الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وسبعين وخمسمائة
-
حرف الألف
-
239-
أَحْمَد بْن حَمَيْد بْن الْحَسَن.
أَبُو منصور الأزَجْي، الكاتب، الشَّيْبَانيّ، مصنّف «المقامات» العشرين.
أديب بارع، وشاعر مُحْسِن.
روى عَنْهُ: ولده يوسف.
تُوُفي فِي ربيع الأوّل ببغداد.
240-
أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن عُمَيْرة [1] .
أَبُو جَعْفَر الضّبّي، الأندلسيّ.
سمع بُمرْسية [2] من: أَبِي عليّ الصَّدَفي، وأبي مُحَمَّد بْن أَبِي جَعْفَر الفقيه.
وبقرطُبة [3] : أَبَا مُحَمَّد بْن عتّاب، وابن رُشْد.
ولقي بمصالة منصور بْن الخير وأخذ عَنْهُ القراءات. وحجَّ، وكان زاهدا عابدا، قانتا للَّه.
روى عَنْهُ: سُلَيْمَان بْن حَوْط اللَّه، وأحمد بْن يحيى بْن عُمَيْرة.
وتُوُفي عَن سنّ عالية [4] .
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الملك) في: معجم شيوخ الصدفي 53، وتكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 79، وبغية الملتمس للضبيّ 194، 195، رقم 441، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 1 ق 1/ 264، 265 رقم 344، ونفح الطيب 3/ 357.
[2]
رحل إليها سنة 513 هـ.
[3]
رحل إليها سنة 515 هـ.
[4]
وقال أبو جعفر بن يحيى بن عميرة: ساكنته أياما فما رأيته من الليالي إلا قائما ولا من النهار إلّا صائما. قال: وقال لي: كنت قبل أن أرحل أرى الناس يعظمون العلم وأهله، -
241-
أَحْمَد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن سُلَيْمَان بْن سند [1] .
أَبُو الْعَبَّاس الأندلسيّ، الكتّانيّ، النحْوي، من أهل إشبيلية.
وكان يُعرف باللّصّ لإغارته على الأشعار فِي حداثته [2] .
[ (-) ] فلما قدمت من رحلتي لم أر ما عهدت، وأبصرت أمري، وأقبل على العمل وترك التصنّع ونبذ الدنيا. (الذيل والتكملة 1/ 264، 265) .
وقال الضبّي: هو ابن عمّ أبي يكنى أبا جعفر، وكان رحمه الله عالما عاملا زاهدا فاضلا متقلّلا من الدنيا، أخبرت عنه أنه كان يواصل الصيام خمسة عشر يوما. وكانت أوقاته محفوظة عليه. أخبرني رحمه الله قال: دخلت مرسية بعد العشر وخمسمائة سمعت بها على الحافظ أبي علي بن سكرة، وعلى الفقيه أبي محمد عبد الله بن محمد بن أبي جعفر، فلما توفي الحافظ أبو علي رحلت إلى قرطبة وسمعت بها وقرأت علي أبي الوليد بن رشد، وأبي محمد بن عتاب، والموروري، وجماعة. ثم انصرفت وقد نلت حظّا وافرا من العمل، فلما وصلت مالقة قيل لي: تترك الفقيه أبا علي منصور بن الخير بمالقة وتنصرف! فقصدته وجمعت عليه كتاب الله العزيز بالقراءات السبع، ثم انصرفت إلى وطني بلس، ورأى الناس عند دخوله يعظّمون العلم وأهله، فكتب: أرى من في بلس يلقاني على مسيرة يوم وأن أهل لورقة يتجاورون في لقائي ببلس، فلما وصلت لم ألق أحدا، ولا رأيت من الناس ما عهدت، فكان لي في ذلك موعظة ورجعت إلى نفسي فقلت: يا أحمد، فكأنك إنما رحلت في طلب العلم وسهرت الليل ليعظّمك الناس، لقد خبت وضلّ سعيك، فعكفت على ما ينفعني ولزمت بيتي، ولم أتعرّض لعرض دنياوي، وسلكت سبل القوم لعلّ الله أن يجعلني منهم، وبكتبهم انتفعت.
وكان رحمه الله إماما في طريقة التصوّف، وكنت لا تراه من الليل إلّا قائما. وكان أكثر دهره صائما. توفي وقد أناف على التسعين. توفي سنة سبع وسبعين وخمسمائة، ومولده بعيد الثمانين وأربعمائة.
ولما اجتمع معه شيخي القاضي أبو القاسم ابن حبيش بلورقة رأيته قد بكى فسألته ممّ بكاؤك؟ ذكرتني رؤية ابن عمّ أبيك هذا من تقدّم هكذا كان زيّهم وسمتهم. وقد بتّ عنده ليالي ذوات عدد فما كان يوقظني في أكثر الليالي إلّا بكاؤه في السجود، وما كان ينام من الليل إلّا قليلا، فلما وصلت من عنده مرسية حدّثت بذلك بعض جيرانه قديما بلورقة، فقال لي: هكذا أعرفه منذ أزيد من ثلاثين عاما. (بغية الملتمس) .
[1]
هكذا في الأصل: «سند» ، وفي المصادر:«سيد» . انظر: المعجب 154، والمطرب 182، وتكملة الصلة 1/ 80، والمنّ بالإمامة 155، وزاد المسافر 25، ورايات المبرّزين 19، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 1 ق 1/ 316- 320 رقم 411، وبغية الوعاة 1/ 344، 345 رقم 657، ونفح الطيب 5/ 325.
[2]
وجاء في «المنّ بالإمامة» أنه يسمّى باللص لقوله يتغزّل في أبي الحسين ابن فندلة أيام الفتوة: -
روى عَن: أَبِي بَحْر الأسَدي، وأبي مُحَمَّد بْن صاوة.
وأقرأ الآداب والعربيّة واللّغة. وكان شاعرا محسنا [1] .
[ (-) ]
خلبت قلبي بطرف
…
أبا الحسين خلوب
قلم أسمّ بلصّ
…
وأنت لصّ القلوب
وواضح من البيتين أنه كان يسمّى باللص قبل قوله لهما. ولابن دحية في (المطرب) وجهة أخرى للّقب إذ قال: وكان شيخنا هذا رحمه الله يلقّب باللص لدمائته وسكونه وتصرّفه خفية في جمع شئونه. ولكنه لا ينكر هذا اللقب مع جاهه عند سلطان زمانه. وانظر اعترافه بلقبه وأنه لسرقته أشعار الناس في (نفح الطيب 5/ 332) .
[1]
وقال ابن عبد الملك المراكشي: وكان مقرئا محدّثا متحقّقا بعلوم اللسان نحوا ولغة وأدبا، ذاكرا للتواريخ حسن المجالسة، شاعرا مفلقا، وشعره مدوّن، وأقرأ اللغة والعربية والأدب طويلا. ومن طريف ما جرى له في انتحاله شعر غيره أن أحد بني عبد المؤمن قدم على إشبيلية واليا فانتدب أدباءها لامتداحه وتلقّيه بالتهنئة والإنشاد إذا دخلوا عليه قال: فطمعت في تلك الليلة أن يسمح خاطري بشيء في ذلك المقصد فلم يتّجه لي شيء، فنظرت إلى معلّقاتي فخرج لي قصيد لأبي العباس الأعمى وعليه مكتوب ولم ينشد، فأدغمت فيه اسم ذلك الأمير وقلبته في مدحه، فلمّا أصبحنا وخرجنا إلى اللقاء وأنشد الناس وأنشدت ذلك القصيد، فقام أبو القاسم محمد بن إبراهيم بن المواعيني، وأخرج من كمّه القصيد نفسه وقد صنع فيه ما صنعت، وأخبر بقصته في ذلك، فإذا قصّتهما واحدة، فضحك الوالي من ذلك وأثابهما ثواب غيرهما من الشعراء، وكثر العجب من تواردهما على السرقة وصارت بين الناس أحدوثة زمانا. وبالجملة فإنه كان من الشعراء المجيدين والأدباء المبرّزين والأساتيذ المفيدين، وقد أنجب تلامذة شعراء برعة. ومما استجيد من شعره في معنى المناجاة قوله:
مولاي إني ما أتيت جريمة
…
إلّا وقلت تندّمي يمحوها
لولا الرجاء ونية لي نطتها
…
بكريم عفوك لم أكن آتيها
ومن نظمه في حال مرض أصابه:
وقائلة والضنا شاملي
…
على م سهرت ولم ترقد؟
وقد ذاب جسمك فوق الفراش
…
حتى خفيت على العود
فقلت: وكيف أرى نائما
…
ورابي المنيّة بالمرصد
وكان دأبه استصحاب كسرة خبز لا يفارقها، فقيل له في ذلك، فذكر أنه قيل له في النوم لا يموت إلا عطشان فأنا أخاف من ذلك فإن أصابني العطش دفعتها إلى سقّاء يسقيني، فقضى الله سبحانه أن توفي وحيدا في منزله فلا يبعد أن يكون مات عطشا كما أخبر في النوم. والله أعلم. وكانت وفاته عام سبعة أو ثمانية وقيل: ثلاثة. وقال أبو الحسن الشاري اثنين وسبعين وخمسمائة، وهذان القولان الآخران كلاهما باطل قطعا، فقد وقفت على بعض ما قرئ عليه مؤرّخا بجمادى الأولى سنة أربع وسبعين، مولده في صفر سنة ثنتين-
روى عَنْهُ: أَبُو الْحُسَيْن بْن رزقون، وأبو الخطّاب بْن دحية.
وعاش بضعا وسبعين سنة.
وتُوُفي سنة سبع أو سنة ثمانٍ وسبعين.
242-
أَحْمَد بْن عليّ بْن سَعِيد.
أَبُو الْعَبَّاس الحوزيّ الصُّوفي.
قرأ بواسط، وسمع بها من: أَبِي عليّ الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم الفارقيّ.
وببغداد من: أَبِي بَكْر الْأَنْصَارِيّ.
وكان رجلا صالحا. عاش 77 سنة.
243-
أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السلام [1] .
أبو الغنائم الكاتب، أخو أَبِي منصور عَبْد اللَّه.
سمع: أبا علي بن المهدي، وأبا القاسم بْن الحُصَيْن.
وحدّث.
قتله غلام لَهُ طَمَعًا فِي شيء كان لَهُ فِي المحرّم. وقيل في سنة ستّ.
وولد سنة أربع وخمسمائة.
244-
أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم.
الشَّيْخ أَبُو الرشيد الخفيفيّ، الصّوفيّ، الزّاهد.
قال ابْن النّجّار: قدِم بغداد شابّا من أبهَر زنجان، وتفقّه مدّة.
وسمع: زاهر الشّحّاميّ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي، وجماعة.
وصحب أَبَا النّجيب السَّهْرُوَرديّ، وانقطع، وجلس فِي الخَلْوَة، وظهر لَهُ الكرامات، وفُتِح عَلَيْهِ.
روى لنا عَنْهُ: أَبُو نصر عُمَر بْن مُحَمَّد بْن جَابِر المقري.
وقرأت بخطّ عُمَر بْن عليّ القُرَشي: جَلَسَ أَبُو الرشيد الأبهريّ فِي الخَلْوة اثنتي عشرة سنة، وفُتِح لَهُ خيرٌ كثير، وظهر كلامه.
[ (-) ] أو ثلاث- الشك منه- وخمسمائة. (الذيل والتكملة) .
[1]
تقدّم برقم (192) .
وقد كتب من كلامه ما يُقارِب ثمانين مجلّدة.
قال ابْن النّجّار: بلغني أنّه كان فِي جُمادى الآخرة. وكان منسوبا إلى ابْن خفيف الشّيرازيّ.
245-
أَحْمَد بْن مواهب بْن حَسَن.
أَبُو عَبْد الرَّحْمَن البغداديّ، المعروف بغلام الزّاهد ابْن العلبيّ.
شيخ صالح، سمع: أَبَا طَالِب بْن يوسف.
سمع منه: ابنه عَبْد الرَّحْمَن، وتميم بْن أَحْمَد البَنْدَنِيجي، والحافظ عَبْد القادر الرّهاويّ.
سمعوا منه فِي هذه السّنة، وانقطع خبره.
246-
إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مهران [1] .
الْإِمَام رضيّ الدّين أَبُو إِسْحَاق الجزَري، الفقيه الشّافعيّ.
تفقّه وبرع على شيخه أَبِي القاسم بْن البزْري. ثمّ تفقّه ببغداد بالنّظاميّة.
وسمع من: الكروخيّ.
ودرّس ببلده وساد بعد ابْن البزريّ.
مات فِي المحرّم عَن أربعٍ وستّين سنة. ذكره الفَرَضي [2] .
247-
إِسْمَاعِيل بْن الملك الصّالح نور الدّين [3] .
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: الكامل في التاريخ 11/ 477.
[2]
وقال ابن الأثير: كان فاضلا كثير الورع.
[3]
انظر عن (إسماعيل بن نور الدين) في: البرق الشامي 3/ 14، 50- 52، 153، 173، والنوادر السلطانية 55، والتاريخ الباهر 181، 182، والكامل في التاريخ 11/ 472، 473، وتاريخ مختصر الدول 217، وتاريخ الزمان 197، وزبدة الحلب 3/ 40، 41، ومرآة الزمان 8/ 366، والمختصر في أخبار البشر 3/ 63، والدرّ المطلوب 69، (سنة 576 هـ.) ، والعبر 4/ 231، وسير أعلام النبلاء 21/ 110- 112 رقم 54، ودول الإسلام 2/ 89، والإعلام بوفيات الأعلام 238، والوافي بالوفيات 9/ 221- 223 رقم 4125، ومرآة الجنان 3/ 407، 408، والبداية والنهاية 12/ 308، 309، وتاريخ ابن الوردي 2/ 90، وتاريخ ابن خلدون 5/ 253، والكواكب الدرّية 229، 230، والسلوك-
أَبُو الفتح بْن الملك العادل نور الدين محمود بْن زنكي التركي.
خَتنه أَبُوهُ فِي سنة تسعٍ وستّين، وسرّ به، وزيّنوا دمشق، وكان وقتا مشهودا وهو يوم عيد الفِطْر. وزُينت دمشق أيّاما وضُرِبت خيمة بالميدان، وصلّى هناك بالنّاس شمس الدّين قاضي العسكر، وخَطَب، ثمّ مُدَّ السّماط العامّ، وأُنِهبَ على عادة التُّرْك.
وعاد نور الدّين إلى القلعة فمدّ سماطه الخاصّ، ولعب من الغد بالكُرة، فاعترضه برتقش أمير آخور وقال لَهُ: باش. فاغتاظ بخلاف عادته، وزير برتقش، ثمّ ساقَ ودخل القلعة، فما خرج منها إلَّا ميّتا.
وتُوُفي نور الدّين بعد الخِتان بأيّام، فحلّف أمراء دمشق لابنه أنْ يكون فِي السَّلْطَنة بعده، وهو يومئذ صبيّ، ووقعت البطاقة إلى حلب بموت نور الدّين، ومتولّيها شاذبخت الخادم، فأمر بضرب البشائر، وأحضر الأمراء والعلماء وقال: هذا كِتَاب من السّلطان بأنّه خَتَنَ ولده وولّاه العهد. فحلفوا كلّهم فِي الحال. ثمّ قام إلى مجلس فلبس الحِداد، وخرج إليهم وقال:
يُحسِن اللَّه عزاكم فِي الملك العادل بْن زنكي.
