الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه:
قوله تعالى: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ (سورة يونس آية 68) اتفق القراء العشرة على قراءته «قالوا» بدون واو قبل القاف، وقد اتفقت جميع المصاحف على كتابته بدون واو. وهو كلام مستأنف ليس قبله ما يعطف عليه، خرّج مخرج التعجّب من عظم جراءتهم، وقبيح افترائهم. يضاف إلى ذلك أن القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف.
قال ابن الجزري:
.......... كن فيكون فانصبا
…
رفعا سوى الحق وقوله كبا
والنحل مع يس رد كم
…
... ..........
المعنى: اختلف القراء في لفظ «فيكون» الذي قبله «كن» المسبوقة «بإنما» حيث وقع في القرآن الكريم، وهو في ستة مواضع:
الأول: وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (سورة البقرة آية 117).
والثاني: وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (سورة آل عمران آية 47).
والثالث: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (سورة النحل آية 40).
والرابع: فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ (سورة مريم الآيتان 35 - 36).
والخامس: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (سورة يس آية 82).
والسادس: فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (سورة غافر آية 68).
فقرأ «ابن عامر» بنصب نون «فيكون» في المواضع الستة. ووافقه «الكسائي» على نصب النون في موضعي: النحل، ويس. ووجه النصب أنه على تقدير إضمار «أن» بعد الفاء الواقعة بعد حصر «بإنما» .
قال «الأشموني» : «قد تضمر «أن» بعد الفاء الواقعة بعد حصر «بإنما»
اختيارا نحو: إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (سورة آل عمران آية 47) في قراءة من نصب» اهـ «1» .
فإن قيل: لماذا لا يكون وجه النصب على تقدير إضمار «أن» بعد الفاء المسبوقة بلفظ الأمر وهو «كن» ؟
أقول: لأن «كن» ليس بأمر، لأن معناه الخبر، إذ ليس ثمّ مأمور يكون «كن» أمرا له.
والمعنى: فإنما يقول له كن فيكون فهو يكون، ويدلّ على أنّ «فيكون» ليس بجواب «كن» أنّ الجواب بالفاء مضارع به الشرط، وإلى معناه يؤول في التقدير، فإذا قلت: اذهب فأكرمك، فمعناه: إن تذهب فأكرمك.
ولا يجوز أن تقول: «اذهب فتذهب» لأن المعنى يصير: «إن تذهب تذهب» وهذا لا معنى له.
وكذلك «كن فيكون» يؤول معناه إذا جعلت «فيكون» جوابا، أن تقول له:«أن يكون فيكون» ولا معنى لهذا، لأنه قد اتفق فيه الفاعلان، لأن الضمير الذي في «كن» وفي «يكون» «الشيء» ولو اختلفا لجاز، كقولك:«اخرج فأحسن إليك» أي إن تخرج أحسنت إليك، ولو قلت:«قم فتقوم» لم يحسن، إذ لا فائدة فيه، لأن الفاعلين واحد، ويصير التقدير:«إن تقم تقم» فالنصب في هذا على الجواب بعيد في المعنى.
وقال «الصبّان» : «7 نما لم يجعل منصوبا في جواب «كن» لأنه ليس هناك قول «كن» حقيقة، بل هي كناية عن تعلق القدرة تنجيزا بوجود الشيء، ولما سيأتي عن «ابن هشام» من أنه لا يجوز توافق الجواب والمجاب في الفعل والفاعل، بل لا بدّ من اختلافهما فيهما، أو في أحدهما، فلا يقال:«قم تقم» .
وبعضهم جعله منصوبا في جوابه نظرا إلى وجود الصيغة في هذه الصورة، ويردّه ما ذكرناه عن «ابن هشام» اهـ» «2» .
(1) انظر: شرح الأشموني على الألفية ج 3/ 229.
(2)
انظر: حاشية الصبان على الأشموني ج 3/ 229.
