الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعاً: نوع الرياح.
فالرياح التي تهب من مناطق حارة تجلب الدفء، أما الرياح التي تهب من مناطق باردة فتجلب البرودة، ويمكننا أن نلحظ هذا بسهولة في بعض أيام فصل الربيع أو فصل الخريف عندما تتعرض الأجزاء الشمالية من مصر لبعض الاضطرابات الإعصارية؛ حيث أن هذه الاضطرابات قد تؤدي إلى هبوب رياح صحراوية شديدة الحرارة يترتب عليها حدوث موجات حارة جدًّا، أو هبوب رياح شديدة البرودة تؤدي إلى حدوث موجات من البرد القارس.
خامساً: الغطاء النباتي.
فهو يعمل على تلطيف حرارة الجو؛ لأن النباتات لها تأثير مشابه إلى حد ما لتأثير المسطحات المائية، بسبب ما ينطلق منها باستمرار من أبخرة نتيجة لعملية النحت. وبسبب حمايتها للأرض التي تغطيها من التأثير المباشر لأشعة الشمس. وقد سبق أن ذكرنا أن كثافة الحياة النباتية عند خط الاستواء تعتبر من أهم الأسباب التي تقلل نوعًا ما من تأثير الأشعة الحرارية. وليس من شك في أن الغطاء النباتي هو السبب الرئيسي في أن جو الريف يكون ألطف في فصل الصيف من جو المدن.
سادساً: الغطاء الجليدي.
أن وجود غطاء جليدي على سطح الأرض من شأنه أن يضعف من تأثير أشعة الشمس على حرارة الجو لعدة أسباب: أهمها: أن سطح الجليد اللامع يعكس قسمًا كبيرًا من الحرارة التي يمتصها تستخدم في صهره أن كانت درجة حرارة الجو أعلى من درجة الانصهار، وهو ما يحدث في فصل الصيف؛ ففي الأقاليم القطبية مثلًا نجد أن على الرغم من أن الشمس تظل ظاهرة باستمرار عند القطب طوال نصف السنة الصيفي؛ فإن معظم ما يستفيده الجو من حرارتها يستنفد في صهر الجليد بدلًا من أن يؤدي إلى رفع درجة حرارة الجو ارتفاعًا يتناسب مع كمية الأشعة.
توضيح توزيع الحرارة على الخرائط:
يوضح هذا التوزيع بواسطة خطوط تعرف باسم خطوط الحرارة المتساوية Isotherms وهي خطوط ترسم على الخريطة لتوصيل الأماكن التي تتساوى معدلاتها الحرارية؛ سواء أكانت تلك المعدلات لشهر معين أو للسنة بأكملها،
وذلك بعد تعديل المعدلات التي تنشرها المراصد المختلفة؛ لكي تمثل درجة الحرارة عند مستوى سطح البحر. ويجري هذا التعديل عادة بإضافة درجة واحدة مئوية لكل ارتفاع قدره 150 مترًا.
وتستخدم هذه الخطوط لتوضيح توزيع الحرارة في القارات أو في العالم أو في المناطق الواسعة، أما في المناطق الصغيرة فترسم الخطوط الحرارية على أساس المتوسطات الفعلية دون تعديلها لتمثل الحالة عند سطح البحر.
وتبين الخريطتان "شكل 99" و "شكل 100" خطوط الحرارة المتساوية في العالم لشهري يناير ويوليو على الترتيب، ويتضح منها أن معظم الخطوط تتجه بصفة عامة بين الشرق والغرب؛ ولكن لا يشترط مع ذلك أن تكون موازية لخطوط العرض حيث أنها تتعرج في مواضع مختلفة نتيجة لعدة عوامل أهمها:
شكل "99" خطوط الحرارة المتساوية الرئيسية لشهر يناير
1-
توزيع الماء واليابس:
ففي فصل الشتاء يكون اليابس عمومًا أشد برودة من الماء؛ بينما يحدث العكس في فصل الصيف، ونظرًا لاتساع اليابس في نصف الكرة الشمالي واختلاطه بالبحار؛ فإن خطوط الحرارة المتساوية تبدو كثيرة التعاريج. أما في نصف الكرة الجنوبي فتسود البحار، ولهذا السبب نجد أن خطوط
الحرارة المتساوية تكون أقل تعرجًا منها في الشمال، كما أنها تمتد موازية لخطوط العرض تقريبًا.
ويلاحظ أننا إذا تتبعنا الخط الذي يصل بين أشد بقاع العالم حرارة "أي بين الأماكن التي تسجل فيها أعلى معدلات سنوية للحرارة" نجد أنه لا ينطبق على خط الاستواء الفلكي؛ بل يمتد غالبًا إلى الشمال منه، ويزداد البعد بينهما فوق القارات عنه فوق المحيطات، وهذا الخط الحراري هو الذي يشتهر باسم "خط الاستواء الحراري"، وامتداده بهذا الشكل يعتبر كذلك نتيجة من نتائج اتساع اليابس في نصف الكرة الشمالي عنه في نصفها الجنوبي.
2-
التيارات البحرية التي تمر بسواحل القارات:
فهي تعمل على تدفئة هذه السواحل إن كانت آتية من جهات أدفأ منها أو على خفض درجة حرارتها إن كانت آتية من جهات أبرد منها. وأثر التيارات البحرية في توجيه خطوط الحرارة المتساوية يظهر بوضوح جدًّا عند السواحل الغربية لجنوب أفريقيا وأمريكا الجنوبية؛ حيث نجد أن خط 20 ْم "68 ْ" ف سواء في شهر يناير أو في شهر يوليو يغير اتجاهه فجأة وينحرف نحو الشمال تحت تأثير تيار بنجويلة البارد في جنوب غرب أفريقية وتيار همبولت البارد في جنوب غرب أمريكا الجنوبية. وكذلك في النصف الشمالي من المحيط الأطلسي تنحرف خطوط الحرارة المتساوية نحو الشمال في القسم الشرقي من المحيط بتأثير تيار الخليج الدافئ الذي يرجع إليه الفضل في تدفئة سواحل شمالي غرب أوروبا، وبقائها مفتوحة للملاحة طول السنة. أما في الغرب فإن هذه الخطوط تنحرف نحو الجنوب أمام السواحل الشرقية لكندا وشمال شرق الولايات المتحدة بتأثير تيار لبرادور البارد. وكذلك على الساحل الغربي لأمريكا الشمالية نجد أن تيار كاليفورنيا البارد في شرق المحيط الهادي بسبب انحراف خطوط الحرارة المتساوية بصورة واضحة نحو الجنوب؛ بينما يؤدي تيار اليابان الدافئ "كيروسيفو" في الشمال إلى انحرافها شمالًا أمام سواحل غرب كندا وألاسكا، وذلك بصورة مشابهة لما يفعله تيار الخليج أمام سواحل شمال غرب أوروبا.
شكل "100" خطوط الحرارة المتساوية الرئيسية لشهر يوليو
المناطق الحرارية العامة
يعتبر اليونان القدماء وفي مقدمتهم أرسطو الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد من أول الذين حاولوا تقسيم العالم إلى أقاليم مناخية، والواقع أن كلمة مناخ " Cilimate" نفسها مأخوذة من كلمة يونانية معناها يميل أو ينحرف1.
وذلك لأن تقسيم اليونانين للعالم إلى أقاليم مناخية كان مبنيًّا على أساس درجة الميل التي تسقط بها أشعة الشمس على سطح الأرض؛ فالمنطقة المناخية كانت في نظرهم هي المنطقة التي يكون ميل أشعة الشمس على جميع أجزائها واحدًا بصفة عامة في وقت الظهر. ولما كانت درجة ميل أشعة الشمس تتمشى غالبًا مع خطوط العرض فقد استخدم اليونانيون هذه الخطوط لتقسيم سطح الكرة الأرضية إلى مناطق حرارية عامة كما يأتي:
1-
المنطقة الحارة:
ما بين مداري السرطان والجدي.
1 Meteorogical Office " London" Meteorological Glossary " 1939. p.45
2-
المنطقتان المعتدلتان:
الشمالية ما بين مدار السرطان والدائرة القطبية الشمالية والجنوبية ما بين مدار الجدي والدائرة القطبية الجنوبية.
3-
المنطقتان المعتدلتان:
الشمالية ما بين مدار السرطان والدائرة القطبية الشمالية ثم الجنوبية ما بين مدار الجدي والدائرة القطبية الجنوبية.
4-
المنطقتان الباردتان:
إلى الشمال من الدائرة القطبية الشمالية وإلى الجنوب من الدائرة القطبية الجنوبية.
وعلى الرغم من أن الأرصاد الجوية والدراسات المناخية الحديثة أثبت أن المناخ لا يتمشى في كثير من الأحيان مع خطوط العرض؛ فقد ظل التقسيم اليوناني معمولًا به حتى وقت قريب جدًّا، ولو أنه قد أدخلت عليه حديثًا بعض التعديلات التي قسمت بمقتضاها المناطق الكبرى المذكورة إلى مناطق أصغر منها على أساس كمية الأمطار ونظام سقوطها وأثرها في تنوع الحياة النباتية الطبيعية، وتوزيعها العام على سطح الأرض؛ فقسمت المنطقة الحارة مثلًا إلى ثلاثة مناطق هي منطقة الغابات الاستوائية حول خط الاستواء نفسه، ويليها شمالًا وجنوبًا منطقة الحشائش المدارية أو السفانا، وهذه يليها شمالًا وجنوبًا منطقة الصحارى المدارية الحارة، وكذلك في المنطقتين المعتدلتين أمكن التمييز بين مناخ البلاد الواقعة على السواحل الغربية للقارات، ومناخ البلاد الواقعة على سواحلها الشرقية، ثم بين مناخ هذه البلاد ومناخ البلاد الواقعة في داخل القارات.. وهكذا.
