المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جزاء مماثل للمقتول من الصيد في القيمة، أو في الخلقة. - الهادي شرح طيبة النشر في القراءات العشر - جـ ٢

[محمد سالم محيسن]

الفصل: جزاء مماثل للمقتول من الصيد في القيمة، أو في الخلقة.

جزاء مماثل للمقتول من الصيد في القيمة، أو في الخلقة. أو على أنّ «جزاء» خبر لمبتدإ محذوف، أي فالواجب جزاء، أو فاعل لفعل محذوف، أي فيلزمه جزاء.

وقرأ الباقون بحذف تنوين «جزاء» وخفض لام «مثل» وذلك على إضافة «جزاء» إلى «مثل» وذلك لأن العرب تستعمل في إرادة الشيء مثله يقولون:

«إني أكرم مثلك» أي أكرمك، وقد قال الله تعالى: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا (سورة البقرة آية 137) أي بما آمنتم به لا بمثله، لأنهم إذا آمنوا بمثله لم يؤمنوا، فالمراد بالمثل الشيء بعينه، وحينئذ يكون المعنى على الإضافة:

فجزاء المقتول من الصيد يحكم به ذوا عدل منكم.

قال ابن الجزري:

..........

والعكس في كفّارة طعام عم

المعنى: قرأ المرموز لهم ب «عم» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «كفرة طعام» من قوله تعالى: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ (سورة المائدة آية 95).

قرءوا «كفّارة» بغير تنوين، و «طعام» بالخفض على الإضافة، وذلك على أنّ «كفّارة» خبر لمبتدإ محذوف، والتقدير: أو عليه كفارة طعام مساكين.

وقرأ الباقون «كفّارة» بالتنوين، و «طعام» بالرفع، وذلك على أنّ «كفارة» خبر لمبتدإ محذوف، و «طعام» عطف بيان على «كفارة» لأن الكفّارة هي الطعام، والتقدير: أو عليه كفارة هي طعام مساكين.

‌تنبيه:

اتفق القراء العشرة على قراءة «مساكين» هنا بالجمع، لأن قتل الصيد لا يجزئ فيه إطعام مسكين واحد، بل جماعة مساكين، يضاف إلى ذلك أن القراءة سنة متبعة ومبنية

على التوقيف.

قال ابن الجزري:

ضمّ استحقّ افتح وكسره علا

والأوليان الأوّلين ظلّلا

صفو فتى ..........

..........

ص: 179

المعنى: قرأ المرموز له بالعين من «علا» وهو: «حفص» «استحق، الأوليان» من قوله تعالى: فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ (سورة المائدة آية 107). قرأ «استحقّ» بفتح التاء، والحاء، مبنيا للفاعل، وإذا ابتدأ بها كسر الهمزة.

وقرأ «الأوليان» بإسكان الواو، وفتح اللام، وكسر النون، مثنّى «أولى» أي الأحقّان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما، وهو مرفوع على أنه فاعل «استحقّ» .

وقرأ المرموز له بالظاء من «ظللا» والصاد من «صفو» ومدلول «فتى» وهم: «يعقوب، وشعبة، وحمزة، وخلف العاشر» «استحقّ» بضم التاء، وكسر الحاء، مبنيا للمفعول، وإذا ابتدءوا ضموا الهمزة، ونائب فاعل «استحق» «عليهم» أي الجار والمجرور. وقرءوا «الأوّلين» بتشديد الواو المفتوحة، وكسر اللام وبعدها ياء ساكنة، وفتح النون، جمع «أوّل» المقابل «آخر» مجرور بالياء صفة «للذين» أو بدل منه، أو بدل من الضمير في «عليهم» .

وقرأ الباقون «استحقّ» بضم التاء، وكسر الحاء، مبنيّا للمفعول، وإذا ابتدءوا ضموا الهمزة.

وقرءوا «الأوليان» بإسكان الواو، وفتح اللام، وكسر النون، مثنى «أولى» وهو مرفوع على أنه نائب فاعل «استحق» .

قال ابن الجزري:

....... وسحر ساحر شفا

كالصّف هود وبيونس دفا

كفى ..........

..........

المعنى: اختلف القراء في «سحر» في أربعة مواضع وهي:

1 -

قوله تعالى: فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (سورة المائدة آية 110).

ص: 180

2 -

قوله تعالى: قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (سورة يونس آية 2).

3 -

قوله تعالى: لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (سورة هود آية 7).

4 -

قوله تعالى: فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (سورة الصف آية 6).

فقرأ مدلول «شفا» وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ساحر» في السور الأربع بفتح السين، وألف بعدها، وكسر الحاء، على أنه اسم فاعل من «سحر» الثلاثي المجرد.

وقرأ «ابن كثير، وعاصم» موضع «يونس» «ساحر» بفتح السين وألف بعدها، وكسر الحاء، اسم فاعل.

وقرأ المواضع الثلاثة الباقية «سحر» بكسر السين، وحذف الألف، وإسكان الحاء، على أنه مصدر «سحر». والتقدير: ما هذا الخارق للعادة إلّا سحر، أو جعلوه نفس السحر مبالغة، مثل قولهم:«زيد عدل» .

وقرأ الباقون «سحر» في السور الأربع، وتقدم توجيهه.

جاء في «المفردات» : «السحر» يقال على معنيين:

الأوّل: الخداع، وتخيلات لا حقيقة لها، نحو ما يفعله «المشعوذ» بصرف الأبصار عمّا يفعله لخفة يده، وعلى ذلك جاء قوله تعالى: سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (سورة الأعراف آية 116).

والثاني: استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب إليه، قال تعالى:

هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ* تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ* يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (سورة الشعراء الآيات 221 - 223). وعلى ذلك قوله تعالى:

وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ (سورة البقرة آية 102) اهـ- «1» .

(1) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 226.

ص: 181

قال ابن الجزري:

..... ويستطيع ربّك سوى

عليّهم ..........

المعنى: قرأ «الكسائي» «يستطيع ربك» من قوله تعالى: إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ (سورة المائدة آية 112). قرأ

«تستطيع» بتاء الخطاب مع إدغام لام «هل» في «تاء» «تستطيع» والمخاطب سيدنا «عيسى» عليه السلام.

وقرأ «ربّك» بالنصب على التعظيم. والمعنى: هل تستطيع يا عيسى سؤال ربك، وهو استفهام فيه معنى الطلب، أي اسأل لنا ربّك أن ينزل علينا مائدة من السماء.

وقرأ الباقون «يستطيع» بياء الغيبة، و «ربّك» بالرفع، على أنه فاعل «يستطيع». والمعنى: هل يطيعك ربّك، ويجيبك على مسألتك، واستطاع حينئذ تكون بمعنى «أطاع» ويجوز أن يكونوا سألوه سؤال مختبر، وذلك لأن الحواريين مؤمنون، ولا يشكّون في قدرة الله تعالى.

قال ابن الجزري:

..........

...... يوم انصب الرّفع أوى

المعنى: قرأ المرموز له بالألف من «أوى» وهو: «نافع» «يوم» من قوله تعالى: قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ (سورة المائدة آية 119) بالنصب على الظرفية، و «هذا» مبتدأ، والخبر متعلق الظرف، والتقدير: هذا القول واقع يوم ينفع الصادقين صدقهم.

وقرأ الباقون «يوم» بالرفع، على أنه خبر، و «هذا» مبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب مقول القول.

(ولله أعلم) تمّت سورة المائدة ولله الحمد والشكر

ص: 182