الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«باب الاستعاذة»
قال ابن الجزري:
وقل أعوذ إن أردت تقرا
…
كالنّحل جهرا لجميع القرّا
المعنى: أي هذا باب يذكر فيه المؤلف مذاهب القراء في الاستعاذة قبل الشروع في القراءة، إذا فهو خبر مبتدإ محذوف، وبدأ المؤلف رحمه الله تعالى بهذا الباب لأن الاستعاذة أول ما يبدأ بها القارئ عند الشروع في القراءة.
والاستعاذة: طلب العوذ من الله تعالى، وهي عصمته.
والعوذ: مصدر عاذ بكذا: أي استجار به وامتنع. وهذا البيت يتحدّث عن صيغة الاستعاذة: والمختار في صيغتها لجميع القراء عند إرادة القراءة:
«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» والمختار لهم أيضا الجهر بها. وهذه الصيغة هي الواردة في قوله تعالى في سورة النحل:
فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (سورة النحل الآية 98).
قال ابن الجزري:
وإن تغيّر أو تزد لفظا فلا
…
تعد الّذي قد صحّ ممّا نقلا
المعنى: يجوز لقارئ القرآن أن يغيّر صيغة الاستعاذة الواردة في سورة
«النحل» بقصد الزيادة في تنزيه الله تعالى. ولكن ذلك التغيير مشروط بأن لا يتجاوز ما ورد عن أئمة القراءة:
فمن ذلك ما روي عن «الأعمش سليمان بن مهران» ت 148 هـ: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم» «1» وما روي عن «الحسن البصري» ت 110 هـ:
«أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم» وإدغام الهاء في الهاء «2» .
قال ابن الجزري:
وقيل يخفي حمزة حيث تلا
…
وقيل لا فاتحة وعلّلا
المعنى: هذا البيت يتحدث عن: إخفاء الاستعاذة. فهو كالاستدراك على قوله السابق: «جهرا لجميع القرّا» وقد ورد عن «حمزة» روايتان في إخفاء الاستعاذة سوى الجهر:
الرواية الأولى: الإخفاء مطلقا: أي حيث قرأ سواء كان أوّل السورة، أو أثناءها، ووجه ذلك ليفرق «حمزة» بين القرآن وغيره.
والرواية الثانية: الجهر بالاستعاذة أوّل سورة «الفاتحة» وإخفاؤها فيما عدا أوّل الفاتحة.
ووجه تخصيص الفاتحة بالجهر: الفرق بين ابتداء القرآن وغيره، وذلك أن القرآن عنده كالسورة الواحدة.
وهذان القولان ضعيفان، والأصح الجهر «لحمزة» كباقي القراء.
والذي تلقيته، وقرأت به عن شيوخي رحمهم الله تعالى الجهر بالاستعاذة
(1) أنظر: إيضاح الرموز ومفتاح الكنوز في القراءات الأربع عشرة/ الورقة 4/ ب مخطوط يحققه الطالب/ أحمد خالد شكري لنيل الدكتوراة بإشرافنا.
(2)
أنظر: المرجع المتقدم الورقة 4/ ب، والكتاب للقباقبي.
لجميع القراء العشرة بما فيهم «حمزة» .
والمختار في ذلك لجميع القراء العشرة التفصيل:
فيستحب إخفاء الاستعاذة في مواطن، والجهر بها في مواطن:
فمواطن الإخفاء أربعة:
الأول: إذا كان القارئ يقرأ سرّا، سواء كان يقرأ منفردا، أو في مجلس.
الثاني: إذا كان خاليا وحده، سواء قرأ سرّا، أو جهرا.
الثالث: إذا كان في الصلاة، سواء كانت الصلاة سرّية، أو جهريّة.
الرابع: إذا كان يقرأ مع جماعة يتدارسون القرآن، ولم يكن هو المبتدئ بالقراءة.
وما عدا ذلك يستحب فيه الجهر بالاستعاذة.
فائدة: لو قطع القارئ قراءته لعذر طارئ، كالعطاس، أو التّنحنح، أو لكلام يتعلق بمصلحة القراءة لا يعيد الاستعاذة.
أمّا لو قطعها إعراضا عن القراءة، أو لكلام لا تعلق له بالقراءة، ولو «ردّ السلام» فإنه يستأنف الاستعاذة.
قال ابن الجزري:
وقف لهم عليه أو صل واستحب
…
تعوّذ وقال بعضهم يجب
المعنى: تضمن هذا البيت الحديث عن قضيتين:
الأولى: إذا كان القارئ مبتدئا بأوّل سورة سوى «براءة» تعيّن عليه الإتيان بالبسملة كما سيأتي أثناء الحديث عن «البسملة» وحينئذ يجوز له بالنسبة للوقف على الاستعاذة، أو وصلها بالبسملة أربعة أوجه:
الأول: الوقف على كل من: الاستعاذة، والبسملة، ويسمّى قطع الجميع.
الثاني: الوقف على الاستعاذة، ووصل البسملة بأوّل السورة، ويسمّى قطع
الأول، ووصل الثاني بالثالث.
الثالث: وصل الاستعاذة بالبسملة والوقف على البسملة، ويسمّى وصل الأوّل بالثاني، وقطع الثالث.
الرابع: وصل الاستعاذة بالبسملة مع وصل البسملة بأوّل السورة، ويسمى وصل الجميع.
أمّا إذا كان القارئ مبتدئا بأول سورة «براءة» فإنه يجوز له وجهان:
الأول: الوقف على الاستعاذة، والبدء بأوّل السورة بدون بسملة.
الثاني: وصل الاستعاذة بأوّل السورة بدون بسملة أيضا.
القضية الثانية: اختلف القراء في معنى قوله تعالى: فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ (سورة النحل الآية 98) هل الطلب للوجوب، أو النّدب:
فذهب جمهور أهل الأداء إلى أنه على سبيل الندب ولو تركها القارئ لا يكون آثما.
وذهب بعض العلماء إلى أنه على سبيل الوجوب، وقالوا: إن الاستعاذة واجبة عند إرادة القراءة.
وبناء على هذا المذهب لو ترك القارئ الاستعاذة يكون آثما.
تمّ باب الاستعاذة ولله الحمد والشكر