وقرأ الباقون بالرفع في «فيكون» في المواضع الستة، وذلك على الاستئناف، والتقدير:«فهو يكون» .
قال ابن الجزري:
.......... تسئل
…
للضّمّ فافتح واجز من إذ ظلّلوا
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ» والظاء من «ظلّلوا» وهما: «نافع، ويعقوب» «ولا تسأل» من قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (سورة البقرة آية 119). بفتح التاء، وجزم اللام، وذلك على النهي، وظاهره أنه نهي حقيقة، نهي صلى الله عليه وسلم أن يسأل عن أحوال الكفار، لأن سياق الكلام يدلّ على أن ذلك عائد على اليهود، والنصارى، ومشركي العرب، الذين جحدوا نبوته صلى الله عليه وسلم، وكفروا عنادا، وأصرّوا على كفرهم، وكذلك جاء بعده قوله تعالى: وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ (سورة البقرة آية 120).
وقرأ الباقون «ولا تسأل» بضم التاء، ورفع اللام، وذلك على الاستئناف. والمعنى على ذلك: أنك لا تسأل عن الكفار ما لهم لم يؤمنوا، لأن ذلك ليس إليك، إن عليك إلّا البلاغ، إنك لا تهدي من أحببت، إنما أنت منذر، وفي ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم وتخفيف ما كان يجده من عنادهم، فكأنه قيل له:
لست مسئولا عنهم فلا يحزنك كفرهم، وفي ذلك دليل على أنّ أحدا لا يسأل عن ذنب غيره، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
قال ابن الجزري:
ويقرا إبراهيم ذي مع سورته
…
مع مريم النحل أخيرا توبته
آخر الانعام وعنكبوت مع
…
أواخر النسا ثلاثة تبع
والذرو والشورى امتحان أوّلا
…
والنجم والحديد ماز الخلف لا
المعنى: اختلف القراء في كلمة «إبراهيم» في ثلاثة وثلاثين موضعا: من
ذلك خمسة عشر موضعا في سورة البقرة نحو قوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (سورة البقرة آية 124).
والثلاثة الأخيرة من سورة النساء وهنّ:
1 -
قوله تعالى: وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (سورة النساء آية 125).
2 -
قوله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا (سورة النساء آية 125).
3 -
قوله تعالى: وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ (سورة النساء آية 163).
والموضع الأخير من سورة الأنعام، وهو قوله تعالى: دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (سورة الأنعام آية 161).
والموضعان الأخيران من سورة التوبة وهما:
1 -
قوله تعالى: وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ (سورة التوبة آية 114).
2 -
قوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (سورة التوبة آية 114).
وموضع في سورة إبراهيم، وهو قوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً (سورة إبراهيم آية 35).
وموضعان في سورة النحل وهما:
1 -
قوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً (سورة النحل آية 120).
2 -
قوله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (سورة النحل آية 123).
وثلاثة مواضع في سورة مريم وهن:
1 -
قوله تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ (سورة مريم آية 41).
2 -
قوله تعالى: قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ (سورة مريم آية 46).
3 -
قوله تعالى: وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ (سورة مريم آية 58).
والموضع الأخير من سورة العنكبوت وهو قوله تعالى: وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى (سورة العنكبوت آية 31).
وموضع في الشورى وهو قوله تعالى: وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى (سورة الشورى آية 13).
وموضع في الذاريات وهو قوله تعالى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (سورة الذاريات آية 24).
وموضع في النجم وهو قوله تعالى: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (سورة النجم آية 37).
وموضع في الحديد وهو قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ (سورة الحديد آية 26).
والموضع الأول من سورة الممتحنة وهو قوله تعالى: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ (سورة الممتحنة آية 4).
فقرأ المرموز له بالميم من «ماز» بخلف عنه، واللام من «لا» وهو «ابن عامر» بخلف عن «ابن ذكوان» جميع هذه الألفاظ المتقدمة في الثلاثة والثلاثين موضعا «إبراهام» بفتح الهاء، وألف بعدها.
