المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة الأنفال قال ابن الجزري: ومرد في افتح داله مدّا ظمي … - الهادي شرح طيبة النشر في القراءات العشر - جـ ٢

[محمد سالم محيسن]

الفصل: ‌ ‌سورة الأنفال قال ابن الجزري: ومرد في افتح داله مدّا ظمي …

‌سورة الأنفال

قال ابن الجزري:

ومرد في افتح داله مدّا ظمي

..........

المعنى: اختلف القراء في «مردفين» من قوله تعالى: فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (سورة الأنفال آية 9).

فقرأ مدلول «مدّا» والمرموز له بالظاء من «ظمي» وهم: «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «مردفين» بفتح الدال، اسم مفعول.

قال «أبو عبيد القاسم بن سلّام» ت 224 هـ-: «تأويله أن الله تبارك وتعالى أردف المسلمين بالملائكة» اه-.

وقرأ الباقون «مردفين» بكسر الدال، اسم فاعل.

قال «أبو عمرو بن العلاء البصري» ت 154 هـ-: أي أردف بعضهم بعضا، فالإرداف أن يحمل الرجل صاحبه خلفه، تقول:«ردفت الرجل» أي ركبت خلفه، وأردفته: إذا أركبته خلفي» اهـ-.

وجمع «الرديف، ردافى» مثل: «حبارى» على غير قياس.

قال ابن الجزري:

..........

رفع النّعاس حبر يغشي فاضمم

واكسر لباق ..........

..........

المعنى: اختلف القراء في «يغشيكم النعاس» من قوله تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ (سورة الأنفال آية 11).

ص: 263

فقرأ مدلول «حبر» وهما: «ابن كثير، وأبو عمرو» «يغشاكم» بفتح الياء، وسكون الغين، وفتح الشين، وألف بعدها، مضارع «غشي يغشى» مثل:

«رضي يرضى» وقرآ «النعاس» بالرفع فاعل «يغشاكم» .

وقرأ المرموز له بالظاء من «ظبى» ومدلول «كنز» وهم: «يعقوب، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يغشّيكم» بضم الياء، وفتح الغين، وكسر الشين مشددة، وياء بعدها، مضارع «غشّى يغشّي» مضعف العين، وقرءوا «النعاس» بالنصب، مفعول به، والفاعل ضمير مستتر يعود على الله تعالى.

وقرأ الباقون وهما: «نافع، وأبو جعفر» «يغشيكم» بضم الياء، وسكون الغين، وكسر الشين مخففة، وياء بعدها، مضارع «أغشى يغشي» نحو:«أهدى يهدي» . وقرآ

«النعاس» بالنصب مفعولا به، والفاعل ضمير مستتر يعود على الله تعالى.

واعلم أن التخفيف والتشديد في «يغشي» لغتان بمعنى، فمن التخفيف قوله تعالى: فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (سورة يس آية 9). ومن التشديد قوله تعالى فَغَشَّاها ما غَشَّى (سورة النجم آية 54).

قال ابن الجزري:

.......... واشددن مع موهن

خفّف ظبى كنز ولا ينوّن

مع خفض كيد عد ..........

..........

المعنى: اختلف القراء في «موهن كيد» من قوله تعالى: ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (سورة الأنفال آية 18).

فقرأ المرموز له بالظاء من «ظبى» ومدلول «كنز» عدا «حفص» وهم:

«يعقوب، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «موهن» بسكون الواو، وتخفيف الهاء، والتنوين، اسم فاعل من «أوهن يوهن فهو موهن» مثل:«أيقن يوقن فهو موقن» وقرءوا «كيد» بالنصب، مفعول به.

ص: 264

واعلم أن التنوين في «موهن» على الأصل في اسم الفاعل، إذا أريد به الحال، أو الاستقبال.

وقرأ المرموز له بالعين من «عد» وهو: «حفص» «موهن» بسكون الواو، وتخفيف الهاء من غير تنوين، اسم فاعل من «أوهن» الرباعي، وحذف التنوين لإضافة «موهن» إلى «كيد» لأن «حفصا» يقرأ «كيد» بالخفض على الإضافة.

وقد جاء القرآن في غير هذا الموضع بحذف التنوين من اسم الفاعل مع الإضافة، مثال ذلك قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ (سورة الطلاق آية 3).