وفضلًا عن ذلك ظهر اتجاه حديث آخر لتقسيم العالم إلى مناطق حرارية على أساس خطوط الحرارة المتساوية، أو بعبارة أخرى على أساس المعدلات الشهرية لدرجة الحرارة؛ وذلك بصرف النظر عن خطوط العرض، وهذا هو الاتجاه المعترف به بين معظم الجغرافيين في الوقت الحاضر.
المناطق الحرارية التي اقترحها كوبن W. Koppen:
ميز هذا الباحث المناطق الحرارية بعضها عن بعض على أساس طول الفصل الدافئ أو الفصل البارد في كل منطقة منها ثم على أساس معدل درجة
الحرارة في كل فصل من هذين الفصلين، وتتلخص المناطق الحرارية التي اقترحها فيما يلي:
1-
منطقة مدارية حارة:
فيها لا يقل معدل درجة الحرارة في أي شهر من شهور السنة عن 18 ْ مئوية.
2-
منطقة شبه مدارية:
وتتميز بوجود فصل يترواح طوله ما بين ثلاثة أشهر وثمانية، ويكون معدل درجة الحرارة أثناءه أعلي من 10 ْ وأقل من 18 ْ مئوية، أما باقي أشهر السنة؛ فيجب ألا ينخفض متوسط درجة حرارتها عن 18 ْ.
3-
منطقة معتدلة:
تتميز بوجود فصل دافئ طويل يشمل أربعة أشهر على الأقل، وربما يشمل السنة بأكملها، ويتراوح معدل درجة الحرارة أثناءه ما بين 10 ْ و 18 ْ مئوية، أما باقي الأشهر فينخفض معدلها الحراري عن 10 ْ.
شكل "101" المناطق الحرارية التي اقترحها كوبن
4-
منطقة باردة:
يكون فيها الفصل الدافئ أقصر منه في المنطقة المعتدلة، ويتراوح طوله ما بين شهر وأربعة أشهر ومعدل درجة حرارته ما بين 10 ْ و 18 ْ مئوية.
5-
منطقة قطبية:
وفيها يكون معدل درجة الحرارة في جميع شهور السنة أقل من 10 ْ.
المناطق الحرارية التي اقترحها أوستن ملر Austin Miller:
يمتاز تقسيم أوستن ملر للمناطق الحرارية بأنه يعتمد في تحديد فصل البرودة في العروض الوسطى على المعدل الحراري 6 ْ مئوية "43 ْ ف"؛ وذلك لأن هذا المعدل له أهمية خاصة بالنسبة للحياة النباتية بصفة عامة؛ فمن المتفق عليه بين كثير من الباحثين أن معظم نباتات المنطقة المعتدلة لا يمكنها أن تنمو إلا إذا كان المعدل اليومي لدرجة الحرارة أعلى من 6 ْ مئوية، ويتلخص التقسيم الذي اقترحه أوستن ملر للمناطق الحرارية العامة فيما يلي:
1-
مناطق حارة لا ينخفض المعدل الشهري لدرجة الحرارة فيها عن 18 ْ مئوية في أي شهر من شهور السنة.
2-
مناطق معتدلة دافئة "أو شبه مدارية" لا ينخفض معدل درجة حرارة أي شهر من الشهر فيها عن 6 ْ م "43 ْ ف".
3-
مناطق معتدلة باردة تتميز بوجود فصل شديد البرودة يتراوح طوله ما بين شهر وخمسة أشهر، ويكون معدل درجة الحرارة أثناءه أقل من 6 ْ م.
4-
مناطق باردة يزداد فيها طول الفصل البارد بحيث يشغل من 6 إلى 9 أشهر، ويكون معدل درجة الحرارة أثناءه أقل من 6 ْ م.
5-
مناطق قطبية يوجد في بعضها فصل دافئ قصير لا يزيد على ثلاثة أشهر، ويكون معدل درجة الحرارة أثناءه أكثر من 6 ْم أما بعضها الآخر فشديد البرودة جدًّا طول السنة؛ بحيث لا يرتفع المعدل الحراري في أي شهر من الشهور عن الصفر المئوي، وتتغطى الأرض غالبًا بطبقة من الثلج الدائم.