وقرأ الباقون «إبراهيم» بكسر الهاء، وياء بعدها، وهو الوجه الثاني «لابن ذكوان» وهما لغتان بمعنى واحد.
وقد كتبت هذه المواضع الثلاثة والثلاثون في المصحف الشامي بحذف الياء ليوافق خط المصحف قراءة «ابن عامر» .
وكتبت في بقية المصاحف بإثبات الياء، موافقة لقراءة باقي القراء بعد «ابن عامر» .
أمّا ما عدا هذه المواضع التي فيها الخلاف فقد اتفق القراء العشرة على قراءة لفظ «إبراهيم» بالياء، وقد اتفقت جميع المصاحف على رسمها بالياء، ليوافق خط المصحف القراءة.
قال ابن الجزري:
واتخذوا بالفتح كم أصل .....
…
..........
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» والألف من «أصل» وهما: «ابن عامر، ونافع» «واتخذوا» من قوله تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (سورة البقرة آية 125)
بفتح الخاء، على أنه فعل ماض أريد به الإخبار، وهو معطوف على قوله تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً مع إضمار «إذ» .
والمعنى: واتخذ الناس من المكان الذي وقف عليه نبي الله إبراهيم عليه السلام عند بناء الكعبة «مصلى» أي يصلون عنده بعد الطواف بالبيت الحرام.
وقرأ الباقون «واتخذوا» بكسر الخاء، على أنه فعل أمر، والمأمور بذلك قيل: سيدنا «إبراهيم» وذريته، وقيل: نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم، وأمته، والأمر بالصلاة عند مقام سيدنا «إبراهيم» للندب، وليس للوجوب، بحيث من ترك الصلاة عند المقام لا يفسد حجه.
قال ابن الجزري:
.......... وخف
…
أمتعه كم ..........
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو «ابن عامر» «فأمتعه» من قوله تعالى: قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا (سورة البقرة آية 126) بإسكان الميم، وتخفيف التاء، على أنه مضارع «أمتع» المعدّى بالهمزة.
والمعنى: يخبر الله تعالى بأنه سيمتّع الكفّار بالرزق في الدنيا، وهذا النعيم الذي يجدونه إذا قيس بنعيم الدار الآخرة الذي لا ينقطع أبدا يعتبر نعيما ومتاعا قليلا، ثم بعد ذلك يكون مأواهم النار وبئس المصير.
وقرأ الباقون «فأمتّعه» بفتح الميم، وتشديد التاء، على أنه مضارع «متّع» المعدّى بالتضعيف.
قال ابن الجزري:
..........
…
...... أرنا أرني اختلف
مختلسا حز وسكون الكسر حق
…
وفصّلت لي الخلف من حقّ صدق
المعنى: «أرنا، وأرني» حيثما وقعا في القرآن الكريم: نحو قوله تعالى:
وَأَرِنا مَناسِكَنا (سورة البقرة آية 128). وقوله تعالى: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى (سورة البقرة آية 260). فقرأ «ابن كثير، ويعقوب، وأبو عمرو» بخلف عنه بإسكان الراء في «أرنا» وأرني» حيثما وقعا في القرآن الكريم، والوجه الثاني لأبي عمرو الاختلاس.
وقرأ «ابن ذكوان، وشعبة، وهشام» بكسر الراء في جميع المواضع ما عدا موضع فصلت (آية 29) وهو قوله تعالى: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ.
فقد قرءوه بإسكان الراء سوى «هشام» فقد ورد عنه وجهان: الكسر، والإسكان.
وقرأ باقي القراء «أرنا وأرني» بكسر الراء فيهما، على الأصل، والكسر، والإسكان، والاختلاس، كلها لغات.
قال ابن الجزري:
أوصى يوصّى عمّ ..........
…
..........
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «عمّ» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «ووصّى» من قوله تعالى: وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ (سورة البقرة آية 132).
