الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً مظاهر التكثف عند سطح الأرض
الضباب
…
4-
4-1-أولاً: مظاهر التكثف عند سطح الأرض أو البحر "الضباب-الندى-الصقيع".
أ- الضباب:
المقصود بالضباب هو بخار الماء المتكثف في الهواء المجاور لسطح الأرض بشكل جزيئات مائية صغيرة متطايرة بكميات يترتب عليها تقليل مدى الرؤية Visibility إلى أقل من كيلو متر واحد. وكثيرًا ما تكون الجزيئات المائية المكونة للضباب مختلطة بجزيئات دقيقة من الغبار أو الدخان العالق بالهواء، فيتكون في هذه الحالة نوع غير نظيف من الضباب. ومن أشهر الأمثلة عليه الضباب الذي يتكون في المناطق الصناعية التي يكثر فيها تصاعد الدخان من المصانع، والذي يشتهر في بريطانيا باسم Smog وهي كلمة مركبة من مقطعين مأخوذين من كلمتي Smoke "دخان" و Fog "ضباب".
ويعتبر هذا الضباب الدخاني من أهم ملوثات الهواء في مناطق تكاثره.
ويختلف الضباب في كثافته على حسب كمية بخار الماء المتكثف؛ فمنه ما يكون كثيفًا جدًّا بدرجة تمنع الرؤية إلى أبعد من بضعة أمتار، وهذا هو أخطر أنواع الضباب لأن جميع وسائل النقل والمواصلات تقريبًا تتعرض أثناءه لكثير من الحوادث؛ فالطائرات مثلًا على الرغم من أنها تطير عادة على ارتفاع كبير فوق مستوى الضباب؛ فإنها تتعرض عند هبوطها لحوادث تصادم خطيرة نتيجة لعدم رؤية الطيارين لسطح الأرض، ومن الضباب ما يكون خفيفًا جدًّا بحيث يمنع الرؤية إلى مسافات بعيدة فقط، أي إلى أبعد من كيلو متر واحد، وهذا النوع الخفيف هو الذي يشتهر باسم الشابورة Mist وهو النوع الذي يشاهد في مصر أحيانًا، في موسم الفيضان وفي الخريف؛ حيث يظهر في الصباح المبكر، ولكنه لا يلبث أن يختفي بتأثير أشعة الشمس التي تحوله إلى بخار مرة أخرى.
ضباب البر Land Fog:
ينشأ هذا الضباب فوق اليابس نتيجة لعدة عوامل، من أهمها انتقال هواء دافئ إلى منطقة سطحها أبرد منه نسبيًّا، كما يحدث في فصل الشتاء عندما ينتقل هواء بحري دافئ إلى اليابس الذي يكون باردًا نسبيًّا، أو ما يحدث عند تحرك هواء بحري دافئ إلى اليابس الذي يكون باردًا نسبيًّا، أو ما يحدث عند تحرك هواء دافئ نسبيًّا فوق سطح مغطى بالجليد، وقد يتكون الضباب كذلك فوق سطح الأرض في الليالي الصافية التي تعقب أيامًا حارة صحوة نتيجة لسرعة فقدان سطح الأرض لحرارته بالإشعاع أثناء الليل. ويساعد وجود ذرات الأتربة والدخان في الجو على تكون الضباب لأن هذه الذرات تكون بمثابة نوايات يتكثف فوقها بخار الماء. وهذا ما يحدث عادة في المدن الصناعية التي يكثر في جوها الدخان.
ومن الشروط الواجب توافرها لتكون الضباب أن يكون الجو ساكنًا تقريبًا؛ لأن الرياح السريعة تعمل على تشتيت بخار الماء المتكثف. ولهذا فإنه لا يتكون غالبًا إذا كانت سرعة الرياح أكثر من ثلاث عقدات في الساعة. كما أنه لا يتكون إذا كانت هناك تيارات هوائية صاعدة، وحتى إذا فرض وكان الضباب موجودًا بالفعل فإن سرعان ما يتلاشى إذا ظهرت هذه التيارات في الهواء أو إذا ازدادت سرعة هبوب الرياح. ومما يشترط لتكوين الضباب أيضًا أن يكون الهواء محملًا بنسبة عالية من الرطوبة.
ويتكون الضباب أحيانًا في قاع الوديان في آخر الليل وفي الصباح المبكر؛ لأن قاع الوديان يكون عندئذ أبرد نسبيًّا من المنحدرات التي حوله. والسبب في ذلك هو أن الهواء الذي يبرد على هذه المنحدرات يميل دائمًا للهبوط نحو المنخفضات بسبب ازدياد كثافته، ويكون ضباب الوديان غالبًا أشد كثافة من ضباب الأرض المسطحة.
ضباب البحر Sea Fog:
يظهر هذا الضباب عندما يمر هواء دافئ فوق سطح مائي بارد نسبيًّا، ويحدث ذلك مثلًا عندما يلتقي تياران مائيان أحدهما بارد والآخر دافئ، كما هي الحال في شمال غرب المحيط الأطلسي؛ حيث يلتقي تيار
الخليج الدافئ بتيار لبرادور البارد حول جزيرة نيوفوندلاند؛ فهنا تتكون طبقة كثيفة من الضباب نتيجة لانتقال الهواء الدافئ الرطب من فوق سطح تيار الخليج الدافئ إلى سطح تيار لبرادور البارد.
ويكثر هذا النوع من الضباب في المناطق البحرية المتاخمة لسواحل جنوب غرب إفريقية وشيلي وبيرو ومراكش وكاليفورنيا. والسبب في ذلك هو برودة مياه هذه المناطق خصوصًا في الأجزاء المجاورة للساحل مباشرة فإذا ما تحرك الهواء من ناحية البحر إلى اليابس أثناء النهار "نسيم البحر"؛ فإنه يمر قبل وصوله إلى الشاطئ على سطح المياه الباردة؛ فيتكثف ما به من بخار الماء ويظهر على شكل ضباب كثيف. وقد يتوغل هذا الضباب عدة كيلو مترات فوق اليابس؛ ولكنه سرعان ما يتلاشى؛ خصوصًا في الأيام الحارة، وقد يصل عدد الأيام والتي يظهر فيها الضباب على بعض هذه الشواطئ إلى 15 يومًا في العام، أما السبب في برودة مياه البحر بالقرب من هذه السواحل فيرجع إلى عاملين هما:
1-
وجود التيارات المائية الباردة التي تمر بها ومن أشهرها تيار بنجويلا في جنوب غرب إفريقية، وتيار بيرو في غرب أمريكا الجنوبية، وتيار كاليفورنيا في غرب أمريكا الشمالية.
2-
أن الرياح السائدة في هذه المناطق تهب من اليابس نحو البحر؛ ولذلك فإنها تدفع أمامها الطبقة السطحية من الماء بعيدًا عن الشاطئ، فتكشف بذلك المياه التي تحتها، وهي عادة أشد برودة منها.
ويلاحظ أن ضباب البحر لا يمكن أن ينشأ نتيجة لفقدان الحرارة بالإشعاع كما هي الحال في ضباب البر، وذلك لأن مدى التغير اليومي للحرارة فوق البحر أقل بكثير منه فوق اليابس. ويختلف سمك طبقة الضباب اختلافًا كبيرًا من مكان إلى آخر؛ ولكن الضباب البحري يكون عادة أقل سمكًا من الضباب البري، وكثيرًا ما يحدث أن تكون طبقة الضباب البحري قليلة الارتفاع لدرجة أن أطراف الساريات المرتفعة لبعض السفن تظهر بارزة فوقها.