الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1542 / 2 - وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالْحَارِثُ وَأَبُو يَعْلَى، كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جدعان، زاد أبو يعلى " هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ".
1542 / 3 - وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي يَعْلَى وَابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: "أَتَيْتُ عَلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا لَيْلَةَ أُسري بِي فَرَأَيْتُ فِيهَا رِجَالًا تُقطع أَلْسِنَتُهُمْ وَشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِضَ مِنْ نَارٍ- أَوْ قَالَ: مِنْ حَدِيدٍ- قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: خُطَبَاءُ أُمَّتِكَ ".
1542 / 4 - وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَلَفْظُهُ: "مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسري بِي بِقَوْمٍ تُقرض شِفَاهُهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْخُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ- أَحْسَبُهُ قَالَ: الَّذِينَ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ".
12-
بَابٌ فِي خُطْبَةٍ كَذَّبَهَا دَاوُدُ بْنُ الْمَحْبَرِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وما جاء في تحية المسجد في أثناء الخطبة
1543 -
عن أبي هريرة وابن عباس- رضي الله عنهم قَالَا: "خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَةً قَبْلَ وَفَاتِهِ، وَهِيَ آخِرُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا بِالْمَدِينَةِ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، فَوَعَظَنَا فيها موعظة
ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَتَقَشْعَرَتْ مِنْهَا الْجُلُودُ، وَتَقَلْقَلَتْ مِنْهَا الْأَحْشَاءُ، أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى الصلاةٍ جَامِعَةٍ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَاجْتَمَعَ الناس إليه، فارتقى المنبر فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ، ادْنُوا وَأَوْسِعُوا لِمَنْ خَلْفَكُمْ- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- فَدَنَا النَّاسُ وَانْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، والتفتوا فلم يروا أحدا، ثم قال: ادنوا وَأَوْسِعُوا لِمَنْ خَلْفَكُمْ. فَدَنَا النَّاسُ وَانْضَمَّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَالْتَفَتُوا فَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا، ثمّ قال: ادنوا وأوسعوا لمن خلفكم. فدنوا وانضم بعضهم إلى بعض والتفتوا فلم يروا أحداً، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: لِمَنْ نُوَسِّعُ لِلْمَلَائِكَةِ؟ قَالَ: لَا، إِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا مَعَكُمْ لَمْ يَكُونُوا بَيْنَ أيديكم ولا أخلفكم،) وَلَكِنْ عَنْ يَمِينِكُمْ وَشَمَائِلِكُمْ. فَقَالَ: وَلِمَ لَا يَكَونُونَ بَيْنَ أَيْدِينَا وَلَا خَلْفَنَا، أَهُمْ أَفْضَلُ مِنَّا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، اجْلِسْ. فَجَلَسَ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أحمده وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنُؤْمِنُ بِهِ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ كَائِنٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَلَاثُونَ كَذَّابًا، أَوَّلُهُمْ صَاحِبُ الْيَمَامَةِ وَصَاحِبُ صَنْعَاءَ.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا دَخَلَ الْجَنَّةَ.
فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رسول الله، كيف يخلص بها لا يفلح مَعَهَا غَيْرَهَا، بَينِّ لَنَا حَتَّى نَعْرِفَهُ؟ فَقَالَ: حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا وَجَمْعًا لَهَا مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا وَرِضًا بِهَا، وَأَقْوَامٌ يَقُولُونَ أَقَاوِيلَ الْأَخْيَارِ، ويعملون عَمَلَ الْفُجَّارِ، فَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ بِقَوْلِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنِ اخْتَارَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ فَلَهُ النَّارُ.
وَمَنْ تَوَلَّى خُصُومَةَ قَوْمٍ ظَلَمَةٍ أَوْ أَعَانَهُمْ عَلَيْهَا نَزَلَ بِهِ مَلَكُ الْمَوْتِ يُبَشِّرُهُ بِلَعْنَةٍ وَنَارٍ خَالِدًا فِيهَا وبئس المصير.
ومن خف لِسُلْطَانٍ جَائِرٍ فِي حَاجَةٍ فَهُوَ قَرِينُهُ فِي النَّارِ.
وَمَنْ دلَّ سُلْطَانًا عَلَى جَوْرٍ قُرِنَ مَعَ هَامَانَ فِي النَّارِ، وَكَانَ هُوَ وَذَلِكَ السُّلْطَانُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا.
وَمَنْ عظَم صَاحِبَ دُنْيَا وَمَدَحَهُ طَمَعًا فِي دُنْيَاهُ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي دَرَجَةِ قَارُونَ فِي أَسْفَلِ جَهَنَّمَ.
وَمَنْ بَنَى بِنَاءً رِيَاءً وَسُمْعَةً حَمَلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ سَبْعِ أرضين يطوقه نارًا توقد في عنقه ثم يرمى به النَّارِ. فَقِيلَ: وَكَيْفَ يَبْنِي بِنَاءً رِيَاءً وَسُمْعَةً؟ فقال: يبني فضلا عماّ يَكْفِيهِ، وَيَبْنِيهِ مُبَاهَاةً.
وَمَنْ ظَلَمَ أَجِيرًا أُجْرَةً حَبِطَ عَمَلُهُ، وَحُرِّمَ عَلَيْهِ رِيحُ الْجَنَّةِ، وَرِيحُهَا يوجد من مسيرة خمسمائة عَامٍ.
وَمَنْ خَانَ جَارَهُ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ طَوَّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ نَارًا حتى يدخله جهنم.
ومن تعلم القرآن ثم نسيه متعمدًا لقي الله مجذومًا مغلولاً، وَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ حَيَّةً تَنْهَشُهُ في النار.
