الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقع قبل همزة قطع مفتوحة، نحو قوله تعالى: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (سورة الأعراف آية 143) أو تقع قبل همزة قطع مكسورة، نحو قوله تعالى: إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (سورة الأعراف آية 188).
وقد اختلف القراء في حذف، وإثبات ألف «أنا» على النحو الآتي:
1 -
قرأ المرموز لهما ب «مدا» وهما: «نافع، وأبو جعفر» بإثبات ألف «أنا» وصلا إذا وقع بعدها همزة قطع مضمومة، أو مفتوحة، في جميع القرآن الكريم، وحينئذ يصبح المدّ عندهما من قبيل المدّ المنفصل فكل يمدّ حسب مذهبه.
2 -
وقرأ المرموز له بالباء من «بن» بخلف عنه وهو: «قالون» بإثبات ألف «أنا» وصلا إذا وقع بعدها همزة قطع مكسورة في جميع القرآن، وحينئذ يصبح المدّ عنده من قبيل المدّ المنفصل فيمدّ حسب مذهبه.
3 -
وقرأ الباقون بحذف ألف «أنا» وصلا سواء وقع بعدها همزة قطع مضمومة، أو مفتوحة، أو مكسورة، في جميع القرآن.
تنبيه:
اتفق القراء العشرة على إثبات ألف «أنا» حالة الوقف عليها، وذلك موافقة لرسم المصحف وإثبات الألف، وحذفها، لغتان صحيحتان:
فوجه الإثبات أنّ الاسم هو: «أنا» بكماله، وهذا مذهب الكوفيين.
ووجه الحذف التخفيف، ولأن الفتحة تدلّ على الألف المحذوفة. وقيل:
وجه الحذف أن الاسم مكون من حرفين: «الهمزة، والنون» والألف جيء بها وقفا لبيان حركة النون، لأن الاسم لمّا قلت حروفه جيء بالألف وقفا لتبقى حركة النون على حالها، ولا حاجة إلى الألف وصلا لأنّ النون فيه متحركة، وهذا مذهب البصريين.
تنبيه آخر:
إذا لم يقع بعد لفظ «أنا» همزة قطع نحو قوله تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي (سورة يوسف آية 108) فقد اتفق القراء العشرة على حذف الألف وصلا للتخفيف، وإثباتها وقفا لكتابتها في خطّ المصحف.
قال ابن الجزري:
.......... ورا في ننشز
…
سما ..........
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «سما» وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «ننشزها» من قوله تعالى: وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها (سورة البقرة آية 259) بالراء المهملة، من النشور وهو:«الإحياء» .
والمعنى: وانظر إلى عظام حمارك التي قد ابيضت من مرور الزمن عليها كيف نحييها.
وقرأ الباقون «ننشزها» بالزاي المعجمة، من «النشز» وهو الارتفاع، يقال لما ارتفع من الأرض «نشز» ومنه المرأة الناشز، وهي المرتفعة عن موافقة زوجها.
والمعنى: وانظر إلى العظام كيف نرفع بعضها على بعض في التركيب للإحياء.
يقال: نشر الله الميّت ينشره نشرا ونشورا، وأنشره: أحياه. قال «أبو زكريا الفراء» ت 207 هـ-:
من قرأ «كيف ننشرها» بالراء، فإنشارها: إحياؤها» اهـ- «1» وجاء في «المفردات للراغب الأصفهاني» : «النشز» : المرتفع من الأرض، ويعبّر عن الإحياء بالنشز، والإنشاز، لكونه ارتفاعا» اهـ- «2». ويقال:«أنشز عظام الميت إنشازا» :
رفعها إلى بعضها، وركّب بعضها على بعض». «3»
قال ابن الجزري:
..........
…
..... ووصل اعلم بجزم في رزوا
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والراء من «رزوا» وهما: «حمزة، والكسائي» «أعلم» من قوله تعالى: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ
(1) انظر: تاج العروس مادة «نشر» ج 3/ 565.
(2)
انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «نشز» ص 493.
(3)
انظر: تاج العروس مادة «نشز» ج 4/ 86.
