الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بذلك. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: وَكَانَ يدعى الْبَيْت قادسياً، ويدعى بادراً، ويدعى الْقرْيَة الْقَدِيمَة. انْتهى. وَيُسمى بكة على قَول، وَأما مَكَّة فَهِيَ الْقرْيَة. وَذكر صَاحب الْمَشَارِق: من أسمائها البنية وبنية إِبْرَاهِيم، وبنية أبي طَالب. وَعَن شيبَة بن عُثْمَان: أَنه كَانَ يشرف فَلَا يرى بَيْتا مشرفاً على الْكَعْبَة إِلَّا أَمر بهدمه. وَعَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فِي نَاحيَة الْمَسْجِد الْحَرَام إِذْ نظر إِلَى بَيت مشرف على أبي قبيس فَقَالَ: أَبيت ذَلِك؟ قلت: نعم. قَالَ: إِذا رَأَيْت بيوتها يَعْنِي بذلك مَكَّة قد علت أخشبها، وفجرت بطونها أَنهَارًا فقد أزف الْأَمر. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: وحَدثني جدي قَالَ: لما أَن بنى الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس رضي الله عنه دَاره الَّتِي بِمَكَّة على الصيارفة حِيَال الْمَسْجِد الْحَرَام، أَمر قوامه أَن لَا يرفعوها فيشرفوا بهَا على الْكَعْبَة، وَأَن يجْعَلُوا أَعْلَاهَا دون الْكَعْبَة فَتكون دونهَا؛ إعظاماً للكعبة أَن تشرف عَلَيْهَا، فَلم تبْق بِمَكَّة دَار لسلطان وَلَا غَيره حول الْمَسْجِد تشرف على الْكَعْبَة إِلَّا هدمت وَخَربَتْ إِلَّا هَذِه الدَّار فَإِنَّهَا على حَالهَا إِلَى الْيَوْم.
فصل: ذكر أول من استصبح حول الْكَعْبَة وَفِي الْمَسْجِد الْحَرَام
عَن مُسلم بن خَالِد الزنْجِي قَالَ: بلغنَا أَن أول من استصبح لأهل الطّواف فِي الْمَسْجِد الْحَرَام عقبَة بن الْأَزْرَق بن عَمْرو الغساني، وَكَانَت دَاره لاصقة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام من نَاحيَة وَجه الْكَعْبَة، وَالْمَسْجِد يَوْمئِذٍ ضيق لَيْسَ بَين جدر الْمَسْجِد وَبَين الْمَسْجِد الْحَرَام الْمقَام إِلَّا شَيْء يسير، فَكَانَ يضع على حرف دَاره مصباحاً كَبِيرا يستصبح فِيهِ فيضيء لَهُ وَجه الْكَعْبَة وَالْمقَام وَأَعْلَى الْمَسْجِد. وَأول من أجْرى لِلْمَسْجِدِ قناديل وزيتاً مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان. فَلم يزل يضع عقبَة بن الْأَزْرَق ذَلِك الْمِصْبَاح على حرف الدَّار حَتَّى كَانَ خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي فَوضع مِصْبَاح زَمْزَم مُقَابل الرُّكْن الْأسود فِي خلَافَة عبد الْملك بن مَرْوَان، وَدخلت تِلْكَ الدَّار فِي الْمَسْجِد حِين وَسعه ابْن الزبير ثمَّ الْمهْدي الأول، فَرفع ذَلِك
الْمِصْبَاح الَّذِي كَانَ يوضع على حرف الدَّار. وَكَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يَأْمر النَّاس لَيْلَة هِلَال الْمحرم يوقدون النَّار فِي فجاج مَكَّة ويضعون المصابيح للمعتمرين مَخَافَة السرق. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: فَلم يزل مِصْبَاح زَمْزَم على عَمُود طَوِيل مُقَابل الرُّكْن الْأسود الَّذِي وَضعه خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي، فَلَمَّا كَانَ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان على مَكَّة فِي خلَافَة الْمَأْمُون فِي سنة سِتّ عشرَة وَمِائَتَيْنِ وضع عموداً طَويلا مُقَابِله بحذاء الرُّكْن الغربي، فَلَمَّا ولي مَكَّة مُحَمَّد بن دَاوُد دعل عمودين طويلين أَحدهمَا بحذاء الرُّكْن الْيَمَانِيّ وَالْآخر بحذاء الرُّكْن الشَّامي، فَلَمَّا ولي هَارُون الواثق بِاللَّه أَمر بعمد من شبه طوال عشرَة فَجعلت حول المطاف؛ ليستصبح عَلَيْهَا لأهل الطّواف، وَأمر بثمان ثريات كبار يستصبح فِيهَا وَتعلق فِي الْمَسْجِد الْحَرَام فِي كل وَجه اثْنَتَانِ. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: وَأول من استصبح بَين الصَّفَا والمروة خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي فِي خلَافَة سُلَيْمَان بن عبد الْملك، وَكَانَ حول الطّواف عشرَة أعمدة من صفر يستصبح بهَا على أهل الطّواف بعث بهَا الواثق العباسي. انْتهى كَلَامه. وَأما عَددهَا الْيَوْم فاثنان وَثَلَاثُونَ اسطوانة ثَمَانِيَة عشر مِنْهَا آجر مجصص، وَأَرْبَعَة عشر مِنْهَا حِجَارَة منحوتة دقيقة، وَبَين كل وَاحِدَة من الأساطين خَشَبَة ممدودة راكبة عَلَيْهَا وعَلى الَّتِي بإزائها لأجل الْقَنَادِيل الَّتِي تعلق فِيهَا للاستصباح، وَكَانَ فِي مَوضِع هَذِه الأساطين قبل ذَلِك أخشاب على صفة الأساطين، وَسبب عَملهَا هُوَ الاستضاءة بالقناديل على الطَّائِفَتَيْنِ حول الْكَعْبَة. قَالَ عز الدّين بن جمَاعَة: والأساطين الَّتِي حول المطاف الشريف أحدثت للاستضاءة بالقناديل الَّتِي تعلق بَينهَا بعد الْعشْرين وَسَبْعمائة، وَكَانَت من خشب وَخمسين وَسَبْعمائة فألتمتها ثمَّ جددت فِيهَا. انْتهى.