الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتعتبر الرمال الصحراوية في مختلف العالم أكثر المواد الناتجة عن تجوية الجرانيت انتشارًا على سطح الأرض، وهي عبارة عن حبات كوارتزية متباينة الأحجام. وتعتبر المواد الطينية والصلصالية كذلك من أهم المواد التي تنتج عن تجوية هذا الصخر، وهي تنتج عادة من تحلل معادن الفلسبار التي تعتبر من أهم مركباته.
وتوجد في مختلف جهات العالم نطاقات كبيرة من المرتفعات التي تتكون من الصخور الجرانيتية وأغلبها كانت في الأصل تكوينات جوفية من نوع الباثوليت أو اللاكوكيث، ثم أدت حركات القشرة الأرضية وعوامل التعرية إلى ظهورها على السطح، ومن أمثلتها في إفريقيا معظم هضاب وسط القارة وجنوبها ومرتفعات البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء.
الفلسيت felsite: وهو غالبًا صخر متدخل، وتتكون منه كثير من القواطع Dykes والعتبات Sills، وهو يشبه الجرانيت في تركيبه، ولكن بلوراته دقيقة جدًّا حتى أنها لا ترى غالبًا إلا بالمجهر، وذلك بسبب التصلب السريع للمواد المنصهرة التي يتكون منها عند اندفاعها خلال الصخور الأخرى، حيث أنها تندفع بشكل أعمدة طولية قليلة السمك، كما يحدث عند تكون القواطع، أو بشكل طبقات رقيقة كما يحدث عند تكوين العتبات.
ثانياً:
الصخور الرسوبية
Sedimentary Rocks.
صفاتها العامة:
تغطي هذه الصخور حوالي 75% من المساحة الكلية لليابس، ولكنها مع ذلك لا تمثل إلا 5% فقط من حجم القشرة الأرضية؛ بينما يكون العكس بالنسبة للصخور النارية والمتحولة التي لا تظهر على السطح إلا في حوالي 25% فقط من مساحة اليابس؛ بينما تمثل 95% من تركيب القشرة. وتوجد هذه الصخور عادة في طبقات متتابعة؛ ولذلك فإنها تسمى كذلك بالصخور الطبقية Stratified Rocks، ويكون تتابعها عادة متفقًا مع ترتيب العصور التي تكونت
أثناءها بحيث يكون القديم منها تحت الأحدث منه، ومع ذلك فقد أدت الحركات الأرضية وعوامل التعرية إلى اختلال هذا التتابع في كثير من المناطق.
وتتميز الصخور الرسوبية بكثرة ما بها من حفريات Fossils، وهي البقايا والآثار الحيوانية والنباتية التي توجد في طبقاتها. وتعتبر هذه الحفريات من أهم وسائل دراسة الصخور؛ لأنها تبين بوضوح عمر الطبقات الصخرية، ونوع الظروف المناخية والنباتية والحيوانية التي كانت سائدة خلال العصر الذي تكونت فيه، وطبيعة المناطق التي أرسيت فيها من حيث كونها مناطق بحرية أو بحيرية أو وديان نهرية أو مناطق صحراوية أو جليدية. ولهذا السبب فإن دراسة تتابع الطبقات وترتيبها الزمني وما بها من حفريات تعتبر في الوقت الحضار علمًا مهمًا من علوم الجيولوجيا، وعلم دراسة الطبقات Stratigraph.
وتوجد الصخور الرسوبية في تراكيب Structures كثيرة ومتنوعة؛ ففي بعض هذه التراكيب تكون الطبقات محافظة على تتابعها الزمني وعلى امتدادها الأفقي نتيجة لعدم تعرضها للحركات الأرضية العنيفة؛ بينما يكون ترتيبها في بعضها الآخر مختلًا، إما نتيجة لحركات عنيفة أدت إلى زحف بعض الطبقات القديمة فوق طبقات أحدث منها أو بسبب إزالة بعض الطبقات بفعل عوامل التعرية. وعلى هذا الأساس تقسم تراكيب هذه الصخور إلى قسمين هما: تراكيب متوافقة Conformable، وتراكيب غير متوافقة Unconfoemable.
والمقصود بالتركيب المتوافق هو التركيب الذي تكون فيه الطبقات متتابعة أسفل إلى أعلى على حسب ترتيبها الزمني دون أن تختفي من بينها طبقات أي عصر من العصور، أما التركيب غير المتوافق فهو التركيب الذي لا تكون طبقاته متتابعة بنفس ترتيبها الزمني، أو الذي تختفي فيه طبقات عصر واحد أو أكثر. وأهم الظروف التي تؤدي إلى ذلك هي أن يتوقف الإرساب في المنطقة بعض الوقت؛ بينما تعمل عوامل التعرية على إزالة الطبقات العليا التي تمثل عصرًا من العصور أو أكثر، ثم يعود الإرساب من جديد فيؤدي إلى تراكم طبقات جديدة فوق السطح الذي
نحتته عوامل التعرية والذي يطلق عليه في هذه الحالة اسم سطح عدم التوافق Unconformitv Surtace "انظر شكل 31".
