المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌باب جزاء الصيد

‌باب جزاء الصيد

جزاء الصيد واجب لقوله سبحانه وتعالى: {ومن قتله منكم متعمداً فجزاءٌ مثلُ ما قتل من النعم} [المائدة: 95].

قال المصنف رحمه الله: (وهو ضربان:

أحدهما: له مِثْل من النَّعم فيجب فيه مثله. وهو نوعان:

أحدهما: قضت فيه الصحابة ففيه ما قضت).

أما كون جزاء الصيد ضربين فلأن منه ما هو مثلي ومن ما لا مثل له.

أما وجوب المثل فيما له مثل؛ فلقوله تعالى: {فجزاءٌ مثلُ ما قتل من النعم} [المائدة: 95].

وأما تنويع ما لَه مِثْل نوعين فلأنه منه ما قضت الصحابة فيه بالمثل ومنه ما لم تقض فيه بذلك.

وأما وجوب ما قضت به الصحابة فيما قضت به فلأنهم أعرف بمواقع الخطاب وأقرب إلى الصواب.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» (1).

وقال: «اقتدوا باللّذَيْن من بعدي أبي بكر وعمر» (2).

(1) أخرجه الذهبي في ميزان الاعتدال 1: 413.

(2)

أخرجه الترمذي في جامعه (3662) 5: 609 كتاب المناقب، باب في مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (97) 1: 37 المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه أحمد في مسنده (23293) 5: 382. كلهم عن حذيفة رضي الله عنه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

ص: 147

قال: (ففي النعامة بدنة، وفي حمار الوحش وبقرته والأيل والثيتل والوعل بقرة، وفي الضبع كبش، وفي الغزال والثعلب عنز، وفي الوبر والضب جدي، وفي اليربوع جفرة لها أربعة أشهر، وفي الأرنب عناق، وفي الحمام وهو كلما عب وهدر شاة.

وقال الكسائي: كل مطوق حمام).

أما وجوب البدنة في النعامة فـ «لأن عثمان وعلياً وزيداً وابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم قضوا فيها ببدنة» (1).

وأما وجوب البقرة في حمار الوحش فـ «لأن عمر رضي الله عنه قضى فيه ببقرة» (2).

ولأنه شبيهٌ بها.

وأما وجوبها في بقرة الوحش فـ «لأن ابن مسعود رضي الله عنه قضى فيها ببقرة» (3).

وأما وجوبها في الإبل فـ «لأن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فيه بقرة» (4).

وأما وجوبها في الثيتل والوعل فبالقياس على الأيل.

وأما وجوب الكبش في الضبع فـ «لأن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قضيا فيه بذلك» (5).

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بذلك (6) رواه أبو داود.

(1) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (14417) 3: 289 كتاب الحج، في النعامة يصيبها المحرم.

وأخرجه عبدالرزاق في مصنفه (8203) 4: 398 كتاب المناسك، باب النعامة يقتلها المحرم.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 182 كتاب الحج، باب فدية النعام وبقر الوحش وحمار الوحش.

(2)

أخرجه البيهقي في الموضع السابق عن عبدالله بن مسعود ولم أره عن عمر.

(3)

أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (8209) 4: 400 كتاب المناسك، باب حمار الوحش والبقرة والأروي.

(4)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 182 كتاب الحج، باب فدية النعام وبقر الوحش وحمار الوحش.

(5)

أخرجه مالك في الموطأ (230) 1: 331 كتاب الحج، باب فدية ما أصيب من الطير والوحش، عن عمر.

وأخرجه عبدالرزاق في مصنفه (8224) عن عمر، و (8225) عن ابن عباس 4: 403 كتاب المناسك، باب الضب والضبع.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 184 كتاب الحج، باب فدية الضبع، عن ابن عباس.

(6)

أخرجه أبو داود في سننه (3801) 3: 355 كتاب الأطعمة، باب في أكل الضبع.

وأخرجه الترمذي في جامعه (851) 3: 207 كتاب الحج، باب ما جاء في الضبع يصيبها المحرم. عن ابن أبي عمار قال:«قلت لجابر: الضبع أصيد هي؟ قال: نعم. قال: قلت: آكُلُها؟ قال: نعم. قال: قلت: أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم» .

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 148

وأما وجوب العنز في الغزال فـ «لأن ابن عباس رضي الله عنهما قضى فيه بعنز» (1).

ولأن فيه شبهاً به لأن العنز أجرد الشعر متقلص الذنب وذلك صفة الغزال.

وأما وجوبها في الثعلب فلأنه كالغزال.

وعن الإمام أحمد رحمه الله: فيه شاة لأنه أعظم من الغزال.

وعنه لا جزاء فيما لا يؤكل فيُخَرّج منه أنه لا جزاء فيه لأنه لا يؤكل على المشهور في المذهب.

وأما وجوب الجدي في الوبر (2).

وأما وجوبه في الضب فـ «لأن عمر رضي الله عنه قضى في الضب بجدي» (3) رواه الشافعي.

وأما وجوب الجفرة في اليربوع فـ «لأن عمر وابن مسعود قضيا فيه بذلك» (4).

وأما قول المصنف رحمه الله: لها أربعة أشهر فبيان لمقدار عمر الجفرة.

وأما وجوب العناق في الأرنب فـ «لأن عمر رضي الله عنه قضى فيه بذلك» (5).

(1) أخرجه مالك في الموطأ (230) 1: 331 كتاب الحج، باب فدية ما أصيب من الطير والوحش.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 184 كتاب الحج، باب فدية الغزال. كلاهما عن عمر.

(2)

بياض في ج مقدار نصف سطر.

(3)

أخرجه الشافعي في مسنده (860) 1: 332 كتاب الحج، باب فيما يباح للمحرم وما يحرم

(4)

أخرجه مالك في الموطأ (230) 1: 331 كتاب الحج، باب فدية ما أصيب من الطير والوحش، عن عمر.

وأخرجه الشافعي في مسنده (856) 1: 3330 عن عمر، وَ (858) 1: 331 عن ابن مسعود كتاب الحج، باب فيما يباح للمحرم وما يحرم

(5)

أخرجه مالك في الموطأ (230) 1: 331 كتاب الحج، باب فدية ما أصيب من الطير والوحش.

وأخرجه الشافعي في مسنده (856) 1: 330 كتاب الحج، باب فيما يباح للمحرم وما يحرم

ص: 149

وأما وجوب الشاة في الحمام فـ «لأن عمر وعثمان وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قضوا في حمام الحرم بشاة» (1) وحمام غير الحرم مثل حمام الحرم.

وأما المراد بالحمام فروي عن الإمام رحمه الله: كل طير عب الماء. فيدخل في هذا الفواخت والوارشين والقمري والقطاة لأن كل واحد من هذه يعب الماء. ويعضده تسمية العرب ذلك حماماً.

وروي عن الكسائي: كل مطوق حمام.

فعلى هذا يكون الحجل من الحمام لأنه مطوق.

قال: (النوع الثاني: ما لم تقض فيه الصحابة فيرجع فيه إلى قول عدلين من أهل الخبرة، ويجوز أن يكون القاتل أحدهما).

أما الرجوع فيما لم تقض الصحابة فيه إلى قول عدلين من أهل الخبرة فلقوله تعالى: {يحكم به ذوا عدل منكم} [المائدة: 95]، والمراد منهما أن يحكما فيه بأشبه الأشياء به من النَّعَم من حيث الخلقة لا من حيث القيمة؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم قضوا بالمثل لا بالقيمة.

ويشترط أن يكونا من أهل الخبرة لأنهما لا يتمكنان من الحكم بالمثل إلا بالخبرة.

وأما جواز كون القاتل أحدهما فلأن الله تعالى قال: {ذوا عدل منكم} [المائدة: 95] والقاتل من عُدولنا.

وروى الشافعي بإسناده عن طارق بن شهاب قال: «خرجنا حجاجاً فأوطأ رجل منا يقال [له] أربد ضباً ففرز ظهره، فقدمنا على عمر فسأله أربد. فقال له: احكم يا أربد فيه، قال: أنت خير مني يا أمير المؤمنين! وأعلم. فقال عمر: إنما أمرتك أن تحكم

(1) أخرجه الشافعي في مسنده (861) 1: 332 عن عمر وعثمان، وَ (863) 1: 334 عن ابن عباس، كتاب الحج، باب فيما يباح للمحرم وما يحرم

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 206 كتاب الحج، باب ما جاء في جزاء الحمام وما في معناه، عن ابن عمر. و 5: 205 عن عمر وعثمان وابن عباس رضي الله عنهم.

ص: 150

ولم آمرك أن تزكيني. فقال أربد: أرى فيه جَدْياً. قد جمع الماء والشجر. قال عمر: ذلك فيه» (1) فأمره عمر أن يحكم فيه وهو القاتل.

و«أمر أيضاً كعب الأحبار أن يحكم على نفسه في الجرادتين اللتين صادهما وهو محرم» (2).

ولأنه مال يخرج في حق الله تعالى فجاز أن يكون من وجب عليه أميناً كالزكاة.

قال: (ويجب في كل واحد من الصغير والكبير والصحيح والمعيب مثله، إلا الماخض تفدى بقيمة مثلها.

وقال أبو الخطاب: يجب فيها مثلها).

أما وجوب الكبير في الكبير والصغير في الصغير والصحيح في الصحيح والمعيب في المعيب فلأن الله تعالى قال: {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95] ومَثَل الكبير كبير، والصغير صغير، والصحيح صحيح، والمعيب معيب.

ولأن ما ضمن باليد والجناية يختلف ضمانه بالصغر والكبر والصحة والعيب دليله البهيمة.

وأما الماخض ففيها وجهان:

أحدهما: تفدى بقيمة مثلها قاله القاضي لأن قيمة المثل أكثر من قيمة لحمه.

والثاني: يجب مثلها قاله أبو الخطاب لقوله: {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95].

ولأن إيجاب القيمة عدول عن المثل مع إمكانه وذلك خلاف المنصوص.

قال: (ويجوز فداء أعور من عين بأعور من أخرى، وفداء الذكر بالأنثى، وفي فدائها به وجهان).

أما جواز فداء أعور من عين بأعور من أخرى فلأن ذلك اختلاف يسير.

(1) أخرجه الشافعي في مسنده (860) 1: 332 كتاب الحج، باب فيما يباح للمحرم وما يحرم

وما بين المعكوفين زيادة من المسند.

(2)

أخرجه الشافعي في مسنده (848) 1: 326 كتاب الحج، باب فيما يباح للمحرم وما يحرم

ص: 151

وأما جواز فداء الذكر بالأنثى فلأنها أطيب لحماً منه فهي راجحة أو مساوية.

وأما فداء الأنثى بالذكر ففيه وجهان:

أحدهما: يجوز لأن لحمه أوفر ولحمها أطيب فيتساويان.

والثاني: لا يجوز قياساً على الزكاة.

ص: 152

فصل [في جزاء ملا مثل له]

قال المصنف رحمه الله: (الضرب الثاني: ما لا مثل له وهو سائر الطير، إلا ما كان أكبر من الحمام فهل يجب فيه قيمته أو شاة؟ على وجهين).

أما وجوب القيمة فيما لا مِثل له وليس أكبر من الحمام فلأن الأصل وجوب القيمة بدليل سائر المضمونات. تُرك ذلك فيما له مثل لقضاء الصحابة فيبقى فيما عداه على مقتضى الدليل.

وتعتبر القيمة موضع إتلافه كما لو أتلف مال آدمي.

وأما ما كان أكبر من الحمام ففيه وجهان:

أحدهما: تجب قيمته لما ذكرنا من مقتضى الدليل.

والثاني: (1) شاة على الوجه (2) فلأنها تجب في الحمام فلأن تجب فيما هو أكبر منه بطريق الأولى.

والمعنى بما هو أكبر من الحمام الحباري والكركي والحجل والإوز والكبير من طير الماء وما أشبه ذلك.

وقد روي عن ابن عباس وجابر وعطاء رضي الله عنهم: «أنهم قالوا في

(1) بياض في ج مقدار كلمة.

(2)

مثل السابق.

ص: 153

الحجلة والقطاة والحباري: شاة شاة. وزاد عطاء: في الكركي والكروان وابن الماء ودجاجة الحبش والحرب: شاة شاة» (1).

قال: (ومن أتلف جزءاً من صيد فعليه ما نقص من قيمته أو قيمة مثله إن كان مثلياً، وإن نَفّر صيداً فتلف بشيء ضمنه).

أما كون الجزء من الصيد إذا أُتْلف فيه ما نقص من قيمته إن لم يكن مثلياً فلأن الكل لو أُتْلف ولم يكن مثلياً وجبت فيه قيمته فكذلك الجزء.

وأما كونه فيه ما نقص من قيمة مثله إن كان مثلياً فلأن مقتضى الدليل إيجاب جزء من المثل كإيجاب جزء من القيمة بإتلاف جزء مما ليس بمثلي تُرك العمل به لأنه يؤدي إلى التشقيص فيجب أن يعدل إلى قيمة الجزء من المثل لأنها بدله.

فإن قيل: ما مثال نقصان القيمة ونقصان قيمة المثل؟

قيل: أما الأول فمثاله: أن يقوّم الصيد سليماً ثم يقوم مجنياً عليه فيجب ما بينهما. فلو كانت قيمته سليماً عشرة ومجنيّا عليه ثمانية فالواجب درهمان.

وأما الثاني فمثاله: أن يقوّم المثل سليماً ثم يقوّم وبه تلك الجناية فيجب مثل ما بين ذلك. فلو كانت قيمة مثله سليماً عشرة ومجنياً عليه ستة فالواجب عليه أربعة.

فإن قيل: أي فرق بين ما نقص من قيمته وبين ما نقص من قيمة مثله؟

قيل: الفرق بينهما أن المثل قد ينقص شيئاً لا ينقص الصيد بقدره وذلك أنه لو جنى على نعامة قيمتها صحيحة عشرون ومقطوعة يدها خمسة عشر فالنقصان هنا خمسة فإذا نظرت إلى مثلها كانت بدنة قيمتها سليمة مثلاً مائة ومقطوعة يدها خمسون فالنقصان

(1) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (8281) 4: 417 كتاب المناسك، باب الحمام وغيره من الطير يقتله المحرم. عن عطاء عن ابن عباس قال: «في الوحظي أو شبهه، والدبسي، والقطاة، والحباري، والقماري، والحجل، شاة شاة.

قال عبدالرزاق: أما ابن جريج فذكر عن عطاء أنه قال: في كل طير حمامة فصاعداً شاة شاة، قمري، أو دبسي والحجلة والقطاة والحباري يعني العصفور، والكروان والكركي وابن الماء، وأشباه هذا من الطير شاة

».

وذكره البيهقي في السنن الكبرى تعليقاً 5: 205 كتاب الحج، باب ما جاء في جزاء الحمام وما في معناه. بنحوه.

ص: 154

هنا خمسون فلو اعتبر نفس الصيد كان الواجب عليه خمسة وإن اعتبر المثل كان الواجب عليه خمسين.

وأما ضمان ما نفّره فتلف بشيء فـ «لأن عمر رضي الله عنه دخل دار الندوة فعلق رداءه فوقع عليه حمام فخاف أن يبول عليه فأطاره فانتهزته حية. فقال: أنا أطرته فسأل من معه فحكم عليه عثمان ونافع بن عبدالحارث بشاة» (1).

قال: (وإن جرحه فغاب ولم يعلم خبره فعليه ما نقصه. وكذلك إن وجده ميتاً ولم يعلم موته بجنايته. وإن اندمل غير ممتنع فعليه جزاء جميعه).

أما وجوب ما نقصه الجرح إذا جرحه فغاب ولم يعلم خبره فلأنه نقص حصل بفعله فوجب أن يضمنه كسائر مواضع الضمان.

وفي اقتصار المصنف رحمه الله على وجوب ما نقصه الجرح إشعار بأنه لا يجب ضمان جميعه وهو صحيح لأنه لا يعلم حصول التلف بفعله فلم يضمنه كما لو رمى سهماً إلى الصيد ولم يعلم هل وقع فيه أم لا.

وأما كون ما وجده ميتاً ولم يعلم موته بجنايته كما لو جرحه فغاب ولم يعلم خبره فلما ذكر من التعليل قبل.

وأما وجوب ضمان جميعه إذا اندمل غير ممتنع فلأنه عطله فصار بمنزلة المتلَف.

قال: (وإن نتف ريشه فعاد فلا شيء عليه. وقيل: عليه قيمة الريش).

أما عدم وجوب شيء بنتف الريش العائد على المذهب فلأن النقص زال أشبه ما لو اندمل الجرح.

وأما وجوب قيمة الريش على وجه فلأن الثاني غير الأول.

(1) أخرجه الشافعي في مسنده (861) 1: 332 كتاب الحج، باب فيما يباح للمحرم وما يحرم

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 205 كتاب الحج، باب ما جاء في جزاء الحمام وما في معناه.

ص: 155

قال: (وكلَّ ما قتل صيداً حكم عليه. وإن اشترك جماعة في قتل صيد فعليهم جزاء واحد. وعنه: على كل واحد جزاء. وعنه: إن كفروا بالمال فكفارة واحدة، وإن كفروا بالصيام فعلى كل واحد كفارة).

أما الحكم على قاتل الصيد بالجزاء كلما قتل فلما تقدم في قوله: وإن قتل صيداً بعد صيد في فصل "من كرر محظوراً"(1) لأنه قد ذكر ثَمّ فلا حاجة إلى إعادته.

وأما إذا اشترك جماعة في قتل صيد ففيه ثلاث روايات:

إحداها: يجب عليهم كلهم جزاء واحد لأن الله تعالى قال: {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95] فلو تعدد الجزاء لِتَعَدُّدِ القاتل لكان ذلك زائداً على المثل وهو خلاف النص. ويلزم من كون الجزاء في المثل واحداً كون القيمة والصوم كذلك لأنهما معطوفان عليه.

والثانية: يجب على كل واحد جزاء لأن ذلك كفارة يدخلها الصوم فوجب تعدده ككفارة قتل الآدمي.

والثالثة: إن كفروا بالمال فكفارة واحدة وإن كفروا بالصيام فعلى كل واحد كفارة لأن الصوم كفارة فوجب أن يكمل في حق الفاعل ككفارة قتل الآدمي بخلاف المال فإنه ليس بكفارة وإنما هو بدل متلف فوجب أن لا يكمل كالدية.

والأولى أصح؛ لما ذكر.

ولأنه يروى عن عمر وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم (2).

ولأنه جزاء عن مقتول يختلف باختلافه فكان واحداً كالدية، أو كما لو كان القاتل واحداً. وفارق هذا الكفارة في قتل الآدمي لأنها تختلف باختلاف المقتول فلا تتبعض بخلاف مسألتنا.

(1) ص: 143.

(2)

لم أقف عليه وقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن عمر «أنه سئل عن قوم من المشاة قتلوا صيداً قال: عليهم جزاء واحد» (15242) 3: 373 كتاب الحج، في القوم يشتركون في الصيد وهم محرمون.

ص: 156