الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً: الحركات الباطنية البطيئة
.
المقصود بهذه الحركات هو الحركات والتغيرات البطيئة الهادئة أو العنيفة التي تحدث في قشرة الأرض أو تحتها؛ فينعكس أثرها على السطح بشكل مظاهر تضاريسية متباينة، وهي تنقسم عمومًا إلى قسمين كبيرين هما:
أ- حركات الانثناء Folding
ب- حركات التصدع أو الانكسار Faulting
أ- حركات الانثناء FOLDNG:
المقصود بهذه الحركات هي الحركات التي تؤدي إلى تقوس بعض طبقات القشرة إلى أعلى أو إلى أسفل نتيجة لتعرضها لضغوط جانبية. ويحدث الانثناء عادة في طبقات الصخور الرسوبية بسبب مرونتها النسبية، وخصوصًا إذا كانت حديثة التكوين، أما الصخور النارية والمتحولة فإن شدة صلابتها لا تسمح لها بالانثناء إلا بدرجات محدودة؛ ولذلك فإنها غالبًا ما تتصدع إذا تعرضت لضغوط شديدة. وقد يحدث الانثناء في الطبقات الصخرية إما نتيجة لتعرضها لضغط جانبي من اتجاهين متضادين، أو من اتجاه واحد؛ بينما تقف في طريقها من الجانب المقابل كتلة صلبة قديمة لا تسمح لها بالتزحزح أمام الضغط الجانبي.
وعندما تنثني الطبقات الصخرية فإن قطاعات منها تتقوس إلى أسفل وتتكون منها ثنيات1 مقعرة Synclines، بينما تتقوس قطاعات أخرى إلى أعلى وتتكون منها ثنيات محدبة Anticlines. ولكل ثنية من الثنيات محور Axis ومستوى محوري Axial Plane وجانبان "أو طرفان Limbs" والمقصود بالمحور المستوى المحوري فهو المستوى الذي ينصف الزاوية التي بين جانبي الثنية "شكل 47".
1 يطلق بعض الكتاب العرب على الثنية لفظ طية أو التواء وكلها ألفاظ ذات مدلول واحد، وفي رأينا أن اللفظ الأول " ثنية" هو أقرب الألفاظ الثلاثة إلى وصف ما يحدث فعلًا في الطبقات الصخرية.
وتأخذ الثنيات أشكالًا مختلفة على حسب قوة الضغظ واتجاهه وسمك الطبقات ونظامها وقوة مقاومتها وتباين المقاومة من طبقة إلى أخرى أو من موضع إلى آخر، ولذلك فقد قسمت الثنيات عمومًا إلى عدة أنواع أهمها هي:
1-
الثنية البسيطة المتماثلة Simple Symetrical fold:
وفيها تكون زاويتا ميل الطبقات على جانبيها متساويتين، كما تظل محافظة على نظامها الأصلي.
2-
الثنية البسيطة غير المتماثلة Asymetrical fold:
وهي ثنية بسيطة كذلك إلا أن زاوية ميل أحد جانبيها تكون أكبر نوعًا ما من زاوية ميل الجانب الآخر.
3-
الثنية وحيدة الجانب Monocline:
وهي ثنية يشتد ميل الطبقات في جانب واحد من جانبيها بينما تظل الطبقات أفقية تقريبًا، أو مائلة ميلًا غير واضح في جانبها الآخر.
4-
الثنية المقلوبة Overturned fold:
وفيها يشتد ميل طبقات أحد الجانبين بحيث تزيد زاوية هذا الميل عن 90 ْ.
5-
الثنية المستلقية "أو المضطجعة" Recumbent fold:
وفيها يستلقي أحد الجانبين على سطح الأرض تمامًا بحيث يختفي تحت الجانب الآخر. وفي هذه الحالة يختل ترتيب الطبقات في الجانب الأسفل بحيث تقع الطبقات الحديثة تحت الطبقات الأقدم منها.
6-
الثنية الزاحفة "ناب Nappe" أو الغطاء الصخري الزاحف":
وهي عبارة عن الجانب العلوي من ثنية مستلقية اضطره الضغط الجانبي الشديد إلى الانفصال عن بقية الثنية والتزحزح بعيدًا عنها؛ حيث يؤدي زيادة الضغط الجانبي إلى تصدع الثنية عند محورها وفصل جانبها الأعلى عن جانبها الأسفل. وكلمة "Nappe" كلمة فرنسية معناها غطاء.
شكل "47" أهم أشكال الانثناءات
وسنعود للإشارة إلى هذه الظاهرة مرة أخرى عند الكلام على الصدوع.
7-
الثنية المركزية Composite fold:
وهي ثنية كبرى تضم بداخلها ثنيات صغيرة نسبيًّا، وهي تتكون عندما تتعرض منطقة شاسعة سبق أن تكونت بها مجموعة من الثنيات للانثناء مرة أخرى، وقد تشغل الثنية التي من هذا النوع عدة آلاف من الكيلو مترات المربعة؛ ولذلك فإنها تشتهر باسم الثنيات الكبرى أو الإقليمية، ومنها ما تكون محدبة Geoanticline ومنها ما تكون مقعرة Geosuncline. وقد تكونت بعض البحار الكبيرة ومنها البحر المتوسط في ثنية مقعرة من هذا النوع وقد تأخذ الثنية المركبة المحدبة في بعض الأحيان شكلًا مروحيًّا واضحًا "انظر شكل 47".
8-
الثنية المنحدرة Pitching fold:
وفيها لا يكون محور الثنية أفقيًّا بل يكون مائلًا على الاتجاه الأفقي سواء من ناحية واحدة أو من ناحيتين، ويطلق على الزاوية التي يصنعها المحور مع الاتجاه الأفقي اسم زاوية الانحدار.
9-
القبة Dome والحوض Basin:
وهما تركيبان جيولوجيان يمثل الأول منهما ثنية محدبة؛ بينما يمثل الثاني ثنية مقعرة. وهما يشتركان في أن طبقات الصخور تكون مرتبة في كل منهما بشكل حلقات حول المركز، ولكن مع فارق رئيسي وهو أنه لو أخذ قطاع أفقي في كل منهما، أو إذا أزالت التعرية أعالي كل منهما فإن مكاشف أحدث الطبقات في القبة تكون موجودة على الأطراف وتليها الأقدم فالأقدم كلما اتجهنا نحو الوسط الذي توجد به أقدم الطبقات، ويطلق على هذا التتابع في علم الطبقات تعبير "قديث Inlier" أما في الحوض فإن ترتيب مكاشف الطبقات يكون على العكس من ذلك بمعنى أن مكاشف أقدم الطبقات توجد على الأطراف وأحدثها في الوسط، ويطلق على هذا التتابع تعبير حديم Outier.
تغير معالم الثنيات وانعكاس التضاريس:
بمجرد ظهور الثنيات أيًّا كان نوعها على سطح الأرض؛ فإن عوامل التجوية وعوامل التعرية، وخصوصًا المياه الجارية والجليد والرياح تتعاون على تسوية سطحها بالتدريج؛ حيث إنها تعمل باستمرار على نحت وتفتيت الأجزاء الظاهرة من الثنيات المحدبة ونقل موادها إلى الثنيات المقعرة، فيأخذ سطح الأولى في الانخفاض بينما تأخذ سطح الثانية في الارتفاع. وبمرور الزمن يميل سطح المنطقة كلها إلى الاستواء وتستغرق هذه العمليات عادة أزمنة طويلة جدًّا قد تصل إلى عشرات الملايين من السنين، وخصوصًا إذا كانت الثنيات المحدبة كبيرة الحجم "مثل الثنيات التي تتكون منها الجبال الشاهقة" وكانت صخورها شديدة الصلابة. وحتى بعد أن تتم تسوية سطح المنطقة فإن عوامل التعرية قد تستمر في نقل المواد الصخرية من أماكن الثنيات المحدبة وتكويمها في أماكن الثنيات المقعرة، وينتهي الأمر بأن تتحول مناطق الثنيات المحدبة إلى أحواض منخفضة بينما تتحول مناطق الثنيات المقعرة إلى هضاب مرتفعة نسبيًّا. ويطلق على هذه الظاهرة اسم ظاهرة انعكاس التضاريس Conversion. وهي ظاهرة قليلة الحدوث ولا توجد إلا في مناطق الجبال القديمة التي مرت على تكوينها مئات الملايين من السنين، ومنها مناطق الجبال الموجودة في شمال غرب أوروبا "انظر شكل 48".
شكل 48 انعكاس التضاريس
ولكن مهما حدث من تغير في مظاهر السطح؛ فإن الاستدلال على وجود الثنيات المحدبة أو الثنيات المقعرة يظل أمرًا ميسورًا بواسطة الجيولوجيين الذين يمكنهم أن يحددوا نوع الثنيات على أساس ميل طبقات الصخور وترتيبها الزمني؛ حتى أنه من الممكن إعادة تصور الشكل الذي كانت عليه الثنيات قبل أن تختفي معالمها الظاهرية.
الحركات الانثنائية الكبرى خلال العصور الجيولوجية:
إن الانثناءات الكبرى التي تعرضت لها قشرة الأرض خلال العصور الجيولوجية المختلفة هي أهم نتائج العوامل التكتونية التي ساهمت في تكوين الأشكال التضاريسية الكبرى، وأهمها الجبال الانثنائية "الالتوائية" التي تشغل نطاقات ضخمة في مختلف القارات. وقد بنيت هذه الجبال على ثلاث مراحل رئيسية تعرضت قشرة الأرض خلالها إلى حركات تكتونية عنيفة، لم يقتصر أثرها على حدوث الانثناءات الكبرى؛ بل صاحبها كذلك كثير من النشاط البركاني وكثير من التصدع في بعض المناطق. ونظرًا لعنف الحركات التكتونية التي حدثت في هذه المراحل؛ فقد أطلق عليها بعض الباحثين تعبير "الثورات التكتونية" ولتمييز المراحل الثلاث لهذه الحركات فقد سميت كل منها باسم منطقة من المناطق الجبلية التي تكونت أثناءها في قارة أوروبا، لأنها هي القارة. التي أجريت فيها معظم الأبحاث المتعلقة بنشأة الجبال وتطورها.
وقد حدثت هذه الحركات في ثلاثة أزمنة جيولوجية هي الزمن الأول والزمن الثاني والزمن الثالث، وكانت تفصل بعضها عن بعض ملايين من السنين. ومعنى ذلك أن الجبال التي كونتها حركات الزمن الأول قد مضى عليها منذ نشأتها حتى الآن أكثر من مائتا مليون سنة. وخلال هذا العمر الطويل لم تتوقف عوامل التجوية أو عوامل التعرية عن إزالتها وتغيير معالمها؛ ولذلك فقد فقدت معظم ارتفاعاتها وتحولت إلى تلال قليلة الارتفاع أو سهول تحاتية، بل إن التضاريس قد انعكست في بعض أجزائها. إلا أن بعض هذه المناطق ما لثبت أن تعرضت في مراحل تالية لحركات تكتونية أخرى أعادت إليها بعض ارتفاعها. أما الجبال التي
نشأت نتيجة لحركات الزمن الثالث فإن عمرها يترواح بين مليونين وخمس عشرة مليون سنة فقط، وهو عمر قصير نسبيًّا؛ ولذلك فإن عوامل التعرية لم تجد الوقت الكافي لإزالتها أو حتى التقليل كثيرًا من ارتفاعاتها، فبقيت لهذا السبب محتفظة بضخامتها وعظم ارتفاعاها، وأصبحت تمثل في الوقت الحاضر أعظم النطاقات الجبلية في العالم ويطلق عليها عمومًا اسم "الجبال الانثنائية الحديثة"، أو "الانثناءات الألبية" أو الحركات الألبية نسبة إلى جبال الألب التي تنتمي إليها.
والحركات التكتونية الرئيسية التي حدثت في الأزمنة الجيولوجية المذكورة هي:
أولًا: الحركات الكاليدونية Calidonian Movements:
وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى مرتفعات كاليدونيا في شمال اسكتلندة، وقد حدثت معظم هذه الحركات في أواسط الزمن الجيولوجي الأول وخصوصًا في العصر السيلوري والعصر الديثوني. وتوجد الجبال التي تكونت بسببها في معظم القارات وأشهرها هي مرتفعات شمال اسكتلندة ومرتفعات اسكنديناوة. وفي أمريكا الشمالية بدأ بناء مرتفعات الأبلاش بواسطة هذه الحركات ثم اكتمل بواسطة الحركات التالية وهي الحركات الهرسينية.
ثانيًا: الحركات الهرسينية Hercynain Movements:
وهي نفس الحركات التي يطلق عليها في بريطانيا وغرب فرنسا اسم "الحركات الأرموريكية" Armoican M. أو "الحركات الفارسكية" Variscan M. وقد حدثت خلال القسم الأعلى من الزمن الجيولوجي الأول، وخصوصًا في العصر الفحمي والعصر البرمي؛ فهي أحدث من الحركات الكاليدونية ببضع عشرات الملايين من السنين، وتوجد الجبال التي تكونت بسببها في معظم القارات إلى الجنوب من المرتفعات الكاليدونية، وهي غالبًا أكثر منها ارتفاعًا بسبب حداثتها النسبية من جهة وبسبب تعرضها في عصور لاحقة لحركات رفع جديدة من جهة أخرى، وأهم الجبال التي تنتمي إليها هي جبال جنوب أيرلنده وجنوب ويلز وجنوب إنجلترا،
وجبال غرب أوروبا ووسطها مثل هضبة فرنسا الوسطى وهضبة بوهيميا وجبال السوديت والفوج والغابة السوداء وبعض مرتفعات أسبانيا وجبال أورال. وتمثلها في آسيا كثير من الجبال مثل جبال أرمينيا، وبعض جبال آسيا الصغرى، وجبال إقليم بيكال وجبال خنجان وتيان شان وبعض مرتفعات الصين، مثل مرتفعات تسن لون كما تتمثل في أرخبيل الملايو وبعض جرز أندونيسيا مثل جزيرة جاوه وجزيرة بورنيو. وفي استراليا تنتمي إليها معظم الجبال الشرقية، وفي أمريكا الشمالية يتكون منها نطاق ممتد في شرق القارة إلى الجنوب من نهر سنت لورنس، كما أنها ساهمت في بناء مرتفعات الأبلاش.
ثالثًا: الحركات الألبية Alpine Movements:
وهي أحدث الحركات الرئيسية التي تعرضت لها قشرة الأرض، وقد بدأت مقدماتها في أواخر الزمن الجيولوجي الثاني، وبلغت أوجها في الزمن الثالث، ثم استمرت بعض ذيولها في أوائل الزمن الرابع. ونظرًا لحداثتها ولأن الجبال التي نشأت بسببها تمثل أعظم مظاهر التضاريس في الوقت الحاضر؛ فقد كان اهتمام الباحثين بدراستها أكبر من اهتمامهم بالجبال القديمة. وقد تبين أنها تتباين تباينًا واضحًا على حسب العصر الذي تكونت فيه؛ ولذلك فإنها تقسم إلى ثلاثة أقسام هي: الجبال الألبية القديمة التي نشأت في أواخر الزمن الثاني وأوائل الزمن الثالث، والجبال الألبية المتوسطة التي نشأت في أواسط الزمن الثالث، ثم الجبال الألبية الحديثة التي نشأت في أواخر هذا الزمن واستمرت ذيولها في أوائل الزمن الرابع.
