الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«باب البسملة»
قال ابن الجزري:
بسمل بين السّورتين بي نصف
…
دم ثق رجا وصل فشا وعن خلف
فاسكت فصل والخلف كم حما جلا
…
واختير للسّاكت في ويل ولا
بسملة والسّكت عمّن وصلا
…
.....
المعنى: أتبع المؤلف رحمه الله تعالى باب الاستعاذة بباب البسملة على حسب ترتيبهما في القراءة.
والبسملة: مصدر «بسمل» : إذا قال: «بسم الله الرحمن الرحيم» كما يقال: «هلّل، وهيلل» إذا قال: «لا إله إلّا الله» و «حوقل، وحولق» : إذا قال:
«لا حول ولا قوة إلّا بالله» ومثل ذلك: «حيعل، وحمدل، وحسبل» وهي لغة مولّدة أريد بها الاختصار.
والبسملة مستحبّة عند ابتداء كل أمر مباح، أو مأمور به. وهي من «القرآن» بالإجماع في سورة النمل من قوله تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (سورة النمل الآية 50). وأمّا في أوائل السور فالخلاف فيها مشهور بين القراء، والفقهاء، والكلمة على البسملة يشمل ثلاثة أحوال:
الأولى: بين السورتين.
الثانية: في ابتداء كل سورة.
الثالثة: أثناء الابتداء بأواسط السور.
وبدأ المؤلف بالحديث عن البسملة بين السورتين:
فبيّن أن المرموز له بالباء من «بي» والنون من «نصف» والدّال من «دم» والثاء من «ثق» والراء من «رجا» وهم: «قالون، وعاصم، وابن كثير، وأبو جعفر، والكسائي» والأصبهاني، عن «ورش» .
يقرءون بالفصل بالبسملة بين كل سورتين، سوى سورة «براءة» لما
روي عن «ابن عباس» رضي الله عنهما أنه قال: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يعرف خاتمة السورة حتى تنزل «بسم الله الرحمن الرحيم» فإذا نزلت: «بسم الله الرحمن الرحيم» عرف أن السورة قد ختمت، واستقبلت» اهـ «1» أي ابتدئت سورة أخرى.
ثم أمر المؤلف بالقراءة المرموز له بالفاء من «فشا» وهو: «حمزة» بوصل آخر السورة بأوّل ما بعدها من غير بسملة، وذلك لبيان ما في آخر السورة من حركة الإعراب، أو البناء، وما في أوّل السورة التّالية من همزات قطع، أو وصل، أو إظهار، أو إدغام، أو إقلاب الخ.
ثمّ أمر للمصرّح باسمه وهو: «خلف العاشر» بالقراءة له بوجهين هما:
والمراد بالسكت: الوقف على آخر السورة السابقة وقفة لطيفة من غير تنفس، ومقداره حركتان:
والحركة قدّرها علماء القراءة بمقدار قبض الإصبع، أو بسطه.
ووجه السكت لبيان أنهما سورتان، وإشعار بالانفصال.
ثمّ بين أن المرموز له بالكاف من «كم» ومدلول «حما» والمرموز له بالجيم
(1) رواه البزّار بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح:
أنظر: مجمع الزوائد للهيثمي «باب في بسم الله الرحمن الرحيم» ج 2/ 112.
من «جلا» وهم: «ابن عامر، وأبو عمرو، ويعقوب، والأزرق عن ورش» يقرءون بثلاثة أوجه وهي: 1 - البسملة- 2 - السكت- 3 - الوصل.
تنبيه: هذا الحكم الذي تقدم للقراء عام بين كل سورتين، سواء كانتا مرتبتين، كآخر «البقرة» وأوّل «آل عمران» أو غير مرتبتين، كآخر «الأعراف» ، وأوّل «يوسف» . لكن بشرط أن تكون السورة الثانية بعد الأولى حسب ترتيب «القرآن الكريم» كما مثلنا.
أمّا إذا كانت السورة الثانية قبل الأولى في الترتيب كأن وصل آخر «الكهف» بأول «يونس» تعيّن الإتيان بالبسملة لجميع القراء، ولا يجوز حينئذ:
«السكت، ولا الوصل» لأحد منهم.
وإذا وصل آخر السورة بأولها كأن كرّر قراءة سورة «الإخلاص» مثلا، فإن البسملة تكون متعينة أيضا حينئذ للجميع.