وقرأ الباقون «موهّن كيد» بفتح الواو، وتشديد الهاء، والتنوين، اسم فاعل من «وهّن» مضعّف العين، مثل:«قتّل يقتّل فهو مقتّل» و «كيد» بالنصب مفعول به.

قال ابن الجزري:

.......... وبعد افتح وأن

عمّ علا ..........

المعنى: اختلف القراء في «وأنّ الله» من قوله تعالى: وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (سورة الأنفال آية 19).

فقرأ مدلول «عمّ» والمرموز له بالعين من «علا» وهم: «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وحفص» «وأنّ» بفتح الهمزة، على تقدير اللام، أي ولأنّ، فلما حذفت اللام جعلت «أنّ» مفتوحة الهمزة، وهذه القراءة متناسقة مع قوله تعالى قبل: وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (آية 18).

وقرأ الباقون «وإنّ» بكسر الهمزة على الاستئناف، وفيه معنى التوكيد لنصر الله للمؤمنين، لأنّ «إنّ» إنما تكسر في الابتداء لتوكيد ما بعدها من الخبر.

قال ابن الجزري:

..........

... ويعملوا الخطاب غن

ص: 265

المعنى: اختلف القراء في «يعملون» من قوله تعالى: فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (سورة الأنفال آية 39).

فقرأ المرموز له بالغين من «غن» وهو: «رويس» «تعملون» بتاء الخطاب، للتناسب مع قوله تعالى في صدر الآية: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ومع قوله تعالى بعد: فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ (آية 40). أو يكون الخطاب على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب.

وقرأ الباقون «يعملون» بياء الغيبة، لمناسبة قوله تعالى قبل: فَإِنِ انْتَهَوْا.

قال ابن الجزري:

بالعدوة اكسر ضمّه حقّا معا

..........

المعنى: اختلف القراء في «بالعدوة» معا من قوله تعالى: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى (سورة الأنفال آية 42).

فقرأ مدلول «حقّا» وهم: «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «بالعدوة» معا بكسر العين.

وقرأ الباقون بضم العين فيهما، والكسر، والضمّ لغتان: فالكسر لغة «قيس» والضم لغة «قريش» وعدوة الوادي: جانبه.

قال ابن الجزري:

..........

وحيي اكسر مظهرا صفا زغا

خلف ثوى إذ هب ....

..........

المعنى: اختلف القراء في «حيّ» من قوله تعالى: وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ (سورة الأنفال آية 42).

ص: 266

فقرأ مدلول «صفا» والمرموز له بالزاي من «زعا» بخلف عنه، ومدلول «ثوى» والمرموز له بالألف من «إذ» والهاء من «هب» وهم:«شعبة وخلف العاشر، وأبو جعفر، ويعقوب، ونافع، والبزّي، وقنبل» بخلف عنه «حيي» بكسر الياء الأولى مع فكّ الإدغام، وفتح الياء الثانية. ووجه ذلك أن الفعل جاء على أصله.

وقرأ الباقون «حيّ» بياء واحدة مشدّدة، وهو الوجه الثاني «لقنبل» مثل:

عيّ»، وذلك على أن أصلها «حيي» فأدغمت الياء الأولى في الثانية بعد تسكينها. قال «الخليل بن أحمد الفراهيدي» ت 170 هـ-:

«يجوز الإدغام، والإظهار، إذا كانت الحركة في الثاني لازمة.

وقال «ابن مالك» ت 672 هـ- في ألفيته:

وحيي افكك وادغم دون حذر

كذاك نحو تتجلّى واستتر

قال ابن الجزري:

.......... ويحسبنّ في

عن كم ثنا والنّور فاشية كفي

وفيهما خلاف إدريس اتّضح

..........

المعنى: اختلف القراء في «ولا يحسبن» من قوله تعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا (سورة الأنفال آية 59) و «لا تحسبن» من قوله تعالى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ (سورة النور آية 57).

