الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخرائط لهذا الغرض الأخير هي التي ترسم على حسب المعدلات الشهرية؛ لأننا على أساسها يمكن أن نكون صورة واضحة لحالة الضغط الجوي في الأشهر والفصول المختلفة، وما يتبع ذلك من مظاهر مناخية أخرى، أما الخرائط التي ترسم على أساس المعدلات السنوية؛ فإنها قليلة الفائدة سواء بالنسبة لدراسة الأحوال الجوية من يوم إلى آخر، أو بالنسبة لدراسة المناخ عمومًا؛ لأنها لا تعطي صورة واضحة للتغيرات المناخية الفصلية، ولكنها مع ذلك قد تكون مفيدة في توضيح بعض المظاهر العامة.
ويلاحظ في توزيع خطوط الضغط المتساوى أنها تكون أحيانًا متقاربة وأحيانًا أخرى متباعدة، ولهذه الظاهرة أهمية كبرى في دراسة المناخ؛ وذلك لأنه كلما تقاربت الخطوط دل ذلك على شدة انحدار أو تدرج الضغط الجوي نحو المركز، ويعرف معدل التدرج حول هذا المركز باسم انحدار الضغط الجوي أو تدرجه أو ميله Pressure gradient، وهذا الانحدار له تأثير عظيم على قوة الرياح التي تكون قوية في حالة تقارب الخطوط وضعيفة في حالة تباعدها.
توزيع الضغط الجوي والدورة الهوائية العامة:
يتأثر الضغط الجوي في توزيعه على سطح الكرة الأرضية بعوامل مختلفة؛ أهمها درجة الحرارة وتوزيعها؛ فالمنطقة الحارة تكون عادة مركزًا لضغط منخفض حيث يسخن هواؤها ويتمدد ويرتفع إلى أعلى الجو بشكل تيارات صاعدة، ويحدث العكس في المنطقة الباردة التي يبرد هواؤها وتزداد كثافته ويهبط نحو سطح الأرض بشكل تيارات هابطة، ويؤدي هذا الاختلاف إلى أن الهواء الذي يرتفع فوق المنطقة الحارة يضطر للانتقال في أعلى الجو ليحل محل الهواء الذي يهبط تدريجيًّا نحو سطح الأرض في المنطقة الباردة، ومن هذه المنطقة الأخيرة يتحرك الهواء عند سطح الأرض نحو المنطقة الحارة ذات الضغط المنخفض ليحل محل الهواء الذي سخن وارتفع، وبهذه الطريقة تنشأ دورة هوائية خاصة يتحرك فيها الهواء حركتين متضادتين، الأولى عند سطح الأرض حيث يتحرك الهواء من المناطق الباردة ذات الضغط المرتفع إلى المناطق الدافئة ذات الضغط المنخفض، والثانية في
طبقات الجو العليا حيث يحدث العكس. وحركة الهواء في أعلى الجو هي التي تشتهر باسم "الرياح العليا أو العلوية" أما حركته عند سطح الأرض فرغم أنها تسمى أحيانًا بالرياح السفلية؛ إلا أن الاسم الشائع لها هو الرياح فقط، وذلك لأهميتها بالنسبة لجميع الدراسات الجغرافية، سواء منها ما يتعلق بحياة الإنسان والحيوان والنبات، أو ما يتعلق منها بالمظاهر الطبيعية لسطح الأرض؛ ولهذا السبب فإن هذه الرياح هي التي تهمنا غالبًا عند دراسة المناخ، ولكن يجب أن نلاحظ مع ذلك أن دراسة الرياح العليا تعتبر من الدراسات المهمة بالنسبة للمشتغلين بالطيران وعلوم الطبيعة. ويوضح شكل "106" الدورة الهوائية التي يمكن أن تحدث بين منطقتين إحداهما سطحها ساخن والثانية سطحها بارد.
شكل "106" حركة الهواء بين منطقتين إحداهما سطحها ساخن والثانية سطحها بارد
ويلاحظ أن هناك "دورة" هوائية عامة تشمل العالم بأكمله وهي موضح في شكل "107و 108"؛ فالهواء الذي يسخن في المنطقة الاستوائية يتمدد ويرتفع إلى أعلى التروبوسفير؛ حيث ينتشر في حركة أفقية ويتجه قسم منه نحو الشمال وآخر نحو الجنوب على شكل رياح عليا، ولما كان هذا الهواء يتحرك في الطبقات العليا من التروبوسفير، وهي باردة بطبيعتها؛ فإنه يأخذ في البرودة حتى إذا ما وصل إلى حوالي خط عرض 30 ْ اضطر قسم منه للهبوط نحو سطح الأرض