ومن تعلم القرآن فلم يَعْمَلْ بِهِ وَآثَرَ عَلَيْهِ حُطَامَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا اسْتَوْجَبَ سَخَطَ اللَّهِ، وَكَانَ فِي دَرَجَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا. وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا حُشر يوم القيامة وهو أنتن من الجيفة، يتأذى بِهِ الناس حتّى يدخل جهنم، وأحبط الله أجره، ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا، ويدخل في تَابُوتٌ مِنْ نَارٍ وَتُسَلَّطُ عَلَيْهِ مَسَامِيرُ مِنْ حَدِيدٍ حَتَّى تَسْلُكَ تِلْكَ الْمَسَامِيرُ فِي جَوْفِهِ، فَلَوْ وُضِعَ عِرْقٌ مِنْ عُرُوقِهِ على أربعمائة أُمَّةٍ لَمَاتُوا جَمِيعًا، وَهُوَ مِنْ أَشَدِّ أَهْلِ النار عذابًا يوم القيامة.
ومن زنى بِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ غَيْرِ مُسْلِمَةٍ، حُرَّةٍ أَوْ أمة، فتح عليه في قبره ثلاثمائة أَلْفِ بَابٍ مِنَ النَّارِ، يَخْرُجُ عَلَيْهِ مِنْهَا حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ وَشُهُبٌ مِنَ النَّارِ فَهُوَ يُعَذَّبُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِتِلْكَ النَّارِ، مَعَ مَا يَلْقَى مِنْ تِلْكَ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ، وَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَتَأَذَّى النَّاسُ بِنَتَنِ فَرْجِهِ، وَيُعْرَفُ بِذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَ النَّارَ فَيَتَأَذَّى بِهِ أَهْلُ النَّارِ مع ما هم فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ، لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمَحَارِمَ، وَلَيْسَ أَحَدُ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ غَيْرَتِهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ وَحَدَّ الْحُدُودَ.
وَمَنِ اطَّلَعَ إِلَى بَيْتِ جَارِهِ فَرَأَى عَوْرَةَ رَجُلٍ أَوْ شَعْرَ امْرَأَةٍ أَوْ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهَا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ النَّارَ مَعَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَيَّنُونَ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَفْضِحَهُ اللَّهُ وَيُبْدِي لِلنَّاظِرِينَ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَمَنْ سخط رزقه وبثَّ شكواه ولم يصبر لم يرفع له إلى اللَّهُ حَسَنَةً، وَلَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ سَاخِطٌ.
وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَاخْتَالَ فِي ثَوْبِهِ خُسِفَ به مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ، يَتَجَلْجَلُ فِيهَا مَا دَامَتِ السموات وَالْأَرْضُ لِأَنَّ قَارُونَ لَبِسَ حُلَّةً فَاخْتَالَ فَخُسْفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً حَلَالًا بِمَالٍ حَلَالٍ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْفَخْرَ وَالرِّيَاءَ لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ بِذَلِكَ إِلَّا ذُلًّا وَهَوَانًا، وَأَقَامَهُ اللَّهُ بِقَدْرِ مَا استمتع منها على شفير جهنم ثم يَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا.
وَمَنْ ظَلَمَ امْرَأَةً مَهْرَهَا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ زانٍ، وَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَبْدِي زَوَّجْتُكَ عَلَى عَهْدِي فَلَمْ تُوَفِ بِعَهْدِي فَيَتَوَلَّى اللَّهُ طَلَبَ حَقِّهَا فيستوعب حسناته كلها فما تفي به فَيُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ.
وَمَنْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَةٍ أَوْ كَتَمَهَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ لَحْمَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، وَيُدْخِلُهُ النَّارَ وَهُوَ يَلُوكُ لِسَانَهُ.
وَمَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا فِي الْقِسْمِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ جَاءَ يَوْمَ القيامة مغلولا مائلا شِقُّهُ حَتَّى يَدْخُلَ النَّارَ.
وَمَنْ آذَى جَارَهُ من غير حق حرم الله عليه ريح الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ يَسْأَلُ الرَّجُلَ عَنْ جَارِهِ كَمَا يَسْأَلُهُ عَنْ حَقِّ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَمَنْ ضيَّع حَقَّ جَارِهِ فَلَيْسَ منا.
وَمَنْ أَهَانَ فَقِيرًا مُسْلِمًا مِنْ أَجْلِ فَقْرِهِ فَاسْتَخَفَّ بِهِ فَقَدِ اسْتَخَفَّ بِحَقِّ اللَّهِ، وَلَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ حَتَّى يُرْضِيَهُ.
وَمَنْ أَكْرَمَ فَقِيرًا مُسْلِمًا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِ.
وَمَنْ عُرضت لَهُ الدنيا والَاخرة فاختار الدنيا على الآخرة لقي الله وليست له حسنة يتقي بها النار، وإن اختار الآخرة على الدنيا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ.
وَمَنْ قَدِرَ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ جَارِيَةٍ حَرَامًا فَتَرَكَهَا مَخَافَةً مِنْهُ أمَّنَه اللَّهُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَحَرَّمَهُ عَلَى النَّارِ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَإِنْ وَاقَعَهَا حَرَامًا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَدْخَلَهُ النَّارَ.
وَمَنْ كَسَبَ مَالًا حَرَامًا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَدَقَةٌ ولا عتق ولا حج ولا عمرة، وكتب الله له بِقَدْرِ ذَلِكَ أَوْزَارًا، وَمَا بَقِيَ عِنْدَ مَوْتِهِ كَانَ زَادُهُ إِلَى النَّارِ.
وَمَنْ أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٌ نَظْرَةً حَرَامًا مَلَأَ اللَّهُ عَيْنَيْهِ نَارًا ثُمَّ أَمَرَ بِهِ إِلَى النَّارِ، فَإِنْ غضَّ بصره عنها أدخل الله قَلْبِهِ مَحَبَّتَهُ وَرَحْمَتَهُ، وَأَمَرَ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ.
