الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وناب صاحب المخزن فِي الوزارة [1] .
[فتنة اليهود]
وجاء أهل المدائن فشكوا من يهود المدائن، فإنّهم قَالُوا لهم: قد آذيتمونا بكثرة الأذان. فقال المؤذّن: لَا نبالي تأذّيتم أو لَا. فتناوشوا وجَرَت بينهم خصومة استظهر فِيهَا اليهود، فجاء المسلمون مستصرخين إلى صاحب المخزن، فأمر بحبْس بعضهم، ثمّ أطلقهم فاستغاثوا يوم الجمعة بجامع الخليفة، فخفّف الخطيب. فلمّا فرغت الصّلاة استغاثوا، فخرج إليهم الْجُند فضربوهم ومنعوهم، فانهزموا. فغضب العوامّ نُصْرة للإسلام، فضجّوا وشتموا، وقلعوا طوابيق الجامع، وضربوا بها الْجُنْد وبالآجُر، وخرجوا فنهبوا المخلّطين [2] ، لأنّ أكثرهم يهود. فوقف صاحب الباب بيده السّيف مجذوبا، وحمل على النّاس ثانية فرجموه، وانقلب البلد، ونهبوا الكنيسة، وقلعوا شبابيكها، وقطّعوا [التوراة][3] ، واختفى اليهود. فتقدَّم الخليفة بإخراب كنيسة المدائن، وأن تُجعل مسجدا [4] .
[خروج لصوص من الحبس]
وبعد أيّام خرج من الحبس لصوص قطعوا الطّريق، فَصُلِبوا بالرّحبة، وكان منهم شابٌ هاشميّ [5] .
[وقعة الرملة]
وفِيهَا وقعة الرملة، فسار السّلطان صلاح الدّين من القاهرة إلى عسقلان
[1] المنتظم 10/ 274، 275 (18/ 241، 242) .
[2]
في المنتظم (طبعة حيدرآباد) 10/ 275 «المخلطيين» ، وفي (طبعة دار الكتب العلمية) 18/ 242، والمثبت يتفق مع: الكامل في التاريخ 11/ 448.
[3]
في الأصل بياض، والمستدرك من: المنتظم، والكامل.
[4]
المنتظم 10/ 275 (18/ 242) ، الكامل في التاريخ 11/ 447، 448، البداية والنهاية 12/ 298.
[5]
المنتظم 10/ 275 (18/ 242) ، الكامل في التاريخ 11/ 448.
فسَبى وغنم، وسار إلى الرملة، فخرج عَلَيْهِ الفِرَنج مطلبين وعليهم البرنْس أرناط صاحب الكَرَك، وحملوا على المسلمين، فانهزموا، وثبت السّلطان وابنُ أخيه المظفّر تقيّ الدّين عُمَر، ودخل اللّيل، واحْتَوَت الملاعين على أثقال المسلمين، فلم يبق لهم قدرةٌ على ماءٍ وَلَا زاد، وتعسّفوا تلك الرّمال راجعين إلى مِصْر، وتمزَّقوا وهلكت خيلهم.
ومن خبر هذه الوقعة أنّ الفقيه عيسى أُسِر، فافتداه السّلطان بستّين ألف دينار، وكان موصوفا بالشّجاعة والفضيلة، أسِر هُوَ وأخوه ظهير الدّين، وكانا قد ضلّا عَن الطّريق بعد الوقعة. ووصل صلاح الدّين إلى القاهرة فِي نصف جُمَادى الآخرة.
قال ابْن الأثير [1] : رَأَيْت كتابا بخطّ يده كتبه إلى شمس الدّولة توران شاه، وهو بدمشق، يذكر الوقعة، وفي أوّله:
فذكرتك والخطّيّ يخطر بينَنَا
…
وقد نَهَلَتْ منّا المَثقَّفةُ السمْرُ
[2]
ويقول فِيهِ: لقد أشرفنا على الهلاك غير مرّة، وما نجّانا اللَّه إلَّا لأمرٍ يريده.
وما ثبتت إلَّا وفي نفسها أمرُ وقال غيره: انهزم السّلطان، والنّاس لم يكن لهم بلدٌ يلجئون إليه إلَّا مِصْر، فسلكوا البرّية، ولقوا مشاقا [3] ، وقلّ عليهم القوت والماء، وهلكت خيلهم، وفُقد منهم خلْقٌ.
ودخل السلطانُ القاهرةَ بعد ثلاثة عشر يوما، وتواصل العسكر، وأسَرَ الفِرَنج فيهم. واستشهد جماعة منهم: أَحْمَد ولد تقيّ الدّين عُمَر المذكور، وكان شابّا حَسَنًا لَهُ عشرون سنة.
[1] في الكامل 11/ 442، 443.
[2]
البيت لأبي عطاء السندي. (انظر كتاب: «الزهرة» لأبي بكر محمد بن سليمان الأصفهانيّ 278) .
[3]
في الأصل: «مشاق» .