الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصيدة ابن زمرك، ولكن الجامعي انتقد ابن علي في بعض التعابير التي وردت
فيها، فانبرى له ابن عمار يوضح خطأه وينتصر لأستاذه ويصوبه (1)، وكما أشاد ابن عمار بشيخه ابن علي أشاد هذا بابن عمار كثيرا. فهو القائل فيه:
ما كل من صاغ القريض يجيده
…
معنى ويصرفه على أوزانه
إلا ابن عمار فحسبك من فتى
…
زان النشيد وعد في أعيانه وكان ابن علي يرتاح لابن عمار ويجالسه كما أشرنا، وكان ابن عمار وفيا له ويعرف قيمته، وكان يزوره إذا مرض ويمازحه وينشده الشعر ويسليه، من ذلك زيارته لابن علي عندما مرض بالكبد وعجز عن تذوق الطعام. وبالجملة فأصدقاء ابن علي قليلون إذا حكمنا من المصادر، ولكن يبدو أن الذين عرفوه على حقيقته قد اعترفوا له بالفضل والتقدم في الأدب، والشعر
على الخصوص، ومن هؤلاء محمد بن ميمون وأحمد بن عمار من الجزائريين والجامعي والورززي من المغاربة، ورغم أن ابن المفتي كان كثير
النقد لعلماء عصره فإنه عندما ذكر ابن علي، وهو معاصر له، لم يقل عنه ما
يشينة، ولكن يفهم من تعبيره أنه كان ينتصر لابن نيكرو ضد ابن علي. أما ابن
حمادوش فقد عرفنا أنه كان ضده، حتى قال عنه (المفتي الحنفي في الوقت، ابن علي المستحق المقت).
والواقع أن حياة وشعر ابن علي ما تزال في حاجة إلى دراسة عميقة بعد الاطلاع على مصادر إضافية، فحياته تكاد تكون مجهولة رغم غناها وتعدد جوانبها العائلية والاجتماعية والدينية والسياسية، وشعره ما يزال ضائعا ومتفرقا رغم أهميته الأدبية، وحسبنا هنا أننا سلطنا عليه بعض الأضواء بما يتسع له هذا الكتاب.
الشعر الشعبي
الهدف من الحديث قليلا عن الشعر الشعبي أو الملحون هنا هو تحديد علاقته بالثقافة وتحديد علاقة الثقافة به، وليس الغرض دراسة هذا الشعر في
(1) نفس المصدر، 84 - 85.
حد ذاته، لأن ذلك يهم غيرنا أكثر، ذلك أن الثقافة التي نتناولها في هذا الكتاب تعني نتائج الفكر والذوق والشعور بعد الصقل بالدراسة والتعب، وطلب العلم بجميع أنواعه وتحصيل الملكة عن طريق الممارسة والنصب، ولا يحتاج الشعر الشعبي إلى كل ذلك أو شيء منه، بل أن ضعف الثقافة بالمفهوم الأول هو الذي ساعد الشعر الشعبي على الانتشار والذيوع، وبذلك يكون رواج الشعر الشعبي دلالة على ضعف الثقافة الأدبية في البلاد، فهو، من الناحية الجدلية المحضة، ضد الثقافة ودليل على انحطاطها.
وهذه الظاهرة، ظاهرة شيوع الشعر الشعبي بدل الشعر الفصيح وضعف الثقافة الأدبية، قديمة ولا تخص العهد العثماني وحده. فقد لاحظ ابن خلدون ذلك وعزا عدم عناية المغاربة بأنسابهم إلى شيوع الشعر الشعبي الذي لا يحفظ كما يحفظ الشعر الفصيح، ولكن الضعف استمر وازداد، وقد تفاقم أيام العثمانيين. فإبعاد اللغة العربية عن الإدارة وجهل الحكام، بما في ذلك الجزائريون التابعون للعثمانيين، بها، وعدم وجود جامعة أو مركز إسلامي عتيق في البلاد، وكون خريجي التعليم القرآني لا يجدون وظائف إلا في مجالات محدودة، كل هذه عوامل ساعدت على إضعاف الثقافة الأدبية وتشجيع الشعر الشعبي والأدب الشعبي بدلا منها.
وعندما ألف مؤلفون أدباء ومؤرخون أمثال الجامعي وأبي راس وابن سحنون وجدوا أنفسهم أمام سيل من الأدب الشعبي لا يمكن التخلص منه، كما وجدوا الأدب في حالة ضعف وتقهقر، ولم يسع الجامعي إلا أن يورد، بعد أن اعتذر وذكر الأسباب، نماذج من الشعر الشعبي في شرحه لرجز الحلفاوي، بعضه منسوب وبعضه غير منسوب. كما لم يسع ابن سحنون، وهو الأديب الناقد الشاعر، إلا أن يذكر أن ممدوحه قد مدح بالكثير من الشعر الشعبي، مبينا أن (ذلك أمر خارج عن مقصد الأديب، لا يخصب روض البلاغة الجديب) كما عزا أكثر الشعر الملحون إلى غلبة العجمة على الألسن وذهاب سر الحكمة منها (فصار الناس إنما يتغنون بالملحون، وبه
يهجون ويمدحون (1)، وقد وقف أبو راس موقفا شبيها بذلك، إلا أنه كان أقل حماسة للشعر الفني من زميله، لأنه هو نفسه كان ضعيف الشعر، فأبو راس هو القائل، نقلا عن الجامعي (وما في الملحون من بأس، فإنه في هذا العصر لسان الكثير من الناس)(2).
وهكذا طغى الأدب الشعبي على الأدب الفني في العهد العثماني،
وكان الذين يمثلون الأدب الأخير قلة وسط كثرة، وعندما حل الفرنسيون بالجزائر نشروا من الشعر الشعبي نماذج متعددة وترجموها في مجلاتهم، لأنها في نظرهم تساعد على فهم ظروف العهد العثماني ولغة السكان وعلاقة هؤلاء بالحكام العثمانيين. حقا ان الشعر الشعبي قد سجل كثيرا من الحوادث السياسية والعسكرية كما كان سجلا للنبض الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، وبذلك يمكن القول من الناحية التاريخية أنه كان أشمل وأقرب إلى الحقيقة من الشعر الفني، فبينما كان الشعر الفني شعر بلاط أو شعر نفس مهزومة أو شعر مدائح نبوية ونحوها، كان الشعر الشعبي يدون ما يجري في جميع المستويات تقريبا، ويصف ردود الفعل بآلة تسجيل أمينة، غير أن قارئه وإن وجد فيه الفعل ورد الفعل فإنه لن يجد فيه المتعة الروحية ولا الجمال الفني الذي يجده في الشعر الفصيح، ولا سيما إذا بعد العهد. ذلك أن لكل فترة مفاهيمها اللغوية وتعابيرها في الأدب الشعبي، وليس الحال كذلك بالنسبة للفصيح.
خاض الشعر الشعبي إذن عددا من الأغراض: هجومات الأجانب على الجزائر والانتصار عليهم، حالة السكان الاقتصادية والمعاشية، والأزمات الاقتصادية والنكبات الطبيعية، أحوال التصوف والمتصوفين، رثاء رجال الدين ورجال السياسة، ونحو ذلك من الأغراض. كما أن الشعر الشعبي قد
(1) ابن سحنون (الثغر الجماني) مخطوط باريس، ورقة 16، ورأيه هنا جدير بالدراسة
من مؤرخي النقد الأدبي.
(2)
أبو راس مقدمة شرح (العقيقة) مخطوط، باريس، ورقة 2، وقد سبق أن أشرنا إلى
رأي الورتلاني في الشعر أيضا.
وقف أحيانا مع العثمانيين وأحيانا ضدهم، وأكثر ما بقي من الشعر الملحون هو الذي يمجد انتصارات العثمانيين، ومن الجدير بالذكر أن الشعر الملحون قد دخله التحريف، فمن الصعب القول بأن ما بقي منه هو بالضبط ما قاله أصحابه، ثم إن كتابته نفسها تختلف عن إنشاده، فهو شعر قيل لينشد وتتناقله الأفواه لا لكي يسجل على الورق ويدون. ثم إن اختلاف اللهجات يجعل من الصعب فهم قصيدة شعبية قيلت مثلا في وهران من أهل قسنطينة والعكس، ومن ثمة كان الشعر الفصيح أسير وأخلد. ومن جهة أخرى فإن الاهتمام بالشعر الشعبي لا يخدم فكرة الوطنية ولا القومية. فهو في عصرنا يخدم فى الواقع الجهوية والقبلية والإقليمية. ولذلك استغله الاستعمار استغلالا بشعا ضد الفكرة الوطنية في الجزائر وضد الفكرة القومية في الوطن العربي.
فإذا عرفنا هذه المقدمات أمكننا أن نذكر نماذج كنا قد أشرنا إليها من قبل في مناسبات أخرى، ولعل من أقدم القصائد الشعبية الموالية للعثمانيين والتي سجل صاحبها، وهو الأكحل بن خلوف (المشهور الأخضر) المعركة التي دارت بمرسى مستغانم بين المسلمين والإسبان، وهي المعروفة (بوقعة مزغران) والجدير بالذكر أن ابن خلوف، الذي اشتهر أيضا بقصائده الدينية، قد ربط بين جهاد المسلمين في الجزائر وجهادهم في غرناطة، ثم فصل القول
بما جرى بين جيش المسلمين بقيادة حسن باشا وجيش الإسبان بقيادة الكونت دالكادوت، وكان الشاعر متحمسا لأن المسلمين قد انتصروا في هذه المعركة انتصارا باهرا. وقد بدأها بقوله:
يا سايلني عن طراد الروم
…
قصة مزغران معلومة (1) وفي أوائل القرن الثاني عشر الهجري أبى أحد الشعراء، وهو محمد بن
(1)
…
وقعت المعركة سنة 965 هـ. انظر مقدمة (الثغر الجماني) نشر المهدي البوعبدلي، 23. انظر أيضا مجلة (آمال) العدد الخاص بالشعر الملحون، 1969. وتعرف القصيدة أيضا بقصة أو يوم مزغران. انظر أيضا عن الشاعر ابن خلوف، مارسيل بودان (مجلة جغرافية وهران)، 1933، 253 - 262. ولابن خلوف ديوان معظمه في المدائح النبوية. ط) الرباط، 1958.
درمش الشرشالي، إلا أن يخرج من نطاق الجزائر وينتصر للعثمانيين في البلقان، فقد أشاد باستيلاء جيش السلطان أحمد الثالث (1115 - 1143) على مورية سنة 1127. عالج الشرشالي في قصيدته الشعبية عدة موضوعات مثل فرمان السلطان إلى عسكر الجزائر يطلب منهم إرسال قوات عسكرية، وكون الجزائر استجابت وأرسلت ثلاث سفن محملة بالعساكر (ومنهم الشاعر نفسه)، ووصف الطريق والمعركة التي دارت بين العثمانيين وخصومهم، كما وصف الانتصار الإسلامي، وقد مجد فيها العلاقات الإسلامية وشكر الله ورسوله على توفيقه، وفاتحتها:
صلوا كلكم يا معشر الإخوان
…
على المصطفى الهادي رفيع الشان
سبحان الإله المالك الدائم
…
الفرد الجليل العادل الحاكم
ثم جاء فيها:
من بعد الرضى عن جملة الأعوان
…
اصغوا وافهموا يا معشر الإخوان
فنحكي لكم قصة لها برهان
…
صارت ذا الزمان في مدة السلطان (1)
وللشرشالي قصائد أخرى في غير ذلك الغرض.
ومن القصائد التي سجل أصحابها جهاد الجزائر قصيدة لشاعر مجهول تحدث فيها عن هجوم الدانمارك على الجزائر سنة 1184، وقد وصف فيها الشاعر ضرب مدينة الجزائر بالقنابل من قبل الدانماركيين، وبناء على الشاعر، فإن ذلك كان ليلة المولد النبوي حين أوقد المسلمون الشموع ليحتفلوا به، فظن الدانماركيون أن الجزائريين قد قاموا بهجوم ضدهم، فظلوا يطلقون القنابل على المدينة طول الليل حتى نفدت ذخيرتهم. وبالطبع نجد الشاعر متفائلا لأن النصر في هذه المعركة للجزائريين بفضل بركات الأولياء والصالحين المدفونين في المدينة، وقد نوه الشاعر أيضا برجال الدولة العثمانية، وتبدأ القصيدة هكذا:
(1) المكتبة الوطنية - الجزائر، رقم 1045. وتبلغ القصيدة 570 بيتا، وهي مبتورة الآخر.
باسم الله نبدي على وفا
…
ذا القصة تعيانا قصة ذا البونبة المتلفة
…
كيف جابوها أعدانا (1) ورغم أن قصيدة بلقاسم الرحموني الحداد قد صورت أحوال قسنطينة عموما فإنها لم تكن سياسية كلها، كما أنها لم تكن كلها ضد العثمانيين، بل كانت ضد الدخلاء على مدينة قسنطينة مهما كانوا. فقد صور في قصيدته الحياة الاجتماعية من فساد أخلاق ودين، والحياة السياسية من ظلم وطغيان، والحياة الاقتصادية من نقص في أحوال المعيشة والغلاء، وكان الشاعر في هذه القصيدة يتكلم على لسان أهل الطرق الصوفية، وهو أيضا ضد التجار الذين وردوا على قسنطينة من داخل البلاد ونافسوا أهلها، وتبدأ هذه القصيدة: عام مكبرة هاي سيدي
…
بالكساد وغلات النعما (2) ولعل الشاعر نفسه كان يتغنى بهذه القصيدة وغيرها في مقاهي قسنطينة ومجالسها، وقد أشرنا إلى أن بلقاسم الحداد كان شاعرا في غير هذا الموضوع أيضا.
أما الشعراء الذين وقفوا ضد العثمانيين مستعملين الشعر الملحون وسيلة وسلاحا فهم، أيضا كثيرون، وحسبنا أن نذكر هنا ابن السويكت، الشاعر الذي سجل انتصار أهل سويد بالغرب الجزائري على العثمانيين في حروب طويلة قاسية، وهذه الحروب تعرف جماعيا باسم (ثورة المحال) التي كانت تتقد تارة وتخبو تارة أخرى حوالي قرنين، وللشاعر في ذلك عدة قصائد، منها تلك التي يقول فيها:
الترك جاروا واسويد عقابهم طافحين
…
والترك شاربين الهبال في سطلة (3)
(1)(المجلة الإفريقية)، 1894، 325 - 345، قارن ذلك بما ذكره ابن حمادوش عن الدانمارك، والمقصود بالبونبة، القنبلة.
(2)
(المجلة الإفريقية)، 1919، 224 - 240. انظر عن هذا الشاعر الفصل السادس من
الجزء الأول.
(3)
مقدمة (الثغر الجماني)، 34، وتعرضنا من قبل إلى تفاصيل هذه القصيدة، انظر الفصل الثاني من الجزء الأول.
وهناك الشاعر بوعلام بن الطيب السجراري الذي تحدث عن ثورة درقاوة ضد العثمانيين، ولما كنا قد أشرنا إلى هذه الثورة في السابق فإننا نكتفي هنا بالإشارة إلى القصيدة فقط، ذلك أن الشاعر كان متحمسا ضد الأتراك وكان يطعن فيهم وفي سياستهم وأخلاقهم، وقد صور كل ذلك خير تصوير وأنفذه، وخصوصا انهزام الأتراك على يد الدرقاويين بقيادة عبد القادر بن الشريف:
كي قصة الأجواد مع أتراك النوبة
…
يوم أن فزعهم ابن الشريف أو جاو (1) ولا شك أن الشعراء الشعبيين كانوا بالمرصاد لالتقاط الأحداث السياسية والاقتصادية وغيرها كما أشرنا، فقد قالوا في فتح وهران الأول والثاني، وقالوا في المجاعات والطواعين والزلازل التي حلت بالبلاد، ومدحوا بعض الحكام وهجوا آخرين منهم، وانتصروا لبعض الثورات وكانوا ضد أخرى، وليس من غرضنا هنا تتع ذلك أو إحصاؤه.
وكما اهتم الشعر الشعبي بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية،
اهتم أيضا بالدين ورجاله، فقد عرفنا أن شاعرا كبيرا في الفصيح، وهو سعيد المنداسي، عالج المدائح النبوية وغيرها من النواحي الدينية في قصيدة ملحونة تعرف بـ (العقيقة) وهي التي شرحها أبو راس وابن سحنون، وكانت موضع حديث الناس مثقفين وغير مثقفين (2). وكتب أحد الصالحين، وهو موسى اللالتي قصيدته المشهورة (حزب العارفين) بالملحون أيضا، تعرض فيها ليس فقط لرجال التصرف وأهل الصلاح، ولكن أيضا إلى رجال السياسة
(1) مقدمة (الثغر الجماني)، 38. وكذلك (در الأعيان في أخبار مدينة وهران) لحسين خوجة (مخطوط)، ترجمة روسو سنة 1855 في جريدة (لومونيتور الجيريان). رقم 1395 - 1398.
(2)
للمنداسي أيضا شعر ملحون يوجد في المكتبة الملكية - الرباط، رقم 10305، وله ديوان مطبوع، وقد ترجم (العقيقة) إلى الفرنسية الجنرال الفرنسي، فور بيكي، ونشرها مع دراسة سنة 1901.
أو من سماهم برجال الشر والطلاح، وقد شرح هذه القصيدة العامية تلميذه الشيخ محمد بن سليمان، ومن حسن الحظ أننا اطلعنا ودرسنا هذه القصيدة وشرحها (1)، وقد اشتهر في تلمسان خلال القرن الثاني عشر ثلاثة شعراء شعبيين وهم: محمد بن مسائب، وابن التريكي والزناقي، ونظموا جميعا بالخصوص في المسائل الدينية، كما نظم كل منهم رحلة حجازية (2)، ونعتقد أن للشعر الملحون مجالات أخرى لم نشر إليها كالغزل. أما الرثاء فالمعروف أن أحد الشعرء قد نظم قصيدة (قالوا العرب قالوا) في رثاء صالح باي الذي كان محبوبا عند معظم أهل قسنطينة لأن مأساة وفاته قد أثارت عواطفهم نحوه.
ورغم أن الشعر الشعبي ليس من أهداف هذه الدراسة لخروجه عن الثقافة الأدبية كما لاحظنا، فإن دراسته تكشف عن كثير من الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد في العهد العثماني. فالقصيدة الشعبية من هذه الزاوية وثيقة هامة تدرس من خلالها الحياة كما صورها الشاعر وتؤخذ منها المعلومات والمواقف ثم تترك. والشعر الشعبي مهم من حيث تسجيله لمشاعر الناس ضد أو مع العثمانيين، ومواقف الجهاد ضد العدو الخارجي، وتطور الحياة الدينية، فالعودة إلى الشعر الشعبي ضرورة من ضرورات البحث، ولكنه لا يدرس كنموذج أدبي أو فني نستشف من خلاله رقي الثقافة وسمو الذوق والمشاعر وجمال التعبير والتصوير، أو نستدل به على تقدم الشعب.
(1) انظر دراستنا عن كتاب (كعبة الطائفين) في كتابنا (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر)، الجزائر 1978، وقد أثار إلى قصيدة (حزب العارفين) أيضا أبو راس وابن سحنون.
(2)
انظر دراستنا (الرحلات الجزائرية الحجازية في العهد العثماني) في كتابنا (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر) وعن ابن مسائب بالخصوص انظر محمد بن أبي شنب (المجلة الإفريقية)، 1900، 259 - 282. انظر أيضا مجلة (آمال) عدد خاص بالشعر الملحون عدد 4، 1969، وتوفي ابن مسائب سنة 1170. وكان في صغره ينظم الشعر المعروف بالحوزي ثم تحول إلى الشعر الديني.