أمّا موضع الأنفال فقد قرأه المرموز له بالفاء من «في» والعين من «عن» والكاف من «كم» والثاء من «ثنا» وهم: «حمزة، وحفص، وابن عامر، وأبو جعفر، وإدريس» بخلف عنه «ولا يحسبن» بياء الغيبة، و «الذين كفروا» فاعل، والمفعول الأوّل محذوف، والتقدير:«أنفسهم» . و «سبقوا» في محلّ نصب مفعول ثان، مع تقدير «أن» قبل «سبقوا» وحينئذ يكن المعنى: ولا يحسبنّ الكفّار أنفسهم سابقين، ويجوز أن تضمر «أن» مع «سبقوا» فتسدّ مسدّ المفعولين، كما

ص: 267

في قوله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا (سورة العنكبوت آية 2) فقد سدّت «أن» ومدخولها مسدّ مفعولي «حسب» .

وقرأ الباقون «ولا تحسبن» بتاء الخطاب، والمخاطب نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم، وقد دلّ على ذلك قوله تعالى قبل: الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ (آية 56)، و «الذين كفروا» مفعول أوّل، و «سبقوا» مفعول ثان، وهذه القراءة هي الوجه الثاني «لإدريس». وحينئذ يكون المعنى:«ولا تحسبن يا محمد الكفار سابقين» .

أما موضع «النور» فقد قرأه المرموز له بالفاء من «فاشية» والكاف من «كفى» وهم: «حمزة، وابن عامر، وإدريس» بخلف عنه «لا يحسبن» بياء الغيبة، والفاعل مقدّر مفهوم من المقام تقديره:«لا يحسبنّ حاسب، أو أحد» و «الذين كفروا» مفعول أوّل، و «معجزين» مفعول ثان. والمعنى: لا يحسبن حاسب، أو أحد، الذين كفروا معجزين في الأرض، بأن يفوتونا.

وقرأ الباقون، وإدريس، في وجهه الثاني «لا تحسبنّ» بتاء الخطاب، والفاعل مفهوم من المقام وهو المخاطب، و «الذين كفروا» مفعول أوّل، و «معجزين» مفعول ثان. والمعنى: لا تحسبنّ يا مخاطب الذين كفروا معجزين في الأرض بأن يفوتونا.

وقرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وأبو جعفر» بفتح السين فيهما. وقرأ الباقون بكسر السين فيهما، وهما لغتان.

قال ابن الجزري:

..........

ويتوفّى أنّث انّهم فتح

كفل ..........

..........

المعنى: اختلف القراء في «يتوفى» من قوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ (سورة الأنفال آية 50) و «إنّهم» من قوله تعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (سورة الأنفال آية 59).

أمّا «يتوفى» فقد قرأ المرموز له بالكاف من «كفل» وهو: «ابن عامر»

ص: 268

«تتوفى» بالتاء على التأنيث، لأن لفظ «الملائكة» مؤنث، والمراد به جماعة الملائكة، ومنه قوله تعالى: فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ (سورة آل عمران آية 39).

وقرأ الباقون «يتوفى» بالياء على تذكير الفعل، وذلك للفصل بين الفعل والفاعل، ولأن المراد جمع الملائكة.

قال «الزجاج» إبراهيم بن السري» ت 311 هـ-:

«الوجهان جميعا جائزان، لأن الجماعة يلحقها اسم التأنيث، لأن معناها معنى الجماعة، ويجوز أن يعبر عنها بلفظ التذكير، كما يقال: «جمع الملائكة» اهـ-.

وأمّا «إنّهم» فقد قرأ المرموز له بالكاف من «كفل» وهو: «ابن عامر» «أنهم» بفتح الهمزة، على إسقاط لام العلة، والمعنى:«ولا يحسبن الكفار أنفسهم سبقوا لأنهم لا يعجزون» .

وقرأ الباقون «إنهم» بكسر الهمزة، على الاستئناف، والقطع.

قال ابن الجزري:

.... ترهبون ثقله غفا

..........

المعنى: اختلف القراء في «ترهبون» من قوله تعالى: تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ (سورة الأنفال آية 60).

فقرأ المرموز له بالغين من «غفا» وهو: «رويس» «ترهّبون» بتشديد الهاء، مضارع «رهّب» مضعف العين.

وقرأ الباقون «ترهبون» بتخفيف الهاء، مضارع «أرهب» المزيد بالهمزة.

قال ابن الجزري:

..........

ثاني يكن حما كفى بعد كفى

ص: 269