الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«حكم تعلّم التجويد وبيان معناه»
قال ابن الجزري:
والأخذ بالتّجويد حتم لازم
…
من لم يجوّد القرآن آثم
لأنّه به الإله أنزلا
…
وهكذا عنه إلينا وصلا
وهو إعطاء الحروف حقّها
…
من صفة لها ومستحقّها
مكمّلا من غير ما تكلّف
…
باللّطف في النّطق بلا تعسّف
المعنى: بعد أن بيّن المؤلف رحمه الله تعالى في البيت السابق الأصول التي يقرأ بها «القرآن» شرع في بيان حكم تعلّم التجويد، وبيان معناه، فبيّن أنّ العمل بأحكام التجويد أمر واجب على كل من يريد أن يقرأ شيئا من القرآن، إذ بالتجويد يحفظ الإنسان لسانه عن الخطإ في «القرآن» ثمّ بيّن الدليل على وجوب تعلّم أحكام التجويد بقوله:
لأنه به الإله أنزلا
…
وهكذا عنه إلينا وصلا
أي أنّ «القرآن» نزل من عند الله تعالى مجوّدا على الهادي البشير صلى الله عليه وسلم، والصحابة أخذوه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مجوّدا، والتابعون نقلوه عن الصحابة مجوّدا، وهكذا تتابع حفّاظ القرآن يتلقّونه مجوّدا حتى وصل إلينا، ونحن ولله الحمد والشكر تلقيناه عن شيوخنا مجوّدا، وعلمناه أبناءنا مجوّدا، وهكذا سيظل القرآن يقرأ مجوّدا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ومما يثلج صدري وتطمئن إليه نفسي القراءة المجوّدة التي يقدمها الأطفال الصّغار في برنامج «في رياض القرآن» وغيره من البرامج التي على شاكلته، والتي تذاع في الصباح والمساء.
وممّا هو جدير بالذكر في هذا المقام أننا نسمع «القرآن» من جميع وسائل الإعلام: المسموعة، والمرئيّة، في سائر أنحاء العالم يقرأ مجوّدا، فالحمد لله رب العالمين.
ثمّ بيّن المؤلف رحمه الله تعالى معنى التجويد فقال:
وهو إعطاء الحروف حقّها
…
من صفة لها ومستحقّها
مكمّلا من غير ما تكلّف
…
باللّطف في النّطق بلا تعسّف
أي التجويد: إخراج كل حرف من مخرجه مع إعطائه حقّه ومستحقّه، وحقّ الحرف صفاته الذّاتيّة، ومستحقه: صفاته العرضيّة، ولا يعرف ذلك معرفة تامّة إلّا بدراسة أحكام التجويد دراسة علميّة، وعمليّة، على علماء القرآن والقراءات، وهي سهلة وميسّرة بإذن الله.
قال ابن الجزري:
فرقّقن مستفلا من أحرف
…
وحاذرن تفخيم لفظ الألف
كهمز الحمد أعوذ اهدنا
…
الله ثمّ لام لله لنا
وليتلطف وعلى الله ولا الض
…
والميم من مخمصة ومن مرض
وباء بسم باطل وبرق
…
وحاء حصحص أحطت الحقّ
وبيّن الإطباق من أحطت مع
…
بسطت والخلف بنخلقكم وقع
المعنى: بعد أن تحدث المؤلف رحمه الله تعالى عن حكم تعلّم التجويد، وبيّن معناه، شرع يرشد قارئ القرآن إلى بعض أحكام التجويد فبيّن أنّ الحروف المستفلة وهي التي كثرت صفاتها الضعيفة التي هي: الهمس، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والذلاقة، واللين.
هذه الحروف يجب على القارئ أن ينطق بها مرقّقة.
والترقيق لغة: التّنحيف. واصطلاحا: عبارة عن نحول يدخل على الحرف عند النطق به، حتى يمتلئ الفم بصداه.
وضدّ الترقيق التفخيم، وهو لغة: التسمين.
والتفخيم: عبارة عن سمين يدخل على صوت الحرف عند النطق به حتى يمتلئ الفم بصداه.
والتفخيم، والتغليظ، لفظان مترادفان بمعنى واحد، إلّا أنه اشتهر استعمال عبارة «التغليظ» في باب «اللام» وعبارة «التفخيم» في باب «الراء» .
واعلم أن حروف الهجاء تنقسم ثلاثة أقسام:
القسم الأول: حروف مفخمة، وهي سبعة مجموعة في كلمة:«خصّ ضغط قظ» .
والقسم الثاني: حروف مرققة وهي تسعة عشر حرفا وهي: ء- ب- ت- ث- ج- ح- د- ذ- ر- ز- س- ش- ع- ف- ك- م- ن- هـ- وي.
والقسم الثالث: حروف لها حالتان وهي: الألف، واللام، والراء:
فالألف: تفخم إذا كان الحرف الذي قبلها مفخما مثل: «قال» وترقق إذا كان الحرف الذي قبلها مرققا مثل: «باع» .
واللام: حكمها الترقيق إلّا إذا كانت في كلمة: «الله» وكان قبلها فتح مثل: «قال الله» أو ضم نحو: «أتى أمر الله» فإنها تفخم.
أمّا «الراء» فتارة تكون متحركة، وأخرى ساكنة:
فالمتحركة: إن كانت مكسورة نحو: «الغرمين» فلا خلاف في ترقيقها.
وإن كانت مفتوحة نحو: «الرّحمن» أو مضمومة نحو: «الرّوح» فلا خلاف في تفخيمها.
والساكنة: إمّا أن يكون سكونها ثابتا وصلا ووقفا، أو وقفا فقط:
فإن كان سكونها ثابتا وصلا، ووقفا، وكانت بعد فتح نحو:«وارزقنا» أو ضمّ نحو: «اركض» فحكمها التفخيم.
وإن كانت ساكنة بعد كسر أصليّ متصل بها، ولم يقع بعدها حرف
استعلاء في كلمتها مثل: «فرعون» فحكمها الترقيق.
وإن كانت ساكنة ووقعت بعد كسر عارض نحو: «إن ارتبتم» فتفخّم.
وإن كانت ساكنة بعد كسر ووقع بعدها حرف من حروف الاستعلاء، وكانا معا في كلمة واحدة نحو:«قرطاس» فحكمها التفخيم.
إلّا إذا كان حرف الاستعلاء مكسورا نحو: «فرق» فإنها حينئذ يجوز تفخيمها، وترقيقها.
أمّا إذا كان حرف الاستعلاء في كلمة أخرى نحو: «فاصبر صبرا جميلا» ، فإنها حينئذ ترقق.
وإن كان سكونها للوقف ووقعت بعد كسر متصل نحو: «واصبر» أو بعد ياء ساكنة نحو: «المصير» فحكمها حينئذ الترقيق.
وإن وقعت بعد كسر، وفصل بينها وبين الكسر حرف ساكن من غير حروف الاستعلاء نحو:«الذّكر» فحكمها أيضا الترقيق.
أمّا إذا كان الساكن الفاصل بينها وبين الكسر «صادا» نحو: «مصر» أو «طاء» نحو: «القطر» فإنه يجوز التفخيم، والترقيق.
إلّا أنّ المختار في راء «مصر» التفخيم، وفي راء «القطر» الترقيق.
ثم أخذ «ابن الجزري» رحمه الله تعالى يحذّر القارئ من تفخيم بعض الحروف المستفلة على سبيل المثال.
وهذه الحروف هي:
1 -
ألف الوصل في نحو قوله تعالى الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. (سورة الفاتحة الآية 2).
2 -
الهمزة، في نحو:«أعوذ» .
3 -
اللام، في نحو:«لله» ، لنا، وليتلطّف، ولا الضالّين.
4 -
الميم، في نحو: مخمصة»، «مرض» .
5 -
الباء، في نحو:«بسم الله» ، «باطل» ، «وبرق» .
6 -
الحاء، في نحو:«حصحص» ، «أحطت» ، «الحق» .
7 -
الطاء، في نحو:«أحطت» «بسطت» .
أمّا كلمة «نخلقكم» من قوله تعالى: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (سورة المرسلات الآية 20). فإن علماء القراءات اختلفوا في إدغام القاف في الكاف:
فذهب «الإمام أبو عمرو الداني» ت 444 هـ وجماعة من القراء إلى إدغام القاف في الكاف إدغاما كاملا من غير إبقاء صفة الاستعلاء التي في القاف.
وذهب «مكي بن أبي طالب» ت 437 هـ إلى إدغام القاف في الكاف إدغاما ناقصا تبقى معه صفة الاستعلاء التي في القاف.
(والله أعلم)