وأمّا صلاح الدّين فسار إلى الشّام ليكون هو المدبّر لدولة هذا الصّبيّ، ويستولي على الأمور. ووقعت الفتنة بحلب بين السّنّة والرّافضة. ونهبت الشّيعة دار قُطْب الدّين ابْن العجميّ، ودار بهاء الدّين بْن أمين المُلْك. ونزل بحْرية القلعة وأمَرهُم الأمير شمس الدّين عليّ بْن مُحَمَّد ابْن الداية والي القلعة أن يزحفوا إلى دار أَبِي الفضل بْن الخشّاب رئيس الشّيعة، فزحفوا إليها ونهبوها، واختفى ابْن الخشّاب.
ثمّ وصل الصّالح إِسْمَاعِيل إلى حلب فِي ثاني المحرّم من سنة سبعين، ومعه سابق الدّين عثمان ابْن الداية، فقبض عَلَيْهِ، وصعِد القلعة، وظهر ابن
[ (-) ] ج 1 ق 1/ 77، والعسجد المسبوك 2/ 183، 184، ومضمار الحقائق 59، 60، والنجوم الزاهرة 6/ 89، وتاريخ ابن سباط 1/ 159، وشذرات الذهب 4/ 258.
الخشّاب، وركب فِي جَمْعٍ عظيم إلى القلعة، فصعدِ إليها، والشّيعة تحت القلعة وُقُوف. فَقُتِلَ بها ابْن الخشّاب وتفرّق ذلك الْجَمْع. وسُجِن شمس الدّين عليّ بْن الدّاية وأخواه: سابق الدّين عثمان، وبدر الدّين حَسَن.
ودخل السّلطان صلاح الدّين دمشق فِي سلخ ربيع الآخر، ثمّ سار إلى حمص فملكها. ثمّ نازلَ حلب فِي سَلْخ جُمادى الأولى، فنزل الملك الصّالح إلى البلد، واستنجد بأهلها، وذكّرهم حقوق والده، فوعدوه بالنَّصْر، وجاءته النّجدة من ابْن عمّه صاحب الموصل مع عزّ الدّين مَسْعُود بْن مودود. فردّ السّلطان صلاح الدّين إلى حماه، وتِبعه عزّ الدّين مَسْعُود، فالتقوا عند قرون حماه فِي رَمَضَان. فانكسر عزّ الدّين وانهزم، وردّ صلاح الدّين فنازل حلب، فصالحوه وأعطوه المَعَرَّة، وكَفَرْطاب، وبارين. ثمّ جاء صاحب الموصل سيف الدّين غازي فِي جيشٍ كثيف، وجاء صلاح الدّين بعساكره، فالتقوا فِي شوّال سنة إحدى وسبعين، فانكسر صاحب الموصل على تلّ السّلطان، وسار صلاح الدّين، فأخذ منبج، ثمّ نازل عزاز ففتحها، ثمّ نازل حلب فِي ذي القعدة، وأقام عليها مدّة. وبذل أهلها المجهود فِي القتال، بحيث أنّهم كانوا يحملون ويصلون إلى مخيّم صلاح الدّين، وأنّه قبض على جماعة منهم، فكان يشرّح أسافل أقدامهم، وَلَا يمنعهم ذلك عَن القتال، فلمّا ملَّ صالَحَهُم وسار عَنْهَا. وخرجت إليه أخت الملك الصّالح، وكانت طفلة، فأطلق لها عزاز لمّا طلبتها منه. وكان تدبير أمر حلب إلى والدة الصّالح، وإلى شاذبخت، وخالد بْن القيسرانيّ.
ثمّ إنّ الصّالح مرض بالقولنج جُمعَتَين، ومات فِي رجب من سنة سبْع، وتأسّفوا عليه، وأقاموا عليه المآتم، وفرشوا الرَّماد فِي الأسواق، وبالغوا فِي النّوح عَلَيْهِ. وكان أمرا مُنْكَرًا.
وكان ديِّنًا، عفيفا، ورِعًا، عادلا، محبّبا إلى العامّة، متِبعًا للسّنّة، رحمه الله، ولم يبلغ عشرين سنة.
وَذَكَرَ الْعَفِيفُ بْنُ سُكَّرَةَ الْيَهُودِيُّ- لَا رحمه الله، وَكَانَ يُطَبِّبُهُ، قَالَ: