الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واسعة، وحلت محلها زراعة بعض المحاصيل التي أهمها القمح والبطاطس والبنجر والشوفان، ولا تزال توجد مع ذلك مساحات واسعة منها في بعض البلاد خصوصًا في غرب روسيا، وتتناقص هذه الغابات كلما توغلنا في أوروبا نحو الشرق تبعًا لتناقص الأمطار حتى تختفي تقريبًا عند جبال أورال؛ إلا أنها لا تلبث أن تظهر من جديد في شرق آسيا حيث تغطي مساحات واسعة في منشوريا واليابان وفي أمريكا الشمالية توجد الغابات النفضية بصفة خاصة في شمال غرب الولايات المتحدة وغرب كندا.
شكل 132 غابة نفضية في فصل الشتاء
وتعتبر الغابات النفضية عمومًا من أهم موارد الأخشاب في العالم خصوصًا فيما يتعلق بالأخشاب الصلبة، وأهم الأشجار التي تنمو بها هي أشجار البلوط والزان والبوداق "لسان العصفور" والغرغار Ash والاسفندان والقسطل Elm والجور.
2-
الغابات الصنوبرية "أو المخروطية
":
هذه الغابات هي من أهم النباتات الطبيعية التي تنمو في العروض المعتدلة الباردة في نصف الكرة الشمالي، وهي تغطي مساحات واسعة في أرواسيا وأمريكا الشمالية؛ وذلك إلى الشمال من خط عرض 50 ْ تقريبًا في أوراسيا و 45 ْ في
أمريكا، أما حدها الشمالي فيتفق عمومًا مع خط حرارة 10 ْمئوية لأدفأ الشهور؛ حيث إن الأشجار لا تستطيع النمو إذا كان هناك شهر واحد على الأقل يرتفع معدل درجة حرارته إلى 10 ْمئوية أو أكثر.
ويلاحظ أن الانتقال بين الغابات الصنوبرية والصحارى الجيلدية التي تمتد إلى الشمال منها، وبينها الغابات النفضية التي تنتشر إلى الجنوب منها يكون غالبًا تدريجيًّا؛ فمن ناحية الشمال تتناقص كثافة الغابات ويتناقص حجم أشجارها كلما اقتربنا من القطبين. ويطل اسم التايجا "Taiga" في شمال أوراسيا على القسم الشمالي من الغابات الصنوبرية الذي يمثل مرحلة الانتقال بين الغابات الصنوبوية ذات الأشجار الضخمة في الجنوب وإقليم التندرا في الشمال، وهو يتكون في جملته من أشجار متقاربة ذات جذوع رفيعة وقصيرة نسبيًّا "شكل 133"، ولكن كثيرًا ما يطلق اسم التايجا بصفة عامة على كل نطاق الغابات الصنوبرية في شمال أوراسيا وأمريكا الشمالية. ويلاحظ أن هذه الغابات تختلط من
شكل "133" غابة صنوبرية من نوع التايجا
ناحية الجنوب في كثير من المناطق بالأشجار النفضية ويتكون من النوعين غابات مختلطة، كما سبق أن ذكرنا عند الكلام على الغابات النفضية.
وتنمو الغابات الصنوبرية فضلًا عما تقدم على المنحدرات المرتفعة للجبال في الأقاليم المعتدلة الدافئة أو المدارية؛ وذلك في المستويات التي تتفق ظروفها المناخية مع ما يلزم لنمو هذه الغابات "شكل 134".
وتمتاز أشجار الغابات الصنوبرية بأنها مخروطية الشكل مستقيمة الجذوع بصفة عامة وبأن أوراقها إبرية سميكة تغطيها طبقة صمغية تحول دون فقدان مياهها وعصارتها بالتبخر، ولا تسقط هذه الأوراق في أي فصل من الفصول؛ ولكنها تكون في حالة سكون خلال الفصل البارد، ثم تبدأ في النمو بسرعة عندما يرتفع المعدل اليومي لدرجة الحرارة إلى 56 ْمئوية في بداية الصيف؛ وذلك دون حاجة إلى إضاعة بعض أيام فصل النمو القصير في تكوين أوراق جديدة كما يحدث مثلًا في الغابات النفضية التي تنمو في الأقاليم الأكثر دفئًا.
ويمكننا أن نلخص أهم أوجه الاختلاف بين الغابات الصنوبرية من جهة، والغابات النفضية من جهة أخرى فيما يلي:
شكل "134" غابات صنوبرية كثيفة على أحد الجبال
1-
الغابات الصنوبرية دائمة الاخضرار1، أما النفضية فتسقط أوراقها في فصل الشتاء.
2-
النباتات الصنوبرية أوراقها إبرية أما النفضية فعريضة الأوراق.
3-
أخشاب الغابات الصنوبرية معظمها من النوع اللين أما الغابات النفضية فمعظم أخشابها من النوع الصلب.
4-
تحتاج الغابات الصنوبرية إلى أمطار أقل مما تحتاج إليه الغابات النفضية؛ إذ يكفي لنموها سقوط 25 سنتيمترًا فقط خلال فصل النمو؛ ولهذا فإنها تمتد بدون انقطاع تقريبًا على شمال أوراسيا وأمريكا الشمالية.
5-
تحتاج الغابات الصنوبرية إلى درجة حرارة أقل وفصل نمو أقصر مما تحتاج إليه الغابات النفضية.
