المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل ذكر ولاية بني إسماعيل الكعبة من بعده وأمر جرهم - تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف

[ابن الضياء]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمَة الْمُؤلف

- ‌الْبَاب الأول تَارِيخ مَكَّة المشرفة وَمَا يتَعَلَّق بِالْكَعْبَةِ الشَّرِيفَة وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَغير ذَلِك على سَبِيل الِاخْتِصَار

- ‌فصل: ذكر مَا كَانَت الْكَعْبَة عَلَيْهِ فَوق المَاء قبل خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض

- ‌فصل: ذكر بِنَاء الْمَلَائِكَة الْكَعْبَة قبل آدم ومبتدأ الطّواف

- ‌فصل: ذكر هبوط آدم عليه السلام إِلَى الأَرْض وبنائه الْكَعْبَة وحجه وطوافه بِالْبَيْتِ

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي رفع الْبَيْت الْمَعْمُور من الْغَرق وَبِنَاء ولد آدم الْبَيْت بعده وَطواف سفينة نوح بِالْبَيْتِ، وَأثر الْكَعْبَة بَين نوح وَإِبْرَاهِيم وَاخْتِيَار إِبْرَاهِيم عليه السلام مَوضِع الْبَيْت

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي إسكان إِبْرَاهِيم ابْنه إِسْمَاعِيل وَأمه فِي بَدْء أمره عِنْد الْبَيْت

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي نزُول جرهم مَعَ أم إِسْمَاعِيل الْحرم

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي بِنَاء إِبْرَاهِيم الْكَعْبَة

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي حج إِبْرَاهِيم وطوافه وأذانه فِي الْحَج

- ‌فصل ذكر ولَايَة بني إِسْمَاعِيل الْكَعْبَة من بعده وَأمر جرهم

- ‌فصل ذكر ولَايَة خُزَاعَة الْكَعْبَة بعد جرهم وَأمر مَكَّة

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي عبَادَة بني إِسْمَاعِيل الْحِجَارَة وتغيير دين إِبْرَاهِيم

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي أول من نصب الْأَصْنَام فِي الْكَعْبَة والاستقسام بالأزلام

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي أول من نصب الْأَصْنَام وَمَا كَانَ من كسرهَا

- ‌فصل: مسيرَة تبع إِلَى مَكَّة

- ‌فصل: مُبْتَدأ حَدِيث الْفِيل

- ‌فصل ذكر الْفِيل حِين ساقته الْحَبَشَة

- ‌فصل: ذكر بِنَاء قُرَيْش الْكَعْبَة فِي الْجَاهِلِيَّة

- ‌فصل: ذكر الْوَقْت الَّذِي كَانُوا يفتحون فِيهِ الْكَعْبَة وَأول من خلع النَّعْل عِنْد دُخُولهَا

- ‌فصل: ذكر بِنَاء الزبير الْكَعْبَة وَمَا زَاد فِيهَا وَمَا نقص مِنْهَا الْحجَّاج

- ‌فصل: ذكر الْجب الَّذِي كَانَ فِي الْكَعْبَة وَمَالهَا الَّذِي كَانَ فِيهِ

- ‌فصل ذكر من كسا الْكَعْبَة فِي الْجَاهِلِيَّة

- ‌فصل ذكر من كساها فِي الْإِسْلَام وطيبها وخدمها

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي تَجْرِيد الْكَعْبَة

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي أَسمَاء الْكَعْبَة وَأَن لَا يبْنى بَيت يشرف عَلَيْهِ

- ‌فصل: ذكر أول من استصبح حول الْكَعْبَة وَفِي الْمَسْجِد الْحَرَام

- ‌فصل: ذكر ذرع الْكَعْبَة من دَاخل وخارج

- ‌فصل: ذكر مَا يَدُور بِالْحجرِ الْأسود من الْفضة

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي مقَام إِبْرَاهِيم عليه السلام

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي مَوضِع الْمقَام وَكَيف رده عمر إِلَى مَوْضِعه هَذَا

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي الذَّهَب الَّذِي على الْمقَام وَمن جعله عَلَيْهِ

- ‌فصل ذكر ذرع الْمقَام

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي إِخْرَاج جِبْرِيل زَمْزَم لأم إِسْمَاعِيل " ويروى لَهَا

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي حفر عبد الْمطلب بن هَاشم زَمْزَم

- ‌فصل: ذكر علاج زَمْزَم فِي الْإِسْلَام

- ‌فصل: ذكر فضل زَمْزَم وخواصها

- ‌فصل: ذكر ذرع بِئْر زَمْزَم

- ‌فصل: ذكر سِقَايَة الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رضي الله عنه

- ‌فصل: ذكر حد الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَا يتَعَلَّق بِالنَّوْمِ وَالْوُضُوء فِيهِ وَأول من أدَار الصُّفُوف حول الْكَعْبَة

- ‌فصل: ذكر مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمَسْجِد الْحَرَام وسعته وعمارته إِلَى أَن صَار على مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآن

- ‌فصل: ذكر عمل عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان رضي الله عنهما

- ‌فصل: ذكر بُنيان ابْن الزبير وَعبد الْملك بن مَرْوَان

- ‌فصل: ذكر عمل الْوَلِيد بن عبد الْملك

- ‌فصل: عمل أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي جَعْفَر الْمَنْصُور

- ‌فصل: ذكر زِيَادَة الْمهْدي الأولى

- ‌فصل: ذكر زِيَادَة الْمهْدي الثَّانِيَة

- ‌فصل: ذكر ذرع الْمَسْجِد الْحَرَام

- ‌فصل: ذكر عدد أساطين الْمَسْجِد الْحَرَام الَّتِي بالرواقات غير الزيادتين وَغير الأساطين الَّتِي بِصَحْنِ الْمَسْجِد فِي الْمَسْجِد الْحَرَام الْآن غير الزيادتين وَغير أساطين المطاف الشريف

- ‌فصل: ذكر عدد أَبْوَاب الْمَسْجِد وأسمائها وصفتها

- ‌فصل: ذكر منارات الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَا وضع فِيهِ لمصْلحَة الْمَسْجِد الْحَرَام الْآن

- ‌فصل: وَمن ذَلِك المنابر الَّتِي يخْطب عَلَيْهَا

- ‌فصل: وَمن ذَلِك المقامات الَّتِي هِيَ الْآن بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام

- ‌فصل: ذكر درج الصَّفَا والمروة

- ‌فصل: ذكر آيَات الْبَيْت الْحَرَام زَاده الله تَشْرِيفًا وتعظيما

- ‌فصل: فِي ذكر الْأَمَاكِن الْمُبَارَكَة بِمَكَّة المشرفة وحرمها وقربه الَّتِي يسْتَحبّ زيارتها وَالصَّلَاة وَالدُّعَاء فِيهَا رَجَاء بركتها

- ‌فصل: ذكر السقايات بِمَكَّة المشرفة وحرمها

- ‌فصل: ذكر البرك بِمَكَّة وحرمها

- ‌فصل: ذكر الْآبَار بِمَكَّة وحرمها

- ‌فصل: ذكر عُيُون مَكَّة

- ‌فصل: ذكر الْمَطَاهِر الَّتِي تمكن بِمَكَّة المشرفة مطاهر

- ‌الْبَاب الثَّانِي تَارِيخ الْمَدِينَة وَمَا يتَعَلَّق بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ الشريف والحجرة المقدسة والمنبر الشريف وزيارة النَّبِي صلى الله عليه وسلم ومزارات الْمَدِينَة والجوار بهَا وآداب الرُّجُوع. وَفِيه عشرَة فُصُول

- ‌الْفَصْل الأول: فِي أول سَاكِني الْمَدِينَة وسكنى الْيَهُود الْحجاز ثمَّ نزُول الْأَوْس والخزرج بِالْمَدِينَةِ

- ‌ذكر أول من نزل الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌ذكر سُكْنى الْيَهُود الْحجاز بعد العماليق

- ‌ذكر نزُول الْأَوْس والخزرج الْمَدِينَة

- ‌ذكر من قتل الْيَهُود واستيلاء الْأَوْس والخزرج على الْمَدِينَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي: ذكر فتح الْمَدِينَة وهجرة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه إِلَيْهَا

- ‌ذكر مَا جَاءَ فِي فتحهَا

- ‌ذكر هِجْرَة النَّبِي إِلَى الْمَدِينَة صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل الثَّالِث: حُرْمَة الْمَدِينَة وغبارها وتمرها وحدود حرمهَا فِي مَا جَاءَ فِي حُرْمَة الْمَدِينَة وغبارها وتمرها ودعائه صلى الله عليه وسلم لَهُم بِالْبركَةِ وَمَا يؤول إِلَيْهِ أمرهَا وحدود حرمهَا:

- ‌ذكر حُرْمَة الْمَدِينَة المشرفة

- ‌مَا جَاءَ فِي غُبَار الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌مَا جَاءَ فِي تمر الْمَدِينَة وثمارها ودعائه صلى الله عليه وسلم لَهَا بِالْبركَةِ

- ‌ذكر مَا يؤول إِلَيْهِ أَمر الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌مَا جَاءَ فِي تَحْدِيد حُدُود حرم الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل الرَّابِع: ذكر أَوديَة الْمَدِينَة الشَّرِيفَة وآبارها المنسوبة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعينها وَذكر جبل أحد وَالشُّهَدَاء عِنْده

- ‌ذكر وَادي العقيق وفضله

- ‌ذكر الْآبَار المنسوبة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر عين النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس: ذكر جلاء بني النَّضِير من الْمَدِينَة وحفر الخَنْدَق وَقتل بني قُرَيْظَة بِالْمَدِينَةِ

- ‌ذكر جلاء بني النَّضِير من الْمَدِينَة

- ‌ذكر حفر الخَنْدَق

- ‌ذكر قتل بني قُرَيْظَة بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌ذكر ابْتِدَاء بِنَاء مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مَا جَاءَ فِي قبْلَة مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر حجر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مصلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من اللَّيْل

- ‌ذكر قصَّة الْجذع

- ‌ذكر مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وروضته الشَّرِيفَة

- ‌ذكر سد الْأَبْوَاب الشوارع فِي الْمَسْجِد

- ‌ذكر تجمير الْمَسْجِد الشريف وتخليقه

- ‌ذكر مَوضِع تأذين بِلَال رضي الله عنه

- ‌ذكر أهل الصّفة

- ‌ذكر زِيَادَة عمر بن الْخطاب فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر بطحاء مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر زِيَادَة عُثْمَان رضي الله عنه

- ‌ذكر زِيَادَة الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان

- ‌ذكر زِيَادَة الْمهْدي

- ‌ذكر بلاعات الْمَسْجِد وستائر صحنه والسقايات الَّتِي كَانَت فِيهِ

- ‌ذكر احتراق الْمَسْجِد الشريف

- ‌ذكر الخوخ والأبواب الَّتِي كَانَت فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ذرع الْمَسْجِد الْيَوْم وَعدد أساطينه وطيقانه وَذكر حُدُود الْمَسْجِد الْقَدِيم

- ‌ذكر أسوار الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌ذكر الْمَسَاجِد الْمَعْرُوفَة بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة

- ‌ذكر مَسَاجِد صلى فِيهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ المشرفة

- ‌ذكر الْمَسَاجِد الَّتِي صلى فِيهَا صلى الله عليه وسلم بَين مَكَّة وَالْمَدينَة

- ‌ذكر الْمَسَاجِد الْمَشْهُورَة الَّتِي صلى فِيهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْغَزَوَات وَغَيرهَا

- ‌الْفَصْل الثَّامِن

- ‌أما ذكر وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر وَفَاة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه

- ‌ذكر وَفَاة عمر رضي الله عنه

- ‌مَا جَاءَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَبا بكر وَعمر رضي الله عنهما وَعِيسَى عليه السلام خلقُوا من طِينَة وَاحِدَة وَأَن كل مَخْلُوق يدْفن فِي تربته الَّتِي خلق مِنْهَا