قَدِيرٌ (سورة البقرة آية 259) قرأها «اعلم» بوصل الهمزة مع سكون الميم حالة وصل «قال» ب «اعلم» وإذا ابتدءا ب «اعلم» كسرا همزة الوصل، وذلك على الأصل، وفاعل «قال» ضمير يعود على الله تعالى، و «اعلم» فعل أمر، والجملة وما بعدها في محل نصب مقول القول.
وقرأ الباقون «أعلم» بهمزة قطع مفتوحة وصلا، وابتداء، مع رفع الميم، وهو فعل مضارع واقع مقول القول، وفاعل «قال» ضمير يعود على «عزير» .
قال ابن الجزري:
صرهنّ كسر الضمّ غث فتى ثما
…
..........
المعنى: قرأ المرموز له بالغين من «غث» ومدلول «فتى» والثاء من «ثما» وهم: «رويس، وحمزة، وخلف العاشر، وأبو جعفر» «فصرهنّ» من قوله تعالى:
قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ (سورة البقرة آية 260) بكسر الصاد، على أنه من «صار يصير» يقال: صرت الشيء أملته، وصرته قطعته.
وقرأ الباقون «فصرهنّ» بضمّ الصاد، على أنه من «صار يصور» على معنى أملهنّ، أو قطعهنّ، فإذا جعلته بمعنى أملهنّ كان التقدير: أملهنّ إليك فقطعهنّ، وإذا جعلته بمعنى قطعهنّ كان التقدير: فخذ أربعة من الطير إليك فقطعهنّ.
من هذا يتبين أن كلّا من الكسر، والضمّ في الصاد لغة بمعنى الميل والتقطيع. وقيل: الكسر بمعنى: «قطعهنّ» والضمّ بمعنى: أملهنّ وضمهنّ.
قال ابن الجزري:
..........
…
ربوة الضمّ معا شفا سما
المعنى: قرأ مدلول «شفا» ومدلول «سما» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «ربوة» معا، وهما في قوله تعالى:
1 -
كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ (سورة البقرة آية 265).
2 -
وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ (سورة المؤمنون آية 50) بضم راء «ربوة» في الموضعين.
وقرأ الباقون وهما: «ابن عامر، وعاصم» بفتح راء «ربوة» في الموضعين أيضا، وهما لغتان. والربوة: المكان المرتفع من الأرض وسمّيت الربوة «رابية» كأنها ربت بنفسها في مكان. ومنه «ربا» : إذا زاد وعلا، قال تعالى: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ (سورة فصلت آية 39).
قال ابن الجزري:
في الوصل تا تيمّموا اشدد تلقف
…
تلّه لا تنازعوا تعارفوا
تفرّقوا تعاونوا تنابزوا
…
وهل تربّصون مع تميزوا
تبرّج اذ تلقوا التجسّسا
…
وفتّفرق توفّي في النّسا
تنزل الأربع أن تبدّلا
…
تخيّرون مع تولّوا بعد لا
مع هود والنور والامتحان لا
…
تكلّم البزّي تلظّى هب غلا
تناصروا ثق هد وفي الكل اختلف
…
له وبعد كنتم ظلتم وصف
وللسكون الصلة امدد والألف
…
..........
المعنى: اختلف القراء في تشديد «تاء التفعّل» و «التفاعل» في الفعل المضارع المرسوم بتاء واحدة في إحدى وثلاثين موضعا وهي:
1 -
وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ (سورة البقرة آية 267).
2 -
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (سورة آل عمران آية 103).
3 -
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ (سورة النساء آية 97).
4 -
وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ (سورة المائدة آية 2).
5 -
وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ (سورة الأنعام آية 153).
6 -
فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (سورة الأعراف آية 117).
7 -
وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (سورة الأنفال آية 20).
8 -
وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا (سورة الأنفال آية 46).
9 -
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ (سورة التوبة آية 54).
10 -
وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (سورة هود آية 3).
11 -
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ (سورة هود آية 57).
12 -
يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ (سورة هود آية 105).
13 -
ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ (سورة الحجر آية 8).
14 -
وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا (سورة طه آية 69).
