الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المتعلمين لولا أن العصر كان عصر التصوف وليس عصر الفقه والنظر العقلي.
وكان التأليف في التصوف أكثر من تدريسه على عكس بعض العلوم الأخرى. ذلك أن بعضا ممن سنذكرهم من المؤلفين في علم التصوف وفروعه لم يكونوا مدرسين. أما الذين جمعوا بين التدريس والتأليف في التصوف فعددهم قليل أيضا. ومن هؤلاء عمر الوزان الذي سبق الحديث عنه. فقد انقطع للتدريس ورفض منصب القضاء، وجمع بين الفقه والتصوف، وإذا حكمنا من حديث الفكون عنه فإن الوزان كان أولا من أهل التصوف منقطعا لقراءة كتب المتصوفة ومعتنيا بطريقتهم ولا ينفك عن كتب الوعظ والروحانيات، ولكنه بإلهام خارق تحول إلى الحديث الشريف واعتكف على البخاري يحفظه متنا وسندا (1). أما محمد أبهلول المجاجي وتلميذه سعيد قدورة فقد اشتهر كل منهما بتدريس التصوف، ولكننا لا نعرف أنهما قد ألفا فيه.
المناقب الصوفية:
وقبل تناول المناقب نود أن ننبه إلى أننا سنختصر الحديث فيها هنا ونفرد لها في فصل التاريخ والتراجم مكانا خاصا. وحسبنا من المناقب هنا موضوعها، وهو التصوف وحياة المتصوفين وتعداد فضائلهم. ومن أوائل كتب المناقب كتاب (المواهب القدسية في المناقب السنوسية) الذي ألفه محمد بن عمر بن إبراهيم الملالي عن حياة وأعمال محمد بن يوسف السنوسي. وكان الملالي من تلاميذ السنوسي فجمع في كتابه ما سمعه منه ومن أخيه، علي السنوسي، ومن المعاصرين له. ويهمنا هنا أن نلاحظ أن الملالي قد خصص على الأقل فصلين من كتابه للنواحي الصوفية عند السنوسي، وأنه قد خص المقدمة بالحديث عن أحوال الأولياء في الدنيا (لتنشيط النفوس لسماع ما سيأتي)(2).
(1) انظر ترجمة الوزان في فصل التعليم من الجزء الأول.
(2)
تناولنا هذا الكتاب في الفصل الأول من الجزء الأول.
ولعل أحمد بن يوسف الملياني هو أكبر شخصية صوفية خصها المؤلفون بالتقاييد والتآليف والأشعار. فأنت لا تكاد تجد عملا في التصوف لا يشير إلى ترجمة الملياني وحياته الروحية. وقبل أن نورد ذلك نذكر أن من بين مؤلفات الملياني نفسه في التصوف (رسالة في الرقص والتصفيق والذكر في الأسواق)(1)، وقد سبق أن عرفنا أن للملياني بعض التآليف الأخرى في التصوف. وإذا كان الملالي من أوائل من عرف بالسنوسي فإن محمد الصباغ القلعي كان من أوائل من عرف بالملياني، حتى أصبح كتابه عنه مصدر كل الدراسات عن أحمد بن يوسف وعن الحياة الصوفية عموما في الجزائر خلال القرن العاشر، ونعني به (بستان الأزهار في مناقب زمزم الأبرار، ومعدن الأنوار، سيدي أحمد بن يوسف الراشدي النسبة والدار). وحياة الصباغ تكاد تكون مجهولة، فهو محمد بن محمد بن أحمد بن علي الصباغ القلعي (نسبة إلى قلعة هوارة) القريبة من تلمسان. فهو إذن من بلد الملياني. وقد ولد الصباغ حوالي سنة 923. فقد ذكر أنه كان ما يزال رضيعا لم تنبت أسنانه عندما انهزم الأتراك أمام جيش أبي حمو الذي كان يسانده الإسبان، وذلك سنة 924 (2)، وكان والد الصباغ، المعروف بابن معزة (بتشديد الزاي)، من أتباع أحمد بن يوسف، وكان يدافع عن شيخه ويلازمه ويغسل ثيابه ويعتقد فيه. وقد مات في المعركة التي سقطت فيها القلعة، ومات فيها إسحاق أخو خير الدين بربروس سنة 924. وكان ابن معزة أيضا من المشتغلين بالعلم والشعر، وكان دفاعه عن شيخه ضد خصومه بالشعر. أما محمد الصباغ القلعي فنعرف أنه تولى بعض الوظائف، ومنها قضاء القلعة، وهي وظيفة
(1) الخزانة العامة بالرباط، رقم 2792 د.
(2)
أشار إلى ذلك بودان (المجلة الإفريقية) 1925، 129، من الذين نقلوا كثيرا عن الصباغ القلعي مؤلف (كعبة الطائفين) الذي عاش في القرن الحادي عشر. وقد قال عنه إنه هو (قاضي الجماعة بمجاش (؟) هوارة، محمد الصباغ بن القاضي القلعي.
1/ 295، ووجدناه في شرحه على الأجروبة الآتي ذكره منسوبا إلى هوارة (الهواري) بدلا من (القلعي).
هامة لا يشغلها عادة إلا من كان من الفقهاء، ومهما كان الأمر فإن القلعي كان من تلاميذ الملياني ومن علماء القرن العاشر الذين غلب عليهم الميل إلى التصوف.
ولم يؤلف الصباغ القلعي كتاب (بستان الأزهار) فقط. ذلك أن له شرحا في أسماء الله الحسنى، وشرحا آخر في الأذكار، وله أيضا (شفاء العليل والفؤاد في شرح النظم الشهير بالمراد)، وهو شرح على قصيدة إبراهيم التازي المعروفة بالقصيدة المرادية في التصوف أيضا والتي مطلعها:
مرادي من المولى وغاية آمالي
…
دوام الرضى والعفو عن سوء أحوالي
وتنوير قلبي بانسلال سخيمة
…
به أخلدتني عن ذوي الخلق العالي
وإسقاط تدبير وحولي وقوتي
…
وصدقي في الأحوال والفعل والقال (1)
ولكن شهرة الصباغ، الذي ألف أيضا في النحو، قامت على كتابه (بستان الأزهار)(2)، وهو الكتاب الذي جمع فيه أخبار الملياني من الجيل الذي تلاه، وكان الصباغ فيه لا يكاد يفصل التاريخ والوقائع عن الحكايات والأساطير (3).
وكان (بستان الأزهار) موضع اختصار لبعض المهتمين بحياة الملياني.
ذلك أن الصباغ القلعي قد أكثر في كتابه من الحشو والأخبار المفصلة فعمد بعضهم إلى اختصاره، وأخذ منه ما يتعلق مباشرة بحياة وسيرة الشيخ الملياني. من ذلك (مناقب أبي العباس أحمد بن يوسف الملياني الراشدي)(4) وما ذكره صاحب (الإعلام بمن حل مراكش)(5)، كما قام أحدهم بتلخيصه
(1) عن إبراهيم التازي انظر الفصل الأول من الجزء الأول.
(2)
انظر بروكلمان 2/ 362 عن مؤلفات الصباغ وأماكنها.
(3)
توجد من (بستان الأزهار) عدة نسخ مخطوطة منها اثنتان بالمكتبة الوطنية بالجزائر. انظر أيضا النسخة المطبوعة منه سنة 1927 بالجزائر بإشراف الشيخ محمد بن محمد بن عبد الله الهاشمي الذي قابلها على أربع نسخ.
(4)
الخزانة العامة بالرباط، رقم 1427 د ورقم 1471 د. وهو لمؤلف مجهول.
(5)
ج 1/ 185. وهو عباس بن إبراهيم المراكشي.
لمحمد الورتلاني (1)، ومن ذلك رسالة (عقد الجمان في تكملة البستان) التي جمعها الشيخ محمد بن الهاشمي، ونشرها مع النسخة المطبوعة من (بستان الأزهار). ولا بد من الإشارة هنا إلى كتاب الشيخ علي بن موسى الجزائري المسمى (ربح التجارة) والذي تناول فيه حياة أحمد بن يوسف الملياني معتمدا على تأليف الصباغ القلعي.
ويتبين مما ذكرناه مكانة محمد الصباغ القلعي في التصوف، فهو مؤلف وشارح وجامع لأخبار الأولياء والصلحاء، وهو لذلك مصدر هام عن حياة التصوف في القرن العاشر. ومن الغريب أن يجمع هذا الشيخ بين حياة التصوف وبين القضاء الذي يقتضي علما واسعا بالفقه والأحكام وقضايا الناس.
وتعتبر أرجوزة (الفلك الكواكبي) في أولياء منطقة الشلف لأبي عبد الله بن المغوفل، أهم عمل عالج هذا الموضوع بعد (صلحاء وادي الشلف) لموس المازوني (2)، وقد توفي ابن المغوفل سنة 1023، وكان من المرابطين البارزين، ولأهميته حاول العثمانيون الاستفادة من نفوذه الروحي في أول عهدهم. وتذكر المصادر أن ابن المغوفل قد ظهر أمره وهو ما يزال في تونس، وأن المشيخة قد أعطيت له هناك، ثم جاء منطقة الشلف ونزل بومليل حيث ظل يتعبد، ثم انتقل إلى نديلة التي ظل بها إلى وفاته. وكان لابن المغوفل ستة أولاد، اثنان منهم قد رافقا الحملة العثمانية على تلمسان. ويعتبر ابن المغوفل من أصحاب الكرامات، وله قبة بناحية الشلف. وقد قيل إن بعض الناس كانوا يتبركون بأرجوزته فيكتبونها أو ينسخون منها جزءا ويضعونه في خزائنهم للتبرك.
ومهما كانت قيمة الشيخ الروحية فالذي يهمنا منه الآن عمله العلمي، وهو أرجوزته في أولياء وصلحاء الشلف، وقد تحدث فيها على نسب هؤلاء الرجال وعلى مواطنهم، واعتبر ذلك خدمة لأهل الطريقة (القادرية؟) وسلما
(1) المكتبة الوطنية - باريس، رقم 6748.
(2)
انظر عنه الفصل الأول من الجزء الأول.
للوصول إلى آداب الطريق وإلى الحقيقة، وكتب ذلك بأسلوب موجز مقربا به ما بعد من المسائل والمعارف قائلا:
وبعد فالقصد بهذا الرجز
…
تقريب ما نأى بلفظ موجز
سميته (بالفلك الكواكبي)
…
وسلم الراقي إلى المراتب
أعني مراتب السلوك للمريد
…
في الابتدا والانتهاء للمزيد
وجمع ابن المغوفل أخبار أولياء الشلف في عدة قرون (من السادس إلى التاسع). فتحدث عن أخبارهم وعن مناقبهم، وسمي يعفهم أهل الغوث وآخرين البدور. وتحدث عن خصائص المريدين والأولياء ودرجات كل منهم وسلوكهم نحو الآخرين. والغرص من ذكرهم، كما قال، هو التبرك بهم لينتبه الغافل ويتوب المذنب. ومن هؤلاء الشيوخ رجال سكنوا قرية (البطحاء) لكن قبورهم قد درست باندراسهم إلا ما ندر كالشيخ أبي عمران موسى الشاذلي الذي (أفاق) وسكن قرية أخرى، وهو من علماء الظاهر والباطن، ومن أشراف هوارة. ومنهم أيضا أبو أيوب، والبزاغتي (1)، وراشد، وعبد الجليل المسيلي، وابن أبي العافية، والسعدي صاحب الكرامات التي أخاف بها الأمير لولا أن هذا قد طلب العفو منه وأرسل إليه الهدية فعفا عنه ورضي، ومنهم أحمدوش الملقب بالأحمد الزاهد الذي كان يتقن تجويد القرآن والذي أصبح معلما للصبيان بأجرة مع لذيذ الطعام. وبالإضافة إلى هؤلاء هناك آخرون بغرب وشرق وجنوب القلعة يدافعون عن البلاد، وهم حراس لها ضد ظلم الحكام ولكن (انعكس الأمر بسوء الحال) فذل العزيز وفقر الغني. وذكر المغوفل بعد ذلك شيوخ شيوخه، وخص بالذكر علي الجوثي (؟) الذي قال إن الأرض قد ازينت به وأنه حمل لواء العلم وكان يجمع بين السنة والتصوف وكان يجيد الحديث والتفسير والمنطق والأدب. (فالزمان لا يأتي بمثله)(2).
(1) عن عائلة البزاغتي انظر لاحقا العلماء الذين تولوا في العهد الفرنسي.
(2)
المكتبة الوطنية - الجزائر، رقم 2259. نسخة نسخها السيد محمد الصادق بن التهامي سنة 1296.
والظاهر أن ابن المغوفل كان بسيط المعرفة وأنه سجل في هذه الأرجوزة ما وسعته ذاكرته أو أخبره به الناس ووجده في بعض المصادر عن حياة صلحاء الشلف. وعمله محشو بالأساطير والخرافات والتقاليد الشعبية أكثر من بعض الأخبار والحقائق العلمية. ولكن عمله، على كل حال، يعكس روح العصر (1).
ومن الذين تأثروا بالصباغ القلعي وبابن صعد وبالملالي، ابن مريم صاحب (البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان). وإذا قارنا بين مؤلفات ابن مريم ومؤلفات الصباغ القلعي وجدنا بعض التشابه. ومن المؤكد أن والد ابن مريم قد عاصر القلعي. فقد توفي هذا الوالد سنة 985 والغالب على الظن أن القلعي قد عاش إلى نحو ذلك التاريخ أيضا. وكان والد ابن مريم معلما للصبيان، وهي مهنة لا تحتاج إلى علم غزير وفقه عميق، وكل ما تحتاجه هو حفظ القرآن الكريم وبعض المتون ومبادئ العلوم، فإذا عرفنا أن ابن مريم قد ورث هذه المهنة على والده أدركنا أيضا أن ابن مريم، كما تدل على ذلك تآليفه، كان في نفس مستوى أبيه تقريبا. فهو لم يبلغ مبلغ علماء أسرة العقباني أو المقري أو العبادي أو ابن زكري في تلسان، وهذا يفسر إعجابه ربما ببعض العلماء ونظرته إليهم نظرة القداسة لأنه لم يصل إلى مستواهم العلمي، لذلك كثر في (البستان) وصف العلماء بالكرامات والخوارق، والخلط بين العلماء والصلحاء، ولعل ناحية التصوف تمثل ابن مريم في كتابه أكثر مما تمثله ناحية الفقه والعلوم العملية. يضاف إلى ذلك أن قائمة الكتب التي ذكرها لنفسه في آخر كتابه تدل على كونه من (أهل الله) أكثر من كونه (من أهل العلم). فقد ألف حوالي اثني عشر كتابا كلها في التصوف وفروعه. أما كتابه (البستان) فسنتناوله في باب التراجم (2).
(1) يعرف المغوفل ببوعبدل أيضا وهو المشهور في مؤلفات الغرب الجزائري القديمة. ومن أولاده محمد بن أفغول الذي كان معاصرا لابن سليمان مؤلف (كعبة الطائفين) وقد ذكر أنه من الصالحين الذين أخذ عنهم 3/ 122.
(2)
ألف ابن مريم (البستان) سنة 1011.
ويبدو أن حياة ابن مريم لم تتوفر لمترجميه حتى الآن لذلك كان جل اعتماد من ترجم له على ما ذكره هو في آخر كتابه (البستان)(1). والسبب في ذلك على ما يظهر عدم اطلاع هؤلاء المترجمين على عمل تلميذه عيسى البطيوي، صاحب كتاب (مطلب الفوز والفلاح في آداب طريق أهل الفضل والصلاح). ومن حسن الحظ أننا اطلعنا على هذا العمل وأخذنا منه ترجمة ابن مريم وهي في عدة صفحات، وبناء على البطيوي فإن ابن مريم كان في القرن الحادي عشر، كمحمد بن يوسف السنوسي في القرن التاسع، وهو يسميه (شيخنا المديوني) واعتبره من مصادر كتابه المذكور، بل إنه اعتبره من الشيوخ (المنزهين) عن الخلل، وقد سماه أيضا (شيخنا وبركتنا ووسيلتنا الى ربنا السيد الإمام، الحسن النظام .. محمد بن محمد المكنى بابن مريم). وقال البطيوي في موضع آخر إن الله قد من عليه بملاقاة (الإمام الصوفي الهمام درة أقرانه، وسنوسي زمانه، أبي عبد الله المذكور بيانه، فجمعت النفس والعين من مشاهدته، ومن جميل لقائه، وتزودت منه ما ينفعني الله به دنيا وأخرى) ووصف البطيوي شيخه بأنه لم ير مثله قيام ليل وتلاوة قرآن وحرصا على العلوم ونشرها. وذكر أن ابن مريم كان في الحنايا بالقرب من تلمسان، وأنه كان كثير المطالعة للكتب وأنه كان يقول:(ما أردت كتابا إلا ومكنني الله منه دون تعب). وأنه قد ترك عند وفاته نحو ستمائة كتاب.
والمهم في هذا الصدد أن البطيوي قد أورد أيضا ما وجده بخط ابن مريم عن شيوخه في القراءة والتربية، وما رواه له محمد ابنه (ابن مريم) الذي حدث البطيوي أيضا عن مشائخ وتلاميذ أبيه، وهم كثيرون، ومما ذكره أيضا أن ابن مريم قد أخذ التصوف عن محمد بن يوسف السنوسي (2). أما عن
(1) فعل ذلك بروفنزالي (بل لم يترجم له أصلا)، والحفناوي في (تعريف الخلف) وبارجيس، الخ.
(2)
لعل المقصود أنه أخذ التصوف عن تلاميذ السنوسي، لأن ابن مريم قد يكون ولد بعدالسنوسي بأكثر من جيل.
تآليف ابن مريم فقد قال البطيوي إن له نحو ثلاثة عشر تأليفا، منها شرح الرسالة وشرح على مقدمة ابن رشد، وآخر على الرقعي، وآخر على القرطبي، وآخر على حكم ابن عطاء الله، إلى غير ذلك. ومن الملاحظ أن البطيوي، قد جعل كتاب شيخه في المناقب، إذ سماه (البستان في مناقب أولياء تلمسان)، وقال إنه كتاب (في مناقب الصالحين)، وهذا في الواقع أصح، لأن ابن مريم كان في الحقيقة يؤلف في مناقب الصالحين والأولياء. ومهما كان الأمر فسنعود إلى هذا الكتاب أثناء الحديث عن التراجم كما وعدنا. وحسبنا الإشارة إلى أن كتاب البطيوي (مطلب الفوز) يعتبر من المصادر الجديدة لحياة ابن مريم (1)، أما ابن سليمان فقد أفادنا أن محمد نجل ابن مريم قد توفي سنة 1053 ولكنه لم يذكر وفاة ابن مريم نفسه (2). وكما ترجم البطيوي لشيخه ابن مريم ترجم هذا لأحد أفراد عائلة البطيوي، وهو محمد بن محمد بن عيسى البطيوي التلمساني. وكان محمد البطيوى معاصرا لابن مريم ومن أقرباء العالم الشهير سعيد المقرى. وذكر ابن مريم أن لمحمد البطيوي (وهو غير صاحب كتاب مطلب الفوز) تقاييد وأذكارا وأورادا، وقال عنه إنه متصوف وأنه يقرئ العلم ويعظ في أحوال الآخرة، وإنه قد توفي في المدينة المنورة دون ذكر تاريخ وفاته (3).
لم يكن (مطلب الفوز) لعيسى البطيوي من كتب المناقب بالمعنى التقليدي للكلمة، ولكنه (في آداب طريق أهل الفضل والصلاح) كما جاء في عنوانه. ومع ذلك فقد أدرج فيه عددا من المناقب المتعارف عليها كحديثه
(1) المكتبة الملكية - الرباط، 1667، وترجمة حياة ابن مريم تقع في الجزء الثاني منه. لم يذكر البطيوي تاريخ وفاة شيخه، ولعله كان ما يزال حيا عندما ألف البطيوي كتابه.
(2)
(كعبة الطائفين) 2/ 222، وقال إنه كانت بينهما مودة ومحبة، ويبدو أن تأليف ابن مريم عن الرقعي كان مشهورا عندهم، فحين أرخ ابن سليمان لوفاة صديقه محمد نجل ابن مريم قال عنه إنه (ولد مؤلف الشيخ الرقعي).
(3)
ابن مريم (البستان)272.
عن ابن مريم وعن أخيه (أخو عيسى البطيوي)، أحمد بن ونيس، وأحمد الولهاصي، وعن محمد بن يوسف السنوسي وغيرهم. وكان البطيوي يتبع في مناقبه الطريقة التقليدية أيضا، فهو يذكر حياة المترجم له وأعماله وكراماته وميزاته الصوفية. وقد قال عن أخيه أحمد بن ونيس انه كان صاحب كرامات ومكاشفات ورؤى، كرؤياه للرسول صلى الله عليه وسلم في المنام (1)، وهكذا في كل الرجال الذين ترجم لهم.
ويجدر بنا الآن أن نعرف أكثر عن حياة عيسى البطيوي وعن كتابه (مطلب الفوز)، وتعتبر حياته كحياة معظم العلماء الجزائريين الذين عاشوا خلال القرن الحادي عشر، أمثال سعيد المقري وسعيد قدورة والفكون، ولكن البطيوي، رغم أهمية كتابه، لم يكن من علماء التدريس، أي لم يكن من الفقهاء العاملين في الفتوى والرأي، ولكنه كان من العلماء المنكبين على دراسات التصوف والزهد، أولئك المحرومين من الوظائف العامة، أمثال شيخه ابن مريم وصاحب قصيدة (حزب العارفين) موسى بن علي اللالتي. وقد ذكر البطيوي أن اسمه: عيسى بن محمد اليحوي الراسي البطوي (كذا). ولعل كتابة النسبة الأخيرة من تحريف النساخ (2).
والبطيوي من مواليد أواخر القرن العاشر، فقد ذكر أنه قرأ القرآن على الشيخ أحمد بن أبي بكر السوسي، عندما مر عليهم قاصدا الحج، حوالي تمام المائة العاشرة بنحو العامين، وذكر أنه قرأ القرآن أيضا على ابن عمته وارث العساسي (الغساني؟) الذي عده من (الأدباء المجاهدين) وقد توفي
(1) خصص لأخيه صفحات من الجزء الثاني من (مطلب الفوز)، ولعيسى البطيوي عمل آخر في التصوف عنوانه (شرح كتاب في التصوف) لم نطبع عليه. انظر الخزانة العامة بالرباط، رقم ك 2613.
(2)
هناك (بطيوة) الجزائرية التي ينسب إليها مؤلف (مطلب الفوز) وهناك (بطيوة) المغربية التي ينسب إليها محمد بن علي المعروف بابن أبي مقرع صاحب الأرجوزة المعروفة في الفلك، وكثيرا ما يقع الخطأ في النسبة إلى البلدين. انظر بروكلمان 2/ 364.
وارث هذا سنة 1033، وانتقل البطيوي أيضا للدراسة على الشيخ أحمد بن إبراهيم الراسي البطيوي الذي توفي بدوره سنة 1039، وعدد البطيوي شيوخه الكثيرين، وأخبر أنه رحل إلى مدينة فاس سنة 1002 أو سنة 1003، وأخذ العلم بها على عدد من الشيوخ، كما كان يفعل كثير من الجزائريين، ويهمنا أن نلاحظ أن البطيوي قد ذهب أيضا إلى تلمسان وأخذ العلم بها على شيوخ ذكرهم وقدرهم، وهم سعيد المقري، وابن مريم، وأحمد الولهاصي. وقرأ على المقري العقيدة الكبرى للسنوسي، وأشاد كثيرا بشيخه ابن مريم، كما عرفنا، أما علاقته بالولهاصي فقد أضاف إلى الوجه العلمي منها المكاشفات، وأخبر أنه استشار مرة شيخه الولهاصي في امرأة يتزوجها فأشار عليه بعدم الزواج منها، وحلت له امرأة محلها عن طريق الكرامة. وما دام كتاب (مطلب الفوز) غير منته في النسخة التي اطلعنا عليها فلا نستطيع أن نعرف أكثر من هذا عن حياة البطيوي منه، ولا نعرف الآن من ترجم له أو تناول كتابه هذا بالتعريف. فمعلوماتنا عن حياته إذن مستمدة من الجزء المتوفر لدينا من كتابه.
أما الكتاب نفسه فهو موسوعة هامة عن الحياة الدينية والاجتماعية في ذلك العصر، وهو في هذا يذكرنا بكتاب (كعبة الطائفين) لمحمد بن سليمان الذي ألف بعده بقليل، فكلاهما يتخذ التصوف منطلقا، ولكنه يتضمن أخبارا كثيرة عن الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. وكتاب البطيوي يقع في جزئين كبيرين ومكتوب بخط جيد، وقد أخبر أنه ألفه لما رأى شعائر الإسلام قد كثرت والهمم قد قصرت وانحراف الناس عن الدين الصحيح قد أصبح واضحا، وتجنبهم عن الآخرة قد بات واقعا. لذلك تاقت نفسه إلى وضع تأليف يجمع فيه (من الديانات والآداب ما يحتاجه المريد السالك) فالكتاب إذن في آداب الطريق والسلوك الصوفي.
قسم عيسى البطيوي كتابه الى مقدمة وثمانية أبوابا وخاتمة. وجعل كل باب مقسما إلى فصول. فالخطة إذن جيدة تدل على ذوق سليم وروح علمية صحيحة، وقد جعل المقدمة في وجوب تعلم العلم النافع وفي فضائل
العلم والعلماء العاملين. أما الأبواب فهي على النحو التالي:
الباب الأول: في وجوب معرفة قواعد الإيمان.
الباب الثاني: في وجوب معرفة قواعد الإسلام والعمل بها.
الباب الثالث: في آداب المريد مع خالقه.
الباب الرابع: فيما يجب للنبي صلى الله عليه وسلم على أمته.
الباب الخامس: في وجوب حفظ جميع الجوارح الظاهرية والباطنية من المخالفة.
الباب السادس: في الترغيب في محبة الله.
الباب السابع: في المشيخة.
الباب الثامن: في حكم الجهاد والرباط وفضائلهما وتمني الموت.
أما الخاتمة فقد جعلها في ذكر وصايا صحيحة مجربة (يستعان بها على صعب هذا الزمان، معتمدا في ذلك كله على أئمة السلف). ولا شك أن الباب الثامن من أهم أبواب الكتاب، لاسيما إذا عرفنا دور المرابطين الاجتماعي والسياسي في القرن العاشر والحادي عشر. وقد كانت النواحي الغربية، كما أشرنا، تعيش في توتر مستمر نتيجة الوجود الإسباني على السواحل، كما أن الباب الثالث والسابع مهمان في دراسة سلوك المتصوفين عندئذ، ومن المهم مقارنة ذلك بما جاء في الكتب المشابهة له في الموضوع والزمان مثل (كعبة الطائفين).
وتظهر منهجية البطيوي أيضا في ذكر مصادره وموقفه منها، فقد ذكر عددا من المصادر التي أخذ منها في كتابه، ومن ذلك (الجواهر الحسان) وهو تفسير عبد الرحمن الثعالبي، وشرح الحكم لابن عباد التلمساني (1)،
(1) هو محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن مالك الغزي المعروف بابن عباد، وكان من أهل التصوف، وكان يتردد بين تلمسان وفاس، وقد توفي سنة 792 (1390 م). وله (الدرة المشيدة في شرح المرشدة) وشرح على حكم ابن عطاء الله، سماه (غيث المواهب العلية) وهذا هو الذي يشير إليه البطيوي. انظر (معجم المؤلفين) 8/ 207، وأبا راس (عجائب الأسفار)، 108، ومخطوطات زاوية طولقة عن (الدرة المشيدة).
والسهروردي في علم التصوف، وابن فرحون، ومحمد بن يوسف السنوسي الذي سماه (حجة الإسلام)، والغزالي الذي سماه (شيخ الإسلام)، و (شيخنا المديوني) وهو يقصد به محمد بن مريم صاحب (الحسان)، كما أن البطيوي قد اعتمد على مصادر أخرى، مكتوبة وشفوية، لإثراء كتابه، وقد نبه إلى أن الخطأ محسوب عليه وحده وليس على مصادره، لأن أولئك الأئمة في نظره (منزهون) عن الخلل (1).
وإذا كانت المناقب هي ذكر الفضائل فإن الفكون لم يخصص كتابه (منشور الهداية) للفضائل وحدها، ومن ثمة لم يكن كل كتابه مناقب، وقد قسم كتابه إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، وجعل عنوان الفصل الأول هكذا (في من لقيناه من العلماء والصلحاء المقتدى بهم، ومن قبل زمنهم ممن نقلت إلينا أحوالهم وصفاتهم تواترا، أردنا التنبيه عليهم وذكر ما كانوا عليه وزمانهم وتواريخ وفاتهم). فهذا الفصل إذن يمكن اعتباره في المناقب لأنه ذكر فيه فضائل هذا الصنف من العلماء والصلحاء المقتدى بهم. أما الفصلان الثاني والثالث فقد جعلهما في نقد المتشبهين بالعلماء، والمتشيهين بالصلحاء، ذلك أن عنوان الفصل الثاني هو (في المتشبهين بالعلماء، وهم الذين قصدنا بهذا التقييد إيضاح أحوالهم)، وعنوان الفصل الثالث هو (في المبتدعة الدجاجلة الكذابين على طريق الصوفية المرضية). فهما إذن فصلان بعيدان كل البعد عن المناقب، حتى الخاتمة التي جعلها (في إخوان العصر وما هم عليه) مليئة بالنقد والغمزات اللاذعة لإخوانه المعاصرين له. بل إن عنوان الكتاب نفسه يدل على أن صاحبه لم يقصد به المناقب المتعارف عليها وإنما أراد به نقد أحوال أدعياء العلم والتصوف في وقته، فهو (منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية). وكان الفكون يجمع بين علوم
(1) الجزآن الأول والثاني من (مطلب الفوز) في المكتبة الملكية بالرباط، رقم 1667. ولا يوجد ذكر لناسخه ولا تاريخ نسخه، والجزء الثاني غير كامل كما نبهنا، وجاء في رساله لابن مريم أوردها البطيوي في كتابه أنه: عيسى بن محمد بن يحيى البطيوي، قارن رأيه في (تنزيه) الأئمة السابقين برأي يحيى الشاوي السابق،
الظاهر وعلوم الباطن، فهو من العلماء الفقهاء المؤمنين بالتصوف التأملي المنكرين للبدع والخرافات التي انحطت بقيمة العقل والعلم. وكان في كتابه هذا ثائرا، كما كان في كتابه (محدد السنان في نحور إخوان الدخان)، فهو يهاجم الانحراف والابتداع في الدين والوصولية. وقد تعرض في (منشور الهداية) لحياة أكثر من سبعين شخصا (1). فلا غرابة أن يتعرض إلى النقد بسببه.
فإذا اعتبرنا أن الفصل الأول فقط من كتابه هو الخاص بالمناقب، فإن مقاييسه فيه تختلف كثيرا عن مقاييس ابن مريم والبطيوي والمغوفل وابن سليمان وغيرهم ممن كتبوا في المناقب. فهؤلاء كانوا يبالغون في أوصاف الشيخ ونسبة الكرامات إليه وخوارق العادات، وقد لا يكون له حظ من العلم على الاطلاق، أما الفكون فقد ذكر في هذا الفصل العلماء العاملين الذين لا يكادون يتميزون عن غيرهم إلا بالتأليف والتدريس والمواقف الصلبة ضد المغريات الدنيوية، وقد ذكر من هؤلاء جده عبد الكريم الفكون، وعمر الوزان، ومحمد العطار، وأحمد الغربي شارح (رسالة عمر بن الخطاب في القضاء)(2)، ومحمد الكماد، وعبد اللطيف المسبح، الخ. وحتى هؤلاء وأضرابهم لم يخل حكمه عليهم من غمزات أيضا. فإذا كان مؤلفو المناقب الآخرين يعاملون شخصياتهم معاملة الملائكة أو المنزهين عن الأخطاء، فإن الفكون كان يعامل شخصياته على أنهم بشر يتخاصمون ويتآمرون، فيهم الخير والشر، والصلاح والطلاح. وقد كان بدون شك أكثر قسوة في معاملة شخصياته في الفصلين الثاني والثالث، وحسبنا الآن من كتابه ما ذكرناه له من مناقب (3). أما كتابه كمجموعة من التراجم فسنعود إليه في الفصل الخاص بالتاريخ
(1) ترجمنا للفكون في الفصل الأخير من الجزء الأول.
(2)
تحدثنا عنها في الفصل الأول من الجزء الأول.
(3)
الغالب أن الفكون قد ألف (منشور الهداية) بعد 1045 وهو تاريخ وفاة والده الذي ذكره، قبل 1047 وهو تاريخ ثورة ابن الصخري الذي لم يذكره ولم يذكرها، رغم تدخله فيها.
والغريب أن كتب المناقب الشاملة لعصر أو منطقة أخذت تضعف بعد عمل الفكون. حقا ان بعض العلماء قد كتب بعد ذلك تراجم كأحمد بن عمار في كتابه (لواء النصر في فضلاء العصر)، ولكن مثل هذا العمل لا يعتبر من باب المناقب الصوفية المعروفة. ويمكن أن يدخل في المناقب (عقد الجمان النفيس) لعبد الرحمن التجاني الذي تناول أشراف إغريس، و (الدرة المصونة) لأحمد البوني الذي تناول علماء وصلحاء عنابة. و (سبيكة العقيان فيمن بمستغانم وأحوازها من الأعيان) لمحمد بن محمد الموفق المعروف بابن حوا الذي تناول صلحاء نواحي الشلف، وكتاب (التعريف بالأحبار المالكين الأخيار) لابن علي الشريف الشلاطي.
وهناك أعمال في المناقب تناولت شخصا بعينه. وهذا ما نحاول الوقوف عنده قليلا. فالشيخ علي البهلولي، الذي كان معاصرا للفكون، قد وضع تقييدا، حسب تعبير الفكون، في الثائر أحمد بن عبد الله الذي توفي عقب الحرب التي دارت بينه وبين ثائر آخر يدعى يحيى السوسي (1)، وقد أوضح البهلولي في تقييده أن أحمد بن عبد الله هو الفاطمي وأنه لم يمت وأنه المهدي المنتظر، وكان للبهلولي عقيدة خاصة راسخة في هذا الشيخ. ولم يكن البهلولي من البسطاء، كما قد يظهر، ذلك أن الفكون، وقد عرفنا موقفه من متصوفة عصره، قد قال عنه انه كان (فطنا لقنا، صاحب شعر كثير وفصاحة وفهم، وله إنشادات شعر كثير)(2)، وكان للبهلولي أيضا أخ يدعى عبد الرحمن، يقف ضد البدع، وقد ألف في ذلك قصيدة أرسلها إلى الفكون لشرحها، وتوفي الأخوان، علي وعبد الرحمن البهلولي، في حياة الفكون. ورغم أننا لا نعرف بالضبط متى كتبت سيرة محمد بن بوزيان، مؤسس
(1) الظاهر أن هذا كان زعيم ثورة تلمسان التي تحدث عنها محمد بن سليمان في (كعبة الطائفين) والتي قاد ضدها القائد محمد بن سوري حملة من الجزائر. انظر كتابنا (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر)، وحسب (كعبة الطائفين) فإن الثائر يدعى محمد بن أحمد السوسي وأنه قتل أثناء الثورة 3/ 12.
(2)
الفكون (منشور الهداية) مخطوط.
الطريقة الزيانية، فإن الظاهر أن مصطفى بن الحاج البشير قد ألف كتابه (طهارة الأنفاس والأرواح الجسمانية في الطريقة الزيانية الشاذلية) بعد وفاة شيخه بزمن قليل، ونفس الشيء يقال عن كتاب (فتح المنان في سيرة الشيخ سيدي الحاج محمد بن أبي زيان)، الذي لا نعرف الآن مؤلفه، وإذا كان (فتح المنان) واضحا أنه في مناقب أبي زيان فإن (طهارة الأنفاس) قد جمع بين مناقب الشيخ ومنهاج الطريقة الزيانية في سلوكها وأورادها وتاريخها (1)، ونحن نغامر بذكر هذين المصدرين عن أبي زيان وطريقته في انتظار الكشف عن زمن تأليفهما، وقد مجد مؤلفا الكتابين مؤسس الطريقة الزيانية وبينا فضائله ومزاياه وكراماته ومناقبه.
وقام بعض الأتباع المتحمسين للطريقة الدرقاوية بوضع تأليف تناول حياة شيخ الطريقة وأوضح مبادئها ودافع عنها، ومن هؤلاء محمد بوزيان بن أحمد المعسكري الغريسي الذي سمى كتابه (كنز الأسرار، في مناقب مولانا العربي الدرقاوي وبعض أصحابه الأخيار)، ومحمد الغريسي كان من أتباع الطريقة الدرقاوية التي حارب أصحابها العثمانيين أوائل القرن الثالث عشر، وقد توفي سنة 1271 (1854) قبل إتمام عمله الذي وصل فيه إلى أربع كراريس، ويوجد كتابه تحت الاسم الذي ذكرناه، كما يوجد تحت اسم (في مناقب الشيخ أبي حامد العربي بن أحمد الدرقاوي الحسني وتلامذته). ويبدو أن الاسمين ليس من وضع المؤلف نفسه، وأن بعض النساخ فقط هم الذين أضافوا الاسم هنا وهناك على بعض النسخ (2)، وهو، كما عرفنا، في مناقب الشيخ الدرقاوي المغربي، وفي بعض أصحابه الذين عضدوه في الجزائر مثل عبد القادر بن الشريف، ويبدو من الخطة أن محمد الغريسي كان ينوي أن
(1) ذكر هذين الكتابين السيد كور الفرنسي في ترجمة الشيخ أبي زيان وطريقته، انظر (مجلة العالم الإسلامي) 910، م 12، 359 - 360. ولكنه لم يذكر تاريخ تأليف الكتابين. عنهما انظر لاحقا في أجزاء العهد الفرنسي.
(2)
الخزانة العامة بالرباط، رقم 2339 د، و (دليل مؤرخ المغرب) 1/ 305 انظر أيضا (سلوة الأنفاس) 2/ 362، وتقع نسخة الخزنة العامة التي اطلعنا عليها في 53 ورقة.