وتوجد الجبال الألبية في الوقت الحاضر في نطاقات ضخمة تتفق مع ما يعرف باسم نطاقات الضعف في قشرة الأرض، وهي النطاقات التي ظلت حتى وقت قريبة عرضة للحركات التكتونية؛ بل وما زالت حتى الآن معرضة لمثل هذه الحركات، كما يدل عليها توزيع مناطق البراكين والزلازل؛ ففي العالم القديم تمتد الانثناءات الألبية بين الشرق والغرب في نطاق ضخم يبدأ من سواحل المحيط الأطلسي في غرب أوروبا وشمال أفريقية ويشمل جبال أطلس في إفريقيا، وجبال الألب والسلاسل الجبلية المتصلة بها في أوروبا، ويواصل امتداده في آسيا ليشمل
أهم السلاسل الجبلية المرتفعة في آسيا الصغرى والقوقاز وإيران وأفغانستان، وسلاسل جبل هيمالايا وامتدادها في برما والملايو وجزر أندونيسيا وجزر صوندا. وهو يلتقي هنا بنطاق آخر يمتد نحو الشمال في شرق آسيا وفي الجزر القريبة من سواحلها الشرقية مثل جزر الفلبين وجزر اليابان. وفي العالم الجديد تشغل الانثناءات الألبية نطاقًا يمتد لبضعة آلاف من الكيلو مترات في غرب الأمريكتين ويشمل سلاسل جبال روكي وسلاسل جبال الأنديز.
شكل "49" توزيع الكتل الصلبة والجبال الانثنائية في العالم
ب- حركات التصدع "أو الانكسار" FAULTNG:
كثيرًا ما تؤدي الحركات الأرضية إلى حدوث صدوع مختلفة الأحجام والاتجاهات في الصخور بمختلف أنواعها، ويطلق على هذه الصدوع كذلك تعبير "الانكسارات" أو "العيوب". ويكون الصدع "أو الانكسار" مصحوبًا في غالب الأحيان بانزلاق في الطبقات التي توجد على جانبيه بحيث ينقطع امتداد هذه الطبقات فتظهر الطبقات الصخرية على أحد جانبيه في مستويات مختلفة عن مستوياتها على الجانب الآخر. وعلى الرغم من أن حركات الانزاق في أغلب الصدوع تكون من أعلى إلى أسفل أو العكس؛ إلا أنها قد تكون في بعض أنواعها في اتجاه جانبي.
وكما هي الحال بالنسبة للانثناءات فإن الصدوع بمختلف أنواعها تنشأ نتيجة للحركات التكتونية المختلفة، سواء منها الحركات البطيئة أو الحركات السريعة والمفاجئة؛ ولكن يجب ألا نخلط بين الصدوع وبين المفاصل Joints والشقوق Cracks التي توجد بكثرة في كتل الصخور بمختلف أنواعها، والتي تتكون بسبب تقلص الصخور أثناء جفافها أو برودتها، ثم تساعد عوامل التعرية وعوامل التجوية على توسيعها أو على ملئها بالرواسب في بعض الأحيان.
أجزاء الصدع:
تستخدم عند دراسة الصدوع عدة تعبيرات من أهمها:
1-
سطح الصدع Plane of Faul:
وهو السطح الذي يحدث فيه الانفصال والذي تنزلق على طوله طبقات الصخور. وعندما يكون هذا السطح مائلًا يكون له حائطان أحدهما هو الحائط المعلق Hanging Wall ويقصد به كتلة الصخور الملاصقة لسطحه العلوي، والثاني هو الحائط السفلي Foot Wall ويقصد به الكتلة الملاصقة لسطحه السفلي.
2-
رمية الصداع Throw of Fault:
وهي المسافة الرأسية التي تغير بها منسوب الطبقات على جانبي الصدع، وهي تختلف من بضع سنتيمترات إلى مئات من الأمتار، ويطلق تعبير الرمية إلى أسفل Down throw على المسافة التي تحركها أحد الجانبين إلى أسفل، وتعبير الرمية إلى أعلى Up throw على المسافة التي تحركها أحد الجانبين إلى أعلى.
3-
ميل الصدع Dip of Fault:
وهو الزاوية المحصورة بين سطح الصدع والمستوى الأفقي. ويمكن أن يحسب ميل الصدع كذلك على أساس الزاوية المحصورة بين سطحه وبين المستوى الرأسي. ويطلق على هذه الزاوية تعبير Hade Fault "أو مهوى الصدع".
4-
الزحف الجانبي Heave of Fault:
وهو المسافة الأفقية التي زحفتها الطبقات على جانبي الصدع.