- ‌مَا جَاءَ فِي صفة وضع الْقُبُور المقدسة وَصفَة الْحُجْرَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل التَّاسِع

- ‌ذكر حكم زِيَارَة النَّبِي وفضلها صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌وَأما كَيْفيَّة زيارته صلى الله عليه وسلم وزيارة ضجيعيه رضي الله عنهما

- ‌كَيْفيَّة السَّلَام عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم حَال الزِّيَارَة وَالسَّلَام على ضجيعيه رضي الله عنهما

الفصل: ‌فصل ذكر ولاية بني إسماعيل الكعبة من بعده وأمر جرهم

إِذا أَسْفر غير مشرق دفع بِهِ وبمن مَعَه يرِيه ويعلمه كَيفَ يَرْمِي الْجمار حَتَّى فرغ من الْحَج كُله، ثمَّ انْصَرف إِبْرَاهِيم رَاجعا إِلَى الشَّام فَتوفي بهَا.

‌فصل ذكر ولَايَة بني إِسْمَاعِيل الْكَعْبَة من بعده وَأمر جرهم

قَالَ ابْن إِسْحَاق: ولد لإسماعيل بن إِبْرَاهِيم اثْنَا عشر رجلا، وأمهم السيدة بنت مضاض بن عَمْرو الجرهمي، ثَابت بن إِسْمَاعِيل وقيدار وواصل وميّاش وطيما وقطور وَقيس وقيدمان، وَكَانَ عمر إِسْمَاعِيل مائَة وَثَلَاثِينَ سنة، فَمن ثَابت وقيدار نشر الله الْعَرَب، وَكَانَ أكبرهم قيدار وثابت وَكَانَ من حَدِيث جرهم وَبني إِسْمَاعِيل: أَن إِسْمَاعِيل لما توفّي دفن فِي الْحجر مَعَ أمه فولى الْبَيْت ثَابت بن إِسْمَاعِيل مَا شَاءَ الله أَن يَلِيهِ، ثمَّ توفّي ثَابت بن إِسْمَاعِيل فولى بعده مضاض بن عَمْرو الجرهمي وَهُوَ جد ثَابت بن إِسْمَاعِيل أَبُو أمه وَضم بني ثَابت وَبني إِسْمَاعِيل إِلَيْهِ فصاروا مَعَ جدهم أبي أمّهم مضاض بن عَمْرو وَمَعَ أخوالهم من جرهم، وجرهم وقطوراً يَوْمئِذٍ أهل مَكَّة، وعَلى جرهم مضاض بن عَمْرو ملكا عَلَيْهِم، وعَلى قطورا رجلا مِنْهُم يُقَال لَهُ: السَّميدع ملكا عَلَيْهِم، وَكَانَ حِين ظعنا من الْيمن أَقبلَا سيارة، وَكَانُوا إِذا خَرجُوا من الْيمن لم يخرجهم إِلَّا وَلَهُم ملك يُقيم أَمرهم، فَلَمَّا نزلا مَكَّة رَأيا بَلَدا طيبا وآداماً وشجراً فأعجبهما وَنزلا بِهِ، فَنزل مضاض بن عَمْرو بِمن مَعَه من جرهم أَعلَى مَكَّة وقيقعان فَمَا حَاز ذَلِك، وَنزل السميدع أجيادين وأسفل مَكَّة فَمَا حَاز ذَلِك، وكل فِي قومه على حياله لَا يدْخل وَاحِد مِنْهُم على صَاحبه فِي ملكه، ثمَّ إِن جرهما وقطوراً بغى بَعضهم على بعض وتنافسوا الْملك فَاقْتَتلُوا بهَا حَتَّى نشبت الْحَرْب بَينهم على الْملك، وولاة الْأَمر بِمَكَّة مَعَ مضاض بن عَمْرو بَنو ثَابت بن إِسْمَاعِيل وَبَنُو إِسْمَاعِيل وَإِلَيْهِ ولَايَة الْبَيْت دون السميدع، فَلم يزل الْبَغي حَتَّى سَار بَعضهم إِلَى بعض

