المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الشروط في البيع - الممتع في شرح المقنع - ت ابن دهيش ط ٣ - جـ ٢

[ابن المنجى، أبو البركات]

الفصل: ‌باب الشروط في البيع

‌باب الشروط في البيع

الشروط: جمع شرط. والشرط في اللغة: ما يلزم من وجوده وجود المشروط.

وفي الشرع: ما يلزم من عدمه عدمه كالوضوء للصلاة والملك في البيع.

قال المصنف رحمه الله: (وهي ضربان: صحيح. وهو ثلاثة أنواع:

أحدها: شرط مقتضى البيع كالتقابض وحلول الثمن ونحوه فلا يؤثر فيه).

أما كون الشروط في ضربين: صحيحاً وفاسداً؛ فلأن منها ما يوافق مقتضى العقد ومنها ما ينافيه، والأول صحيح والثاني فاسد.

وأما كون الصحيح ثلاثة أنواع: فلأنه تارة يكون شرط مقتضى البيع، وتارة شرطاً من مصلحة العقد، وتارة شرطاً لنفع.

وأما كون شرط مقتضى البيع لا يؤثر فيه؛ فلأنه شرط يقتضيه البيع فجرى مجرى التوكيد وذلك لا يؤثر فساداً في المؤكد بل يؤكده ويقويه فكذا ما يجري مجراه.

وأما قول المصنف رحمه الله: كالتقابض وحلول الثمن فتمثيل للشرط الصحيح الذي هو مقتضى البيع.

قال: (الثاني: شرط من مصلحة العقد، كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله أو الرهن والضمين به (1)، أو صفة في المبيع نحو: كون العبد كاتباً، أو خصياً، أو صانعاً، أو مسلماً، أو الأمة بكراً، والدابة هملاجة، والفهد صيوداً، فيصح البيع. فإن وفى به وإلا فلصاحبه الفسخ).

أما كون اشتراط شرط من مصلحة العقد يصح؛ فلأن الرغبات تختلف باختلاف ذلك، والبيع إنما جاز ليحصل لكل واحد من المتعاقدين مقصوده فلو لم يصح اشتراط ما ذكر لم تحصل الحكمة التي شرع البيع لأجلها.

(1) في هـ: فيه.

ص: 416

وأما قول المصنف: كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله أو الرهن والضمين؛ فتمثيل لكون الثمن ذا صفةٍ شرطُها من مصلحة العقد.

وأما قوله: أو صفة في المبيع نحو كون العبد كاتباً

إلى آخره؛ فتمثيل لكون المبيع ذا صفة شرطها من مصلحة العقد.

وأما كون الفسخ لمن شرط له إذا لم يف من شرطه له به؛ فلأنه لم يحصل له ما شرط له فكان له الفسخ كما لو ظهر المبيع معيباً.

قال: (وإن شرطها ثيباً كافرة فبانت بكراً مسلمة فلا فسخ له، ويحتمل أن له الفسخ؛ لأن له فيه قصداً).

أما كون من شرط ما ذكر وشبهه لا فسخ له على المذهب؛ فلأنه حصل له أكمل مما شرط فلم يملك الفسخ به كما لو شرط كون الغلام كاتباً فظهر كاتباً عالماً.

وأما كونه يحتمل أن له الفسخ فلما ذكره المصنف رحمه الله؛ وذلك أن المشتري قد لا يطيق وطء البكر، وقد يكون غرضه من الذمية كونها لا تغتسل من الجنابة على ما فيه من الخلاف.

فإن قيل: قول المصنف رحمه الله: ثيباً كافرة يلحظ فيه اجتماع الوصفين جميعاً؟

قيل: ليس مراده ذلك بل مراده متى شرط الأدنى عادة كالثيوبة والكفر فظهر على خلاف ذلك كالبكارة أو الإسلام. ولذلك قيل في الشرح ما ذكر وشبهه ليدخل في المسألة ما صرح به المصنف رحمه الله وما يشبهه.

قال: (وإن شرط الطائر مصوتاً أو أنه يجيء من مسافة معلومة صح. وقال القاضي: لا يصح).

أما كون شرط ما ذكر يصح على قول غير القاضي؛ فلأن التصويت والمجيء من مسافة معلومة قد يكون فيهما غرض صحيح.

وأما كونه لا يصح على قول القاضي؛ فلأن التصويت والمجيء غير معلومين فلم يصح اشتراطهما كالأجل المجهول. قال: (الثالث: أن يشترط البائع نفعاً معلوماً في المبيع كسكنى الدار شهراً وحُمْلان البعير إلى موضع معلوم، أو يشترط المشتري نفع البائع في المبيع كحمل الحطب

ص: 417

وتكسيره وخياطة الثوب وتفصيله فيصح. وذكر الخرقي في جز الرطبة إن شرطه على البائع لم يصح فيخرج هاهنا مثله. وإن جمع بين شرطين لم يصح (1».

أما كون اشتراط البائع نفعاً معلوماً في المبيع كما مثل المصنف رحمه الله وشبهه يصح؛ فـ «لأن جابراً باع بعيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم واستثنى حملانه إلى المدينة» (2) رواه البخاري.

ولأن اشتراط ذلك أكثر ما فيه أنه يتأخر التسليم مدة معلومة فصح اشتراطه كما لو باع أمة مزوجة أو داراً مؤجرة أو شجرة مؤبرة.

وأما كون اشتراط المشتري نفع البائع في المبيع كما مثّله المصنف رحمه الله وشبهه يصح؛ فلأن كل واحد من العقد والشرط يصح منفرداً فإذا جمعا صح كالعينين.

و«لأن محمد بن مسلمة اشترى من نبطي جُرْزة حطب وشارطه على حملها» .

وأما كون عدم الصحة هنا يخرج على قول الخرقي لا يصح اشتراط جز الرطبة على البائع؛ فلأن الشرط هنا مثله.

وقال المصنف رحمه الله في المغني: قول الخرقي في جز الرطبة يحتمل أن البطلان يختص به (3) لإفضائه إلى التنازع لأن البائع ربما أراد قطعها من أعلاها ليبقى له منها بقية، والمشتري يريد (4) الاستقصاء عليها ليزيد له ما يأخذه. ويحتمل أن يقاس عليه ما أشبهه من اشتراطه منفعة البائع.

والأول أولى؛ لوجهين:

أحدهما: أنه قال في موضع آخر في البيع: لا يبطله شرط واحد.

والثاني: أن المذهب في غير هذا الموضع أنه يصح اشتراط ذلك.

وأما إذا جمع بين شرطين فظاهر كلام المصنف رحمه الله: أن الجمع بينهما لا يصح سواء كانا صحيحين أو فاسدين.

(1) ساقط من هـ.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (2569) 2: 968 كتاب الشروط، باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز.

وأخرجه مسلم في صحيحه (715) 3: 1221 كتاب المساقاة، باب بيع البعير واستشاء ركوبه.

(3)

في هـ: له.

(4)

ساقط من هـ.

ص: 418

وعن الإمام أحمد في ذلك (1) روايتان:

أحدهما: أنهما شرطان صحيحان ليسا من مصلحة العقد.

والثانية: أنهما أن لا يبيع الجارية من أحد وأن لا يطأها وهذان فاسدان.

وقال القاضي في المجرد: ظاهر كلامه أنه متى شرط في العقد شرطين بطلا سواء كانا صحيحين أو فاسدين أخذاً بظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا شرطان في بيع» (2).

قال المصنف رحمه الله في المغني: الذي قاله القاضي صحيح إلا أنه استثنى الشرطين إذا كانا من مقتضى العقد كشرط تسليم المبيع ونقد الثمن. وتصحيح المصنف رحمه الله قول القاضي يدل على إرادة ذلك فيكون هنا قد أراد بكلامه ظاهره. وقد تضمن كلام القاضي الدليل على أنه لا يصح اشتراط شرطين مطلقاً فلا حاجة إلى إعادته.

(1) مثل السابق.

(2)

سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 419

فصل [في الشروط الفاسدة]

قال المصنف رحمه الله: (الضرب الثاني: فاسد. وهو ثلاثة أنواع:

أحدها: أن يشترط أحدهما على صاحبه عقداً آخر كسلف أو قرض أو بيع أو إجارة أو صرف الثمن أو غيره فهذا يبطل البيع. ويحتمل أن يبطل الشرط وحده).

أما كون الضرب الثاني: فاسد؛ فلأن الأول صحيح فيكون الثاني فاسداً.

وأما كون الفاسد ثلاثة أنواع؛ فلأنه تارة يكون شرط عقد آخر، وتارة شرط ما نافى مقتضى البيع، وتارة شرط يعلق البيع.

وأما قول المصنف رحمه الله: كسلف

إلى أو غيره؛ فتمثيل لصور عقد آخر.

وأما كون الشرط المذكور يبطل البيع المذكور على المذهب؛ فلأنه بيع منهي عنه لأجل الشرط فأبطله. ضرورة أن النهي عن الشيء يقتضي فساده وبطلانه. بيان كونه منهياً عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع» (1). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

و«نهى عن بيع وشرط» (2)، و «عن بيعتين في بيعة» (3). وهذا منه.

ولأن ما ذكر شروط فاسدة فأبطل العقد أحدها كما لو شرط أن لا يسلم المبيع إليه.

(1) أخرجه أبو داود في سننه (3504) 3: 283 كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده.

وأخرجه الترمذي في جامعه (1234) 3: 535 كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك.

وأخرجه النسائي في سننه (4611) 7: 288 كتاب البيوع، بيع ما ليس عند البائع.

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط 1 ل 264.

(3)

سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 420

وأما كونه يحتمل أن يبطل الشرط وحده؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم صَحَّحَ بيع بريرة، وأبطل الشرط الفاسد المشروط في بيعها (1).

قال المصنف رحمه الله في المغني: المنصوص عن أحمد أن البيع صحيح وهو ظاهر كلام الخرقي.

فعلى هذا للبائع الرجوع بما نقص من الثمن لأجل الشرط لأنه إنما سمح ببيعه بالثمن المسمى لأجل الشرط فإذا لم يحصل وجب الرجوع بما سمح به.

قال: (الثاني: شرط ما نافى مقتضى البيع نحو أن يشترط أن لا خسارة عليه، أو متى نفق المبيع وإلا رده، أو أن لا يبيع ولا يهب ولا يعتق، أو إن أعتق فالولاء له، أو يشترط أن يفعل ذلك: فهذا باطل في نفسه. وهل يبطل البيع؟ على روايتين. إلا إذا شرط العتق ففي صحته روايتان:

إحداهما: يصح ويجبر عليه إن أباه. وعنه: فيمن باع جارية وشرط على المشتري إن باعها فهو أحق بها بالثمن أن البيع جائز، ومعناه والله أعلم أنه جائز مع فساد الشرط.

وإن شرط رهناً فاسداً أو نحوه فهل يبطل؟ على وجهين).

أما كون كل واحد مما ذكر من (2) الشروط غير شرط العتق باطلاً في نفسه؛ فلأنه شرط ينافي مقتضى العقد.

و«لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة لما أرادت شراء بريرة فاشترط أهلها ولاءها: اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق. ثم قال: من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط» (3) متفق عليه.

وأما كونه لا يبطل البيع على روايةٍ فلحديث بريرة.

(1) سيأتي ذكر حديث بريرة وتخريجه في الحديث التالي.

(2)

في هـ: مثل.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه (2579) 2: 972 كتاب الشروط، باب الشروط في الولاء.

وأخرجه مسلم في صحيحه (1504) 2: 1141 كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق.

ص: 421

وأما كونه يبطله على روايةٍ؛ فلأنه إذا بطل الشرط وجب رد ما في مقابلته من الثمن وذلك مجهول فيصير الثمن مجهولاً.

وأما كون شرط العتق يصح في المذهب؛ فلأن عائشة اشترت بريرة لتعتقها فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم.

فعلى هذا إن أعتقه فلا كلام وإن لم يعتقه أجبر عليه؛ لأن شرط العتق إذا صح تعلق بعينه فأجبر عليه كما لو نذر عتقه.

وأما كونه لا يصح في روايةٍ فلأنه (1) شرط ينافي مقتضى العقد أشبه ما إذا شرط عليه أن لا يبيعه، أو شرط عليه إزالة ملكه.

وأما قول المصنف رحمه الله: وعنه فيمن باع جارية

إلى آخره؛ فمعناه أنه نقل عن الإمام أحمد هذه الرواية وربما توهم منها صحة الشرط لسكوته عن فساده وليس كذلك بل معناه والله أعلم أن البيع جائز مع فساد الشرط.

وأما كون من شرط رهناً فاسداً ونحوه هل يبطل البيع؟ على وجهين؛ فلأن شرط ذلك كشرط الشرط الفاسد معنى فكذا يجب أن يكون حكماً.

قال: (الثالث: أن يشترط شرطاً يعلق البيع كقوله: بعتك إن جئتني بكذا أو إن رضي فلان، أو يقول للمرتهن: إن جئتك بحقك في محله وإلا فالرهن لك فلا يصح البيع. إلا بيع العربون وهو: أن يشتري شيئاً ويعطي البائع درهماً ويقول للمشتري: إن أخذته وإلا فالدرهم لك. فقال أحمد: يصح؛ لأن عمر فعله. وعند أبي الخطاب لا يصح).

أما كون البيع لا يصح إذا شرط فيه شرطاً يعلقه كما تقدم ذكره ونحوه؛ فلأن مقتضى البيع نقل الملك حال التبايع والشرط هنا يمنعه.

وأما كونه لا يصح إذا قال الراهن للمرتهن: إن جئتك بحقك في محله وإلا فالرهن لك؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَغْلَقُ الرهْن» (2) رواه الأثرم.

ومعناه ما ذكر. قاله أبو عبيد في غريبه، وأنشد عليه:

(1) في هـ: فلا.

(2)

سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

ص: 422

وفارقتك برهن لا فكاك له

يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا

يعني أنها ارتهنت قبله فذهبت به.

وأما كون بيع العربون يصح على قول الإمام أحمد؛ فلما ذكره المصنف رحمه الله من أن عمر فعله وذلك لأنه روي عنه «أنه اشترى داراً للسجن من صفوان فإن رضي عمر وإلا له كذا وكذا (1» ) (2).

وأما كونه لا يصح على قول أبي الخطاب؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربون» (3) رواه ابن ماجة.

ولأنه شرط للبائع شيئاً بغير عوض أشبه ما لو شرطه لأجنبي.

وأما قول المصنف رحمه الله: وهو أن يشتري شيئاً ويعطي البائع درهماً ويقول: إن أخذته وإلا فالدرهم لك؛ فبيان لمعنى بيع العربون شرعاً.

قال: (وإن قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث وإلا فلا بيع بيننا فالبيع صحيح نص عليه. وإن باعه وشرط البراءة من كل عيب لم يبرأ. وعنه: يبرأ إلا أن يكون البائع علم العيب فكتمه).

أما كون البيع صحيحاً إذا قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث وإلا فلا بيع بيننا؛ فلأن ذلك يروى عن عثمان.

ولأن اشتراط الخيار في البيع جائز والشرط المذكور في معناه.

ولأنه نوع بيع فجاز أن يفسخ بتأخر القبض كالصرف.

وأما كون البائع لا يبرأ إذا شرط البراءة من كل عيب علم أو لم يعلم على المذهب؛ فلأنه شرط يرتفق به أحد المتعاقدين فلا يصح كالأجل المجهول والرهن المجهول.