5-
الحافة الصدعية Fault Scarp:
وهي الحافة الصخرية التي تمثل الجزء الظاهر من سطح الصدع.
شكل "50" أجزاء الصدع
أنواع الصدوع:
نظرًا لتنوع القوى والعوامل التي تتدخل في عمليات التصدع؛ فإن الصدوع تأخذ أشكالًا مختلفة؛ ولذلك فإنها تقسم إلى عدة أنواع أهمها ما يأتي:
1-
الصدع العادي Normal Fault:
ويترتب على مثل هذا الصدع اتساع المنطقة المتأثرة به نتيجة لانزلاق حائطه المعلق وحائطه السفلي ويتوقف مقدار هذا الاتساع على عاملين هما مقدار زاوية ميل الصدع ومقدار رميته، والمعتاد هو أن تكون رمية جانبه المعلق إلى أسفل؛ بينما تكون رمية جانبه السفلى إلى أعلى.
2-
الصدع المعكوس Reverse Fault:
وهو يحدث نتيجة لتعرض المنطقة لضغط جانبي شديد، ولذلك فإنه يعرف كذلك بصدع الضغط Comperssion Fault، وفيه تكون رمية الحائط المعلق إلى أعلى؛ بينما تكون رمية الحائط السفلي إلى أسفل، ويترتب على ذلك نقص المسافة الأفقية للمنطقة التي حدث بها الصدع، وهذا عكس ما ينجم عن الصدع العادي.
3-
الصدوع المتدرجة أو السلمية Step Fault:
وهي عبارة عن مجموعة من الصدوع المتوازية التى ترمي كلها في اتجاه واحد وتؤدي إلي ظهور سطح الأرض بشكل درجات، ويستوي في ذلك إن كانت الصدوع عادة أو معكوسة.
4-
الصدع الزاحف أو المضاعف Overthrust Fault:
وهو يمثل مرحلة تالية للصداع المعكوس، ويحدث نتيجة لتزايد الضغط الجانبي بدرجة تؤدي إلى زحف الحائط المعلق فوق
الحائط السفلي، وفي هذه الحالة تختفي بعض الطبقات الحديثة تحت طبقات أقدم منها. وقد يحدث الصدع الزاحف كذلك نتيجة لزيادة الضغط الجانبي على إحدى الثنيات المستلقية؛ حيث تؤدي هذه الزيادة إلى تصدعها، وإذا استمر تزايد الضغط فقد يؤدي إلى زحف الجانب الأعلى لهذه الثنية وانفصاله تمامًا عن جانبها الأسفل. ويتكون من الجانب الزاحف في هذه الحالة ما يعرف باسم الناب Nappe "أو الثنية الزاحفة" أو "الغطاء الصخري الزاحف". وقد يؤدي استمرار الضغط الجانبي إلى زحف هذا الغطاء عشرات الكيلو مترات؛ إلا أن هذه العملية بطيئة جدًّا، وتستغرق مئات الألوف من السنين.
ومن الواضح أن "الغطاء الصخري الزاحف" يرتبط في نشأته بحركات الانثناء وحركات التصدع معًا، وأن القوة الرئيسية التي تسببه هي الضغط الجانبي.
5-
صدع التمزق Tear Fault:
هو يختلف عن الصدع العادي والصدع المعكوس في أن حركات الزحف فيه لا تكون من أسفل إلى أعلى أو العكس؛ بل تكون غالبًا في اتجاه أفقي، ويحدث الزحف الأفقي عادة نتيجة لتعرض قسمين متجاورين من التركيب الصخري لضغوط أفقية من اتجاهين متضادين؛ فقد يؤدي ذلك إلى تمزق هذا التركيب، وزحف جزء منه زحفًا أفقيًّا في اتجاه مضاد لزحف جزئه الآخر.
ويعتبر الصدع الذي يحدث في الثنية المستلقية والذي يؤدي إلى تكوين الغطاء الزاحف "أو الناب Nappe" الذي سبق الكلام عليه نوعًا من الصدوع الزاحفة، وقد يحدث أن يتصدع الغطاء عند زحفه بحيث يتخلف قسم منه عن بقية العطاء. ويحدث ذلك إذا ما اعترضت طريق هذه الغطاء قاعدة صلبة لا يستطيع زحزحتها أو كسرها، فيتخلف قسمه الأسفل بينما يستمر قسمه الأعلى في زحفه.
ويعتبر الصدع المعروف باسم الصدع الدوراني Rotational Fault نوعًا آخر من صدوع التمزق، وهو يحدث إذا تحركت الصخور بشكل دائري حول محول أفقي أو رأسي، وهذا النوع من التصدع هو الذي يؤدي غالبًا إلى حدوث الهزات الزلزالية، وهو على أي حال قليل الحدوث.
شكل "51" صدع عادي
شكل "52" صدع معكوس
شكل "53" صدوع سلمية
شكل "54" صدع تمزق
شكل "55" صدع دوراني
الأهمية الجغرافية للصدوع:
تظهر الأهمية الجغرافية للصدوع في كثير من جوانب الدراسات الجغرافية؛ فبالإضافة إلى أنها مظهر مهم من مظاهر سطح الأرض؛ فإنها هي المسئولة عن تكوين بعض المظاهر التضاريسية والأشكال الجيومورفولوجية المهمة، كما أنها تتدخل كذلك في نظام تصريف المياه السطحية وفي حركة المياه الجوفية وتكوين خزاناتها، وفي تكوين المصائد البترولية، وفي إظهار بعض الثروات المعدنية الموجودة في صخور القشرة، ومن الواضح أنها تؤدي كذلك إلى خلق بيئات متنوعة في مناطق حدوثها. وأنها تتدخل في توجيه طرق المواصلات، وفي توزيع مراكز العمران، وغير ذلك من مظاهر النشاط البشري، وفيما يلي شرح موجز لأهميتها في بعض النواحي الجغرافية المذكورة.
أهميتها في تشكيل سطح الأرض:
إن الصدوع في حد ذاتها تعتبر مظاهر فيزيوغرافية مهمة، وهي تأخذ كما سبق أن بينا أشكالًا متباينة، وبالإضافة إلى ذلك فإنها هي المسئولة عن تكوين بعض المظاهر التضاريسية المعروفة ومن أهمها:
1-
الوديان الصدعية "أو الانكسارية Rift Valleys أو Graben وهي تتكون نتيجة لحدوث صدعين متوازين "أو أكثر" وهبوط الأرض بينهما، وقد يحدث في نفس الوقت ارتفاع في الأرض الموجودة على جوانبهما الخارجية، وأشهر الوديان الصدعية في العالم هو الوادي الصدعي الأفريقي العظيم African Great Valley، ويبلغ طوله أكثر من ستة آلاف كيلو متر، وهو يبدأ من بحيرة مالاوى "نياسا" في شرق القارة ويتجه شمالًا حيث يتفرع في هضبة البحيرات إلى فرعين أحدهما غربي، وتقع فيه بحيرة تنجانيقا المتصلة بنهر الكنغو، وبحيرتا إدوارد وألبرت المتصلتان بنهر النيل، والآخر شرقي وتقع فيه بحيرة رودولف وسلسلة من البحيرات الأخرى الصغيرة. ويواصل هذا الفرع امتداده شمالًا ليضم خليج عدن والبحر الأحمر وخليج العقبة والبحر الميت وغور الأردن
1 هذه الكلمة مأخوذة من أصل ألماني.
شكل "56" هضبة صدعية
شكل "57" واد صدعي
شكل "58" امتداد الوادي الصدعي الأفريقي العظيم في شرق أفريقية وأهم البحيرات التي توجد في قاعه
وينتهي في سهل الغور بجنوب سوريا. ويعتبر وادي نهر الراين بين مرتفعات الفوج والغابة السوداء مثالًا واضحًا كذلك للوديان الصدعية.
2-
الهضاب الصدعية Horsts:
وهي تنشأ نتيجة لارتفاع الأرض بين صدعين متقابلين. وقد يحدث في نفس الوقت هبوط في الأرض الواقعة على جانبيهما الخارجيين، ومعنى ذلك أن الحركات التي تسببها تكون معاكسة للحركات التي تسببت الوديان الصدعية. وقد توجد سلسلة من الهضاب والوديان الصدعية متجاورة في منطقة واحدة على حسب عدد الانكسارات التي تحدث فيها. وتعتبر منطقة الفوج والغابة السوداء وهضبة بوهيميا في وسط أوروبا من أوضح الأمثلة على ذلك.
3-
الحافات الصدعية Fault Scarps:
ويقصد بها الحافات التي تتكون نتيجة لرمية الصدع إلى أسفل أو إلى أعلى؛ حيث يؤدي ذلك إلى ظهور القسم الأعلى من سطح الصدع بشكل حافة يختلف ارتفاعها على حسب مقدار الرمية، وتتوقف شدة انحدارها على مقدار زاوية ميل الصدع. وبمجرد ظهور هذه الحافة؛ فإنها تتعرض لعوامل التجوية وعوامل التعرية فتتآكل وتتراجع وتفقد كثيرًا من معالمها، وتتراكم الرواسب عند قاعدتها وتتكون منها بعض التلال الرسوبية والمراوح الفيضية Alluvial Fans.
وإذا لم تكن الحافة الصدعية قد تآكلت تمامًا؛ فقد تآكلت معالمها فمن الممكن الاستدلال عليها بعدة مظاهر منها أن يكون سطحها "هو نفسه سطح الأرض" مصقولًا نتيجة لاحتكاك جانبي الصدع ببعضهما عند انزلاقمها. وكثيرًا ما توجد على نفس السطح خدوش طويلة ممتدة في نفس اتجاه حركة الانزلاق، وهي تحدث نتيجة لوجود قطع صخرية شديدة الصلابة بين الجانبين المنزلقين وتحركها وهي مضغوطة بينهما على طول سطح الصدع أثناء حركة الانزلاق. ومن الممكن الاستدلال على هذه الحافات أيضًا بوجود رواسب معينة عند قاعدتها وأهمها ما يعرف بالدقيق الصخري Rock Flour وبريشيا الصدوع Fault B reccia، ويتكون الدقيق الصخري من رواسب ناعمة تتكون نتيجة لطحن بعض الصخور
على سطح الصدع عند حدوث الانزلاق، أما البريشيا فعبارة عن قطع صخرية ذات زوايا محددة وتتكون نتيجة لتحطيم الصخور المجاورة لسطح الصدع.
وإذا وجدت الحافة الصدعية في طريق أحد الأنهار؛ فإنها تؤدي إلى تكوين مسقط مائي Waterfall إذا كان النهر قادمًا من الجانب المرتفع للصدع أو تكوين بحيرة إذا كان قادمًا من جانبه المنخفض.
علاقة الصدوع بالمياه الجوفية ومصائد البترول:
إذا حدث التصدع في منطقة بها طبقة مياه جوفيه أو طبقة بترولية فإنه قد يؤدي إلى انبثاق الماء أو البترول عن طريق الصدع ووصوله إلى السطح. ويتوقف الارتفاع الذي تصل إليه المياه أو البترول على قوة الضغط الذي يقع على الطبقة الحاوية لها، وعلى منسوب المصدر الذي تتغذى منه هذه الطبقة؛ ولذلك فقد تندفع المياه أو البترول بعد وصولها إلى السطح بشكل نافورة، أو تنساب بهدوء، وقد لا تصل إلى السطح إما بسبب عدم وجود طريق لها إلى سطح الصدع، أو لعد وقوعها تحت أي ضغط.
وقد يؤدي تغير منسوب الطبقات على جانبي الصدع إلى حلول طبقات صماء محل الطبقة البترولية أو المائية على أحد جانبي الصدع فتنسد هذه الطبقة ويتجمع الماء أو البترول بشكل خزان. وهذه في الواقع هي إحدى الطرق المعروفة لتكون المصائد البترولية.
شكل "59" عين ماء صدعية
شكل "60" مصيدة بترولية صدعية