الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختلّ ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها: ضعيفة أو شاذّة، أو باطلة.
سواء كانت عن السبعة، أو عمّن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عن أئمّة التحقيق من: السلف والخلف. صرح بذلك:
1 -
الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ت 444 هـ.
2 -
أبو محمد مكّي بن أبي طالب ت 437 هـ.
3 -
الإمام أبو العباس أحمد بن عمّار المهدوي ت 430 هـ.
4 -
أبو القاسم عبد الرحمن بن اسماعيل أبو شامة ت 665 هـ.
فلا ينبغي أن يغترّ بكلّ قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة، ويطلق عليها لفظ الصحة وإن هكذا أنزلت إلّا إذا دخلت في ذلك الضابط، وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنّف عن غيره، ولا يختصّ ذلك بنقلها عنهم، بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة، فإن الاعتماد في استجماع تلك الأوصاف، لا عمّن تنسب إليه، فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة، وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه، والشّاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم، وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم» «1» .
قال ابن الجزري:
وأصل الاختلاف أن ربّنا
…
أنزله بسبعة مهوّنا
وقيل في المراد منها أوجه
…
وكونه اختلاف لفظ أوجه
المعنى: يشير «ابن الجزري» رحمه الله تعالى بهذين البيتين إلى الأحاديث الواردة في نزول القراءات على الهادي البشير صلى الله عليه وسلم «2» . وأقول: لقد تواتر الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنّ القرآن الكريم أنزل على سبعة أحرف.
(1) انظر: المزيد من هذا في النشر بتحقيقنا ج 1/ 53 - 60 وانظر هذا المبحث مفصلا في كتابنا في رحاب القرآن ج 1/ 405 - 423.
(2)
لقد وفّيت الكلام على ذلك مفصّلا في كتابي: في رحاب القرآن ج 1/ 211 - 262.
روى ذلك من الصحابة رضوان الله عليهم ما يقرب من اثنين وعشرين صحابيّا «1» سواء كان ذلك مباشرة عنه صلى الله عليه وسلم، أو بواسطة.
وإليك قبسا من هذه الأحاديث التي تعتبر من أقوى الأدلّة على أن القراءات القرآنية كلها كلام الله تعالى، لا مدخل للبشر فيها، وكلها منزلة من عند الله تعالى، على نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم، ونقلت عنه نقلا متواترا حتى وصلت إلينا دون تحريف، أو تغيير:
الحديث الأول: عن «ابن شهاب محمد بن مسلم أبي بكر الزهري» ت 124 هـ قال: حدّثني «عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهلالي» ت 98 هـ أنّ «عبد الله بن عباس» ت 68 هـ رضي الله عنهما حدّثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرأني جبريل عليه السلام على حرف واحد فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف» اهـ «2» .
الحديث الثاني: عن «ابن شهاب» قال: «أخبرني عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي» ت 93 هـ أنّ «المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشي» ت 64 هـ و «عبد الرحمن بن عبد القارّي» ت 80 هـ. حدّثاه أنهما سمعا «عمر بن الخطاب» ت 23 هـ رضي الله عنه يقول: «سمعت هشام بن حكيم» يقرأ سورة «الفرقان» في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبّرت حتّى سلم، فلبّبته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟
قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
(1) وهم: عمر بن الخطاب، عثمان بن عفّان، علي بن أبي طالب، عبد الله بن مسعود، أبيّ بن كعب، أبو هريرة، معاذ بن جبل، هشام بن حكيم، عمرو بن العاص، عبد الله بن عباس، حذيفة بن اليمان، عبادة بن الصّامت، سليمان بن صرد، أبو بكرة الأنصاري، أبو طلحة الأنصاري، أنس بن مالك، سمرة بن جندب، أبو جهيم الأنصاري، عبد الرحمن بن عوف، عبد الرحمن بن عبد القاري، المسور بن مخرمة، أمّ أيوب، رضي الله عن الجميع.
(2)
رواه البخاري ج 6/ 100.