"شكل 31" مراحل حدوث عدم التوافق في الطبقات الرسوبية
ميل الطبقات Dip of Strata: المقصود بميل الطبقات هو امتدادها في مستوى غير أفقي؛ فعلى الرغم من أن الطبقات تظل في كثير من التراكيب محتفظة باتجاهها الأفقي حتى بعد تعرضها لبعض الحركات الأرضية مثل الحركات الرأسية؛ فإن هذه الحركات تؤدي في أغلب الحالات إلى تغيير هذا الاتجاه بحيث تصبح معظم الطبقات مائلة على المستوى الأفقي. وتتباين درجات الميل من موضع إلى آخر على حسب نوع الحركات الأرضية ودرجة تأثر الطبقات الصخرية بها،
وتحسب درجة ميل أي طبقة بمقدار الزاوية التي تصنعها هذه الطبقة مع المستوى الأفقي، وهذه هي التي تعرف باسم زاوية الميل Angle of Dip وهي تقاس بواسطة جهاز خاص هو جهاز قياس الميل، أو الكلينو متر Clinometer ويجب ألا تخلط بين ميل الطبقات وانحدار سطح الأرض Slope؛ فكثيرًا ما تكون الطبقات أفقية في مناطق سطحها شديد الانحدار، أو تكون مائلة في مناطق سطحها أفقي. ويطلق تعبير "مضرب الطبقة Strike of Stratum" على الخط الأفقي المتعامد على اتجاه ميل هذه الطبقة، وإن كان جزءًا أو جانبًا من هذه الطبقة ظاهرًا على السطح فيطلق عليه تعبير "مكشف الطبقة Outcrop of St" ويتوقف اتساع مكاشف الطبقات على العلاقة بين اتجاه مليها واتجاه انحدار سطح الأرض؛ فإذا كانت الطبقات مائلة في نفس اتجاه انحدار السطح فإن مكاشفها تكون متسعة، أما إذا كانت مائلة في الاتجاه المعاكس لاتجاه الانحدار فإن مكاشفها تكون ضيقة، وخصوصًا إذا كانت متعامدة على السطح المنحدر "انظر شكل 32".
الأسطح الطباقية Bedding Planes:
ويقصد بها الأسطح التي تلتقي عندها الطبقات المتجاورة. ويكون السطح الطبقي واضحًا إذا كانت الطبقتان المتجاورتان مختلفتين في التركيب اختلافًا واضحًا؛ كأن تكون إحداهما مكونة من حجر رملي والثانية من حجر جيري أو طيني. ومن الواضح أن الأسطح الطبقية تمثل سطوحًا قديمة لقيعان بحار أو بحيرات أو أرضًا يابسة قبل أن تتغطى بالرواسب التي كونت الطبقات التي فوقها.
الطباقية الكاذبة False Bedding:
ويقصد بها انقسام الطبقة الواحدة بواسطة أسطح مستعرضة؛ بحيث تبدو كأنها مكونة من طبقات متتالية، ويحدث ذلك على الشواطئ بسبب المد والجزر أو بسبب التيارات البحرية أو بسبب تغير قوتها؛ ولذلك فقد يطلق على هذه الظاهرة كذلك اسم طباقية التيار Current Bedding، ومن الممكن أن تحدث الطباقية الكاذبة كذلك بسبب تغير اتجاه الرياح وقوتها، "انظر شكل 34".
أنواع الرواسب Types of Sediments or Deposits:
من الواضح أن تنوع الصخور الرسوبية يتوقف قبل كل شيء على تنوع الرواسب التي كونتها. وتتنوع الرواسب فيما بينها نتيجة لعوامل كثيرة من أهمها الطرق التي نشأت بها هذه الرواسب، والعوامل التي تدخلت في عمليات الترسيب والظروف التي تمت فيها هذه العمليات.
شكل "32" ميل الطبقات
شكل "33" العلاقة بين انحدار سطح الأرض وميل الطبقات واتساع مكاشفها
شكل "34" طباقية كاذبة.
فعلى أساس الطرق التي نشأت بها فإن هذه الرواسب تقسم عمومًا إلى ثلاثة أنواع هي:
1-
الرواسب التي نشأت بطريقة كيمائية مثل الأملاح التي تترسب من المحاليل المختلفة مثل ملح الطعام والجبس والنطرون.
