الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في جميع الفصول ثم يتزايد تدريجيًّا كلما بعدنا شمالًا أو جنوبًا بسب ازدياد الفرق بين درجة ميل الأشعة في فصل الشتاء عنها في فصل الصيف؛ ولكنه يكون في النصف الشمالي من العالم أكبر بكثير منه في النصف الجنوبي حيث تسود البحار، كما تبين من الجدول رقم "2"
خط العرض 10 ْ 30 ْ 40 ْ 60 ْ 80 ْ
المدى السنوي بالدرجات شمالًا 2 7 19 31 33
المئوية جنوبًا 2 6 6 8 31
جدول "2" متوسط المدى السنوي لدرجة الحرارة على بعض خطوط العرض المتقابلة في نصف الكرة الشمالي والجنوبي
ويبين شكل "98" المعدلات الشهرية لدرجة الحرارة في كل من:
1-
سنغافورة وهي ميناء بحري واقع في المنطقة الاستوائية على خط عرض 51 ْ درجة شمالًا تقريبًا.
2-
وادي حلفا وهي محطة صحراوية في شمال السودان على خط عرض 22 ْ درجة شمالًا.
ومن الواضح أن معدل درجة الحرارة في سنغافورة لا يتغير تغيرًا يذكر من شهر إلى آخر؛ وذلك على العكس من وادي حلفا، التي يزيد معدل درجة الحرارة فيها زيادة كبيرة في فصل الصيف عنه في فصل الشتاء.
العوامل التي تتحكم في درجة حرارة الجو:
تتوقف درجة حرارة الجو في أي مكان على عدة عوامل أهمها:
1-
موقعه الفلكي أي بالنسبة لخطوط العرض.
2-
تضاريسه.
3-
قربه أو بعده عن البحر.
4-
نوع الرياح التي يتعرض لها.
5-
وجود غطاءات نباتية حوله أو بالقرب منه.
6-
وجود غطاء جليدي حوله أو بالقرب منه.
شكل "97" توزيع معدلات المدى الحراري السنوي في العالم بالدرجات المئوية.
شكل "98" المعدلات الشهرية لدرجات الحرارة في سنغافورة ووادي حلفًا.
أولًا: الموقع الفلكي:
هذا الموقع هو الذي يحدد الزاوية التي تسقط بها أشعة الشمس على سطح الأرض، كما أنه هو الذي يحدد طول الليل والنهار في الفصول المختلفة؛ فعند خط الاستواء مثلًا تسقط الأشعة عمودية على سطح
الأرض في معظم أيام السنة، أما بالقرب من الدائرة القطبية فإن هذه الأشعة تسقط مائلة جدًّا خصوصًا في نصف السنة الشتوي، ومن المعروف أن الأشعة العمودية أقوى من الأشعة المائلة كما سبق أن أوضحنا عند الكلام على الإشعاع الشمسي.
ويزداد ميل الأشعة بصفة عامة كلما بعدنا عن المدارين واقتربنا من القطبين؛ فعند مدار السرطان مثلًا يكون نصيب أية بقعة فوق سطح الأرض من أشعة الشمس في ساعة معينة من ساعات النهار أكبر من نصيب أية بقعة أخرى إلى الشمال من ذلك في نفس الساعة على شرط أن تكون نسبة الغيوم ودرجة صفاء الجو واحدة في الحالتين. ولما كانت الشمس تتعامد على خط الاستواء في معظم أيام السنة؛ فإن المتوسط السنوي لما يصيب الأرض من الأشعة هناك يكون أكبر منه في العروض الأخرى، ويزداد الفرق كلما بعدنا عن خط الاستواء. ولكن يجب ألا يفهم من هذا أن خط الاستواء هو أشد مناطق العالم حرارة، وذلك لأن كثافة الحياة النباتية وغزارة الأمطار هناك يساعدان على خفض درجة الحرارة نوعًا ما.