وَمَنْ صَافَحَ امْرَأَةً حَرَامًا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مغلولة يداه إِلَى عُنُقِهِ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ وَإِنْ فَاكَهَهَا حُبس بِكُلِّ كَلِمَةٍ كَلَّمَهَا فِي الدُّنْيَا أَلْفَ عَامٍ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا طَاوَعَتِ الرَّجُلَ حَرَامًا فَالْتَزَمَهَا أَوْ قبَّلها أَوْ بَاشَرَهَا أَوْ فَاكَهَهَا أَوْ وَاقَعَهَا فَعَلَيْهَا مِنَ الْوِزْرِ مِثْلُ مَا عَلَى الرَّجُلِ، فَإِنْ غَلَبَهَا الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَوِزْرُهَا.
وَمَنْ غَشَّ مُسْلِمًا فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَلَيْسَ مِنَّا، وَيُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ أَغَشُّ الناس للمسلمين.
ومن منع الماعون من جَارَهُ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ، وَوَكِلَهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ وَكِلَهُ إِلَى نَفْسِهِ هلك آخر مَا عَلَيْهَا وَلَا يُقْبَلُ لَهُ عُذْرٌ.
وَأَيُّمَا امرأة آذت زوجها لم تقبل صلاتها ولاحسنة من عملها حتى تعتبه وَتُرْضِيَهُ، وَلَوْ صَامَتِ الدَّهْرَ وَقَامَتْهُ وَأَعْتَقَتِ الرِّقَابَ وَحَمَلَتِ على الْجِيَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَكَانَتْ أول من يرد النار إذا لم ترضيه وتعتبه، وَقَالَ: وَعَلَى الرَّجُلِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْوِزْرِ وَالْعَذَابِ إِذَا كَانَ لَهَا مُؤْذِيًا ظَالِمًا.
وَمَنْ لَطَمَ خَدَّ مُسْلِمٍ لَطْمَةً بَدَّدَ اللَّهُ عِظَامَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ تُسَلَّطُ عَلَيْهِ النَّارُ، وَيُبْعَثُ حين يبعث مَغْلُولًا حَتَّى يَرِدَ النَّارَ.
وَمَنْ بَاتَ وَفِي قَلْبِهِ غِشٌّ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ بَاتَ وَأَصْبَحَ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَتُوبَ ويراجع، فَإِنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ مَاتَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ. ثُمَّ قَالَ: أَلَا إِنَّهُ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا. حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا.
وَمَنْ يعلق سُوطًا بَيْنَ يَدَيْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ جَعَلَ لَهُ اللَّهُ حَيَّةً طُولُهَا سَبْعُونَ أَلْفَ ذِرَاعٍ فَتُسَلَّطُ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا.
وَمَنِ اغتاب مسلماً بطل صومه ونُقض وضوءه فَإِنْ مَاتَ وَهُوَ كَذَلِكَ مَاتَ كَالْمُسْتَحِلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.
وَمَنْ مَشَى بِالنَّمِيمَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ سلط الله عليه في فيه نَارًا تَحْرِقُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يُدْخِلُهُ النَّارَ.
وَمَنْ عَفَا عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَكَظَمَ غَيْظَهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ شَهِيدٍ.
وَمَنْ بَغَى عَلَى أَخِيهِ وَتَطَاوَلَ عَلَيْهِ وَاسْتَحْقَرَهُ حَشَرَهُ اللَّهُ يوم القيامة في صورة الذرة تطؤه الْعِبَادُ بِأَقْدَامِهِمْ، ثُمَّ يَدْخُلُ النَّارَ، وَلَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَمُوتَ.
وَمَنْ يردَّ عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ غَيْبَةً سَمِعَهَا تُذكر عَنْهُ فِي مَجْلِسٍ رَدَّ اللَّهُ عَنْهُ أَلْفَ بَابٍ مِنَ الشَّرِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَرُدَّ عَنْهُ وَأَعْجَبَهُ مَا قَالُوا كَانَ عليه مثل وزرهم. ومن رمى محصنًا أَوْ مُحْصَنَةً حَبِطَ عَمَلُهُ، وجُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سبعون ألف مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ.
وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ سُمِّ الْأَسَاوِدِ وَسُمِّ الْعَقَارِبِ شَرْبَةً يَتَسَاقَطُ لَحْمُ وَجْهِهِ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَهَا، فَإِذَا شَرِبَهَا تُفَسِّخَ لَحْمَهُ وَجِلْدَهُ كَالْجِيفَةِ، يَتَأَذَّى بِهِ أَهْلُ الْجَمْعِ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ، أَلَا وَشَارِبُهَا وَعَاصِرُهَا وَمُعْتَصِرُهَا وَبَائِعُهَا وَمُبْتَاعُهَا وَحَامِلُهَا وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ وَآكِلُ ثَمَنِهَا سَوَاءٌ فِي إِثْمِهَا وَعَارِهَا، وَلَا يُقْبَلُ الله له صلاة ولا صيامًا ولا حجًّا وَلَا عُمْرَةٌ حَتَّى يَتُوبَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ مِنْهَا كَانَ حَقًّا
عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ بِكُلِّ جَرْعَةٍ شَرِبَهَا فِي الدُّنْيَا شَرْبَةً مِنْ صَدِيدِ جَهَنَّمَ، أَلَا وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.
وَمَنْ أَكَلَ الرِّبَا مَلَأَ اللَّهُ بَطْنَهُ نَارًا بِقَدْرِ مَا أَكَلَ وَإِنْ كَسَبَ مِنْهُ مَالًا لَمْ يقبل الله شيئًا من عمله، ولم يزل فِي لَعْنَةِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ مَا دَامَ عِنْدَهُ مِنْهُ قِيرَاطٌ.