15 -
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ (سورة النور آية 15).
16 -
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ (سورة النور آية 54).
17 -
فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (سورة الشعراء آية 45).
18 -
هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (سورة الشعراء آية 221).
19 -
الشَّياطِينُ* تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (سورة الشعراء الآيتان 221 - 222).
20 -
وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى (سورة الأحزاب آية 33).
21 -
وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ (سورة الأحزاب آية 52).
22 -
ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (سورة الصافات آية 25).
23 -
وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ (سورة الحجرات آية 11).
24 -
وَلا تَجَسَّسُوا (سورة الحجرات آية 12).
25 -
وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا (سورة الحجرات آية 13).
26 -
أَنْ تَوَلَّوْهُمْ (سورة الممتحنة آية 9).
27 -
تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ (سورة الملك آية 8).
28 -
إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (سورة القلم آية 38).
29 -
فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (سورة عبس آية 10).
30 -
فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (سورة الليل آية 14).
31 -
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ (سورة القدر الآيتان 3 - 4).
فقد قرأ «البزّي» بخلف عنه بتشديد التاء في هذه المواضع كلها حالة الوصل، أي وصل ما قبل التاء بها. وذلك على إدغام إحدى التاءين في
الأخرى. لأن الأصل تاءان: تاء المضارعة، وتاء «التفعّل» أو «التفاعل» وليست كما قيل من نفس الكلمة، واستثقل اجتماع المثلين، وتعذّر إدغام الثانية في تاليها، نزّل اتصال الأولى بسابقها منزلة اتصالها بكلمتها، فأدغمت في الثانية تخفيفا، مراعاة للأصل، ورسم المصحف.
واعلم أن هذا الإدغام على ثلاثة أحوال:
الأولى: يكون قبل التاء المدغمة متحرك من كلمة نحو قوله تعالى:
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ (سورة الأنعام آية 153) أو يكون المتحرك من كلمتين، نحو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ (سورة النساء آية 97) فهذه الحالة لا كلام فيها سوى أن «البزّي» يشدد التاء.
والثانية: يكون قبل التاء المشدّدة حرف مدّ، سواء كان ألفا نحو قوله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ (سورة البقرة آية 267) أو كان حرف مدّ ناشئا عن الصلة نحو قوله تعالى: فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (سورة عبس آية 10) ففي هذه الحالة يكون لحرف المدّ الإثبات لفظا مع مدّه مدّا مشبعا للساكن الذي بعده، لأنه حينئذ من باب المدّ اللازم.
والثالثة: يكون قبل التاء المشدّدة ساكن غير حرف مدّ، سواء كان ساكنا صحيحا، نحو قوله تعالى: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ (سورة النور آية 15) أو كان الساكن تنوينا، نحو قوله تعالى: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ (سورة القدر الآيتان 3 - 4) ففي هذه الحالة يجمع بين الساكنين، إذ الجمع بينهما في ذلك جائز لصحّة الرواية، ولا يلتفت لمن قال بعدم جواز الجمع بين الساكنين.
وإذا ابتدأ «البزّي» بالتاء المشددة ابتدأ بتاء واحدة مخففة، وذلك موافقة للرسم، وصحة الرواية بذلك.
والوجه الثاني «للبزّي» يكون بتاء واحدة مخففة، وذلك على حذف إحدى التاءين تخفيفا.
وقرأ «أبو جعفر» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في قوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (سورة الصافات آية 25) وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة.
وقرأ «رويس» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في قوله تعالى: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (سورة الليل آية 14) وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة.
وقرأ باقي القراء العشرة كل هذه التاءات، بتاء واحدة مخففة.
تنبيه: يفهم من قول المصنّف: «وبعد كنتم ظلتم وصف» أن «البزّي» له التشديد بالخلاف في قوله تعالى:
1 -
وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ (سورة آل عمران آية 143).