وأما كونه يبرأ مع الجهل ولا يبرأ مع العلم على روايةٍ وهو المعني بقول المصنف رحمه الله: وعنه لا يبرأ إلا أن يكون البائع علم العيب فكتمه؛ فلما روي «أن عبدالله

(1) ساقط من هـ.

(2)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6: 34 كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع دور مكة

(3)

أخرجه أبو داود في سننه (3502) 3: 283 كتاب البيوع، باب في العُربان.

وأخرجه ابن ماجة في سننه (2192) 2: 738 كتاب التجارات، باب بيع العربان.

ص: 423

بن عمر رضي الله عنه باع عبداً من زيد بن ثابت وشرط البراءة بثمانمائة درهم. فأصاب به زيد عيباً. فأراد رده على ابن عمر. فلم يقبله فترافعا إلى عثمان. فقال عثمان لابن عمر: أتحلف أنك لم تعلم بهذا العيب؟ فقال: لا. فرده عليه» (1). وهذه قضية اشتهرت ولم تنكر فكان إجماعاً.

وروي عن الإمام أحمد أنه يبرأ مع العلم والجهل لأن البراءة من المجهول صحيحة لما روت أم سلمة «أن رجلين اختصما في مواريث درست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استهما وتوخيا الحق وليحلل كل واحد منكما صاحبه» (2).

ولأنه إسقاط حق لا تسليم فيه فصح في المجهول كالعتاق والطلاق وإذا صحت البراءة من المجهول وجب صحة الشرط لأنه إبراء من مجهول.

ولأنه عيب رضي به (3) المشتري فبرئ منه البائع كما لو أطلعه عليه.

(1) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (14722) 8: 163 كتاب البيوع، باب البيع بالبراءة

وأخرجه مالك في الموطأ (4) 2: 477 كتاب البيوع، باب العيب في الرقيق.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 328 كتاب البيوع، باب بيع البراءة.

(2)

سيأتي تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

(3)

ساقط من هـ.

ص: 424

فصل

قال المصنف رحمه الله: (وإن باعه داراً على أنها عشرة أذرع فبانت أحد عشر فالبيع باطل. وعنه: أنه صحيح والزائد للبائع ولكل واحد منهما الفسخ فإن اتفقا على إمضائه جاز وإن بانت تسعة فهو باطل. وعنه: أنه صحيح والنقص على البائع وللمشتري الخيار بين الفسخ وأخذ المبيع بقسطه من الثمن فإن اتفقا على تعويضه عنه جاز).

أما كون البيع باطلاً إذا بان المبيع أزيد أو أنقص على الرواية الأولى؛ فلأنه لا يمكن إجبار أحد المتبايعين على تسليم الزائد ولا على أخذ البعض لما فيه من ضرر الشركة أو النقصان عن حقه.

وأما كونه صحيحاً على الرواية الثانية؛ فلأن ذلك نقص على المشتري من جهة الحقيقة أو من جهة المعنى فلا يمنع صحة البيع كالعيب. فعلى القول بالبطلان لا إشكال، وعلى القول بالصحة يكون الزائد فيما إذا بان زائداً للبائع لأنه لم يبعه ولكل واحد منهما الخيار لأن على كل واحد منهما ضرراً بالشركة.

وقال المصنف في المغني: يخير البائع بين دفع المبيع زائداً وبين دفع قدر المبيع فإن اختار تسليمه زائداً فلا خيار للمشتري لأنه زاده خيراً فيما إذا بان زائداً ويكون النقصان فيما إذا بان ناقصاً على البائع لأنه التزمه بالبيع ولا خيار للبائع لأنه لا ضرر عليه في ذلك وللمشتري الخيار بين الفسخ لنقصه وبين أخذ المبيع بقسطه من الثمن لأن الثمن يقسط على كل جزء من أجزاء المبيع فإذا فات جزء استحق ما قابله من الثمن.

وأما كونه يجوز إمضاء العقد في الزائد مع الاتفاق والتعويض في النقص معه؛ فلأن الحق لهما لا يعدوهما فإذا اتفقا عليه جاز كحالة الابتداء.

ص: 425