الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. لَا تكن مهمالة واسبق
…
فَمَا فِي البطء تعذر
…
فجاوبه بِمَا تَأَخّر فِيهِ عَن طبقته وَله فِي الْكَرم حكايات مِنْهَا أَن زرياب غناهُ يَوْمًا فأطربه فَأعْطَاهُ ثَلَاثَة آلَاف دِينَار فاحتوشه جواريه وَولده فنثرها عَلَيْهِم وَكتب أحد السَّعَادَة إِلَيْهِ بِأَن زرياب لم يعظم فِي عَيْنَيْهِ ذَلِك المَال وَأَعْطَاهُ فِي سَاعَة وَاحِدَة فَوَقع نبهت على شئ كُنَّا نحتاج التَّنْبِيه عَلَيْهِ وَإِنَّمَا رزقه نطق على لسَانك وَقد رَأينَا أَنه لم يفعل ذَلِك إِلَّا ليحببنا لأهل دَاره ويغمرهم بنعمنا وَقد شكرناه وأمرنا لَهُ بِمثل المَال الْمُتَقَدّم ليمسكه لنَفسِهِ فَإِن كَانَ عنْدك فِي حَقه مضرَّة أُخْرَى فارفعها إِلَيْنَا
وَرفع لَهُ أحد المستغلين بتثمير الْخراج أَن القنطرة الَّتِي بناها جده على نهر قرطبة لَو رسم على الدَّوَابّ والأحمال الَّتِى تعبر عَلَيْهَا رسم لَا جتمع من ذَلِك مَال عَظِيم فَوَقع نَحن أحْوج إِلَى أَن نُحدث من أَفعَال الْبر أَمْثَال هَذِه القنطرة لَا أَن نمحو مَا خلده آبَاؤُنَا باختراع هَذَا المكس الْقَبِيح فَتكون عائدته قَليلَة لنا وَتبقى تَبعته وَذكره السوء علينا وهلا كنت نبهتنا على إصْلَاح الْمَسْجِد المجاور لَك الَّذِي قد تداعى جِدَاره واختل سقفه وَفصل الْمَطَر مُسْتَقْبل لَكِن يَأْبَى الله أَن تكون هَذِه المكرمة فِي صحيفتك وَقد جعلنَا عُقُوبَتك بِأَن تصلح الْمَسْجِد الْمَذْكُور من مَالك على رغم أَنْفك فَيكون مَا تنْفق فِيهِ مِنْك وأجره لنا إِن شَاءَ الله
3 -
ابْنه أَبُو عبد الله مُحَمَّد
كَانَ أَخُوهُ عبد اله بن طروب قد وشحه أَبوهُ للولاية بعده وَكَانَ نصر الخصى يعضده ويخدم أمه طروب الحظية عِنْد عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط إِلَّا
أَن عبد الله كَانَ مستهتراً منهمكاً فِي اللَّذَّات فَكَانَ أولو الْعقل يميلون إِلَى أَخِيه مُحَمَّد فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُمَا وَكَانَ ذَلِك بِاللَّيْلِ اتّفق رُءُوس الخدم أَن يعدلُوا بِالْولَايَةِ عَن عبد الله إِلَى مُحَمَّد فَمر أحدهم إِلَى منزله وَجَاء بِهِ على بغلة فِي زِيّ صبية كَأَنَّهُ بنته تزور قصر جدها فَلَمَّا مر على دَار أَخِيه عبد الله وَسمع ضجة المنادمين وَلَيْسَ عِنْده خبر من موت أَبِيه أنْشد
…
فهنيئاً لَهُ الَّذِي هُوَ فِيهِ
…
وَالَّذِي نَحن فِيهِ أَيْضا هنانا
…
وَلما دخل الْقصر بعد تمنع من البواب وَتمّ لَهُ الْأَمر تَلقاهُ بحزم وَلم يخْتَلف عَلَيْهِ أحد من جلة أَقَاربه
قَالَ صَاحب الجذوة كَانَ مُحَمَّد محباً للعلوم مؤثراً لأهل الحَدِيث عَارِفًا حسن السِّيرَة وَلما دخل الأندلس أَبُو عبد الرَّحْمَن بَقِي بن مخلد بِكِتَاب أبي بكر بن أبي شيبَة وَقُرِئَ عَلَيْهِ أنكر جمَاعَة من أهل الرَّأْي مَا فِيهِ من الْخلاف واستشنعوه وبسطوا الْعَامَّة عَلَيْهِ وَمنعُوا من قِرَاءَته إِلَى أَن اتَّصل ذَلِك بالأمير مُحَمَّد فاستحضروه وإياهم واستحضر الْكتاب كُله وَجعل يتصفحه جُزْءا جُزْءا إِلَى أَن أَتَى على آخِره وَقد ظنُّوا أَنه مواقفهم على الْإِنْكَار عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ لخازن الْكتب هَذَا كتاب لَا تَسْتَغْنِي خزانتنا عَنهُ فَانْظُر فِي نسخه لنا ثمَّ قَالَ لبقي بن مخلد انشر علمك وارو مَا عنْدك من الحَدِيث واجلس للنَّاس حَتَّى ينتفعوا بك فنهاهم أَن يتَعَرَّضُوا لَهُ
وَكَانَ مُحَمَّد قد فوض أُمُور دولته لهاشم بن عبد الْعَزِيز أعظم وزرائه