2-
الرواسب التي نشأت بطريقة عضوية، وتشمل كل الرواسب التي نشأت من أصل نباتي أو حيواني في البر أو في البحر، حتى ولو كانت فقد فقدت في الوقت الحاضر كل صلة لها بالكائنات الحية وتحولت إلى مواد صخرية مثل معظم الصخور الجيرية والفحم الجيري.
3-
الرواسب التي نشأت بطريقة آلية، وتشمل الرواسب التي نشأت نتيجة لعمليات التجوية الآلية وما ينتج عنها من تفكيك للصخور وتفتيتها.
أما على أساس العوامل والظروف التي تدخلت في علميات الترسيب فإن الرواسب تنقسم إلى مجموعتين كبيرتين هما:
1-
رواسب بحرية
2-
رواسب قارية
أولًا: الرواسب البحرية Marine Deposits
وهي تشمل جميع الرواسب التي تتراكم في قاع البحار والمحيطات، وهي تختلف فيما بينها تبعًا لعوامل متعددة أهمها: عمق المياه، ودرجة ملوحتها، ونوع المواد التي تصل إليها من اليابس المحيط بها، وحركات المد والجزر والأمواج والتيارات البحرية، والحياة الحيوانية والنباتية التي تعيش فيها، ويمكن تقسيمها عمومًا إلى ثلاثة أنواع هي:
1-
الرواسب الشاطئية Coastal deposits:
وهي غالبًا رواسب خشنة تتكون من الرمال والحصى وربما بعض الأحجار المصقولة والمائلة للاستدارة كما هي الحال أمام كثير من السواحل الصخرية، وقد كانت حركات المياه هي
السبب في صقلها واستدارتها. ويتناقص حجم الرواسب الشاطئية كلما توغلنا في البحر بعيدًا عن الشاطئ، وتتميز هذه الرواسب عمومًا بكثرة ما يختلط بها من بقايا نباتية وحيوانية، وبأنها لا توجد في طبقات ظاهرة؛ وإنما توجد مختلطة بعضها ببعض. ويقتصر وجودها عمومًا على الرف القاري، وتكاد تختفي في الأعماق التي تزيد عن 200 متر.
2-
رواسب البحار العميقة:
وهي تتدرج من الرواسب الشاطئية وتوجد في الأعماق التي تزيد على 200 متر، وتتكون في جملتها من مواد ناعمة تزداد في دقة حبيباتها كلما ابتعدنا عن الساحل، ومصدرها الرئيسي هو الرواسب الدقيقة التي تحملها الأنهار والرياح من اليابس، والتي تظل بسبب دقتها عالقة بالمياه لمسافات كبيرة داخل البحر، ثم تترسب نحو القاع ببطء شديد، وتختلط بها بعض المواد العضوية ولكنها أقل منها في الرواسب الشاطئية، كما أنها تتناقص كلما زاد العمق وزاد البعد عن الشاطئ.
وتتميز الأعماق السحيقة من المحيطات، وهي الأعماق التي تزيد على ثلاثة آلاف متر بوجود رواسب مجهرية من نوع خاص يطلق عليها اسم الأوز Ooze. وهي مكونة في جملتها من خلايات حيوانية مجهرية وبقايا كائنات حية دنيئة مضافًا إليها بقايا الحيوانات التي تعيش عند السطح وتترسب بقاياها نحو القاع بعد موتها.
ثانيًا: الرواسب القارية Confinental Deposits:
وهي تشمل جميع الرواسب التي تتراكم على سطح القارات، بما في ذلك الرواسب التي تتراكم في قاع البحيرات أو في مجاري الأنهار، وهي تنقسم على أساس العوامل التي تدخلت في ترسيبها إلى أربعة أنواع هي:
1-
رواسب هوائية Eolain deposits:
وهي الرواسب التي تحملها الرياح وتلقي بها عندما تهدأ سرعتها، وهي تتكون في جملتها من أتربة ورمال تختلف أحجامها على حسب قوة الرياح. ومن أمثلتها الرمال التي تتكون منها الكثبان الرملية والأتربة التي تتكون منها بعض أنواع التربة مثل تربة اللويس
Loess. وكلما صغرت أحجام حبات هذه الرواسب استطاعت الرياح أن تحملها إلى مسافات أبعد؛ فالمعروف مثلًا أن تربة اللويس التي توجد في شمال الصين قد تكونت من الأتربة التي نقلتها الرياح من شرق أوروبا وغرب آسيا.
2-
رواسب فيضية Alluvial deposits:
وتشمل الرواسب التي تحملها وترسبها المياه الجارية، وتتوقف أحجامها على سرعة المياه؛ فهي تتراوح بين الحبيبات الصلصالية الدقيقة التي يمكن أن تظل عالقة بالمياه البطيئة أو الراكدة والأحجار الكبيرة التي يمكن أن تدفعها السيول الجارفة على منحدرات الجبال إلى السهول المجاورة. ومن أهم ما تتميز به الرواسب الفيضية أنها ترسب دائمًا بترتيب معين بحيث ترسب المواد الثقيلة أولًا ثم ترسب فوقها المواد الأخف منها بالتوالي، كما أنها ترسب بنفس الترتيب على طول مجرى النهر أو السيل حيث تتناقص أحجامها بالتدريج كلما تناقصت سرعة جريان الماء.
3-
رواسب بحيرية Lacustrine depits:
وهي تشمل رواسب البحيرات المالحة ورواسب البحيرات العذبة، وتتكون الأولى في جملتها من الأملاح التي تترسب نتيجة لتبخر المياه، أما الثانية فتتكون عادة من مواد طينية وصلصالية ناعمة تشبه رواسب الأنهار البطيئة جدًّا.
4-
رواسب جليدية Glacial deposits:
وتشمل جميع الرواسب التي يحملها الجليد عن زحفه على سطح الأرض، ثم يرسبها عندما يأخذ في الانصهار، وأشهر أنواعها هي الركامات الجليدية Moraines. وأهم ما يميزها أنها لا توجد غالبًا بترتيب واضح؛ بل تختلط فيها الرواسب الناعمة بالرواسب الخشنة وقطع الأحجار أو الكتل الصخرية. ويتميز الجليد عن غيره من عوامل نقل الرواسب مثل الرياح والمياه الجارية بأنه يستطيع أن ينقل كتلًا صخرية كبيرة إلى مسافات بعيدة جدًّا. ومثال ذلك الكتل الصخرية الضخمة التي يطلق عليها اسم Erratics "أو الصخور الشاردة" وهي كتل صخرية ضخمة نقلها الجليد مسافات بعيدة وألقى بها في مناطق ذات تركيب صخري مختلف؛ بحيث تبدو هذه الكتل غريبة فوقه، ومن أمثلة هذه الرواسب كذلك الرواسب المعروفة باسم الصلصال
الجلاميدى Boulder Clay، وهو عبارة عن كتل مكونة من طحين صخري Rock Flower، يشبه الصلصال في دقة حبيباته، وتختلط به كثير من الأحجار، وينشأ هذا الدقيق نتيجة لاحتكاك الجليد بالصخور التي يزحف فوقها أو جوارها أثناء انحداره على جوانب الجبال.
تماسك الرواسب وتكون الصخور:
تظل المواد الرسوبية عمومًا مفككة بعد ترسيبها؛ إلا إذا طرأ عليها ما يؤدي إلى تماسكها، وعندئذ تتكون منها الصخور التي تتباين فيما بينها على حسب نوع الرواسب والطريقة التي تماسكت بها، ويحدث هذا التماسك بطريقة أو أكثر من الطرق الآتية:
1-
ترسيب مواد لاصقة بين حبات المواد الرسوبية، والمقصود بالمواد اللاصقة هو المواد الدقيقة التي يمكن أن تملأ الفراغات التي بين حبات الرواسب فتؤدي إلى تماسكها. والمواد التي تصلح لهذا الغرض كثيرة ومتنوعة ومن أمثلتها الجير والطين والصلصال وأكاسيد بعض المعادن مثل أكاسيد الحديد وغيرها. ويعتبر ترسيب مثل هذه المواد ضروريًّا جدًّا لتماسك الرواسب الخشنة مثل الرمل والحصى. وتتوقف كثير من صفات الصخر على نوع المواد التي تؤدي إلى تماسك حباته؛ فالرمال التي تتماسك حباتها بواسطة الجير يتكون منها ما يعرف بالحجر الرملي الجيري، أما التي تتماسك حباتها بواسطة أكسيد الحديد فيتكون منها ما يعرف بالحجر الرملي الحديدي، والأول منهما أقل صلابة من الثاني.
2-
وقوعها تحت الضغط بسبب تراكم بعضها فوق بعض أو تراكم رواسب أخرى فوقها؛ ولكن هذا العامل لا يكفي وحده لتماسك الرواسب الخشنة؛ بينما يكفي لتماسك الرواسب الدقيقة مثل الرواسب الطينية والصلصالية.
3-
جفافها وخروج المياه من بين حباتها بسبب التبخر أو نتيجة للضغط، كما يحدث للرواسب الطينية والصلصالية؛ لأن تجفيف مثل هذه المواد يكفي لالتصاق بعضها ببعض وتحولها إلى أحجار طينية، ولكنها تكون عادة قليلة الصلابة.
أمثلة للأنواع الرئيسية من الصخور الرسوبية:
تنقسم هذه الصخور إلى ثلاث مجموعات رئيسية هي: الصخور الجيرية، والصخور الرملية والصخور الطينية. وقد يحدث أحيانًا أن يكون الصخر مكونًا من خليط من مواد متباينة بحيث يصعب ضمه إلى أي مجموعة من هذه المجموعات، ومثل هذه الصخر يوضع ضمن مجموعة خاصة تعرف باسم "المجموعات الصخرية Conglomerates"، وفيها يختلط الطين بالرمل والحصى وغيرها.
أولًا: الصخور الجيرية Caleareous Rocks or Limestones
تعتبر هذه الصخور من أهم المكونات الصخرية لقشرة الأرض، وتوجد منها نطاقات عظيمة السمك والاتساع في كل القارات، وقد يصل سمكها في بعض المناطق إلى بضعة كيلو مترات، ويكفي للدلالة على ذلك أنها هي التي تتكون منها معظم سلاسل الجبال الانثنائية القديمة والحديثة في العالم، كما أنها توجد في نطاقات أخرى عظيمة الاتساع على سواحل كل البحار والمحيطات الحالية وفي المناطق التي كانت تشغلها بحار قديمة.
وتتميز هذه الصخور عمومًا بأنها تذوب في الأحماض، ولهذا فإنها تذوب -ولو ببطء شديد- في مياه الأمطار التي تحمل عند سقوطها بعض ثاني أكسيد الكربون من الجو؛ ولذلك فإن كثيرًا من مناطقها تشتهر بكثرة كهوفها وأنهارها السفلية، وغير ذلك من المظاهر التي يطلق عليها عمومًا تعبير "المظاهر الكارستية Carsitc Features""نسبة إلى منطقة من هذا النوع هي منطقة كارست في جبال الألب الدينارية في غرب يوجوسلافيا"، وقد أصبحت الصخور الجيرية لهذا السبب من أعظم خزانات المياه الجوفية في بعض البلاد.
وترجع الصخور الجيرية في جملتها إلى أصل عضوي؛ فقد تكون معظمها نتيجة لتراكم القواقع وعظام الحيوانات البحرية المختلفة بكميات كبيرة في قيعان البحار خلال العصور الجيولوجية المختلفة؛ فمن المعروف أن معظم الحيوانات البحرية لها قدرة كبيرة على استخلاص الجير من ماء البحر لاستخدامه في بناء عظامها أو محاراتها. وإلى جانب ذلك فقد نشأت بعض الصخور الجيرية بطريقة
كيميائية نتيجة لترسيب الجير من الماء الذي يكون حاملًا لبعض منه؛ إلا أن الصخور التي تتكون بهذه الطريقة لا توجد إلا في أماكن محدودة جدًّا. وهي تتميز عن الصخور الجيرية العادية بأنها تكون في أغلب الأحيان متبلورة. ومن أشهر أنواعها أعمدة الاستالاكتيت Stalacites والاستالاجميت Statagmites1، والتي توجد في كهوف مناطق الصخور الجيرية. وتكوينات الترافرتين Travertine الجيرية التي تترسب حول فوهات بعض العيون التي يكون بعض الجير مذابًا في مياهها.
والصخور الجيرية في جملتها بيضاء اللون إلا إذا اختلطت بمواد أخرى ملونة مثل الطين أو أكاسيد الحديد. وهي تتباين فيما بينها تباينًا كبيرًا في درجة الصلابة؛ فمنها ما هو شديد الصلابة، مثل الدولوميت ومنها ما هو هش جدًّا مثل الطباشير، وفيما يلي وصف مختصر لبعض الصخور الجيرية المشهورة.
الطباشير Chalk:
وهو حجر ناصع البياض قليل الصلابة، وتوجد منه طبقات عظيمة السمك والامتداد في جهات مختلفة من العالم، ويرجع تكوينه عمومًا إلى العصر الكريتاسي "الطباشيري". وهو مكون من محارات مجهرية لكائنات بحرية خاصة كانت عظيمة الانتشار في البحار الدافئة خلال العصر الكريتاسي، وتعرف باسم فورامينيفرا Foraminefera. وليس الطباشير الذي يستخدم في الكتابة إلا نوعًا من أنواع الأحجار الطباشرية "انظر شكل 36".
الحجر الجيري النوموليتي Nummulitic Limestone:
وهو أشد صلابة من الطباشير، وأهم مميزاته أنه مكون من محارات مستديرة متماسكة تشبه في مظهرها قطع النقود المعدنية. وقد تكونت أغلب طبقاته خلال عصر الأيوسين الذي يشتهر لهذا السبب باسم عصر النوموليت. وهو يظهر في بعض الأماكن على منحدرات جبال المقطم وفي الهضاب المطلة على وادي النيل ابتداءًا من جنوب القاهرة حتى مدينة قنا "انظر شكل 37".
1 أعمدة الاستالاكتبت هي الأعمدة التي تهبط من أعلى الكهف وأعمدة الاستلاجميت هي التي ترتفع فوق قاعه إلى أعلى، وكلاهما يتكون نتيجة لتكرار ترسيب الجير في المواضع التي تميل نقط المياه التي تحمله إلى التجمع فيها.
شكل "35" الأعمدة الهابطة "استالاكيت" والأعمدة الصاعدة "استالاجميت" في أحد كهوف مناطق الصخور الجيرية
الحجر الجيري الأوليتي "أو المحبب" Oolitie Limestone
وهو نفس الحجر الذي يطلق عليه أحيانًا اسم الحجر الجيري البطارخي؛ لأنه يتكون من حبات الرمل الجيرية المستديرة التي تشبه بيض السمك، وتتكون كل حبة من هذه الحبات من نواة دقيقة جدًّا من الرمل أو فتات القواقع، وتحيط بها طبقات رقيقة
جدًّا من الجير الذي يترسب فوقها على دفعات نتيجة لتكرار تبللها بالماء المحمل بالجير ثم تبخر هذا الماء، وهذه الحبات هي التي تتكون منها الرمال البحرية الجيرية، وهي رمال خشنة مختلفة عن الرمال الصحراوية الكوارتزية. وتعمل الرياح في كثير من المناطق على توزيع هذه الرمال أو تجميعها في سلاسل من الكثبان التي تمتد على طول بعض الشواطئ. وقد تتماسك رمال هذه الكثبان بمرور الزمن نتيجة لترسيب الجير بين حباتها؛ فتتحول بالتدريج إلى الحجر الجيري الأوليتي. وهو يتميز بمقدرته الكبيرة على خزن المياه؛ ولذلك فإنه يعتبر مصدرًا مهمًا للمياه الجوفية في المناطق الساحلية؛ فعلى طول الساحل الشمالي لصحراء مصر العربية وشمال ليبيا مثلًا يعتمد الأهالي اعتمادًا أساسيًّا في حياتهم على المياه المخزونة في طبقات هذا الحجر. وتكون هذه المياه غالبًا قريبة من السطح. ويمكن الوصول إليها بحفر آبار تتراوح أعماقها بين مترين وأربعة أمتار.
الدولوميت Dolomite:
وهو حجر جيري مكون من اختلاط الجير "كربونات الكالسيوم" بكربونات الماغنسيوم بنسب متعادلة تقريبًا. وهو يتكون غالبًا في مناطق البحيرات والمستنقعات التي تحتوي مياهها على كربونات الماغنسيوم؛ إذ أن هذه المياه تؤثر على الصخور الجيرية المجاورة لها فتحل كربونات الماغنسيوم محل قسم من كربونات الكالسيوم.
الصخور المرجانية:
وهي صخور جيرية صلبة تتكون في بعض البحار المدارية الضحلة بواسطة حيوان المرجان Coral. وهي في جملتها عبارة عن المساكن التي يبينها هذا الحيوان لنفسه من الجير الذي يستخلصه من ماء البحر، وهي توجد عادة متجمعة في مستعمرات كبيرة تزيد أحجامها بالتدريج ببناء مساكن جديدة وبتراكم هياكل الحيوانات المرجانية التي تموت فيها أو حولها. وهذه المستعمرات هي التي تشتهر باسم "الشعاب المرجانية Coral Reefs".
ويشترط لحياة المرجان عدة شروط أهمها:
أن تكون المياه ضحلة بحيث لا يزيد عمقها عن 50 مترًا، وأن تكون دافئة بحيث لا تقل درجة حرارتها عن 20 ْ مئوية، وألا تصل إليها من اليابس مياه عذبة مختلطة بالرواسب الطينية.
"شكل 36" قواقع الفورامينيفرا التي يتكون منها الحجر الطباشيري كما تبدو تحت المجهر
"شكل 37" حجر جيري نوموليتي
ويعتبر البحر الأحمر من أحسن الأمثلة لهذا النوع من البحار؛ ولذلك فإن سواحله تكتنفها كثير من الشعاب المرجانية، وهي من الأخطار التي تتعرض لها الملاحة أمام هذه السواحل. ومع ذلك فإن أكثر نطاق من الشعاب المرجانية في العالم هو النطاق الذي يمتد لمسافة 1500 كيلو متر في غرب المحيط الهادي في اتجاه شمالي جنوبي تقريبًا بالقرب من السواحل الشمالية الشرقية لاستراليا. وهذا النطاق هو الذي اشتهر باسم "الحاجز المرجاني العظيم Great Barrier Reef، ويبلغ عرضه في المتوسط حوالي 18 كيلو مترًا.
وقد تكونت في بعض المواضع الضحلة في المحيطين الهادي والهندي سلاسل من الجزر المرجانية التي تكونت من الشعاب التي بناها على حافات بعض الجبال، التي توجد في قاع المحيط، والتي تقترب قممها من سطح الماء؛ بحيث تتكون فوقها مناطق بحرية ضحلة، وتتكون من هذه الشعاب حلقات من الجزر التي تتوزع على الأطراف الخارجية لهذه القمم. ويطلق على كل حلقة من هذه الحلقات اسم الأتول Atoll أي الجزر الحلقية، وهي تحصر بداخلها مناطق بحرية ضلحة.
"شكل 38" الشعاب المرجانية في البحر الأحمر
ثانيًا: الصخور الرملية Sandstones
لا تقل هذه الصخور أهمية من تركيب القشرة الأرضية عن الصخور الجيرية؛ ولكنها تختلف عنها في نوع الرواسب التي كونتها؛ فبينما تتكون الصخور الجيرية عمومًا من رواسب بحرية فإن الصخور الرملية تتكون من رمال قارية كوارتزية متخلفة من تفتت الصخور النارية بفعل التجوية، ومع ذلك فإن تكون الحجر الرملي يلزم له دائمًا ترسيب مادة لاصقة بين حبات الرمل، مثل كربونات الكالسيوم "الجير" أو أكسيد الحديد أو السيليكا، ويستمد الحجر كثيرًا من صفاته من هذه المادة؛ ولذلك فقد تكونت منه أنواع متباينة مثل الحجر الرملي الجيري Calcareous Sandstone الذي تماسكت رماله بواسطة الجير، والحجر الرملي الحديدي Ierruginos S الذي تماسكت رماله بواسطة أكسيد الحديد
شكل "39" تكوين صخور مرجانية على أطراف قمة جبلية المحاطة
شكل "40" جزر مرجانية حلقية "أتول"
أكسيد الحديد، والحجر الرملي السيليكي Ciliceous S. الذي تماسكت رماله بواسطة السيليكا. وأقل هذه الأنواع صلابة هو الحجر الرملي الجيري، أما أشدها صلابة فهو الحجر الرملي الحديدي الذي يأخذ عادة لون أوكسيد الحديد الأحمر، ويتكون منه في مصر الجبل الأحمر، وهو جبل صغير موجود إلى الشرق من القاهرة. ونظرًا لشدة صلابة هذا الحجر فقد يطلق عليه أحيانًا اسم حجر الخراسان، وهو يستخدم بكثرة في رصف الطرق وفي صناعة أحجار الطواحين.
من أهم مميزات الصخور الرملية عمومًا أنها كبيرة المسام؛ ولذلك فإنها هي أكثر أنواع الصخور نفاذية للماء "Permeability" وأقدرها على تخزين كميات كبيرة منه. والواقع أن أعظم خزانات المياه الجوفية في العالم توجد في طبقات هذه الصخور. ومع ذلك فإن هذه الصخور تتباين فيما بينها تباينًا كبيرًا من حيث مقدرتها على نفاذية المياه وتجميعها. وتتوقف هذه المقدرة بصفة خاصة على حجم الحبة الرملية من ناحية وعلى وجود طبقة صماء تحتها لمنع تسرب مياهها إلى أسفل من ناحية أخرى. وكما كانت الحبات الرملية كبيرة كان الصخر أكثر نفاذية. وتنقسم الرمال عادة على أساس حجم حياتها إلى ثلاث درجات هي:
1-
الرمال الناعمة Finc ويتراوح قطر حباتها بين 0.05 و 0.1 ملليمتر.
2-
الرمال المتوسطة Meduim ويتراوح قطر حباتها بين 0.1 و 0.75 ملليمتر.
3-
الرمال الخشنة Course ويتراوح قطر حباتها بين 0.75 و 3.5 ملليمتر.
ومعنى ذلك أن قطر حبات الرمل عمومًا يتراوح بين 0.05 و 2.5 ملليمتر؛ فإذا ما قل قطر الحبات عن 0.05 من المليمتر فإن الرواسب تعتبر من الرواسب الطينية أو الصلصالية، وإذا زاد قطرها عن 2.5 ملليمتر فإنها تدخل في باب الحصى.
ويعتبر الحجر الرملى النوبي Nubian Sandstone من أشهر أنواع الأحجار الرملية وأوسعها انتشارًا. وتمتد طبقاته تحت سطح الأرض في كل نطاق الصحراء الكبرى ونطاق السودان في إفريقية، وتواصل امتدادها كذلك في كل البلاد العربية تقريبًا في غرب آسيا. وتعتبر هذه الطبقات من أعظم خزانات المياه الجوفية في العالم، وهي المصدر الذي تستمد منه معظم واحات العالم العربي وشمال إفريقيا المياه اللازمة لعمرانها. ويتميز هذا الحجركذلك بشدة صلابته. وقد تكونت معظم طبقاته في أواخر الزمن الجيولوجي الأول وأوائل الزمن الجيولوجي الثاني.
الصخور الطينية Mudstones:
وهي صخور واسعة الانتشار في مناطق السهول الفيضية والوديان النهرية والبحيرات العذبة القديمة والحديثة، وأهم ما يميزها عن الصخور الرملية أنها دقيقة الحبيبات، ولا يزيد قطر حبيباتها عمومًا عن 0.05 من المليمتر "كما سبق أن ذكرنا". وأشد أنواع الطين Mud "أو الغرين Silt" نعومة هو الصلصال الذي لا يزيد قطر حبيباته عن 0.02 من المليمتر. ونظرًا لدقة حبيبات هذه الصخور بالنسبة للصخور الرملية؛ فإنها تكون أكثر منها مسامية More Porous بمعنى أن عدد المسام التي توجد في أي كتلة منها يكون أكبر بكثير من عدد المسام الموجودة في كتلة مساوية لها من الصخور الرملية، ومع ذلك فإن هذه المسام تكون دقيقة بدرجة لا تسمح للماء أو غيره من السوائل أن ينفذ خلالها أو أن يتجمع فيها، وعلى هذا الأساس فإن الصخور الطينية تكون عادة عديمة النفاذية حتى أنها تبدو صماء Unpermeable بينما تكون الصخور الرملية كبيرة النفاذ Permeable، على الرغم من أن الصخور الرملية أقل مسامية Less Porous من الصخور الطينية. ونظرًا لدقة حبيبات الطين فإنه يمكن أن يتماسك لمجرد وقوعه تحت الضغط أو لمجرد جفافه إن كان مبللًا. والصخور الطينية عمومًا قليلة الصلابة جدًّا إذا ما قورنت بمعظم الصخور الرسوبية الأخرى
وتحتوي المواد الطينية على مركبات من سيليكات الألومينيوم التي تتحلل من معادن الفلسبار "المستمدة من نفس الصخور" مثل الكوارتز والميكا. وتأخذ المواد الطينية ألوانًا مختلفة على حسب نوع الصخور التي استمدت منها ونوع المواد الأخرى التي تختلط بها؛ فقد يميل لونها إلى البياض إذا كانت مختلطة بمواد جيرية، أو إلى الاحمرار إذا اختلطت بها أكاسيد حديدية، أو إلى السواد أو الاخضرار إذا اختلطت بها أكاسيد منجنيزية أو مواد نباتية متحللة، أو الاصفرار إذا اختلطت بها رمال كوارتزية ناعمة. والمعروف أن مناطق التربات الطينية هي أهم مناطق الإنتاج الزراعي في العالم؛ ولكنها تتباين فيما بينها على حسب نوع المواد الأخرى التي تختلط بها فتقلل أو تزيد من خصوبتها، ومن أشهر أنواعها التربة السوداء التي تختلط بها كثير من المواد العضوية المتحللة، والتربة الحمراء التي تختلط بها أكاسيد حديدية، والتربة الصفراء التي تختلط بها الرمال. والواقع أن اختلاط التربة الطينية بنسبة من الرمال أمر ضروري لتسهيل نفاذ الماء فيها وتسهيل مهمة حرثها، وتوصف مثل هذه التربة بأنها تربة خفيفة، أما التربة الطينية التي تخلو من الرمال فتوصف بأنها تربة ثقيلة، وتكون فلاحتها صعبة نسبيًّا بسبب شدة تماسكها وعدم نفاذ الماء فيها.
وتوجد الصخور الطينية في الطبيعة في طبقات يتباين سمكها على حسب كمية المواد الطينية المترسبة وتغير ظروف الإرساب من وقت إلى آخر؛ فإذا ترسبت المواد الطينية بكميات كبيرة في فترات طويلة ولم تتغير ظروف الإرساب تغيرًا يذكر خلال كل فترة من هذه الفترات فإن الطبقة المتكونة تكون عظيمة السمك، أما إذا حدث الترسيب في فترات قصيرة تفصل بينها فترات يتوقف فيها الإرساب، أو إذا كانت ظروف الإرساب كثيرة التغير؛ فإن الطبقات المتكونة تكون عادة رقيقة؛ بل إنها قد تكون في بعض الحالات رقيقة جدًّا بدرجة تجعلها أشبه بالأوراق المتلاصقة. ويتكون منها في هذه الحالة نوع خاص من الحجر الطيني يطلق عليها اسم الحجر الطيني الورقي أو الصفائحي Shale.