ‌فصل فِي خبر مِفْتَاح الْكَعْبَة

- ‌ذكر إرْسَاله صلى الله عليه وسلم إِلَى جبلة بن الْأَيْهَم الغساني

- ‌تَفْسِير مَا فِي الشّعْر من الْغَرِيب

- ‌تَفْسِير مَا فِي هَذَا الْخَبَر

- ‌ذكر مكاتباته صلى الله عليه وسلم إِلَى جَيْفَر وَعبد ابْني الجلندي ملكي عمان

- ‌ذكر كِتَابه صلى الله عليه وسلم لجنادة الْأَزْدِيّ وَقَومه

- ‌وَمِنْهُم جفينة النَّهْدِيّ

- ‌وَمِنْهُم جُزْء بن عمر العذري

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم من الْمُلُوك الْحَارِث بن أبي شمر الغساني

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ من الْمُلُوك الْحَارِث بن عبد كلال

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم خَالِد بن ضماد الْأَزْدِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ ربيعَة الْحَضْرَمِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم رِفَاعَة بن زيد الجذامي ثمَّ الضبيبي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم زرْعَة من أقيال حَضرمَوْت

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم ذُو الكلاع الْحِمْيَرِي سميفع

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم سعيد بن سُفْيَان الرعلي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم سمْعَان الراقع

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عبد يَغُوث بن وَعلة الْحَارِثِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عَامر بن الْأسود الطَّائِي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَرْوَة الجذامي

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الْمُنْذر بن ساوي ملك الْبَحْرين

- ‌مُخَاطبَة الْعَلَاء للمنذر

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مطرف بن الكاهن الْبَاهِلِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مَالك بن نمط فِي وَفد هَمدَان وأقيال الْيمن

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌تَفْسِير غَرِيب أَبْيَات ابْن نمط

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مُسَيْلمَة الْكذَّاب لَعنه الله

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم معدي كرب بن أَبْرَهَة

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم نهشل

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم نعيم بن أَوْس الدَّارِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم هَوْذَة بن عَليّ صَاحب الْيَمَامَة

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الْهلَال

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَائِل بن حجر وهمدان

- ‌فصل فِي سَبَب إِسْلَامه

- ‌تَفْسِير

- ‌تَفْسِير غَرِيبه

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يحنة بن رؤبة من أَيْلَة ويهود مقنا وهم بِقرب أَيْلَة

- ‌تَفْسِير

- ‌تَفْسِير

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يزِيد بن الطُّفَيْل الْحَارِثِيّ

- ‌وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم يزِيد بن المحجل الْحَارِثِيّ

- ‌ذكر سَنَد البُخَارِيّ رحمه الله

- ‌سَنَد صَحِيح مُسلم

- ‌سَنَد جَامع التِّرْمِذِيّ

- ‌سَنَد السِّيرَة الشَّرِيفَة لإبن هِشَام عَن البكائي عَن ابْن إِسْحَاق

- ‌سَنَد الشفا بتعريف حُقُوق الْمُصْطَفى صلى الله عليه وسلم للْقَاضِي عِيَاض رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌سَنَد الرَّوْض الْأنف لِلسُّهَيْلِي رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌سَنَد أَخْبَار مَكَّة شرفها الله تَعَالَى للأزرقي

الفصل: ‌فصل في ذكر سراقة بن مالك بن جعشم في الهجرة وإعلامه صلى الله عليه وسلم له بأنه يلبس سواري كسرى وتاجه وما فيه من عجائب معجزاته صلى الله عليه وسلم

وأردفه خَلفه قَالَ عبد الْكَرِيم قَالَ الدمياطي وَهَذَا بعيد لِأَنَّهُ مزق الْكتاب يَقُول مُؤَلفه عَفا الله عَنهُ وَأَن صَحَّ هَذَا لِأَن الْبَغَوِيّ ذكره أَيْضا فِي سُورَة الْأَنْعَام فَيحْتَمل أَن يكون الَّذِي أرسل البغلة شيرويه وَلَده أَو ابْن عَمه كسْرَى بن قباذ بن هُرْمُز أَو أزدشير بن شيرويه أَو جرهان هَؤُلَاءِ كلهم ملكوا بعد قتل أبرويز ثمَّ ملك بعدهمْ بوران بنت كسْرَى وَبلغ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أمرهَا فَقَالَ لن يفلح قوم أسندوا أَمرهم إِلَى امْرَأَة قَالَه ابْن قُتَيْبَة فِي المعارف وَالله أعلم أَي ذَلِك كَانَ

‌فصل فِي ذكر سراقَة بن مَالك بن جعْشم فِي الْهِجْرَة وإعلامه صلى الله عليه وسلم لَهُ بِأَنَّهُ يلبس سواري كسْرَى وتاجه وَمَا فِيهِ من عجائب معجزاته صلى الله عليه وسلم

روينَا عَن ابْن إِسْحَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن مَالك بن جعْشم

ص: 158

المدلجي الْكِنَانِي حدث عَن أَبِيه عَن عَمه سراقَة قَالَ لما خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من مَكَّة مُهَاجرا إِلَى الْمَدِينَة جعلت قُرَيْش فِيهِ مائَة نَاقَة لمن رده عَلَيْهِم قَالَ فَبينا أَنا جَالس فِي نَادِي قومِي أقبل رجل منا حَتَّى وقف علينا وَقَالَ وَالله لقد رَأَيْت ركبة ثَلَاثَة مروا عَليّ آنِفا إِنِّي لأراهم مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه قَالَ فأومأت إِلَيْهِ بعيني أَن اسْكُتْ ثمَّ قلت إِنَّمَا هم بَنو فلَان يَبْغُونَ ضَالَّة لَهُم قَالَ لَعَلَّه ثمَّ سكت فَمَكثت قَلِيلا ثمَّ قُمْت فَدخلت بَيْتِي ثمَّ أمرت بفرسي فقيد إِلَى بطن الْوَادي وَأمرت بسلاحي فَأخْرج من دبر حُجْرَتي ثمَّ أخذت قداحي الَّتِي أستسقم بهَا ثمَّ انْطَلَقت فَلبِست لأمتي ثمَّ أخرجت قداحي فاستسقمت بهَا فَخرج السهْم الَّذِي أكره لَا يضرّهُ قَالَ وَكنت أَرْجُو أَن أرده على قُرَيْش فآخذ الْمِائَة النَّاقة قَالَ فركبت على أَثَره فَبينا فرسي يشْتَد بِي عثر بِي فَسَقَطت عَنهُ قَالَ فَقلت مَا هَذَا قَالَ ثمَّ أخرجت قداحي

ص: 159

فاستسقمت بهَا فَخرج السهْم الَّذِي أكره لَا يضرّهُ فأبيت إِلَّا أَن أتبعه فركبت فِي أَثَره كل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات قَالَ فَلَمَّا بدا لي الْقَوْم فرأيتهم عثر بِي فرسي فَذَهَبت يَدَاهُ فِي الأَرْض وَسَقَطت عَنهُ قَالَ ثمَّ انتزع يَده من الأَرْض وتبعها دُخان كالأعصار قَالَ الْجَوْهَرِي الإعصار ريح تثير الْغُبَار ويرتفع إِلَى السَّمَاء كَأَنَّهُ عَمُود وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فأصابها إعصار فِيهِ نَار فاحترقت} قَالَ سراقَة فَعرفت حِين رَأَيْت ذَلِك أَنه قد منع مني وَأَنه ظَاهر قَالَ فناديت الْقَوْم أَنا سراقَة بن جعْشم انظروني أكلمكم فوَاللَّه لَا أريبكم وَلَا يأتيكم مني شَيْء تكرهونه قَالَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر قل لَهُ مَا تبغي منا قَالَ فَقَالَ لي ذَلِك أَبُو بكر قَالَ قلت تكْتب لي كتابا يكون آيَة بيني وَبَيْنك قَالَ اكْتُبْ لَهُ يَا أَبَا بكر قَالَ فَكتب لي كتابا فِي عظم أَو فِي رقْعَة أَو فِي خزفة ثمَّ أَلْقَاهُ إِلَيّ فَأَخَذته فَجَعَلته فِي كِنَانَتِي ثمَّ رجعت فَسكت فَلم أذكر شَيْئا مِمَّا كَانَ حَتَّى إِذا كَانَ فتح مَكَّة على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفرغ من حنين والطائف خرجت وَمَعِي الْكتاب لألقاه فَلَقِيته بالجعرانة قَالَ

ص: 160

فَدخلت فِي كَتِيبَة من خيل الْأَنْصَار فَجعلُوا يقرعوني بِالرِّمَاحِ وَيَقُولُونَ إِلَيْك إِلَيْك مَاذَا تُرِيدُ قَالَ فدنوت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ على نَاقَته وَالله لكَأَنِّي أنظر إِلَى سَاقه فِي غرزه كَأَنَّهَا جمارة قَالَ فَرفعت يَدي بِالْكتاب ثمَّ قلت يَا رَسُول الله هَذَا كتابك لي أَنا سراقَة بن جعْشم قَالَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم وَفَاء وبر ادنه قَالَ فدنوت مِنْهُ فَأسْلمت ثمَّ تذكرت شَيْئا أسأَل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَنهُ فَمَا أذكرهُ إِلَّا أَنِّي قلت يَا رَسُول الله الضَّالة من الْإِبِل تغشى حياضي وَقد ملأتها لإبلي هَل لي من أجر فِي أَن أسقيها قَالَ نعم فِي كل ذَات كبد حرى أجر قَالَ ثمَّ رجعت إِلَى قومِي فسقت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي

قَالَ السُّهيْلي وَذكر غير ابْن إِسْحَاق أَن أَبَا جهل لامه حِين رَجَعَ بِلَا شَيْء فَقَالَ وَكَانَ شَاعِرًا

(أَبَا حكم وَالله لَو كنت شَاهدا

لأمر جوادي إِذْ تسوح قوائمه)

ص: 161

(علمت وَلم تشكك بِأَن مُحَمَّدًا

رَسُول ببرهان فَمن ذَا يقاومه)

(عَلَيْك بكف الْقَوْم عَنهُ فانني

أرى أمره يَوْمًا ستبدو معالمه)

(بِأَمْر يود النَّاس فِيهِ بأسرهم

بِأَن جَمِيع النَّاس طرا يسالمه)

وروى الْوَاقِدِيّ أَنه لما كَانَ فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب رضي الله عنه وافتتح سعد بن أبي وَقاص مَدَائِن كسْرَى وَكَانَ بهَا خزائنه وذخائره فَلَمَّا غلب عَلَيْهَا فر إِلَى إصطخر هَارِبا وَأخذت أَمْوَاله ونفائس عدده وتاجه وسواراه ومنطقته وبساطه وَكَانَ سِتُّونَ ذِرَاعا فِي سِتِّينَ ذِرَاعا منظوما بِاللُّؤْلُؤِ والجواهر الملونة على ألوان زهر الرّبيع كَانَ يبسط لَهُ فِي إيوانه وَيشْرب عَلَيْهِ إِذا عدمت الزهور وَأما تاجه فَكَانَ مكللا بالجواهر النفيسة الَّتِي لَا نَظِير لَهَا وَكَانَ يعلق فِي صدر الإيوان وَيجْلس تَحْتَهُ من ثقله فَبعث بِجَمِيعِ ذَلِك سعد بن أبي وَقاص إِلَى عمر بن الْخطاب رضي الله عنه مَعَ الْخمس وَابْنَة الْملك فِي زينتها وجمالها فَأمر بِالْمَالِ فسكب فِي صحن الْمَسْجِد وأظهروا زِيّ كسْرَى

ص: 162

ولباسه فَلَمَّا نظر عمر إِلَى تِلْكَ الْأَمْوَال والجواهر والبساط قَالَ إِن الَّذِي أدّى إِلَيْنَا هَذَا لأمين

قَالَ السُّهيْلي ودعا عمر بسراقة وَكَانَ أزب الذراعين فحلاه حلية كسْرَى وَقَالَ لَهُ ارْفَعْ يَديك وَقل الْحَمد لله الَّذِي سلب هَذَا كسْرَى الْملك الَّذِي كَانَ يزْعم أَنه رب النَّاس وَكَسَاهَا أَعْرَابِيًا من بني مُدْلِج فَقَالَ ذَلِك سراقَة وَإِنَّمَا فعل ذَلِك عمر لِأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ قد بشر بهَا سراقَة حِين أسلم وَأخْبرهُ أَن الله سيفتح عَلَيْهِ بِلَاد فَارس ويغنمه ملك كسْرَى فاستبعد ذَلِك سراقَة فِي نَفسه وَقَالَ أكسرى ملك الْمُلُوك إِن حليته ستجعل عَلَيْهِ فَأخْبرهُ صلى الله عليه وسلم أَن حليته ستجعل عَلَيْهِ تَحْقِيقا للوعد وَإِن كَانَ أَعْرَابِيًا بوالا على عقبية وَلَكِن الله عز وجل يعز بِالْإِسْلَامِ أَهله ويسبغ على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَأمته نعْمَته وفضله

