الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحدث في طبقات الجو العليا" والتيارات البحرية. ونتيجة لهذا التبادل فإن الميزانية العامة للأرض كلها تظل ثابتة تقريبًا من سنة إلى أخرى، وبهذه الطريقة وحدها بقيت حرارة جو الأرض ملائمة للحياة؛ فلو فرض وكان مكسبها الحراري أكثر دائمًا من خسارتها لتزايدت بمرور الزمن حرارة سطحها وجوها بدرجة قد تؤدي إلى عدم إمكان ظهور الحياة، ولو فرض من ناحية أخرى وحدث العكس لتناقصت الحرارة بمرور الزمن ووصلت البرودة إلى حد لا يسمح كذلك بقيام الحياة.
الفرق بين تأثير الأشعة الحرارية على اليابس والماء:
من الحقائق المعروفة أن سطح اليابس يسخن أثناء النهار بواسطة أشعة الشمس بدرجة أسرع مما يسخن الماء، كما أن اليابس يفقد حرارته أثناء الليل بدرجة أسرع من فقدان الماء لحرارته، وتعتبر هذه الحقيقة من أهم الحقائق التي يعتمد عليها الجغرافيون في تعليل كثير من الظاهرات والتوزيعات المناخية؛ فلولا هذا الاختلاف بين اليابس، والماء لما حدث تغير يذكر في توزيع درجة الحرارة والضغط الجوي أو في نظام هبوب الرياح وسقوط الأمطار على سطح الكرة الأرضية من فصل إلى آخر أو من شهر إلى آخر، ولولاه أيضًا لما حدث هذا التعقيد الذي أدى إلى كثرة الأنواع المناخية، وتعدد أوجه الاختلاف بين بعضها وبعض، كما سيتضح لنا في مواضع أخرى من هذا الكتاب؛ ولهذا السبب فإن اليابس يسخن ويبرد بدرجة أسرع من الدرجة التي يسخن الماء بها ويبرد. ويمكننا أن نلخص هذه العوامل فيما يأتي:
1-
أن نسبة كبيرة من حرارة أشعة الشمس التي تسقط على سطح البحر أو المحيط تستنفد في تحويل بعض المياه إلى بخار، أما الأشعة الحرارية التي تصل إلى سطح اليابس؛ فإن معظمها -إن لم يكن كلها- يستهلك فيرفع درجة حرارته، وينطبق هذا بصفة خاصة على المناطق الجافة التي لا تغطي سطح الأرض فيها أية حياة نباتية أو مسطحات مائية.
2-
إن الحرارة النوعية لليابس تعادل 4/1 الحرارة النوعية للماء1، ومعنى ذلك أن اليابس يحتاج إلى كمية من الحرارة أقل مما يحتاجه الماء لكي يسخن كل منهما بدرجة واحدة، وبما أن مقدار أشعة الشمس التي تصل إلى سطح منطقتين متجاورتين من اليابس والماء أثناء النهار تكون واحدة تقريبًا؛ فإنها ترفع درجة حرارة سطح المنطقة الأولى أسرع من رفعها لدرجة حرارة سطح المنطقة الثانية.
3-
إن كمية الحرارة التي يستطيع سطح معين من اليابس أن يمتصها تفوق كثيرًا الكمية التي يستطيع أن يمتصها سطح مساو له من الماء في نفس المدة؛ وذلك لأن سطح الماء أقدر من سطح اليابس على عكس أشعة الشمس. وإذا عرفنا أن الجسم الذي يمتص الحرارة بسهولة يفقدها بسهولة أيضًا، "وهذه من الحقائق الثابتة" أمكننا أن ندرك السبب في كون اليابس يفقد حرارته أسرع من الماء أثناء الليل.
4-
أن الأشعة الحرارية تستطيع أن تتعمق في الماء لمسافة أكبر من المسافة التي تتعمق إليها في اليابس، كما أن الحركة المستمدة للماء تساعد على خلط المياه الدافئة بالمياه الباردة؛ ولهذا فإن الحرارة تتوزع على طبقة من الماء أسمك بكثير من طبقة اليابس التي تتوزع عليها. وإذا أضفنا إلى ذلك أن مقدار ما يمتصه الماء من حرارة الشمس أقل بكثير مما يمتصه اليابس، ما بينا في رقم3 أمكننا أن ندرك عظم الفرق بين نصيب مساحة معينة من سطح الماء، ونصيب مساحة مساوية لها من سطح اليابس. ويلاحظ أن أثر هذا العامل يظهر بصورة أخرى بعد غروب الشمس، أي عندما يبدأ كل من الماء واليابس في فقدان حرارتهما بالإشعاع؛ فالذي يحدث عندئذ هو أن سطح الماء يحتفظ بحرارته مدة أطول من سطح اليابس وذلك لسببين هما:
أ- أن الماء أبطأ من اليابس في فقدان الحرارة.
ب- أن الماء الدافئ يميل دائمًا للارتفاع إلى السطح.
1 الحرة النوعية "Specific" لأى مادة هي كمية الحرارة التي تلزم لرفع درجة حرارة جرام واحد منها بمقدار درجة مئوية واحدة.