المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تنبيه: كلمة «يرتدّ» رسمت في مصاحف أهل المدينة، والشام هكذا «يرتدد» - الهادي شرح طيبة النشر في القراءات العشر - جـ ٢

[محمد سالم محيسن]

الفصل: ‌ ‌تنبيه: كلمة «يرتدّ» رسمت في مصاحف أهل المدينة، والشام هكذا «يرتدد»

‌تنبيه:

كلمة «يرتدّ» رسمت في مصاحف أهل المدينة، والشام هكذا «يرتدد» بدالين تمشيا مع قراءتهم.

ورسمت في بقية المصاحف هكذا «يرتد» بدال واحدة تمشيا مع قراءتهم «1» .

جاء في المفردات: «الارتداد، والردّة» : الرجوع في الطريق الذي جاء منه، لكنّ «الردّة» تختصّ بالكفر، وهو الرجوع من الإسلام إلى الكفر قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ (سورة المائدة آية 54).

والارتداد: يستعمل في الكفر، وفي غيره، قال تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ (سورة البقرة آية 217). وقال تعالى: فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (سورة الكهف آية 64)«2» .

قال ابن الجزري:

..........

وخفض والكفّار رم حما ....

المعنى: قرأ المرموز بالراء من «رم» ومدلول «حما» وهم: «الكسائي، وأبو عمرو، ويعقوب» «والكفار» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ (سورة المائدة آية 57). قرءوا «والكفار» بخفض الراء، عطفا على «الذين» المجرور بمن، وهو قوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ.

وقرأ الباقون «والكفار» بنصب الراء، عطفا على «الذين» الأوّل الواقع مفعولا، وهو قوله تعالى: لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ الخ.

قال ابن الجزري:

..........

.......... عبد

بضمّ بائه وطاغوت اجرر

فوزا ..........

(1) قال ابن عاشر: والمدنيان وشام يرتدد.

(2)

انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «ردّ» ص 192 - 193.

ص: 175

المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «فوزا» وهو: «حمزة» «وعبد الطغوت» من قوله تعالى: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ (سورة المائدة آية 60) قرأ «وعبد» بضمّ الباء، وفتح الدال، و «الطاغوت» بجرّ التاء، على أنّ «عبد» مثل:«كرم» فهو بناء للمبالغة، والكثرة، والمراد به واحد، وليس بجمع «عبد» و «الطاغوت» مجرور بالإضافة.

والمعنى: وجعل منهم عبد الطاغوت، والمراد بالطاغوت: الشيطان.

وقرأ الباقون «وعبد» بفتح الباء، والدال، على أنه فعل ماض، و «الطاغوت» بالنصب مفعول به. والمعنى: وجعل منهم عبد الطاغوت.

قال ابن الجزري:

..........

..... رسالاته فاجمع واكسر

عمّ صرا ظلم والانعام اعكسا

دن عد ..........

المعنى: قرأ مدلول «عمّ» والمرموز له بالصاد من «صرا» والظاء من «ظلم» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وشعبة، ويعقوب» «رسالته» من قوله تعالى: وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ (سورة المائدة آية 67). قرءوا «رسالاته» بإثبات ألف بعد اللام مع كسر التاء، على الجمع، وذلك أنه لما كان الرسل عليهم الصلاة والسلام، يأتي كل واحد منهم بضروب مختلفة من الشرائع المرسلة من الله تعالى، حسن الجمع ليدلّ على ذلك.

وقرأ الباقون «رسالته» بحذف الألف، ونصب التاء، على الإفراد، وذلك لأن «الرسالة» على انفرد لفظها تدلّ على ما يدلّ عليه الجمع، مثل قوله تعالى:

وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها (سورة إبراهيم آية 34) ونعم الله كثيرة ومتعددة.

ص: 176

وقرأ المرموز له بالدال من «دن» والعين من «عد» وهما: «ابن كثير، وحفص» «رسالته» من قوله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (سورة الأنعام آية 124) بغير ألف بعد اللام، ونصب التاء، على الإفراد.

وقرأ الباقون «رسالاته» بإثبات ألف بعد اللام وكسر التاء، على الجمع.

قال ابن الجزري:

..........

........ تكون ارفع حما فتى رسا

المعنى: قرأ مدلول «حما» ومدلول «فتى» والمرموز له بالراء من «رسا» وهم: «أبو عمرو، ويعقوب، وحمزة، وخلف العاشر، والكسائي» «تكون» من قوله تعالى:

وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا

(سورة المائدة آية 71). قرءوا «تكون» برفع النون، على أنّ «أن» مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف، أي أنّه، و «لا» نافية و «تكون» تامّة، و «فتنة» فاعل، والجملة خبر «أن» وهي مفسرة لضمير الشأن، و «حسب» حينئذ لليقين لا للشك، لأنّ «أن» المخففة من الثقيلة لا تقع إلّا بعد تيقّن.

والمعنى: لقد بالغ بنو إسرائيل في كفرهم، وعنادهم بألوان شتّى مختلفة، منها: أنهم تيقنوا أن لا تحدث ولا تقع فتنة فعمّوا عن رؤية الحقيقة، وصمّت آذانهم عن قبول نصيحة أنبيائهم.

وقرأ الباقون «تكون» بنصب النون، على أنّ «أن» حرف مصدري ونصب، دخل على فعل منفيّ بلا، و «حسب» حينئذ على بابها للظنّ، لأنّ «أنّ» الناصبة لا تقع إلّا بعد الظنّ، و «تكون» تامّة أيضا، و «فتنة» فاعل. والمعنى:

شكّ هؤلاء اليهود ألّا تحدث فتنة فعمّوا وصمّوا.

قال ابن الجزري:

عقدتم المدّ منى وخفّفا

من صحبة ..........

ص: 177

المعنى: قرأ المرموز له بالميم من «منى» والميم من «من» وهو: «ابن ذكوان» «عقدتم» من قوله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ (سورة المائدة آية 89). قرأ «عاقدتم» بإثبات ألف بعد العين، وتخفيف القاف، على وزن «قاتلتم» على أن المراد به المرّة الواحدة من العقد فيكون بمعنى «عقدتم» بتخفيف القاف، وحينئذ تكون المفاعلة على غير بابها فتتحد هذه القراءة مع قراءة «عقدتم» بتخفيف القاف في المعنى.

وقرأ المرموز لهم ب «صحبة» وهم: «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «عقدتم» بحذف الألف التي بعد العين، وتخفيف القاف، على وزن «قتلتم» وذلك على أصل الفعل.

قال «الراغب الأصفهاني» : العقد: الجمع بين أطراف الشيء، ويستعمل ذلك في الأجسام الصلبة كعقد الحبل، ثمّ يستعار ذلك للمعاني نحو عقد البيع، والعهد، وغيرهما، فيقال: عقدته، وعقدت يمينه، وعاقدته، وتعاقدنا» اهـ- «1» .

وقرأ الباقون «عقّدتم» بحذف الألف، وتشديد القاف، وذلك للتكثير على معنى: عقد بعد عقد.

قال ابن الجزري:

..........

...... جزاء تنوين كفى

ظهرا ومثل رفع خفضهم وسم

..........

المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كفى» وبالظاء من «ظهرا» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ويعقوب» «فجزاء مثل» من قوله تعالى:

وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ (سورة المائدة آية 95). قرءوا بتنوين همزة «جزاء» ورفع لام «مثل» على أنّ «مثل» صفة ل «جزاء» و «جزاء» مبتدأ والخبر محذوف، والتقدير: فعلى القاتل

(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «عقد» ص 341.

ص: 178