الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقرطبة وَكَانَ هَذَا الشيح باقعة قد أَخذ نَفسه بالوقوع فِي الْأَعْرَاض مَأْخَذ ابْن حَيَّان على مَا تقدم وَتركته بتونس فنعي إِلَى سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَلم أر أعجب من شَأْنه فَإِنَّهُ كَانَ أعمى معطل الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ شنيع الْخلقَة لَا يزَال لعابه يسيل وَوَجهه يَهْتَز وَإِذا جاذبيه اهداب الاداب رَأَيْت مِنْهُ بحرا زاجرا وَكَانَ آيَة فِي الْحساب والفرائض مقدما على أَعْرَاض الْمُلُوك وَالْوُجُوه وحسبك أَنه لما قَالَ أَبُو زيد الفازازي كَاتب الْمَأْمُون بن الْمَنْصُور ابْن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن قصيدته الَّتِي أَولهَا الحزم والعزم منسوبان للْعَرَب وَكَانَ أنصاره عرب جشم قَالَ ابْن الصفار فِي مناقضتها قصيدته الَّتِي مِنْهَا فِي ذكر الْمَأْمُون عَم يحيى بن النَّاصِر ومخاصمة على الْخلَافَة
…
وَإِن ينازعك فِي الْمَنْصُور ذُو نسب
…
فنجل نوح ثوى فِي قسْمَة العطب
…
وَإِن يقل أَنا عَم فَالْجَوَاب لَهُ
…
عَم النَّبِي بر شكّ أَبُو لَهب
…
وشاعت القصيدة وَبَلغت الْمَأْمُون فحرص على قَتله فَلَمَّا كبس مَدِينَة فاس وفر أَمَامه مِنْهَا يحيى بن النَّاصِر وَكَانَ ابْن الصفار فِي خدمته اختفى عِنْد عَجُوز فِي خوص على قَارِعَة الطَّرِيق وَقَامَت بِحَالهِ لما رَأَتْهُ عَلَيْهِ من الْأَعْذَار الْمُوجبَة للصدقة وَأمر الْمَأْمُون المنادين فِي الْأَسْوَاق بالبحث عَنهُ وتحذير من كتمه بإراقة الدَّم وَالْإِحْسَان لمن اظهره واذكيت الْعُيُون عَلَيْهِ فستره الله إِلَى أَن سكنت تِلْكَ النائرة وَلحق بإفريقية فَأحْسن إِلَيْهِ سلطانها أَبُو زَكَرِيَّا بن عبد الْوَاحِد واجرى عَلَيْهِ مشاهر وجالسه إِلَى أَن كرهه لما شَاهده من كَثْرَة وُقُوعه فِي الْأَحْيَاء والأموات فحجبه عَن مَجْلِسه وَلم يقطع الْإِحْسَان عَنهُ
وسايرته يَوْمًا فأنشدني لنَفسِهِ قَوْله
…
لَا تحسب النَّاس سَوَاء مَتى
…
مَا اشتبهوا فَالنَّاس أطوار
وَانْظُر إِلَى الْأَحْجَار فِي بَعْضهَا
…
مَاء وَبَعض ضمنه نَار
…
وَقَوله
…
يَا طالعاً فِي جفوني
…
غَائِبا فِي ضلوعي
بالغت فِي السخط ظلما
…
وَمَا رحمت خضوعي
إِذا نَوَيْت انْقِطَاعًا
…
فاعمل حِسَاب الرُّجُوع
…
وَمن نثره لَا يَتَهَلَّل عِنْد سُؤَاله وَلَا يَأْخُذ رائده من أدبه وَلَا مَاله أَيهَا الغبي المتعثر فِي ذيول جَهله وجاهه الاشوس الطّرف من غير حول الرافع أَنفه دون شمم الساري إِلَى العلياء سرى الْعين الَّذِي لَا يظفر مِنْهُ قاصده المخدوع بِغَيْر التَّعَب والمين وعض الْيَدَيْنِ من دلك على وَمن هداك الي مَتى استعدعيتني إِلَى ربعك وتكلف من التجمل لحضور الْفُضَلَاء مَا لَيْسَ فِي طبعك وَمنا الْعجب مِنْك حِين رغبت عَن كنيف فِي تلطيخ بِطيب بل الْعجب مِمَّن كَانَ فِي طيب فجَاء يتلطخ بكنيف وَكَأَنِّي بك فِي مَنْزِلك العامر بالحرمان الغامر من الْفضل وَالْإِحْسَان وَقد قعدت فِي بهوه ونفخت شخصك الضئيل فِي زهوه وَمِنْه ذُو اللِّحْيَة الطَّوِيلَة والجثة الضئيلة الْوَسخ الأثواب العرى من الْآدَاب الْمُرْسل لِسَانه فِي كل عرض الْآخِذ فِي كل قَبِيح بالطول وَالْعرض
وَمِنْه ثمَّ قلت لي ابدأ بِمذهب أبي حنيفَة أَو بِمذهب امرىء الْقَيْس فكدت وَالله أضرط ضحكاً وَلَا أَخَاف فِي تبعة الْأَدَب دركاً فَاتق الله بستر نَفسك وَلَا تكن فِي غدك أَجْهَل مِنْك فِي أمسك