6-
تستطيع الغابات الصنوبرية أن تنمو في بعض أنواع التربة الفقيرة التي لا تصلح لنمو الغابات النفضية؛ ففي شرق الولايات المتحدة مثلًا نجد أن الغابات الصنوبرية تحتل بعض المناطق الساحلية ذات التربة الرملية، وذلك في نطاق الغابات النفضية:
7-
تمتاز الغابات الصنوبرية بقلة ما ينمو بين أشجارها من نباتات صغيرة، ويرجع ذلك بصفة خاصة إلى قلة ما يصل إلى سطح الأرض من ضوء الشمس بسبب تقارب الأشجار ودوام اخضرارها، أما في الغابات النفضية فتنمو بين الأشجار حياة نباتية كثيفة مكونة من حشائش وشجيرات، ويساعد على ظهورها كون الأشجار تنفض أوراقها في فترة من السنة، مما يسمح لأشعة الشمس بالوصول إلى سطح الأرض.
والغابات الصنوبرية هي أهم مورد للأخشاب اللينة في العالم. وأهم أنواع الأشجار التي تنمو بها هي الصنوبر Pine والشربين والشوكران Fir واللاريس Larch كما تنمو أشجار الأرز Cedar والسرو Cypress
1 يوجد في بعض الأقاليم الباردة القارية في شرق آسيا نوع من الغابات الصنوبرية التي تنفض أوراقها في الشتاء بسبب قسوة البرودة، وتعرف باسم الغابات النفضية.
بكثرة على منحدرات الجبال المرتفعة في الأقاليم الدافئة أو الحارة كما هي الحال في المناطق الجبلية في حوض البحر المتوسط وهضبة الحبشة وشرق أفريقية.
ويوجد أكبر نطاق من الغابات الصنوبرية في العالم في شمال أوراسيا، كما يوجد منها نطاق عظيم آخر في شمال أمريكا الشمالية ما بين المحيطين الأطلسي والهادي في كندا وشمال الولايات المتحدة، كما ينمو الكثير منها على منحدرات الجبال في العروض المعتدلة الدافئة في غرب الولايات المتحدة، وهي تتميز هنا بضخامة أشجارها وجودة أخشابها مما يجعل لها أهمية اقتصادية عظيمة، وينطبق هذا بصفة خاصة على الغابات التي تنمو على منحدرات السلاسل الغربية لجبال روكي الشمال ويمتد حتى المكسيك في الجنوب؛ ففي هذا النطاق تنمو أجود أنواع الأشجار الصنوبرية في العالم، ومن أهمها نوع من الشربين يطلق عليه اسم Douglas Fir ويزيد ارتفاع شجرته أحيانًا على 150 مترًا ويزيد قطر جذعها على مترين، ويشبهه في ذلك نوع من أشجار الغابات الصنوبرية المعروفة باسم
شكل "135" إحدى الغابات الصنوبرية الحمراء في كاليفورنيا، لاحظ ضخامة جذوع الأشجار واستقامتها، وما ينمو بينها من نباتات صغيرة، ثم قارن هذا الشكل بشكل "133" التايجا
الغابات الحمراء "Redwood "وهي موجودة بصفة خاصة في كاليفورنيا "انظر شكل 135".
وقد كانت الغابات الصنوبرية تغطي كذلك مساحات واسعة في شرق الولايات المتحدة وكندا؛ ولكنها أزيلت من مناطق كثيرة لإحلال الزراعة محلها من جهة والاستفادة بأخشابها من جهة أخرى، وقد بدأت هاتان الدولتان تتبعان في الوقت الحاضر سياسة ترمي إلى تنظيم استغلال الغابات والمحافظة عليها، وتعتبر الغابات التي تنتشر على المنحدرات الغربية لجبال روكي أعظم مورد للأخشاب في الولايات المتحدة في الوقت الحاضر، وتليها في ذلك الغابات التي تنتشر في الولايات المتحدة الجنوبية الشرقية للبلاد.
أما في نصف الكرة الجنوبي فلا توجد الغابات الصنوبرية إلا في مناطق صغيرة في غرب وجنوب أمريكا الجنوبية؛ وذلك لضيق اليابس وعظم امتداده كثيرًا في العروض الجنوبية الباردة.
والحيوانات التي تعيش في الغابات المعتدلة الباردة سواء في ذلك الغابات النفضية أو الغابات الصنوبرية قليلة بصفة عامة، وهي تشمل بعض أنواع الطيور التي تعيش على الفاكهة أو على ما تلتقطه من الحشرات، ثم بعض الحيوانات القارضة Rodents مثل السنجاب، الذي يعيش على الحبوب الجافة، والأرانب التي تعيش على الحشائش، ثم بعض القطط المتوحشة والثعالب والدببة والذئاب كما يعيش بها نوع ضخم من الغزال يطلق عليه اسم Moose أو Elk وتوجد هذه الحيوانات بصفة خاصة في غابات شمال أوراسيا وأمريكا الشمالية.
وإلى جانب حرفة قطع الأشجار وتصدير أخشابها، وهي من أهم الحرف التي يقوم بها السكان في أقاليم الغابات الصنوبرية، توجد كذلك حرف أخرى مهمة منها حرفة صيد الحيوانات ذات الفراء مثل الثعالب والأرانب، كما توجد بعض الصناعات المهمة مثل صناعة عيدان الثقاب وصناعة الورق من لب الخشب، وتزرع في هذه المناطق كذلك بعض المحصولات التي أهمها الشعير والشوفان والقمح؛ وذلك في الأماكن التي أزيلت منها الغابات.