وَمَنْ خَانَ أَمَانَةً فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا إِلَى أَرْبَابِهَا مَاتَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَلَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ فَيَهْوِي مِنْ شَفِيرِهَا أَبَدَ الَابدين.
وَمَنْ شَهِدَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ عُلِّقَ بِلِسَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ صُير مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.
وَمَنْ قَالَ لِمَمْلُوكِهِ أَوْ مَمْلُوكِ غَيْرِهِ أَوْ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا لبيك ولا سعديك انغمس فِي النَّارِ.
وَمَنْ أضرَّ بِامْرَأَةٍ حَتَّى تَفْتَدِيَ مَنْهُ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ لَهُ بِعُقُوبَةٍ دُونَ النَّارِ، لِأَنَّ اللَّهَ- عز وجل يَغْضَبُ لِلْمَرْأَةِ كَمَا يَغْضَبُ لِلْيَتِيمِ.
وَمَنْ سَعَى بِأَخِيهِ إِلَى السُّلْطَانِ أَحْبَطَ اللَّهُ عَمَلَهُ كُلَّهُ، فَإِنْ وَصَلَ إِلَيْهِ مَكْرُوهٌ أَوْ أَذَى جَعَلَهُ اللَّهُ مَعَ هَامَانَ فِي دَرَجَتِهِ فِي النَّارِ.
وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ رِيَاءً وَسُمْعَةً أَوْ يُرِيدُ بِهِ الدُّنْيَا لَقِيَ اللَّهَ وَوَجْهُهُ عَظْمٌ لَيْسَ عَلَيْهِ لَحْمٌ، وَدَعَّ الْقُرْآنُ فِي قَفَاهُ حتّى يَقْذِفُهُ فِي النَّارِ فَيَهْوِي فِيهَا مَعَ مَنْ هَوَى، وَمَنْ قَرَأَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ حَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، فَيَقُولُ: رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وقد كنت بصيرا؟ فَيَقُولُ: كَذَلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَهَا وَكذلك الْيَوْمَ تنسى. ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ.
وَمَنِ اشْتَرَى خِيَانَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا خِيَانَةٌ كَانَ كَمَنْ خانها فِي عَارِهَا وَإِثْمِهَا.
وَمَنْ قَاوَدَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ حَرَامًا حرَّم اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، وَمَأْوَاهُ النار وساءت مصيًرا. ومن غش أَخَاهُ الْمُسْلِمَ نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُ رِزْقَهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْهِ مَعِيشَتَهُ، وَوَكِلَهُ إِلَى نَفْسِهِ.
وَمَنِ اشْتَرَى سَرِقَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا سَرِقَةٌ كَانَ كَمَنْ سَرَقَهَا فِي عَارِهَا وَإِثْمِهَا.
وَمَنْ ضارَّ مُسْلِمًا فَلَيْسَ مِنَّا وَلَسْنَا مِنْهُ فِي الدُّنْيَا والَاخرة.
وَمَنْ سَمِعَ بِفَاحِشَةٍ فَأَفْشَاهَا كَانَ كَمَنْ أَتَاهَا.
وَمَنْ سَمِعَ بِخَبَرٍ فَأَفْشَاهُ كَانَ كَمَنْ عَمِلَهُ.
وَمَنْ وَصَفَ امْرَأَةً لِرَجُلٍ فَذَكَرَ جَمَالَهَا وَحُسْنَهَا حَتَّى افْتَتَنَ بِهَا فَأَصَابَ مِنْهَا فَاحِشَةً خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا مَغْضُوبًا عَلَيْهِ، وَمَنْ غضب الله عليه غضبت عليه السموات السَّبْعُ وَالْأَرَضُونُ السَّبْعُ وَكَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْوِزْرِ مثل وزر الذي أصابها. قلنا: فإن تابا وأصلحا؟ قَالَ: قُبِلَ مِنْهُمَا، وَلَا يُقْبَلُ مِنَ الَّذِي وَصَفَهَا.
وَمَنْ أَطْعَمَ طَعَامًا رِيَاءً وَسُمْعَةً أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ صَدِيدِ جَهَنَّمَ، وَكَانَ ذَلِكَ الطَّعَامُ نَارًا فِي بَطْنِهِ حَتَّى يُقضى بَيْنَ النَّاسِ.
ومن فجر بامرأة ذات بعل انفجر من فرجها واد من صديد مسيرته خمسمائة عَامٍ يَتَأَذَّى بِهِ أَهْلُ النَّارِ مِنْ نَتَنِ رِيحِهِ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى امْرَأَةٍ ذَاتِ بعل ملأت عينها من غير زوجها أو غير ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا، فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ أَحْبَطَ الله كل عمل عملته، فإن أوطأت فراشه غيره كان حقّا على الله أن يحرقها بِالنَّارِ مِنْ يَوْمِ تَمُوتُ فِي قَبْرِهَا.
وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا لَمْ تَزَلْ فِي لَعْنَةِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَإِذَا نَزَلَ بِهَا مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ لَهَا: أبشري بالنار. فإذا كان يوم القيامة قيل لَهَا:، ادْخُلِي النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ. أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بَرِيئَانِ مِنَ الْمُخْتَلِعَاتِ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بَرِيئَانِ مِمَّنْ أضرَّ بِامْرَأَةٍ حَتَّى تَخْتَلِعَ مِنْهُ.
وَمَنْ أمَّ قَوْمًا بِإِذْنِهِمْ وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ فَاقْتَصَدَ بِهِمْ فِي حُضُورِهِ وَقِرَاءَتِهِ وَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَقُعُودِهِ فَلَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ، وَمَنْ لَمْ يَقْتَصِدْ بِهِمْ فِي ذَلِكَ رُدت عَلَيْهِ صَلَاتُهُ وَلَمْ تَتَجَاوَزْ تَرَاقِيهِ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ أَمِيرٍ جَائِرٍ معتدٍ لَمْ يُصْلِحْ إِلَى رَعِيِّتِهِ، وَلَمْ يُقِمْ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ.
فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا رَسُولَ الله، بأبي أنت وَأُمِّي، وَمَا مَنْزِلَةُ الْأَمِيرِ الْجَائِرِ الْمُعْتَدِي الَّذِي لَمْ يُصْلِحْ لِرَعِيَّتِهِ، وَلَمْ يُقِمْ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ؟ قَالَ: هُوَ رَابِعُ أَرْبَعَةٍ، وَهُوَ أَشَدُّ الناس عذابًا يوم القيامة: إبليس، وفرعون، و (قابيل) قَاتِلُ النَّفْسِ، وَالْأَمِيرُ الْجَائِرُ رَابِعُهُمْ. وَمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فِي قَرْضٍ فَلَمْ يُقْرِضْهُ وَهُوَ عِنْدَهُ حرَّم اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ يَوْمَ يَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.
وَمَنْ صَبَرَ عَلَى سُوءِ خُلُقِ امرأته وَاحْتَسَبَ الْأَجْرَ مِنَ اللَّهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ- عز وجل مِنَ الثَّوَابِ مِثْلَ مَا أَعْطَى أَيُّوبَ عَلَى بَلَائِهِ، وَكَانَ عَلَيْهَا مِنَ الْوِزْرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِثْلُ رَمْل عَالِجٍ، فَإِنْ ماتت قبل أن تعتبه وَتُرْضِيَهُ حُشِرَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْكُوسَةً مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.
وَمَنْ كَانَتْ له امرأة فلم توافقه وتصبر عَلَى مَا رَزَقَهُ اللَّهُ وشقَّت عَلَيْهِ وحمَّلته مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ لَهَا حَسَنَةٌ، فَإِنْ مَاتَتْ عَلَى ذَلِكَ حُشِرَتْ مَعَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ. وَمَنْ أَكْرَمَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فَإِنَّمَا يُكْرِمُ رَبَّهُ، فَمَا ظَنُّكُمْ؟
وَمَنْ تَوَلَّى عَرَّافَةَ قَوْمٍ حُبس عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ لِكُلِّ يَوْمٍ أَلْفَ سَنَةٍ، وَيُحْشَرُ وَيَدُهُ مَغْلُولَةٌ إِلَى عُنُقِهِ، فَإِنْ كَانَ أَقَامَ أَمْرَ اللَّهِ فِيهِمْ أُطْلِقَ، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا هَوَى فِي جَهَنَّمَ سَبْعِينَ خريفًا.
ومن تحلم مالم يَحْلُمْ كَانَ كَمَنْ شَهِدَ بِالزُّورِ، وَكُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شُعَيْرَتَيْنِ يُعَذَّبُ حَتَّى يعقدهما، ولن يَعْقِدْهُمَا.
وَمَنْ كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ وَلِسَانَيْنِ فِي الدُّنْيَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ وَجْهَيْنِ وَلِسَانَيْنِ فِي النَّارِ.
وَمَنِ اسْتَنْبَطَ حَدِيثًا بَاطِلًا فَهُوَ كَمَنْ حدَّث به. قيل: وكيف يَسْتَنْبِطُهُ؟ قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: كان ديت وديت فيفتتحه، فَلَا يَكُونُ أَحَدُكُمْ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ وَالْبَاطِلِ.
وَمَنْ مَشَى فِي صُلْحٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ صلَّت عليه الملائكة حتى يرجع، وأُعطي أجر ليلة القدر. ومن مشى في قطيعة بَيْنَ اثْنَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْوِزْرِ بِقَدْرِ مَا أُعْطِيَ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنَ الْأَجْرِ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ حَتَّى يَدْخُلَ جَهَنَّمَ فَيُضَاعَفُ عَلَيْهِ الْعَذَابُ. وَمَنْ مَشَى فِي عَوْنِ أخيه المسلم ومنفعته كان له ثواب المجاهد فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَمَنْ مَشَى فِي غَيْبَتِهِ وكشف عورته كَانَتْ أَوَّلُ قَدَمٍ يَخْطُوهَا كَأَنَّمَا وَضَعَهَا فِي جَهَنَّمَ وَتُكْشَفُ عَوْرَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ.
وَمَنْ مَشَى إِلَى ذِي قَرَابَةٍ أَوْ ذي رحم يتسلى به أو يسلم عليه أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ مِائَةِ شَهِيدٍ، وَإِنْ وَصَلَهُ مَعَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ أَرْبَعُونَ ألف حسنة وحُطَّ عنه بها أربعون ألف ألف سيئة، ويُرفع له بها أربعون ألف ألف درجة وكأنما عَبَدَ الله مائة ألف سنة.
ومن مشى في فساد بين القرابات والقطيعة بينهم غضب الله عليه في الدنيا وَلَعَنَهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ كَوِزْرِ مَنْ قَطَعَ الرَّحِمَ.
وَمَنْ مَشَى فِي تَزْوِيجِ رَجُلٍ حَلَالًا حَتَّى يجمع بينهما زوَّجه اللَّهُ أَلْفَ امْرَأَةٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، كُلُّ امْرَأَةٍ فِي قَصْرٍ مِنْ دُرٍّ وَيَاقُوتٍ، وَكَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ خَطَاهَا أَوْ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا فِي ذَلِكَ عِبَادَةُ سَنَةٍ، قِيَامِ لَيْلِهَا وَصِيَامِ نَهَارِهَا.
وَمَنْ عَمِلَ فِي فُرْقَةٍ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَزَوْجِهَا كَانَ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ فِي الدنيا والآخرة، وحرَّم الله عليه النَّظَرَ إِلَى وَجْهِهِ.