وروى ابْن عبد الْبر أَن سراقَة رضي الله عنه يكنى أَبَا سُفْيَان وَرُوِيَ عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لسراقة ابْن مَالك كَيفَ بك إِذا لبست سواري كسْرَى قَالَ فَلَمَّا أَتَى عمر بِسوَارِي كسْرَى ومنطقته وتاجه دَعَا سراقَة فألبسه إِيَّاهَا وَكَانَ أزب كثير شعر

ص: 163

الساعدين وَقَالَ لَهُ ارْفَعْ يَديك فَقَالَ الله أكبر الْحَمد لله الَّذِي سلبهما كسْرَى بن هُرْمُز الَّذِي كَانَ يَقُول أَنا رب النَّاس وألبسهما سراقَة الْأَعرَابِي من بني مُدْلِج وَرفع بهَا عمر صَوته وَكَانَ سراقَة شَاعِرًا مجيدا توفّي سنة أَربع وَعشْرين فِي صدر خلَافَة عُثْمَان رضي الله عنهم

وروى الْوَاقِدِيّ أَن عمر دَعَا بجميل بن رَوَاحَة وَكَانَ أجسم عَرَبِيّ يَوْمئِذٍ بِالْمَدِينَةِ فألبسه زيا آخر وزيا آخر لكسرى حَتَّى أَتَى عَلَيْهَا كلهَا ثمَّ ألبسهُ سلاحه وقلده سَيْفه فَنظر النَّاس إِلَيْهِ كَأَنَّهُ كسْرَى فِي ملكه وَقسم الْبسَاط بَين الْمُسلمين فَأصَاب عليا مِنْهَا قِطْعَة بَاعهَا بِخَمْسِينَ ألف دِينَار وَمَا هِيَ بأجود تِلْكَ الْقطع وَأمر بابنة الْملك يزدجرد فأوقفت بَين يَدَيْهِ وَعَلَيْهَا من الْحلِيّ والزينة والجواهر الْكَثِيرَة مَا أَن اللِّسَان يقصر عَن وَصفه فَأمر الْمُنَادِي أَن يُنَادي عَلَيْهَا وَقَالَ أظهر عز الْإِسْلَام وأزل نقابها ليزِيد الْمُسلمُونَ فِي ثمنهَا فامتنعت ووكزت المنادى فِي صَدره فَغَضب عمر وهم أَن يعلوها بدرته وَهِي تبْكي فَقَالَ عَليّ رضي الله عنه مهلا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول ارحموا عَزِيز قوم ذل وغنى قوم افْتقر فسكن غَضَبه ثمَّ أَعْطَاهَا للحسين بن عَليّ رضي الله عنهما قَالَ

ص: 164

السُّهيْلي وَأخذ لكسرى خَمْسَة أسياف لم ير مثلهَا أَحدهَا سيف كسْرَى أبرويز وَسيف كسْرَى أنوشروان وَسيف النُّعْمَان بن الْمُنْذر استلبه مِنْهُ حِين غضب عَلَيْهِ وألقاه إِلَى الفيلة فخبطته بأيديها حَتَّى مَاتَ وَسيف خاقَان ملك التّرْك وَسيف هِرقل صَار إِلَيْهِ أَيَّام غلبته على الرّوم فِي الْمدَّة الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِي قَوْله {الم غلبت الرّوم} فَهَذَا كَانَ سَبَب تصيير سيف النُّعْمَان إِلَى كسْرَى أبرويز ثمَّ إِلَى كسْرَى يزدجرد ثمَّ إِلَى عمر رضي الله عنه وَكَانَ الَّذِي قتل النُّعْمَان أبرويز وَكَانَ لأبرويز فِيمَا ذكر ألف فيل وَخَمْسُونَ ألف فرس وَثَلَاثَة آلَاف امْرَأَة وَتَفْسِير أنوشروان مُجَدد الْملك

قَالَ الْوَاقِدِيّ وَلما قسم سعد بن أبي وَقاص الْغَنَائِم على الْمُسلمين بِالْمَدَائِنِ بعد أَن أخرج الْخمس ولباس كسْرَى وتاجه وبساطه وَكَانَ عدَّة الْجَيْش ثَلَاثِينَ ألف فَارس وَلم يكن فيهم راجل أصَاب كل فَارس اثْنَا عشر ألف دِينَار