كما يجب أن نلاحظ أيضًا أن ما تستفيده الأرض من أشعة الشمس يتوقف من ناحية أخى على طول النهار الذي يتوقف بدوره على خط العرض؛ فمن الحقائق الثابتة أن النهار يزداد طوله على حساب الليل في فصل الصيف؛ بينما يحدث العكس في فصل الشتاء، وتزداد هذه الظاهرة وضوحًا كلما بعدنا عن خط الاستواء، ولهذا فإنه على الرغم من أن المتوسط السنوي لما يصيب الأرض من أشعة الشمس عند القطبين صغير في جملته بالنسبة للعروض الأخرى؛ فإنه يكون في الفترة ما بين أول يونيو ومنتصف يوليو أكبر منه في أية منطقة أخرى من العالم، ويرجع هذا إلى أن الشمس تستمر ظاهرة طول هذه الفترة دون انقطاع؛ ولكن ليس معنى هذا أيضًا أن القطب يكون في هذه الفترة أشد حرارة من أية بقعة أخرى، وذلك لأن معظم الحرارة المكتسبة من الشمس تستنفذ في صهر طبقات الجليد السميكة التي تغطي المناطق القطبية بدلًا من أن تعمل على سرعة رفع درجة حرارة الهواء.
ثانيًا- التضاريس:
فمن المعروف أن درجة الحرارة تتناقص بصفة عامة كلما زاد الارتفاع، ويرجع ذلك للأسباب الآتية:
أ- أن الهواء يبرد ذاتيًّا نتيجة لارتفاعه وتخلخله.
ب- أن المواد العالقة بالهواء خصوصًا ذرات الأتربة تتناقص بالارتفاع، ومن الثابت أن وجود هذه المواد يساعد الهواء على امتصاص الحرارة من أشعة الشمس.
ج- أن الهواء الملاصق لسطح الأرض أو القريب منه يستفيد من الحرارة "المتشععة" من سطح الأرض "الإشعاع الأرضي"، ويتناقص تأثير هذا الإشعاع بطبيعة الحال كلما زاد الارتفاع.
د- في المناطق الجبلية يوجد عامل آخر يقلل من درجة الحرارة فوق المنحدرات المرتفعة بالنسبة للسهول المجاورة؛ وذلك أن أشعة الشمس عند سقوطها على الجبل لا تسقط في أغلب ساعات النهار إلا على جانب واحد من جوانبه، أما الجوانب الأخرى فتكون محرومة منها، وبدلًا من أن تكتسب مقادير جديدة من الحرارة فإنها تفقد حرارتها بالإشعاع، وفي أثناء الليل يزداد فقد هذه الحرارة؛ لأن فقدانها يكون من جميع جوانب الجبل على حد سواء.
والمعدل الذي تتناقص به درجة الحرارة بالارتفاع Lapse rate هو درجة واحدة مئوية لكل 150 مترًا؛ ولكن يلاحظ أن هذا المعدل تقريبي لأنه يتأثر بعوامل كثيرة من أهمها رطوبة الهواء وكمية السحب؛ ففي الجو الرطب الذي يكثر به بخار الماء يكون معدل التناقص أقل منه في الجو الجاف حيث أن بخار الماء يساعد الهواء على الاحتفاظ بحرارته لمدة طويلة نسبيًّا. وتساعد السحب كذلك على تقليل هذا المعدل لأنها تكون بمثابة غطاء يقلل من سرعة انتقال الحرارة من الطبقات التي تحتها إلى الطبقات التي فوقها.
مستوى التجمد وخط الثلج الدائم:
المقصود بمستوى التجمد Freezing Level هو المستوى الذي تنخفص فيه درجة حرارة الجو إلى درجة التجمد، ويختلف ارتفاع هذا المستوى اختلافًا بسيطًا في الهواء عنه فوق الجبال
المجاورة له؛ فنظرًا لأن اليابس يفقد حرارته بسرعة؛ فإن مستوى التجمد على الجبال يكون أقل ارتفاعًا نوعًا ما منه في الهواء القريب منها. ولو كان هواء الجبال محملًا ببخار الماء؛ فإن هذا البخار يتحول إلى ثلج ويتراكم على قمم الجبال، ويتحول بالتدريج إلى جليد. ويطلق على الحد الأسفل للأجزاء التي يغطيها الثلج المتراكم اسم خط الثلج Snow Line؛ بينما يطلق "خط الثلج الدائم" على الحد الأسفل للأجزاء التي يبقى عليها الغطاء الثلجي طول السنة. ويختلف ارتفاع هذا الخط من مكان إلى آخر على حسب درجة حرارة الهواء ورطوبته؛ ففي الأقاليم الحارة يكون هذا الخط أعلى "بالنسبة لسطح البحر" منه في الأقاليم المعتدلة والباردة، ويتناقص ارتفاعه كلما اقتربنا من القطبين حتى يصل إلى مستوى سطح البحر فتتغطى الأرض كلها بالجليد، وكلما زادت كمية بخار الماء في الهواء أدى ذلك إلى كثرة تساقط الثلج بخلاف الحال في الهواء الجاف؛ حيث لا تكون كمية البخار كافية لتكوين الثلج بكميات تكفي لتغطية الأرض. وفي نصف الكرة الشمالي يكون، خط الثلج الدائم غالبًا أعلى على المنحدرات الجنوبية للجبال منه على المنحدرات الشمالية لنفس الجبال؛ لأن نصيب المنحدرات الجنوبية للجبال منه على المنحدرات الشمالية لنفس الجبال؛ لأن نصيب المنحدرات الجنوبية من أشعة الشمس يكون أكبر من نصيب المنحدرات الشمالية. ويحدث عكس ذلك في نصف الكرة الجنوبي. ولنفس السبب فإن هذا الخط يكون على المنحدرات الغربية عمومًا أعلى منه على المنحدرات الشرقية.
انعكاس التناقص الحراري بالارتفاع:
على الرغم من أن القاعدة العامة هي تناقص درجة الحرارة بالارتفاع؛ فقد يحدث في ظروف خاصة أن تنعكس الآية بحيث تكون درجة الحرارة في المستويات العليا أعلى منها في المستويات السفلى. ويكثر حدوث هذه الظاهرة في الحالات الآتية:
1-
في الوديان الجبلية عندما ينحدر الهواء البارد بسبب ثقله من المنحدرات العليا للجبال نحو قاع الوديان؛ حيث يتجمع أحيانًا بشكل بحيرات من الهواء البارد. وحركة الهواء من
المنحدرات العليا نحو قاع الوديان بالليل هي التي تعرف باسم "نسيم الجبل".
2-
عندما يلتقي هواء بارد مع هواء دافئ؛ ففي هذه الحالة يصعد الهواء الدافئ بسبب قلة كثافته نسبيًّا فوق الهواء البارد، وهي ظاهرة مرتبطة بنشأة الأعاصير. ومثل هذا يحدث أيضًا عندما يتحرك تيار هوائي دافئ من منطقة مرتفعة حارة ليمر في أعلى الجو فوق منطقة سهلية أقل حرارة من المنطقة التي جاء منها.
ثالثاً: القرب من البحر.
إن وجود أي مسطحات مائية يكون له عادة أثر ملطف على درجة الحرارة؛ وذلك لأن الماء، كما سبق أن أوضحنا، يسخن أثناء النهار ويبرد أثناء الليل بسرعة أقل من السرعة التي يسخن بها اليابس أو يبرد، وكلما كانت مساحة المسطح المائي كبيرة وكانت الرياح السائدة تهب منه نحو اليابس كان تأثيره أكبر. وتعتبر التيارات البحرية التي تمر بها بكثير من السواحل، وخصوصًا السواحل المطلة على المحيطات من أهم العوامل التي تقوم بتوزيع الحرارة على السواحل؛ فهي تنقل إليها الدفء إن كانت آتية من جهات أدفأ منها، أو تنقل إليها البرودة إن كانت آتية من جهات أبرد.
والواقع أن تأثير البحر على المناخ تأثير واضح وقوي بحيث أصبح من الممكن التمييز بين نوعين مختلفين من المناخ أحدهما بحري Marine والثاني قاري Continental وفيه يختفي هذا الأثر أو يكاد. ويظهر المناخ الأول في الجزر والبلاد الساحلية، وخصوصًا إذا كانت الرياح السائدة تهب عليها من ناحية البحر. أما الثاني فيظهر في قلب اليابس وخصوصًا في أواسط الكتل القارية الكبرى. ومن أهم الفروق بين النوعين أن المدى الحراري في النوع البحري يكون صغيرًا مما يجعله لطيفًا في فصل الصيف ومعتدلًا في فصل الشتاء؛ بينما يكون هذا المدى كبير في النوع القاري مما يجعله شديد الحرارة صيفًا وشديد البرودة شتاءً. كما أن الفرق بين درجة حرارة ليله ودرجة حرارة نهاره يكون هو الآخر كبيرًا.