وَمَنْ قَادَ ضَرِيرًا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ إِلَى مَنْزِلِهِ أَوْ إِلَى حَاجَةٍ مِنْ حَوَائِجِهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ قَدَمٍ رَفَعَهَا أَوْ وَضَعَهَا عِتْقَ رَقَبَةٍ، وصلَّت عَلَيْهِ المْلَائِكَةُ حَتَّى يُفَارِقَهُ.
وَمَنْ مَشَى بِضَرِيرٍ فِي حاجة حتى يقضيها أعطاه الله براءتين بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ، وقُضي له سبعون أَلْفَ حَاجَةٍ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى يَرْجِعَ.
وَمَنْ قَامَ عَلَى مَرِيضٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً بَعَثَهُ اللَّهُ مَعَ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ حَتَّى يَجُوزَ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ اللَّامِعِ.
وَمَنْ سَعَى لِمَرِيضٍ فِي حَاجَةٍ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: فَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ قَرَابَتَهُ أَوْ بَعْضَ أَهْلِهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَمَنْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِمَّنْ سَعَى فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ؟
وَمَنْ ضيَّع أَهْلَهُ وَقَطَعَ رَحِمَهُ حَرَمَهُ اللَّهُ حُسْنَ الْجَزَاءِ يَوْمَ يَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَصَيَّرَهُ مَعَ الْهَالِكِينَ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْمَخْرَجِ، وَأَنَّى لَهُ بِالْمَخْرَجِ.
وَمَنْ مَشَى لِضَعِيفٍ فِي حَاجَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ.
وَمَنْ أَقْرَضَ مَلْهُوفًا فَأَحْسَنَ طَلَبَهُ فَلْيَسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ، وَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أَلْفُ قِنْطَارٍ فِي الْجَنَّةِ.
وَمَنْ فرَّج عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فرَّج اللَّهُ عَنْهُ كُرَبَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَنَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ نَظْرَةَ رَحْمَةٍ يَنَالُ بِهَا الْجَنَّةَ.
وَمَنْ مَشَى في صلح بين امْرَأَةٍ وَزَوْجِهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ أَلْفِ شَهِيدٍ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَقًّا، وَكَانَ لَهُ بكل خطوة أوكلمة، عِبَادَةُ سَنَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا.
وَمَنْ أَقْرَضَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فَلَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ وَزْنُ جَبَلِ أُحد وحراء وَثَبِيرٍ وَطُورِ سَيْنَاءَ حَسَنَاتٍ، فَإِنْ رَفِقَ بِهِ فِي طَلَبِهِ بَعْدَ حِلِّهِ جَرَى عَلَيْهِ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ، وَجَازَ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ اللَّامِعِ، لَا حِسَابَ عَلَيْهِ وَلَا عَذَابَ.
وَمَنْ مَطَلَ طالبه وهو يقدر على قضائه فعليه خطيئة عَشَارٍ. فَقَامَ إِلَيْهِ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ فقال: وما خطيئة العشار؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خطيئة الْعَشَارِ أَنَّ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فلن تجد له نصيرًا. ومن اصطنع إِلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ مَعْرُوفًا ثُمَّ منَّ بِهِ عَلَيْهِ أُحبط أَجْرُهُ وخُيب سَعْيُهُ. أَلَا وَإِنَّ الله- جل ثناؤه- حرَّم على المنان والبخيل وَالْمُخْتَالِ وَالْقَتَّاتِ وَالْجَوَّاظِ وَالْجَعْظَرِيِّ وَالْعُتُلِّ وَالزَّنِيمِ وَمُدْمِنِ الخمر الجنة.
ومن تصدق بصدقة أَعْطَاهُ اللَّهُ بِوَزْنِ كُلِّ ذَرَّةٍ مِنْهَا مِثْلَ جَبَلِ أُحد مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ. وَمَنْ مَشَى بِهَا إِلَى مِسْكِينٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَوْ تَدَاوَلَهَا أَرْبَعُونَ أَلْفَ إِنْسَانٍ حَتَّى تَصِلَ إلى المسكن كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ الْأَجْرِ كَامِلًا، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا.
وَمَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِكُلِّ شِبْرٍ- أَوْ قَالَ: بِكُلِّ ذِرَاعٍ- أربعين ألف أَلْفَ مَدِينَةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَدُرٍّ وَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ وَلُؤْلُؤٍ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ قَصْرٍ، في كل قصر سبعون أَلْفَ أَلْفِ دَارٍ فِي كُلِّ دَارٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ بَيْتٍ، فِي كُلِّ بَيْتٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ سَرِيرٍ، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ زَوْجَةٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَفِي كُلِّ بَيْتٍ أَرْبَعُونَ ألف ألف وصيف وأربعون ألف ألف وَصِيفَةً، وَفِي كُلِّ بَيْتٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ مَائِدَةٍ، عَلَى كُلِّ مَائِدَةٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ قَصْعَةٍ، فِي كُلِّ قَصْعَةٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ لَوْنٍ مِنَ الطَّعَامِ، وَيُعْطِي اللَّهُ وليَّه مِنَ القوة ما يأتي على تلك الْأَزْوَاجِ وَذَلِكَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.