ثم بيّن المؤلف أن بعض أهل الأداء اختار الفصل بالبسملة بين: «المدثّر، والقيامة» و «الانفطار، والتطفيف» و «الفجر، والبلد» و «العصر، والهمزة» لمن روي عنه السكت في غيرها وهم: «الأزرق، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب، وخلف العاشر» وذلك لأنهم استقبحوا القراءة بالوصل بدون بسملة.
كما بين المؤلف أن بعض أهل الأداء اختار «السكت» بين هذه السور التي ذكرت قبل المسمّاة بالأربع الزّهر لمن روي عنه «الوصل» في غيرها، وهم:
«الأزرق» ومن معه، و «حمزة» وذلك لأن الوصل فيه إيهام لمعنى غير المراد.
قال ابن الجزري:
................ ....
…
وفي ابتدأ السّورة كلّ بسملا
سوى براءة فلا ولو وصل
…
................ .......
المعنى: هذه الحال الثانية من أحوال الكلام على البسملة وهي: الابتداء بأوائل السور:
وقد أجمع القراء العشرة على الإتيان بالبسملة عند الابتداء بأوّل كل سورة
سوى سورة «براءة» . وذلك لكتابتها في المصحف.
قال ابن الجزري:
.....
…
ووسطا خيّر وفيها يحتمل
المعنى: هذه الحال الثالثة من أحوال الكلام على البسملة وهي: أثناء الابتداء بأواسط السور: يجوز لكل القراء الإتيان بالبسملة أثناء الابتداء بأواسط السور، لا فرق في ذلك بين سورة براءة، وغيرها.
وذهب بعض العلماء إلى استثناء وسط «براءة» فألقحه بأوّلها في عدم جواز الإتيان بالبسملة لأحد من القراء. وهذا الذي تلقيته عن شيوخي، وعلمته أبنائي.
قال ابن الجزري:
وإن وصلتها بآخر السّور
…
فلا تقف وغيره لا يحتجر
المعنى: يجوز لكل من فصل بين السورتين بالبسملة ثلاثة أوجه:
الأوّل: الوقف على آخر السورة ثم على البسملة، ويسمى قطع الجميع.
الثاني: الوقف على آخر السورة، ووصل البسملة بأول السورة التالية، ويسمّى قطع الأوّل، ووصل الثاني بالثالث.
الثالث: وصل آخر السورة بالبسملة مع وصل البسملة بأول السورة التالية، ويسمّى وصل الجميع.
أمّا الوجه الرابع وهو: وصل البسملة بآخر السورة، والوقف على البسملة، فهذا الوجه ممتنع للجميع، وذلك لأنه في هذه الحالة يوهم أن البسملة لأواخر السور، لا لأوائلها.
وعلى هذا يكون ل «قالون، والأصبهاني، وابن كثير، وعاصم، والكسائي، وأبي جعفر» هذه الأوجه الثلاثة بين كل سورتين، سوى الأنفال،
وبراءة، فإن حكم ذلك سيأتي قريبا بإذن الله تعالى.
ويكون ل «الأزرق، وأبي عمرو، وابن عامر، ويعقوب» بين كلّ سورتين خمسة أوجه: ثلاثة البسملة، والسكت، والوصل.
ويكون ل «حمزة» بين كل سورتين سوى الأربع الزهر «الوصل» فقط.
ويكون ل «خلف العاشر» بين كل سورتين سوى الأربع الزهر «الوصل، والسكت» .
ويكون لكل واحد من القراء العشرة بين «الأنفال، وبراءة» ثلاثة أوجه:
الأول: الوقف على آخر «الأنفال» وقفة يسيرة مع التنفس.
الثاني: السكت على آخر «الأنفال» بدون تنفس.
الثالث: وصل آخر الأنفال بأوّل «براءة» .
والأوجه الثلاثة من غير بسملة.
وهذه الأوجه الثلاثة جائزة لكل القراء بين أوّل «براءة» وبين أيّ سورة، بشرط أن تكون هذه السورة قبل «التوبة» في الترتيب، كما لو وصل آخر «الأنعام» بأوّل «براءة» .
أمّا إذا كانت هذه السورة بعد «براءة» في الترتيب، كما لو وصل آخر سورة «الفرقان» بأوّل «براءة» فالذي يظهر لي والله أعلم أنه يتعين الوقف حينئذ، ويمتنع «السكت، والوصل» .
كذلك يتعين الوقف، ويمتنع «السكت، والوصل» إذا وصل آخر «براءة» بأوّلها.
تمّ باب البسملة ولله الحمد والشكر