الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة المائدة
قال ابن الجزري:
سكّن معا شنآن كم صحّ خفا
…
ذا الخلف ..........
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» والصاد من «صحّ» والخاء من «خفا» والذال من «ذا» وهم: «ابن عامر، وشعبة، وابن وردان، وابن جمّاز بخلف عنه» «شنئان» معا، من قوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا (سورة المائدة آية 2). ومن قوله تعالى:
وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا (سورة المائدة آية 8). قرءوا «شنآن» في الموضعين بإسكان النون، على أنه صفة، مثل:«عطشان، وسكران» .
وقيل: إنه مصدر «شنأ» والتسكين للتخفيف نظرا لتوالي الحركات.
وقرأ الباقون «شنآن» في الموضعين بفتح النون، وهو الوجه الثاني «لابن جمّاز» وهو مصدر «شنأ» مثل:«الطيران» ، والشنآن معناه: البغض. جاء في «تاج العروس» : المصدر: «شنأ» بتثليث فائه، فالفتح عن «أبي عبيدة» والضمّ، والكسر عن «أبي عمرو الشيباني» «1» .
قال ابن الجزري:
..........
…
... أن صدّوكم اكسر حز دفا
المعنى: قرأ المرموز له بالحاء من «حز» والدال من «دفا» وهما: «أبو عمرو، وابن كثير» «أن صدوكم» من قوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا (سورة المائدة آية 2). قرآ «إن صدوكم»
(1) انظر: تاج العروس مادة «شنأ» ج 1/ 81.
بكسر همزة «أن» على أنّ «إن» شرطية، والصّدّ متوقع في المستقبل، وحينئذ يكون المعنى: إن وقع صدّ لكم عن المسجد الحرام مثل الذي فعل بكم أوّلا عام «الحديبية» سنة ستّ من الهجرة فلا يحملنكم بغض من صدّوكم على العدوان.
وقرأ الباقون «أن صدّوكم» بفتح الهمزة، على أنها مصدريّة، و «أن» وما دخلت عليه مفعول لأجله، وحينئذ يكون المعنى: لا يحملنكم بغض قوم على العدوان لأجل صدّهم إياكم عن المسجد الحرام في الزمن الماضي، الذي وقع عام «الحديبية» سنة ستّ من الهجرة، والآية نزلت سنة «ثمان» من الهجرة عام فتح مكة.
جاء في المفردات: «الصدّ، والصدود» قد يكون انصرافا عن الشيء، وامتناعا نحو قوله تعالى: يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (سورة النساء آية 61). وقد يكون صرفا، ومنعا، نحو قوله تعالى: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (سورة محمد آية 1)«1» .
يقال: «صدّ يصدّ، يصدّ» بضمّ الصاد وكسرها في المضارع «صدّا، وصديدا» : «عجّ، وضجّ» وفي التنزيل: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (سورة الزخرف آية 57) أي يضجون، ويعجون «2» .
قال ابن الجزري:
أرجلكم نصب ظبى عن كم أضا
…
رد ..........
المعنى: قرأ المرموز له بالظاء من «ظبى» والعين من «عن» والكاف من «كم» والألف من «أضا» والراء من «رد» وهم: «يعقوب، وحفص، وابن عامر، ونافع، والكسائي» «وأرجلكم» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادّة «صدّ» ص 275.
(2)
انظر: تاج العروس مادة «صدد» ج 2/ 394.
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (سورة المائدة آية 6). قرءوا «وأرجلكم» بنصب اللام، عطفا على «الأيدي، والوجوه» وحينئذ يكون المعنى: فاغسلوا وجوهكم، وأيديكم إلى المرافق، وأرجلكم إلى الكعبين، وامسحوا برءوسكم.
وحينئذ يكون هناك تقديم وتأخير في الآية، وذلك جائز في العربية، لأنّ الواو لمطلق الجمع، ولا تقتضي الترتيب، وقد جاء ذلك في قوله تعالى:
يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (سورة آل عمران آية 43).
والمعنى: واركعي، واسجدي، لأن الركوع قبل السجود. والسنة المطهرة جاءت بغسل الرجلين، يؤيّد ذلك الحديث الآتي:
فعن «عبد الله الصّنابحيّ» رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:«إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر «1» خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه «2» فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة» اهـ- «3» .
وقرأ الباقون «أرجلكم» بخفض اللام، عطفا على «برءوسكم» لفظا، ومعنى، ثم نسخ «المسح» بوجوب «الغسل» وفقا لما جاءت به السنة المطهرة:
العمليّة والقولية، كما أجمع المسلمون على غسل الرجلين.
ويجوز أن يحمل «المسح» على بعض الأحوال وهو: لبس الخفّ.
قال ابن الجزري:
..........
…
..... واقصر اشدد يا قسيّة رضى
(1) الاستنثار: إخراج الماء من الأنف.
(2)
الأشفار: جمع شفر، وشفر الجفن: حرفه الذي ينبت عليه الهدب: بضمّ الهاء، وسكون الدال، انظر: المعجم الوسيط ج 1/ 489.
(3)
رواه مالك، والنسائي، وابن ماجة، وقال: صحيح.
المعنى: قرأ المرموز لهما ب «رضى» وهما: «حمزة، والكسائي» «قسيّة» من قوله تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً (سورة المائدة آية 13) بحذف الألف التي بعد القاف، وتشديد الياء، على وزن «فعلية» صفة مشبهة، إذ أصلها «قسيية» ثم أدغمت الياء في الياء. وذلك للمبالغة في وصف قلوب الكفار بالشدّة، والقسوة، لأنّ في صيغة «فعيل» معنى التكرير والمبالغة.
أو لأن قلوب الكفار وصفت بالطبع عليها مثل «الدرهم القسيّ» أي المغشوش، وهو الذي يخالط فضّته نحاس، أو «رصاص» أو نحو ذلك.
وقرأ الباقون «قاسية» بإثبات ألف بعد القاف، وتخفيف الياء، على أنّ «قاسية» اسم فاعل من «قسا يقسو» ومنه قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ (سورة الزمر آية 22). ومعنى «قاسية» : غليظة قد نزعت منها الرحمة، والرأفة، وأصبحت لا تؤثر فيها المواعظ، ولا تقبل ما يقال لها من نصح وإرشاد.
جاء في المفردات: «القسوة» : غلظ القلب، وأصله من «حجر قاس» و «المقاساة: معالجة ذلك» اهـ- «1» .
وجاء في تاج العروس: «قسا قلبه، يقسو، قسوا، وقسوة، وقساوة، وقساء» بالمدّ: صلب، وغلظ، فهو قاس، وقوله تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ (سورة البقرة آية 74) أي غلظت، ويبست، فتأويل القسوة في القلب:
ذهاب اللين، والرحمة، والخشوع منه.
وأصل القسوة: «الصلابة من كل شيء» اهـ- «2» .
قال ابن الجزري:
من أجل كسر الهمز والنّقل ثنا
…
..........
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «قسو» ص 404.
(2)
انظر: تاج العروس مادة «قسو» ج 10/ 293.
المعنى: قرأ المرموز له بالثاء من «ثنا» وهو: «أبو جعفر» «من أجل» من قوله تعالى: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ (سورة المائدة آية 32) بكسر همزة «إجل» ثم نقل حركتها إلى النون التي قبلها في «من» وإذا وقف على «من» وابتدأ ب «إجل» ابتدأ بهمزة قطع مكسورة.
ومعنى «من إجل ذلك» : أي من جناية ذلك، وجريرته.
وقرأ الباقون «أجل» بهمزة مفتوحة. ومعنى «من أجل ذلك» : أي من جرّ وسبب ذلك. من هذا يتبيّن أن الكسر والفتح في همزة «أجل» لغتان، إلّا أن الكسر بمعنى:«جناية» والفتح بمعنى «جرّ وسبب» وهما متقاربان في المعنى.
جاء في المفردات: «الأجل» بسكون الجيم، الجناية التي يخاف منها آجلا، فكلّ «أجل» جناية، وليس كل «جناية» «أجلا» اهـ- «1» .
وجاء في «تاج العروس» : «أجل» بكسر الهمزة، وفتحها، لغتان، وقد يعدّى بغير «من» كقول «عديّ بن زيد»:«أجل أنّ الله قد فضلكم» اهـ- «2» .
قال ابن الجزري:
..........
…
والعين والعطف ارفع الخمس رنا
وفي الجروح ثعب حبر كم ركا
…
.............
المعنى: قرأ المرموز له بالراء من «رنا» ، «ركا» وهو:«الكسائي» برفع الأسماء الخمسة وهي: «والعين، والأنف، والأذن، والسنّ، والجروح» من قوله تعالى: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ (سورة المائدة آية 45) والرفع على الاستئناف، والواو لعطف جملة اسميّة على أخرى، على تقدير أنّ «أنّ» وما في حيزها من قوله تعالى: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ في محلّ رفع باعتبار المعنى، وحينئذ
(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «أجل» ص 12.
(2)
انظر: تاج العروس مادة «أجل» ج 7/ 204.
يكون المعنى: وكتبنا على بني إسرائيل في التوراة: النفس تقتل بالنفس، والعين تفقأ بالعين، والأنف يجدع بالأنف، والأذن تقطع بالأذن، والسنّ تقلع بالسنّ، والجروح قصاص، أي يقتصّ فيها إذا أمكن كاليد، والرجل، ونحو ذلك.
وقرأ المرموز له بالثاء من «ثعب» ومدلول «حبر» والمرموز له بالكاف من «كم» وهم: «أبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر» بنصب الأسماء الأربعة الأول، عطفا على اسم «أنّ» ورفع «والجروح» قطعا لها عمّا قبلها، على أنها مبتدأ، و «قصاص» خبر.
وقرأ الباقون بنصب الأسماء الخمسة، عطفا على اسم «أنّ» لفظا، والجار والمجرور بعده خبر، و «قصاص» خبر أيضا، وهو من عطف الجمل، والتقدير:
وكتبنا على بني إسرائيل في «التوراة» أنّ النفس تقتل بالنفس، وأنّ العين تفقأ بالعين، وأنّ الأنف يجدع بالأنف، وأنّ الأذن تقطع بالأذن، وأنّ السنّ تقلع بالسنّ، وأن الجروح قصاص.
قال ابن الجزري:
..........
…
وليحكم اكسر وانصبن محرّكا
ف ق ..........
…
..........
المعنى: قرأ المرموز له بالفاء من «ف ق» وهو: «حمزة» «وليحكم» من قوله تعالى: وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ (سورة المائدة آية 47) بكسر اللام، ونصب الميم، على أنّ اللام لام «كي» و «يحكم» فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي.
وقرأ الباقون «وليحكم» بسكون اللام، وجزم الميم، على أنّ «اللام» لام الأمر، وسكنت تخفيفا، حيث أصلها الكسر.
قال ابن الجزري:
.... خاطبوا تبغون كم ......
…
..........
المعنى: قرأ المرموز له بالكاف من «كم» وهو: «ابن عامر» «يبغون» من قوله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ (سورة المائدة آية 50) بتاء الخطاب، والمخاطب أهل الكتب السابقة مثل اليهود، والنصارى، وقد تقدم ذكرهم في أكثر من آية، مثل قوله تعالى: وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ (سورة المائدة آية 47) والمعنى: قل لهم «يا «محمد» أفحكم الجاهلية تبغون، أي تطلبون.
وقرأ الباقون «يبغون» بياء الغيبة، على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، أو جريا على سياق قوله تعالى قبل: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (سورة المائدة آية 49).
قال «محمد بن جرير الطبري» ت 310 هـ-: معنى قوله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ: أيبغي هؤلاء اليهود الذين احتكموا إليك فلم يرضوا بحكمك، وقد حكمت فيهم بالقسط، حكم الجاهلية، يعني أحكام عبدة الأوثان من أهل الشرك، وعندهم كتاب الله فيه بيان حقيقة الحكم الذي حكمت به فيهم، وإنه الحق الذي لا يجوز خلافه» اهـ- «1» .
قال ابن الجزري:
.......... وقبلا
…
يقول واوه كفى حز ظلّا
وارفع سوى البصري ......
…
..........
المعنى: قرأ المرموز لهم ب «كفى» وهم: «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ويقول» من قوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ (سورة المائدة آية 53). قرءوا «ويقول» بإثبات الواو، ورفع اللام، فالواو لعطف الجمل، ورفع اللام على الاستئناف.
وقرأ المرموز له بالحاء من «حز» والظاء من «ظلّا» وهما: «البصريان» :
«أبو عمرو، ويعقوب» «ويقول» بإثبات الواو، ونصب اللام، من قول
(1) انظر: تفسير الطبري ج 5/ 274.