وَمَنْ تَوَلَّى أَذَانَ مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ أربعين أَلْفِ أَلْفِ نَبِيٍّ، وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفِ صِدِّيقٍ، وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفِ شَهِيدٍ، وَيُدْخِلُ فِي شَفَاعَتِهِ أربعون أَلْفَ أَلْفِ أُمَّةٍ، فِي كُلِّ أُمَّةٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ رَجُلٍ، وَلَهُ فِي كُلِّ جَنَّةٍ مِنَ الْجِنَانِ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ مَدِينَةٍ، فِي كُلِّ مَدِينَةٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ قَصْرٍ، فِي كُلِّ قَصْرٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ دَارٍ، فِي كُلِّ دَارٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ بَيْتٍ، فِي كُلِّ بَيْتٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ سَرِيرٍ، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ زَوْجَةٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، سِعَةُ كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا سِعَةُ الدُّنْيَا أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ مَرَّةٍ، بَيْنَ يَدَيْ كُلِّ زَوْجَةٍ أَرْبَعُونَ ألف ألف وصيف، وأربعون أَلْفَ أَلْفِ وَصِيفَةٌ، فِي كُلِّ بَيْتٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ مَائِدَةٍ، عَلَى كُلِّ مَائِدَةٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ قَصْعَةٍ، فِي كُلِّ قَصْعَةٍ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ لَوْنٍ، لَوْ نَزَلَ بِهِ الثَّقَلَانِ لأوسعهم بأدنى بيت مِنْ بُيُوتِهِ بِمَا شَاءُوا مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ واللباس والطيب
وَالثِّمَارِ وَأَلْوَانِ التُّحَفِ وَالطَّرَائِفِ وَالْحُلِيِّ والحُلل، كُلُّ بَيْتٍ مِنْهَا مكتفٍ بِمَا فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَنِ الْبَيْتِ الْآخَرِ، فَإِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ اكْتَنَفَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ كُلُّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، وَهُوَ فِي ظِلِّ رَحْمَةِ اللَّهِ حَتَّى يَفْرُغَ، وَيَكْتُبُ ثَوَابَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ مَلَكٍ، ثم يصعدون به إلى الله.
ومن مشى إلى مسجد من المساجد فله بكل خطوة يخطوها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات وتمحى عنه بها عشر سيئات، ويرفع له بها عشر درجات.
وَمَنْ حَافَظَ عَلَى الْجَمَاعَةِ حَيْثُ كَانَ وَمَعَ مَنْ كَانَ مرَّ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ اللَّامِعِ فِي أَوَّلِ زُمْرَةٍ مِنَ السَّابِقِينَ، وَوَجْهُهُ أَضْوَأُ مِنَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَكَانَ لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَافَظَ عَلَيْهَا ثَوَابُ شَهِيدٍ.
وَمَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ فَأَدْرَكَ أَوَّلَ تَكْبِيرَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذِيَ مُؤْمِنًا أَعْطَاهُ اللَّهُ مثل ثَوَابَ الْمُؤَذِّنَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَمَنْ بَنَى بناء على ظهر طريق يأوي إليه عابروا السَّبِيلِ بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نَجِيبَةٍ مِنْ دُرٍّ، وَوَجْهُهُ يُضِيءُ لِأَهْلِ الْجَمْعِ حَتَّى يَقُولَ أَهْلُ الْجَمْعِ: هَذَا مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لم يُر مثله، حتى يزاحم إبراهيم في قبته ويدخل الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ أَرْبَعُونَ أَلْفَ رَجُلٍ.
وَمَنْ شَفَعَ لأخيه المسلم فِي حَاجَةٍ لَهُ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَحَقَّ على الله ألا يُعَذِّبَ عَبْدًا بَعْدَ نَظَرِهِ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِطَلَبٍ مِنْهُ إِلَيْهِ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ فإذا شفع له من غير طلب كان لَهُ مَعَ ذَلِكَ أَجْرُ سَبْعِينَ شَهِيدًا.
وَمَنْ صام رمضان وكفَّ عن اللغو والغيبة وَالْكَذِبِ وَالْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ، وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ إِلَّا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَكَفَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَجَمِيعَ جَوَارِحِهِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ عز وجل وَعَنْ أذى المسلمين كانت له من القربة عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَمَسَّ رُكْبَتُهُ رُكْبَةَ إِبْرَاهِيمَ خليله.
وَمَنِ احْتَفَرَ بِئْرًا حَتَّى يَنْبَسِطَ مَاؤُهَا فَيَبْذُلُهَا لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مَنْ تَوَضَّأَ مِنْهَا وَصَلَّى، وَلَهُ بِعَدَدِ شَعْرِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا حسنات، إنس أوجن أو بهيمة أو سبع أو طائر أوغير ذَلِكَ، وَلَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ ذَلِكَ عِتْقُ رقبة، ويرد في شفاعته يوم القيامة حوض القدس عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا حَوْضُ الْقُدُسِ؟ قَالَ: حَوْضِي، حَوْضِي، حَوْضِي.
وَمَنْ حَفَرَ قَبْرًا لِمُسْلِمٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ، وَبَوَّأَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ لَوْ وُضِعَ فِيهِ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْحَبَشَةِ لَوَسِعَهَا.
وَمَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا وأدَّى الْأَمَانَةَ فِيهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنْهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهَا مِائَةُ دَرَجَةٍ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَكَيْفَ يُؤَدِّي فِيهِ الْأَمَانَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ، وَيَكْتُمُ شَيْنَهُ، وَإِنْ هُوَ لَمْ يَسْتُرْ عَوْرَتَهُ وَلَمْ يَكْتُمْ شَيْنَهُ أَبْدَى اللَّهُ عَوْرَتَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ.
وَمَنْ صلَّى عَلَى مَيِّتٍ صلَّى عَلَيْهِ جِبْرِيلُ وَمَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، وغُفر لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذنبه، وإن أقام حتى يدفن وحثا عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ انْقَلَبَ وَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ قِيرَاطٌ مِنَ الْأَجْرِ، وَالْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحد.
وَمَنْ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ قَطْرَةٍ مِنْ دُمُوعِهِ مِثْلُ أُحد فِي مِيزَانِهِ، وَلَهُ بِكُلِّ قَطْرَةٍ عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ عَلَى حَافَّتَيْهَا مِنَ الْمَدَائِنِ وَالْقُصُورِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ وَاصِفٍ.