2 -
وقوله تعالى: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (سورة الواقعة آية 65) إلّا أن المقروء به، والذي تلقيته عن «شيخي» مشافهة هو التخفيف فقط، لأن التشديد ليس من طرق «النشر» وقد اعتذر «ابن الجزري» في كتابه «النشر» عن ذكرهما بقوله:«ولولا إثباتهما في «التيسير، والشاطبيّة» والتزامنا بذكر ما فيهما من الصحيح، ودخولهما في ضابط نصّ «البزي» لما ذكرتهما، لأن طريق «الزينبي» لم يكن في كتابنا» اهـ- «1» .
قال ابن الجزري:
..........
…
من يؤت كسر التّا ظبى بالياء قف
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظبى» وهو: «يعقوب» «يؤت» من قوله تعالى: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً (سورة البقرة آية 269) بكسر التاء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (آية 268) و «من» مفعول أوّل، و «الحكمة» مفعول ثان، والتقدير: يؤت الله من يشاء الحكمة. وإذا وقف «يعقوب» على «يؤت» أثبت الياء.
وقرأ الباقون «يؤت» بفتح التاء، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «من» و «الحكمة» مفعول، ويقفون عليها بالتاء الساكنة.
(1) انظر: النشر لابن الجزري بتحقيقنا ج 2 ص 443.
قال ابن الجزري:
معا نعما افتح كما شفا وفي
…
إخفاء كسر العين حز بها صفي
وعن أبي جعفر معهم سكنا
…
..........
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كما» ومدلول «شفا» وهم: «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نعما» معا، وهما في قوله تعالى:
1 -
إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ (سورة البقرة آية 271).
2 -
إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ (سورة النساء آية 58) بفتح النون، وكسر العين، على الأصل، لأن الأصل «نعم» مثل:«شهد» .
وقرأ المرموز له بالحاء من «حز» والباء من «بها» والصاد من «صفي» وهم: «أبو عمرو، وقالون، وشعبة» بوجهين:
الأول: كسر النون، واختلاس كسرة العين للتخفيف، وفرارا من الجمع بين ساكنين.
والثاني: كسر النون، وإسكان العين، والأصل «نعم» بفتح النون، وكسر العين، فكسرت النون اتباعا لكسرة العين، ثم سكنت العين تخفيفا، وجاز الجمع بين ساكنين، لأن الساكن الثاني مدغم، والرواية صحيحة.
وقرأ المصرح باسمه وهو «أبو جعفر» «نعما» بكسر النون، وإسكان العين، مثل إحدى قراءتي «أبي عمرو، وقالون، وشعبة» .
وقرأ الباقون وهم: «ورش، وابن كثير، وحفص، ويعقوب» «نعمّا» بكسر النون، والعين، فكسر العين على الأصل وكسر النون اتباعا لكسرة العين، لأن العين حرف حلقيّ يجوز أن يتبعه ما قبله في الحركة مثل:«شهد، ولعب» بفتح فاء الكلمة وكسرها، وهي لغة «هذيل» .
«ونعم» فعل ماض جامد، وفاعل «نعم» مضمر، و «ما» بمعنى «شيئا» في موضع نصب على التفسير، وهي المخصوص بالمدح، أي نعم الشيء شيئا، و «هي» خبر مبتدأ محذوف، كأن قائلا قال:«ما الشيء الممدوح» فقيل: هي أي
الممدوحة الصدقة التي يظهرها صاحبها ليقتدى به من غير رياء. ويجوز أن يكون «هي» مبتدأ مؤخر، و «نعم» وفاعلها الخبر، أي الصدقة التي يظهرها صاحبها نعم الشيء، واستغني عن ضمير يعود على المبتدإ، لاشتمال الجنس على المبتدإ.
قال ابن الجزري:
..........
…
ويا يكفّر شامهم وحفصنا
وجزمه مدا شفا ......
…
..........
المعنى: قرأ المصرح باسمهما: «ابن عامر الشامي، وحفص» «ويكفر» من قوله تعالى: وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ (سورة البقرة آية 271) بالياء، ورفع الراء، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ (آية 270).
وقرأ المرموز لهم ب «مدا شفا» وهم: «نافع، وأبو جعفر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ونكفر» بنون العظمة، وجزم الراء، لأن الفعل معطوف على محل «فهو خير لكم» لأنها في جزم جواب الشرط وهو «وإن» .
وقرأ الباقون وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، وشعبة، ويعقوب» «ونكفّر» بنون العظمة، ورفع الراء، على أنها جملة مستأنفة، والواو لعطف جملة على أخرى.
قال ابن الجزري:
.......... ويحسب
…
مستقبلا بفتح سين كتبوا
في نصّ ثبت ..........
…
..........
المعنى: اختلف القراء في لفظ «يحسب» كيف وقع وكان فعلا مضارعا، نحو قوله تعالى: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ (سورة البقرة آية 273).
فقرأ المرموز له بالكاف من «كتبوا» ، والفاء من «في» والنون من «نصّ»
والثاء من «ثبت» وهم: «ابن عامر، وحمزة، وعاصم، وأبو جعفر» بفتح السين، وهو لغة «تميم» .
وقرأ الباقون بكسر السين، وهو لغة «أهل الحجاز». والقراءتان ترجعان إلى أصل الاشتقاق:
فالأولى: من «حسب يحسب» نحو: «علم يعلم» .
والثانية: من «حسب يحسب» نحو: «ورث يرث» .
قال ابن الجزري:
..... فأذنوا امدد واكسر
…
في صفوة ..........
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «في» والصاد من «صفوة» وهما: «حمزة، وشعبة» «فأذنوا» من قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (سورة البقرة آية 279). «فآذنوا» بفتح الهمزة الممدودة، وكسر الذال، على أنه فعل «أمر» من «آذنه بكذا»: أي أعلمه به، يقال:«آذنه الأمر وآذنه به» .
وقرأ الباقون «فأذنوا» بإسكان الهمزة، وفتح الذال، على أنه فعل أمر من «أذن». ومعنى «فأذنوا بحرب من الله ورسوله»: أي استيقنوا بحرب من الله ورسوله.
قال ابن الجزري:
..........
…
..... ميسرة الضّمّ انصر
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «انصر» وهو: «نافع» «ميسرة» من قوله تعالى: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ (سورة البقرة آية 280) بضم السين، وهو لغة «أهل الحجاز» .
وقرأ الباقون «ميسرة» بفتح السين، لغة باقي العرب
جاء في «تاج العروس» : «الميسرة» مثلثة السين: «السهولة والغنى والسعة» اهـ- «1» .
قال ابن الجزري:
تصدّقوا خفّ نما ......
…
..........
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نما» وهو: «عاصم» «تصدقوا» من قوله تعالى: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (سورة البقرة آية 280) بتخفيف الصاد، وأصلها «تتصدقوا» فحذفت إحدى التاءين تخفيفا.
وقرأ الباقون «تصدّقوا» بتشديد الصاد، وأصلها «تتصدقوا» فأبدلت التاء صادا، ثم أدغمت الصاد في الصاد.
قال ابن الجزري:
.......... وكسر أن
…
تضلّ فز ..........
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فز» وهو: «حمزة» «أن تضلّ» من قوله تعالى: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما (سورة البقرة آية 282) بكسر الهمزة، على أنّ «إن» شرطية، و «تضلّ» مجزوم بها، وهي فعل الشرط، وفتحت اللام للإدغام تخفيفا.
وقرأ الباقون «أن تضلّ» بفتح الهمزة، على أنّ «أن» مصدرية، و «تضل» منصوب بها، وفتحة اللام حينئذ فتحة إعراب.
يقال: «ضللت» «كزللت» «تضلّ» «كتزلّ» أي بفتح العين في الماضي، وكسرها في المضارع، وهذه لغة «نجد». ويقال:«ضللت تضلّ» مثل: مللت تملّ» أي بكسر العين في الماضي، وفتحها في المضارع وهي لغة «الحجاز، والعالية» «2» .
(1) انظر: تاج العروس مادة «يسر» ج 3/ 626.
(2)
انظر: تاج العروس مادة «ضلّ» ج 7/ 411.
قال ابن الجزري:
..........
…
...... تذكر حقّا خفّفن
والرفع فد ..........
…
..........
المعنى: قرأ مدلول «حقّا» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «فتذكر» من قوله تعالى: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى (سورة البقرة آية 282) بتسكين الذال، وتخفيف الكاف مع نصب الراء، عطفا على «تضلّ» وهو مضارع «ذكر» مخفّفا نحو:«نصر» .
وقرأ المرموز له بالفاء من «فد» وهو: «حمزة» «فتذكّر» بفتح الذال، وتشديد الكاف، ورفع الراء، على أنه مضارع «ذكّر» مشدّدا، نحو:«كرّم» وقد رفع لتجرده من الناصب والجازم.
وقرأ الباقون «فتذكّر» بفتح الذال، وتشديد الكاف، ونصب الراء، عطفا على «تضلّ» وهو مضارع «ذكّر» مشدّدا أيضا.
قال ابن الجزري:
.......... تجارة حاضرة
…
لنصب رفع نل ..........
المعنى: قرأ المرموز له بالنون من «نل» وهو: «عاصم» «تجارة حاضرة» من قوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ (سورة البقرة آية 282) بنصب التاء فيهما، على أنّ «تجارة» خبر «تكون» و «حاضرة» صفة «تجارة» واسم «تكون» مضمر، والتقدير: إلّا أن تكون المعاملة، أو المبايعة تجارة حاضرة.
وقرأ الباقون «تجارة حاضرة» برفع التاء فيهما، على أنّ «تكون» تامّة تكتفي بمرفوعها «1» . و «تجارة» نائب فاعل، و «حاضرة» صفة لها، والتقدير: إلّا أن توجد تجارة حاضرة.
(1) قال ابن مالك: وذو تمام ما برفع يكتفي.
قال ابن الجزري:
..........
…
.......... رهان كسرة
وفتحة ضمّا وقصر حز دفا
…
..........
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حز» والدال من «دفا» وهما: «أبو عمرو، وابن كثير» «فرهن» من قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ (سورة البقرة آية 283)«فرهن» بضم الراء، والهاء، من غير ألف، جمع «رهن» نحو:«سقف، وسقف» .
وقرأ الباقون «فرهان» بكسر الراء، وفتح الهاء، وألف بعدها، جمع «رهن» أيضا، نحو:«كعب، وكعاب» .
قال ابن الجزري:
..........
…
يغفر يعذب رفع جزم كم ثوى
نصّ ..........
…
..........
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» ومدلول «ثوى» والنون من «نصّ» وهم: «ابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب، وعاصم» «فيغفر، ويعذب» من قوله تعالى: فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ (سورة البقرة آية 284) برفع الراء من «فيغفر» ورفع الباء من «ويعذب» وذلك على الاستئناف. والتقدير:
فهو يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.
وقرأ الباقون «فيغفر، ويعذب» بجزمهما، وذلك عطفا على قوله تعالى قبل: يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ الواقع جوابا للشرط.
قال ابن الجزري:
...... كتابه بتوحيد شفا
…
..........
المعنى: قرأ مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وكتبه» من قوله تعالى: كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ (سورة البقرة
آية 285) «وكتابه» بكسر الكاف، وفتح التاء، وألف بعدها، على التوحيد، والمراد به: الجنس، أو القرآن.
وقرأ الباقون «وكتبه» بضمّ الكاف، والتاء، وحذف الألف، على الجمع، وذلك لتعدّد الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء والمرسلين، عليهم الصلاة والتسليم.
قال ابن الجزري:
..........
…
ولا نفرق بياء ظرفا
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظرفا» وهو: «يعقوب» «لا نفرق» من قوله تعالى: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (سورة البقرة آية 285)«لا يفرق» بالياء التحتية، على أن الفاعل ضمير يعود على «الرسول» المتقدم ذكره في قوله تعالى:
آمَنَ الرَّسُولُ.
وقرأ الباقون «لا نفرق» بالنون، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى التكلم. والتقدير: كل من الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون يقول: لا نفرق بين أحد من رسله فنؤمن ببعض ونكفر بالبعض الآخر، بل نؤمن بجميع الرسل لأنهم جميعا مرسلون من عند الله تعالى.
(والله أعلم) تمت سورة البقرة ولله الحمد والشكر