ص: 49

فَخرج مضاض بن عَمْرو من قيقعان فِي كَتِيبَة سائراً إِلَى السميدع وَمَعَ كتيبته عدتهَا من الرماح والدرق وَالسُّيُوف والجعاب يقعقع ذَلِك مَعَهم، وَيُقَال: مَا سميت قيقعان إِلَّا بذلك، وَخرج السميدع بقطوراً من أجياد مَعَه الْخَيل وَالرِّجَال، وَقيل: مَا سمي أجياداً إِلَّا لخُرُوج الْخَيل الْجِيَاد مَعَ السميدع حَتَّى الْتَقَوْا بفاضح فَاقْتَتلُوا قتالاً شَدِيدا فَقتل السميدع وفضحت قطوراً، وَيُقَال: مَا سمي فاضحاً إِلَّا بذلك ثمَّ إِن الْقَوْم تداعوا إِلَى الصُّلْح فَسَارُوا حَتَّى نزلُوا للصالح شعب بِأَعْلَى مَكَّة يُقَال لَهُ: شعب عبد الله بن عَامر بن كويز، فَاصْطَلَحُوا بذلك الشّعب، وَأَسْلمُوا الْأَمر إِلَى مضاض بن عَمْرو فَلَمَّا جمع أَمر أهل مَكَّة وَصَارَ ملكهَا لَهُ دون السميدع نحر للنَّاس وأطعمهم فطبخ النَّاس وأكلوا، فَيُقَال: مَا سمي المطابخ مطابخاً إِلَّا بذلك، وَكَانَ الَّذِي بَين عَمْرو والسميدع أول بغي كَانَ بِمَكَّة فِيمَا يَزْعمُونَ، وَقيل: إِنَّمَا سميت المطابخ؛ لِأَن تبع نحر بهَا وَأطْعم وَكَانَت منزله بِمَكَّة، ثمَّ نشر الله تَعَالَى بني إِسْمَاعِيل عليه السلام بِمَكَّة وأخوالهم جرهم إِذْ ذَاك هم الْحُكَّام وولاة الْبَيْت، فَلَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِم مَكَّة وانتشروا بهَا انبسطوا فِي الأَرْض وابتغوا المعاش والتفسح فِي الأَرْض، فَلَا يأْتونَ قوما، وَلَا ينزلون بَلَدا إِلَّا أظهرهم الله عز وجل عَلَيْهِم بدينهم فوطئوهم وغلبوهم عَلَيْهَا حَتَّى ملئوا الْبِلَاد وَنَفَوْا عَنْهَا العماليق وَمن كَانَ سَاكِنا بِلَادهمْ الَّتِي كَانُوا اصْطَلحُوا عَلَيْهَا من غَيرهم، وجرهم على ذَلِك بِمَكَّة وُلَاة الْبَيْت لَا ينازعهم إِيَّاه بَنو إِسْمَاعِيل لخؤوليتهم وقرابتهم. قَالَ بعض أهل الْعلم: كَانَت العماليق هُوَ وُلَاة الحكم بِمَكَّة فضيعوا حُرْمَة الْحرم، وَاسْتَحَلُّوا مِنْهُ أموراً عظاماً ونالوا مَا لم يَكُونُوا ينالون، فَقَامَ رجل مِنْهُم

ص: 50

يُقَال لَهُ: عُمُوم فَقَالَ: يَا قوم أَبقوا على أَنفسكُم فقد رَأَيْتُمْ وسمعتم من أهلك من صدر الْأُمَم قبلكُمْ قوم هود وَصَالح وَشُعَيْب، فَلَا تَفعلُوا وتواصلوا وَلَا تستخفوا بحرم الله وَمَوْضِع بَيته، وَإِيَّاكُم وَالظُّلم والإلحاد فِيهِ، فَإِنَّهُ مَا سكنه أحد قطّ فظلك فِيهِ وألحد إِلَّا قطع الله دابرهم واستأصل شأفتهم وَبدل أرْضهَا غَيرهم حَتَّى لَا يبْقى لَهُم بَاقِيَة، فَلم يقبلُوا ذَلِك مِنْهُ وتمادوا فِي هلكة أنفسهم، ثمَّ إِن جرهماً وقطوراً خَرجُوا سيارة من الْيمن وأجدبت عَلَيْهِم فَسَارُوا بذراريهم وأنفسهم وَأَمْوَالهمْ، وَقَالُوا: نطلب مَكَانا فِيهِ مرعى تسمن فِيهِ ماشيتنا إِن أعجبنا أَقَمْنَا فِيهِ وَإِلَّا رَجعْنَا إِلَى بِلَادنَا، فَلَمَّا قدمُوا مَكَّة وجدوا فِيهَا مَاء معينا وعضاة ملتفة من سلم وَسمر، ونباتاً أسمن مَوَاشِيهمْ وسعة من الْبِلَاد ودفئاً من الْبرد فِي الشتَاء، قَالُوا إِن هَذَا الْموضع يجمع لنا مَا نُرِيد فأقاموا مَعَ العماليق، وَكَانَ لَا يخرج من الْيمن قوم إِلَّا وَلَهُم ملك يُقيم أَمرهم، وَكَانَ ذَلِك سنة فيهم وَلَو كَانُوا نَفرا يَسِيرا، فَكَانَ مضاض بن عَمْرو ملك جرهم وَكَانَ السميدع ملك قطوراً فَنزل مضاض بن عَمْرو على مَكَّة، فَكَانَ يعشر من دَخلهَا من أَعْلَاهَا وَكَانَ حوزهم وَجه الْكَعْبَة والركن الْأسود وَالْمقَام وَمَوْضِع زَمْزَم مصعد يَمِينا وَشمَالًا وقيقعان إِلَى أَعلَى الْوَادي، وَنزل السميدع أَسْفَل مَكَّة وأجيادين وَكَانَ يعشر من دخل مَكَّة من أَسْفَلهَا، وَكَانَ حوزهم المسفلة وَظهر الْكَعْبَة والركن الْيَمَانِيّ والغربي وأجيادين فبنيا فِيهَا الْبيُوت واتسعا فِي الْمنَازل وكثروا على العماليق، فنازعتهم العماليق فمنعتهم جرهم وأخرجوهم من الْحرم كُله فَكَانُوا فِي أَطْرَافه لَا يدخلونه، فَقَالَ لَهُم صَاحبهمْ عَمْرو: ألم أقل لكم لَا تستخفوا بِحرْمَة الْحرم فغلبتموني؟ فَجعل مضاض والسميدع يقْطَعَانِ الْمنَازل لمن ورد عَلَيْهِمَا من حولهما فَوْقهمَا وكثروا وربلوا وأعجبهم الْبِلَاد، وَكَانُوا قوما عربا وَكَانَ اللِّسَان عَرَبيا، فَكَانَ إِبْرَاهِيم عليه السلام يزور إِسْمَاعِيل، فَلَمَّا سمع لسانهم وإعرابهم سمع لَهُم كلَاما حسنا وَرَأى قوما عربا، وَكَانَ إِسْمَاعِيل قد أَخذ بلسانهم، فَأمر

ص: 51

إِسْمَاعِيل أَن ينْكح فيهم فَخَطب إِلَى مضاض بن عَمْرو ابْنَته رعلة فَزَوجهُ إِيَّاهَا، فَولدت لَهُ عشرَة ذُكُور وَهِي الَّتِي غسلت رَأس إِبْرَاهِيم حِين وضع رجله على الْمقَام، وَتُوفِّي إِسْمَاعِيل وَترك ولدا من رعلة بنت مضاض بن عَمْرو فَقَامَ مضاض بِأَمْر ولد إِسْمَاعِيل وكفلهم؛ لأَنهم بَنو ابْنَته، فَلم يزل أَمر جرهم يعظم بِمَكَّة ويستفحل حَتَّى ولوا الْبَيْت فَكَانُوا ولاته وحجابه وولاة الْأَحْكَام بِمَكَّة، فجَاء سيل فَدخل الْبَيْت فانهدم فأعادته جرهم على بِنَاء إِبْرَاهِيم عليه السلام، وَكَانَ طوله فِي السَّمَاء تِسْعَة أَذْرع وَقَالَ بعض أهل الْعلم: كَانَ الَّذِي بنى الْبَيْت لجرهم أَبُو الجدرة فيمس عَمْرو " الجادر " وَسمي بنوه " الجدرة "، ثمَّ إِن جرهم استخفت بِأَمْر الْبَيْت وَالْحرم وارتكبوا أموراً عَظِيمَة وأحدثوا فِيهَا أحداثاً لم تكن، فَقَامَ مضاض بن عَمْرو بن الْحَارِث فيهم خَطِيبًا فَقَالَ: يَا قوم احْذَرُوا الْبَغي فَإِنَّهُ لَا بَقَاء لأَهله قد رَأَيْتُمْ من كَانَ قبلكُمْ استخفوا بِالْحرم فَلم يعظموه وَتَنَازَعُوا بَينهم وَاخْتلفُوا، حَتَّى سلطكم الله عَلَيْهِم فأخرجتموهم فَتَفَرَّقُوا فِي الْبِلَاد فَلَا تستخفوا بِحَق الْحرم وَحُرْمَة الْبَيْت، فَإِنَّكُم إِن فَعلْتُمْ ذَلِك تخوفت أَن تخْرجُوا مِنْهُ خُرُوج ذل وصغار حَتَّى لَا يقدر أحد مِنْكُم أَن يصل إِلَى الْحرم وَلَا إِلَى زِيَارَة الْبَيْت، فَقَالَ قَائِل مِنْهُم يُقَال لَهُ: مخدع: من الَّذِي يخرجنا مِنْهُ؟ أَلسنا أعز الْعَرَب وَأَكْثَرهم رجَالًا وأموالاً وسلاحاً؟ فَقَالَ مضاض بن عَمْرو: إِذا جَاءَ الْأَمر بَطل مَا تَقولُونَ. فَلم يقتصروا على شَيْء مِمَّا كَانُوا يصنعون، وَكَانَ للبيت خزانَة تبر فِي بَطنهَا يلقى فِيهَا الحلى وَالْمَتَاع الَّذِي يعدي لَهُ وَهُوَ يَوْمئِذٍ لَا سقف لَهُ، فتواعد لَهُ خَمْسَة نفر من جرهم أَن يسرقوا مَا فِيهِ على كل زَاوِيَة من الْبَيْت رجل مِنْهُم واقتحم الْخَامِس فَجعل الله عز وجل أَعْلَاهُ أَسْفَله وَسقط مُنَكسًا على ذَلِك، وَقيل: لما دخل الْبِئْر سقط عَلَيْهِ حجر من شَفير الْبِئْر فحبسه فِيهَا، وفر الْأَرْبَعَة. قَالَ آخَرُونَ: فَعِنْدَ ذَلِك مسخت الْأَركان الْأَرْبَعَة فَلَمَّا كَانَ من أَمر هَؤُلَاءِ الَّذين حاولوا سَرقَة مَا فِي خزانَة الْكَعْبَة مَا كَانَ، بعث الله سُبْحَانَهُ حَيَّة سَوْدَاء الظّهْر بَيْضَاء الْبَطن رَأسهَا مثل رَأس الجدي فحرست الْبَيْت خَمْسمِائَة سنة لَا يقربهُ أحد بِشَيْء من معاصي الله تَعَالَى إِلَّا أهلكه الله وَلَا يقدر أحد على سَرقَة مَا كَانَ فِي الْكَعْبَة وَسَيَأْتِي قصَّة رفع الْحَيَّة عِنْد بِنَاء قُرَيْش الْكَعْبَة وَلما طغت جرهم فِي الْحرم دخل رجل مِنْهُم وَامْرَأَة يُقَال لَهما: إساف ونائلة الْبَيْت ففجرا فِيهِ، وَقيل: لم يفجر بهَا فِي الْبَيْت وَلَكِن قبّلها، فمسخهما الله حجرين فأخرجا

ص: 52