وَمَنْ عَادَ مَرِيضًا فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ خَطَاهَا حتى يرجع إلى منزله سبعون ألف حسنة ومحو سبعين ألف سيئة، وترفع له سبعون ألف درجة، ويوكل به سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَعُودُونَهُ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَمَنْ تَبِعَ جِنَازَةً فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَتَّى يَرْجِعَ مِائَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحْوُ مِائَةِ أَلْفِ
سيئة، ويرفع له مائهّ ألف درجة، فإن صلى عليها وُكِّل بِهِ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يرجع، وإن شهد دفنها استغفروا له حَتَّى يُبْعَثَ مِنْ قَبْرِهِ.
وَمَنْ خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ أَلْفُ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحْوُ أَلْفِ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، ورُفع لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ، وَلَهُ عِنْدَ رَبِّهِ بِكُلِّ دِرْهَمٍ يُنْفِقُهُ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَبِكُلِّ دِينَارٍ أَلْفُ أَلْفِ دِينَارٍ، وَبِكُلِّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا أَلْفُ أَلْفِ حَسَنَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الله، فإن توفاه أدخله الجنة، وإن رجعه رجعه مَغْفُورًا لَهُ مُسْتَجَابًا لَهُ، فَاغْتَنِمُوا دَعْوَتَهُ إِذَا قَدِمَ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَ الذُّنُوبَ فَإِنَّهُ يَشْفَعُ فِي مِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَمَنْ خَلَفَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ كان لَهُ مِثْلَ أَجْرِهِ كَامِلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ.
وَمَنْ رَابَطَ أَوْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خطوة حتى يرجع سبعمائة ألف ألف حسنة، ومحو سبعمائة ألف ألف سيئة، ورفع له سبعمائة أَلْفِ أَلْفِ دَرَجَةٍ، وَكَانَ فِي ضَمَانِ اللَّهِ، فَإِنْ تَوَفَّاهُ بِأَيِّ حَتْفٍ كَانَ، أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، وإن رجعه رجعه مَغْفُورًا لَهُ مُسْتَجَابًا لَهُ. وَمَنْ زَارَ أَخَاهَ الْمُسْلِمَ فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ عِتْقُ مائة ألف رقبة، ومحو مائة ألف ألف سيئة، ويكتب له مائة ألف ألف حسنة ويرفع له بها مائة ألف ألف درجة. قال: فقلنا لأبي هريرة: أو ليس قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً فَهِيَ فَكَاكُهُ مِنَ النار؟ قال: بلى ويرفع له سائرهم فِي كُنُوزِ الْعَرْشِ عِنْدَ رَبِّهِ.
وَمَنْ تَعَلَّمَ القرآن ابتغاء وجه الله وتفقهًا فِي دِينِ اللَّهِ كَانَ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلُ جَمِيعِ مَا أُعْطِيَ الْمَلَائِكَةُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ.
وَمَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ رِيَاءً وَسُمْعَةً لِيُمَارِيَ بِهِ السفهاء ويباهي بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ يَطْلُبَ بِهِ الدُّنْيَا بدَّد اللَّهُ عِظَامَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا، وَلَا يَبْقَى فِيهَا نَوْعٌ من
أنواع العذاب إلا عُذب به لشدة غضب الله وسخطه عليه، وَمَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَتَوَاضَعَ فِي الْعِلْمِ وعلَّمه عِبَادَ اللَّهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ مَا عِنْدَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ أَفْضَلُ ثَوَابًا وَلَا أَعْظَمُ مَنْزِلَةً مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ منزلة ولا درجة رفيعة نفيسة إِلَّا وَلَهُ فِيهَا أَوْفَرُ نَصِيبٍ وَأَوْفَرُ الْمَنَازِلِ.
أَلَا وَإِنَّ الْعِلْمَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ، وَمَلَاكُ الدِّينِ الْوَرَعُ، وَإِنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلَ الْعِلْمِ، فَلَا تُحَقِّرَنَّ مِنَ الْمَعَاصِي شَيْئًا وَإِنْ صَغُرَ فِي أَعْيُنِكُمْ، فَإِنَّهُ لَا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مَعَ اسْتِغْفَارِ.
أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ حَتَّى عَنْ مسِّ أَحَدِكُمْ ثَوْبَ أَخِيهِ، فاعلموا عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ الْعَبْدَ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا قَدْ مَاتَ عَلَيْهِ، وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَمَنِ اخْتَارَ النَّارَ عَلَى الْجَنَّةِ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ.
أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ- عز وجل أَمَرَنِي أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إلا الله فإذا قالوها عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ.
ألا وإن الله لم يدع شَيْئًا مِمَا نَهَى عَنْهُ إِلَّا وَقَدْ بيَّنه لَكُمْ، لَيَهْلَكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَحْيَا مَنْ حيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ.
أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ- جَلَّ ثَنَاؤُهُ- لَا يَظْلِمُ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ ظُلْمٌ، وَهُوَ بِالْمِرْصَادِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، فَمَنْ أَحْسَنَ فَلِنَفْسِهِ، وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا، وَمَا ربك بظلام للعبيد.
يا أيها الناس إني قَدْ كَبُرَتْ سِنِّي وَدَقَّ عَظْمِي وَانْهَدَّ جِسْمِي ونُعيت إليَّ نَفْسِي وَاقْتَرَبَ أَجَلِي وَاشْتَقْتُ إِلَى رَبِّي، أَلَا وَإِنَّ هَذَا آخِرُ الْعَهْدِ مِنِّي وَمِنْكُمْ، فَمَا دُمْتُ حَيًّا فَقَدْ تَرَوْنِي فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. ثُمَّ نَزَلَ فَابْتَدَرَهُ رَهْطٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ من المنبر وقالوا: جُعِلَتْ أَنْفُسُنَا فِدَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ يَقُومُ بِهَذِهِ الشَّدَائِدِ؟ وَكَيْفَ الْعَيْشُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ؟ فقال لهم: