الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي هَذِه الْأمة مَا يعِيش فَيَمُوت بمدينتي هَذِه، ويدفن إِلَى جَانب قبر عمر، فطوبى لأبي بكر وَعمر يحشران بَين نبيين " فَانْظُر إِلَى هَذَا الْفضل الْعَظِيم وَعَن هَارُون بن مُوسَى العروي. قَالَ: سَمِعت جدي أَبَا عَلْقَمَة سُئِلَ كَيفَ كَانَ النَّاس يسلمُونَ على النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبل أَن يدْخل الْبَيْت فِي الْمَسْجِد؟ فَقَالَ: كَانَ يقف النَّاس عِنْد بَاب الْبَيْت يسلمُونَ عَلَيْهِ، وَكَانَ الْبَاب لَيْسَ عَلَيْهِ غلق حَتَّى هَلَكت عَائِشَة رضي الله عنها وَقيل: كَانَ النَّاس يَأْخُذُونَ من تُرَاب قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأمرت عَائِشَة رضي الله عنها بجدار فَضرب عَلَيْهِم. ويروى أَن امْرَأَة قَالَت لعَائِشَة: اكشفي لي قبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فكشفته لَهَا فَبَكَتْ حَتَّى مَاتَت.
مَا جَاءَ فِي صفة وضع الْقُبُور المقدسة وَصفَة الْحُجْرَة الشَّرِيفَة
: سَبَب الِاخْتِلَاف فِي ذَلِك شدَّة هَيْبَة تلْحق النَّاظر فتزيل مِنْهُ كَيْفيَّة التَّمْيِيز، كَمَا سُئِلَ بعض من نزل الْحُجْرَة المقدسة لسَبَب يَأْتِي فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا رَأَيْت. عَن عمر بن بطاس قَالَ: رَأَيْت قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما هدم عمر بن عبد الْعَزِيز عَنهُ الْبَيْت مرتفعاً نَحوا من أَربع أَصَابِع عَلَيْهِ حَصْبَاء إِلَى الْحمرَة مَا هِيَ، وَرَأَيْت قبر أبي بكر رضي الله عنه وَرَاء قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَرَأَيْت قبر عمر أَسْفَل مِنْهُ، وَهَذِه صفته:
قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبر أبي بكر رضي الله عنه قبر عمر بن الْخطاب رضي الله عنه وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: رَأس النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَلِي الْمغرب، وَرَأس أبي بكر عِنْد رجل النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَعمر خلف ظهر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهَذِه صفته: قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه أَبُو بكر رضي الله عنه وَعَن نَافِع بن أبي نعيم: أَن صفة قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم أمامهما إِلَى الْقبْلَة مقدما، ثمَّ قبر أبي بكر حذاء مَنْكِبي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وقبر عمر حذاء مَنْكِبي أبي بكر رضي الله عنهما وَهَذِه صفته: قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبر أَبُو بكر رضي الله عنه قبر عمر رضي الله عنه وَعَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق رضي الله عنه قَالَ: دخلت على عَائِشَة رضي الله عنها فَقلت: يَا أمه أريني قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما فَكشفت لي عَن قُبُورهم فَإِذا هِيَ لَا مُرْتَفعَة وَلَا لاطئة مبطوحة بَيْضَاء حَمْرَاء من بطحاء الْعَرَصَة، وَإِذا قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم أمامها، ورجلا أبي بكر عِنْد رَأس النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَرَأس عمر عِنْد رجْلي النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهَذِه صفته: النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَبُو بكر رضي الله عنه عمر رضي الله عنه وروى ابْن الْمُنْكَدر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ: قبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وقبر أبي بكر خَلفه، وقبر عمر عِنْد رجل النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهَذِه صفته: النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَبُو بكر رضي الله عنه عمر رضي الله عنه وَعَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل قَالَ: خرجت فِي لَيْلَة مطيرة إِلَى الْمَسْجِد حَتَّى إِذا كنت عِنْد دَار الْمُغيرَة بن شُعْبَة لقيتني رَائِحَة وَالله مَا وجدت مثلهَا قطّ، فَجئْت الْمَسْجِد
فَبَدَأت لقبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَإِذا جِدَاره قد انْهَدم، فَدخلت فَسلمت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَكَثت فِيهِ مَلِيًّا، وَرَأَيْت الْقُبُور فَإِذا قبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر عِنْد رجلَيْهِ، وقبر عمر عِنْد رجْلي أبي بكر رضي الله عنهما، وَهَذِه صفته: النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَبُو بكر رضي الله عنه عمر رضي الله عنه وعَلى هَذِه الصّفة الْمَذْكُورَة رُوِيَ عَن عبد الله بن الزبير أَيْضا، وَقد اخْتلفت الرِّوَايَة فِي قَبره صلى الله عليه وسلم هَل هُوَ مسنم أم مسطح؟ فروى الوصفان جَمِيعًا، والمسنم الْمُرْتَفع، وَكَذَلِكَ اخْتلفُوا فِي قبر ضجيعيه رضي الله عنهما. قَالَ الْحَافِظ محب الدّين: وَسقط جِدَار حجرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم الَّذِي يَلِي مَوضِع الْجَنَائِز فِي زمَان عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه، فظهرت الْقُبُور فَأمر عمر بن عبد الْعَزِيز بقباطي فخيطت ثمَّ ستر الْموضع، وَأمر ابْن وردان أَن يكْشف عَن الأساس فَبَيْنَمَا هُوَ يكشفه إِذْ رفع يَده وَتَنَحَّى، فَقَامَ عمر بن عبد الْعَزِيز فَزعًا فَرَأى قدمين وَرَأى الأساس وَعَلَيْهَا السعد، فَقَالَ لَهُ عبد الله بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أَيهَا الْأَمِير لَا يروعك فهما قدما جدك عمر بن الْخطاب ضَاقَ الْبَيْت عَنهُ، فحفر لَهُ فِي الأساس، فَقَالَ لَهُ ابْن وردان: غط مَا رَأَيْت فَفعل. وَعَن هِشَام بن عَوْف عَن أَبِيه قَالَ: لما سقط الْحَائِط فِي زمن الْوَلِيد أخذُوا فِي بُنْيَانه، فبدت لَهُم قدم ففزعوا وظنوا أَنَّهَا قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَالَ لَهُم عُرْوَة: لَا وَالله مَا هِيَ قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم، مَا هِيَ إِلَّا قدم عمر. وَأمر عمر بن عبد الْعَزِيز أَبَا حَفْصَة مولى عَائِشَة رضي الله عنها وناساً مَعَه فبنوا الْجِدَار وَجعلُوا فِيهِ كوَّة فَلَمَّا فرغوا مِنْهُ وربعوه، دخل مُزَاحم مولى عمر رضي الله عنه فَقُمْ مَا سقط على الْقَبْر من التُّرَاب والطين وَنزع
الْقبَاطِي. قَالَ الْحَافِظ محب الدّين: وَبنى عمر بن عبد الْعَزِيز على حجرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَائِطا وَلم يوصله إِلَى السّقف بل دونه بِمِقْدَار أَرْبَعَة أَذْرع وأدار عَلَيْهَا شباكاً من خشب. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: وَبعد احتراق الْمَسْجِد أُعِيد الشباك كَمَا كَانَ أَولا، وَهُوَ يظْهر الْيَوْم لمن تَأمله من تَحت الْكسْوَة، وَأدْخل عمر بن عبد الْعَزِيز بعض بَيت فَاطِمَة رضي الله عنها من جِهَة الشمَال فِي الْحَائِز الَّذِي بناه بحرفاء يلتقي على ركن وَاحِد كَمَا سنبينه، فَصَارَ لَهَا ركن خَامِس، لِئَلَّا تكون الْحُجْرَة الشَّرِيفَة مربعة كالكعبة، فتتصور جهال الْعَامَّة أَن الصَّلَاة إِلَيْهَا كَالصَّلَاةِ إِلَى الْكَعْبَة، وَبَقِي بَقِيَّة من الْبَيْت من جِهَة الشمَال وَفِيه الْيَوْم صندوق مربع من خشب فِيهِ إسطوان وَخَلفه محراب. قَالَ الْحَافِظ محب الدّين: لما ولى المتَوَكل الْخلَافَة أَمر إِسْحَاق بن سَلمَة وَكَانَ على عمَارَة الْحَرَمَيْنِ من قبله بِأَن تؤزر الْحُجْرَة المقدسة بالرخام من حولهَا فَفعل، وَلم يزل إِلَى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة فِي خلَافَة المقتفى، فجدد تأزيرها جمال الدّين الْأَصْبَهَانِيّ وَجعل الرخام حولهَا قامة وبسطة، وَهُوَ الَّذِي عمل الشباك الدائر بالحجرة المقدسة اللاصق بالسقف وَهُوَ الَّذِي احْتَرَقَ وَكَانَ من خشب الصندوق والأبنوس مَكْتُوبًا بأقطاع الْخشب الأراونك سُورَة الْإِخْلَاص صَنْعَة بديعة، وَلم تزل حَتَّى عمل لَهَا الْحُسَيْن بن أبي الهيجاء صهر الْملك الصَّالح ستارة، وَعَلَيْهَا الطرز والجامات المرقومة بالإبريسم، وأدار عَلَيْهَا إزاراً من الإبريسم مَكْتُوبًا فِيهِ سُورَة يس فعلقها نَحْو العامين، ثمَّ جَاءَت من الْخَلِيفَة ستارة فنفذت تِلْكَ الْمُتَقَدّمَة إِلَى مشْهد عليّ بِالْكُوفَةِ وعلقت هَذِه عوضهَا، فَلَمَّا ولى الإِمَام النَّاصِر لدين الله نفذ ستارة أُخْرَى فعلقت فَوق تِلْكَ الْمَذْكُورَة، فَلَمَّا حجت الْخَلِيفَة أم الْخَلِيفَة وعادت إِلَى الْعرَاق نفذت ستارة فعلقت على الستارتين قَالَ ابْن النجار: فَفِي يَوْمنَا هَذَا عَلَيْهَا ثَلَاث ستائر، ثمَّ قَالَ رحمه الله: وَالْيَوْم فِي رصف سقف الْمَسْجِد الَّذِي بَين الْحُجْرَة والقبلة نيّف وَأَرْبَعُونَ قِنْدِيلًا كبارًا وصغاراً من الْفضة المنقوشة
والسادج، وفيهَا اثْنَان بلور وَوَاحِد ذهب وفيهَا قمر فضَّة مغموس فِي الذَّهَب نفذتها الْمُلُوك وأرباب الْأَمْوَال. قَالَ الْمرْجَانِي: وَهِي إِلَى الْآن بَاقِيَة. قَالَ المطري: وَلم يكن على الْحُجْرَة الشَّرِيفَة قبَّة، بل كَانَ مَا حول حجرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَصِيرا فِي السَّطْح مَبْنِيا بالآجر مِقْدَار نصف قامة، يُمَيّز الْحُجْرَة عَن السَّطْح إِلَى سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة فِي دولة السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون عمل هَذِه الْقبَّة، وَهِي أخشاب أُقِيمَت وَسمر عَلَيْهَا أَلْوَاح خشب ثمَّ الواح رصاص، وَعمل مَكَان الْحَصِير شباكاً من خشب وَتَحْته بَين السقفين أَيْضا شباكاً خشب تحكيه، وَفِي سقف الْحُجْرَة الشَّرِيفَة بَين السقفين أَلْوَاح خشب سمر بَعْضهَا إِلَى بعض، وَسمر عَلَيْهَا ثوب مشمع، وَهُنَاكَ طابق مقفل إِذا فتح كَانَ النُّزُول مِنْهُ إِلَى مَا بَين حَائِط بَيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَبَين الْحَائِز الَّذِي بناه عمر بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: وكما حج السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة اقْتضى رَأْيه أَن يُدِير على الْحُجْرَة الشَّرِيفَة درابزيناً، فقاس مَا حولهَا بِيَدِهِ وَعمل الدرابزين الْمَوْجُود الْيَوْم، وأرسله فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وأداره عَلَيْهَا، وَفِيه ثَلَاثَة أَبْوَاب قبلي وشرقي وَغَرْبِيٌّ، ونصبه مَا بَين الأساطين الَّتِي تلِي الْحُجْرَة الشَّرِيفَة إِلَّا من نَاحيَة الشمَال، فَإِنَّهُ زَاد فِيهِ إِلَى متهجد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَظن ذَلِك زِيَادَة حُرْمَة للحجرة المقدسة، فحجر طَائِفَة من الرَّوْضَة مِمَّا يَلِي بَيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَو كَانَ مَا حجره عكس، وَجعل من النَّاحِيَة فِيهِ لَيست من الرَّوْضَة وَلَا من الْمَسْجِد الْقَدِيم، بل مِمَّا زيد فِي أَيَّام الْوَلِيد، ثمَّ قَالَ: وَلم يبلغنِي أَن أحدا أنكر ذَلِك وَلَا ألْقى إِلَيْهِ بَالا، وَهَذَا من أهم مَا ينظر فِيهِ، وَكَانَ الدرابزين الَّذِي عمل الْملك الظَّاهِر نَحْو القامتين، فَلَمَّا كَانَ فِي تَارِيخ سنة أَربع وَتِسْعين وسِتمِائَة زَاد عَلَيْهِ الْملك الْعَادِل زين الدّين كتبغا شباكاً دائراً عَلَيْهِ وَرَفعه حَتَّى أوصله السّقف، قَالَ رحمه الله: وَمِمَّا أحدث فِي صحن الْمَسْجِد الشريف قبَّة كَبِيرَة عمرها الإِمَام النَّاصِر لدين الله فِي سنة سبعين وَخَمْسمِائة؛ لحفظ حواصل الْحرم وذخائره، مثل الْمُصحف العقماني، وَلما احْتَرَقَ الْمَسْجِد سلم مَا فِيهَا ببركة الْمُصحف
الْكَرِيم، ولكونها فِي وسط الْمَسْجِد، وَمِمَّا أحدث أَيْضا فِي الصَّخْرَة من جِهَة الْقبْلَة رواقان أَمر بإنشائهما السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون فِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة، فاتصل ظلّ السّقف القبلي بهما وَعم نفعهما، وهما المقوس أعلاهما وأزيلت الْمَقْصُورَة الَّتِي كَانَت تظل الْحُجْرَة الشَّرِيفَة للاستغناء عَنْهَا بهما. وَكَانَ المتسبب فِي إِزَالَتهَا إِمَام الْمَدِينَة الشَّرِيفَة شرف الدّين أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الأسيوطي، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا كَانَت يجْتَمع فِيهَا أهل الْبدع وَكَانَت لَهُم كالمجتهد فاجتهد فِي إِزَالَتهَا وهدمها لَيْلًا وأدخلها فِي الْحُجْرَة الشَّرِيفَة، فتربعت الْحُجْرَة الشَّرِيفَة وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة، توفّي رحمه الله يَوْم الرَّابِع والعشري من صفر سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة، وَهَذِه صفة مِثَال الْحَائِز الَّذِي بناه عمر بن عبد الْعَزِيز وَصفَة حجرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي وَسطه. قَالَ الْحَافِظ محب الدّين: وَاعْلَم أَن فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة سمعُوا صَوت هدّة فِي الْحُجْرَة المقدسة، وَكَانَ الْأَمِير يَوْمئِذٍ قَاسم بن مهنا الْحُسَيْنِي فأخبروه بِالْحَال فَقَالَ: يَنْبَغِي أَن ينزل شخص لينْظر مَا هَذِه الهدة، فَلم يَجدوا أمثل حَالا من الشَّيْخ عمر النشائي شيخ شُيُوخ الصُّوفِيَّة بالموصل، فَاعْتَذر لمَرض كَانَ بِهِ يحْتَاج إِلَى الْوضُوء فِي غَالب الْأَوْقَات، فألزموه فَامْتنعَ من الْأكل وَالشرب مُدَّة، وَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إمْسَاك الْمَرَض عَنهُ بِقدر مَا يبصر وَيخرج، وَنزل بحبال من بَين السقفين وَمَعَهُ شمعة، وَدخل إِلَى الْحُجْرَة فَرَأى شَيْئا من السّقف قد وَقع على الْقُبُور المقدسة فأزاله وكنس التُّرَاب بلحيته، وَأمْسك الله عَنهُ الدَّاء بِقدر مَا خرج وَعَاد إِلَيْهِ، توفّي الشَّيْخ عمر بِمَكَّة بعد نُزُوله بتسع سِنِين فِي سنة سِتّ وَخمسين وَخَمْسمِائة، وَكَذَلِكَ أَيْضا فِي سنة أَربع وَخمسين وَخَمْسمِائة فِي أَيَّام قَاسم الْمَذْكُور وجد فِي الْحُجْرَة الشَّرِيفَة رَائِحَة مُنكرَة، فذكروه للأمير فَأَمرهمْ بالنزول، فَنزل الطواشي بَيَان الْأسود أحد خدام الْحُجْرَة الشَّرِيفَة، وَنزل مَعَه الصفي الْموصِلِي مُتَوَلِّي عمَارَة الْمَسْجِد، وَهَارُون الشادي الصُّوفِي بعد أَن بذل جملَة من المَال للأمير فِي ذَلِك، فوجدوا هراً قد هَبَط من الشباك الَّذِي فِي أَعلَى الْحَائِز بَين الْحَائِز وَبَين بَيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فأخرجوه وطيبوا مَكَانَهُ، وَكَانَ نزولهم يَوْم السبت الْحَادِي عشر من ربيع الْآخِرَة.
صفحة فارغة