وَأورد السُّهيْلي طرفا من أَخْبَار مُلُوك الْفرس وَذكر مِنْهُم سَابُور

ص: 165

ذُو الأكتاف الَّذِي وطئ أَرض الْعَرَب وَكَانَ يخلع أكتافهم حَتَّى مر بِأَرْض بني تَمِيم فَفرُّوا مِنْهُ وَتركُوا عَمْرو بن تَمِيم وَهُوَ ابْن ثَلَاثمِائَة سنة لم يقدر على الْفِرَار وَكَانَ فِي قفة مُعَلّقا فِي عَمُود الْخَيْمَة من الْكبر فَأخذ وجئ بِهِ الْملك فاستنطقه سَابُور فَوجدَ عِنْده رَأيا ودهاء فَقَالَ لَهُ أَيهَا الْملك لم تفعل هَذَا بالعرب فَقَالَ يَزْعمُونَ أَن ملكنا يصير إِلَيْهِم على يَد نَبِي يبْعَث فِي آخر الزَّمَان فَقَالَ لَهُ عَمْرو فَأَيْنَ حلم الْمُلُوك وعقلهم إِن يكن هَذَا الْأَمر بَاطِلا فَلَا يَضرك وَإِن يكن حَقًا ألفاك وَقد اتَّخذت عِنْدهم يدا يكافئونك عَلَيْهَا ويحفظونك بهَا فِي ذويك فَيُقَال إِن سَابُور انْصَرف عَنْهُم واستبقى بَقِيَّتهمْ وَأحسن إِلَيْهِم بعد ذَلِك

وَأما أبرويز بن هُرْمُز وَهُوَ الَّذِي كتب إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَهُوَ الَّذِي عرض على الله فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ سلم مَا فِي يَديك إِلَى صَاحب الهراوة فَلم يزل مذعورا من ذَلِك حَتَّى كتب إِلَيْهِ النُّعْمَان بِظُهُور النَّبِي صلى الله عليه وسلم بتهامة فَعلم أَن الْأَمر سيصير إِلَيْهِ حَتَّى كَانَ من أمره مَا كَانَ وَهُوَ الَّذِي سُئِلَ عَنهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ماحجة الله على كسْرَى فَقَالَ إِن الله تَعَالَى أرسل إِلَيْهِ ملكا فسلك يَده فِي جِدَار مَجْلِسه حَتَّى أخرجهَا إِلَيْهِ تلألأ نورا فارتاع كسْرَى فَقَالَ لَهُ الْملك لم ترع يَا كسْرَى إِن

ص: 166

الله عز وجل قد بعث رَسُوله فَأسلم تسلم فَقَالَ سَأَنْظُرُ ذكره الطَّبَرِيّ فِي أَعْلَام كَثِيرَة من النُّبُوَّة عرضت على أبرويز أضربنا عَن الإطالة بهَا وَيُسمى أَيْضا سَابُور بعد هَذَا سَابُور بن أبرويز أَخُو شيرويه وَقد ملك نَحوا من شَهْرَيْن فِي مُدَّة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَملك أَخُوهُ شيرويه نَحوا من سِتَّة أشهر ثمَّ ملك بوران أختهما فملكت سنة وَهَلَكت وتشتت أَمرهم كل الشتات ثمَّ اجْتَمعُوا على يزدجرد بن شهريار بن أبرويز وَهُوَ آخر مُلُوك الْفرس وَكَانَ الْمُسلمُونَ قد غلبوا على أَطْرَاف أَرضهم ثمَّ كَانَت حروب الْقَادِسِيَّة مَعَهم إِلَى أَن قهرهم الْإِسْلَام وأستؤصل أَمرهم وَالْحَمْد لله وسابور تنْسب إِلَيْهِ الثِّيَاب السابرية قَالَه الْخطابِيّ وَقتل يزدجرد فِي أول خلَافَة عُثْمَان رضي الله عنه وجد مستخفيا فِي رحى فَقتل وَطرح فِي قناة الرَّحَى وَذَلِكَ بمرو من أَرض فَارس

وروى أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام عَن أبي البخْترِي قَالَ حاصر سلمَان رضي الله عنه حصنا من حصون فَارس فَقَالَ حَتَّى أفعل بهم مَا فعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُم فَقَالَ إِنِّي رجل

ص: 167