«وأوصى» بهمزة مفتوحة بين الواوين مع تخفيف الصاد، معدّى بالهمزة، وقد رسم المصحف المدني، والشامي طبقا لهذه القراءة «1» .
المعنى: أوصى نبيّ الله «إبراهيم» عليه السلام بنيه باتباع الملّة الحنيفية وهي الإخلاص لله تعالى في العبودية. وإنما خصّ البنين بالذكر لأن إشفاق
(1) قال ابن عاشر: أوصى خذا للمدنيين وشام بالألف.
الأب عليهم أكثر، وهم بقبول الوصية أجدر، وإلّا فمن المعلوم أن سيدنا «إبراهيم» كان يدعو الجميع إلى عبادة الله وحده.
وقرأ الباقون «ووصّى» بحذف الهمزة مع تشديد الصاد معدّى بالتضعيف، وقد رسمت المصاحف غير المدني والشامي، «ووصّى» طبقا لهذه القراءة، ليوافق الرسم القراءة.
قال ابن الجزري:
.......... أم يقول حف
…
صف حرم شم ..........
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حف» والصاد من «صف» ومدلول «حرم» والشين من «شم» وهم: «أبو عمرو، وشعبة، ونافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وروح» «تقولون» من قوله تعالى: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى (سورة البقرة آية 140).
«يقولون» بياء الغيب، على أنه إخبار عن اليهود، والنصارى، وهم غيّب، فجرى الكلام على لفظ الغيبة. أو على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة.
المعنى: يستنكر الله تعالى على اليهود، والنصارى، ادعاءهم أن سيدنا «إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط» كانوا هودا أو نصارى، فردّ الله عليهم هذا الزعم بقوله تعالى: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (سورة آل عمران آية 67).
وقرأ الباقون «تقولون» بتاء الخطاب، لمناسبة قول الله تعالى قبله: قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ (سورة البقرة آية 139). وبعده
قوله تعالى: قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ (سورة البقرة آية 140). فجرى الكلام على نسق واحد في الخطاب.
قال ابن الجزري:
..........
…
.......... وصحبة حما رؤف
فاقصر جميعا ..........
…
..........
المعنى: قرأ مدلول «صحبة» ومدلول «حما» وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وأبو عمرو، ويعقوب» قرءوا «لرءوف» حيثما وقع في القرآن نحو قوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (سورة البقرة آية 143) و «رءوف» حيثما وقع أيضا نحو قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (سورة البقرة آية 207) بحذف الواو التي بعد الهمزة، فيصير اللفظ «لرؤف، رؤف» على وزن «عضد» .
وقرأ الباقون «لرءوف، رءوف» بإثبات الواو التي بعد الهمزة فيصير اللفظ على وزن «فعول» وهما لغتان، والرأفة أشدّ الرحمة.
قال ابن الجزري:
.......... يعملون إذ صفا
…
حبر غدا عونا وثانيه حفا
المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «إذ» ومدلول «صفا» ومدلول «حبر» والمرموز له بالغين من «غدا» والعين من «عونا» وهم: «نافع، وعاصم، وخلف العاشر، وابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» قرءوا «يعملون» من قوله تعالى:
وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ* وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ (سورة البقرة الآيتان 144 - 145) بياء الغيبة، وهو عائد على أهل الكتاب:
اليهود، والنصارى في قوله تعالى قبله في نفس الآية: وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ.
المعنى: ليس الله بغافل عما يعمل هؤلاء اليهود والنصارى، من كتمان صفة نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم الموجودة عندهم في التوراة والإنجيل، بل هو عالم بعملهم وسيجازيهم عليه بالخزي في الدنيا، والعذاب المهين يوم القيامة.
وقرأ الباقون «تعملون» بتاء الخطاب، والمخاطب المؤمنون، وهو مناسب لقوله تعالى قبل في نفس الآية: وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ أو على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب.