الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. رجعت على رغم الْوَفَاء إِلَى صَبر
…
كَمَا صَبر الظمآن فِي الْبَلَد القفر
وَقلت لعَيْنِي مَا وفيت وَإِن جرت
…
عَلَيْك كَمَا ينهل منسكب الْقطر
وَكَيف أوفى قدر ثكلي بعد من
…
دفنت بِهِ الآمال أجمع فِي قبر
على حِين لم أبْصر بِهِ مَا رجوته
…
وَلم أر من ذَاك الْهلَال سنا الْبَدْر
فواهاً لعمر مِنْك لذ قصيره
…
فَكَانَ خَفِيفا مثل إغْفَاءَة الْفجْر
135 -
أَبُو عبد الله مُحَمَّد شخيص
من المسهب أحد من لَهُ الْبَيْت الرفيع وَالنّظم البديع وَمِمَّنْ يحضر مجْلِس المظفر بن أبي عَامر وَمَا شاه يَوْمًا فِي بُسْتَان فَنظر إِلَى ورد مُقَابل آس وَرغب أَن يَقُول فِي ذَلِك فَقَالَ
…
أَرَادَ الْورْد بالاس انتقاصاً
…
فَقَالَ لَهُ نقيصتك الملال
فَقَالَ الْورْد لست أَزور إِلَّا
…
على شوق كَمَا زار الخيال
وَأَنت تديم تثقيلاً طَويلا
…
تدوم بِهِ كَمَا رست الْجبَال
فتسأمك الْعُيُون لذاك بغضاً
…
وترقبني كَمَا رقب الْهلَال
…
وَذكر الْحميدِي أَنه مَاتَ قبل الأربعمائة
136 -
جَعْفَر بن أبي عَليّ القالي
من المسهب بنى لَهُ أَبوهُ بقرطبة مرتبَة بقيت مَحْفُوظَة وَرفع لَهُ ذكرا ووطد لَهُ كَرَامَة لم تزل ملحوظة وَحمى مَا غرسه لَهُ أَبوهُ وثمره بناصع ادبه
قَالَ وَمن فطانته أَنه دخل يَوْمًا على الْمَنْصُور بن أبي عَامر فَقَالَ لَهُ من أَرَادَ ينكت عَلَيْهِ يَا مَوْلَانَا هَذَا هُوَ القالي فَقَالَ جَعْفَر لأعداء الْحَاجِب أذلّهم الله بعزته اسْتحْسنَ ذَلِك الْمَنْصُور
وَمن أحسن مَا أنْشد لَهُ قَوْله من شعر
…
بَين العذيب وَبَين وَادي المنحني
…
خلفت قلبِي للصبابة والعنا
الْمَوْت أحسن من فراقك سَاعَة
…
أتراك تحسب من تفارق فِي هُنَا
ودعت مِنْك الْغُصْن يبسم زهره
…
والورد عانق آسه والسوسنا
ورحلت مِنْك بعبرة مَا تَنْقَضِي فحسبت جفني للسحائب معدنا
قَالَ وثار فِي خاطره أَن يرحل إِلَى موطن أَصله ويجتمع هُنَالك مفترق شَمله وَيحل بَين من لَهُ بِهِ من الْأَقَارِب وَلَا يثني الْعَنَان بعد إِلَى المغارب فَلَمَّا حل بَغْدَاد أكذبت عينه ظَنّه وأجدب المُرَاد وأخفق المُرَاد فَرجع لَا يلوي على مُتَعَذر وَلَا يمر بِغَيْر مستكره عِنْده متكدر فَقَالَ
…
حننت إِلَى بَغْدَاد حَيْثُ تمكنت
…
أصولي فَلَمَّا أَن حللت بِبَغْدَاد
رَأَيْت ديارًا يبْعَث الْهم لحظها
…
وقوماً يسومون الْغَرِيب بأحقاد
فوليت عَنْهُم عَائِدًا غير عاطف
…
وان كَانَ فِيمَا بَينهم نشيء أجدادي
وجزت على مصر فغمضت مقلتي
…
وَقلت بعنف مغرب الشَّمْس يَا حادي
…
وَكَانَ أَشد مَا لقِيه بِبَغْدَاد انه حرد يَوْم بِحَضْرَة جمَاعَة مِنْهُم وأفرط فِي سوء الْخلق فَقَالَ لَهُ أحدهم يَا هَذَا بئس مَا عوضتنا عَمَّا نَقله ابوك من لبدنا إِلَى الْمغرب حمل عَنَّا علما وادبا وَجِئْنَا بِجَهْل وَسُوء أدب فَقَالَ الْمَشْي يلْزَمنِي إِلَى مَكَّة حافياً رَاجِلا إِن قعدت لكم فِي بلد من يومي