الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْن أبي ودَاعَة فَيحْتَمل أَمريْن؛ أَحدهمَا: أَن يكون قَول عمر: أنْشد الله عبدا عِنْده علم فِي هَذَا الْمقَام أَيْن مَوْضِعه؟ أَي: الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي عهد النُّبُوَّة وَهُوَ الْمُتَبَادر إِلَى الْفَهم؛ لِأَنَّهُ كَانَ بحاثاً عَن السّنة وقافاً عِنْدهَا، وَكَذَلِكَ فهمه ابْن أبي مليكَة فَأثْبت لذَلِك أَن مَوْضِعه الْيَوْم هُوَ الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ فِي عهد النُّبُوَّة، وَأَن إلصاقه بِالْبَيْتِ إِنَّمَا كَانَ لعَارض السَّيْل. الِاحْتِمَال الثَّانِي: أَن يكون عمر سَأَلَ عَن مَوْضِعه فِي زمن إِبْرَاهِيم عليه السلام ليَرُدهُ إِلَيْهِ لعلمه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤثر مراسيم إِبْرَاهِيم عليه السلام وَيكرهُ تغييرها، وَيكون سَبيله صلى الله عليه وسلم فِي تَقْرِير الْمقَام مُلْصقًا بِالْبَيْتِ إِلَى أَن توفّي صلى الله عليه وسلم سَبيله فِي تَقْرِير مَا كَانَ من الْكَعْبَة فِي الْحجر تأليفاً لقريش فِي عدم تَغْيِير مراسيمهم، فَلذَلِك سَأَلَ عمر عَن مَكَان الْمقَام فِي زمن إِبْرَاهِيم عليه السلام ليَرُدهُ إِلَيْهِ. وعَلى هَذَا التَّأْوِيل فَلَا مناقضة بَين مَا رَوَاهُ الْمطلب وَالْإِمَام مَالك فَيكون الْجمع بَينهمَا أولى من ترك أَحدهمَا وَيكون ابْن أبي مليكَة قَالَ مَا قَالَه فهما من سِيَاق مَا رَوَاهُ الْمطلب وَالْإِمَام مَالك أثبت مَا أثْبته جَازِمًا بِهِ، فَلَا يكون ذَلِك إِلَّا عَن تَوْقِيف فَكَانَ الْجمع أولى قَالَه الْمُحب الطَّبَرِيّ. ويروى أَن رجلا يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا كَانَ بِمَكَّة فَأسلم يُقَال لَهُ: جريج ففقد الْمقَام ذَات لَيْلَة فَوجدَ عِنْده أَرَادَ أَن يُخرجهُ إِلَى ملك الرّوم فَأخذ مِنْهُ وَضربت عُنُقه. وَعَن عبد الله بن السَّائِب وَكَانَ يُصَلِّي بِأَهْل مَكَّة قَالَ: أَنا أول من صلى خلف الْمقَام حِين رد فِي مَوْضِعه هَذَا، ثمَّ دخل عمر رضي الله عنه وَأَنا فِي الصَّلَاة فصلى خَلْفي صَلَاة الْمغرب.
فصل: مَا جَاءَ فِي الذَّهَب الَّذِي على الْمقَام وَمن جعله عَلَيْهِ
أول مَا حلي الْمقَام فِي خلَافَة الْمهْدي العباسي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة كَمَا ذكره الفاكهي. وروى الْأَزْرَقِيّ عَن عبد الله بن شُعَيْب قَالَ: ذهبت أرفع الْمقَام فِي خلَافَة الْمهْدي فانثلم قَالَ: وَهُوَ من حجر رخو يشبه السنان فَخَشِينَا أَن يتفتت، فكتبنا فِي ذَلِك إِلَى الْمهْدي فَبعث إِلَيْنَا بِأَلف دِينَار فضببنا بهَا الْمقَام أَسْفَله وَأَعلاهُ، وَلم يزل ذَلِك الذَّهَب عَلَيْهِ حَتَّى ولى أَمِير الْمُؤمنِينَ جَعْفَر المتَوَكل على الله فَجعل عَلَيْهِ ذَهَبا فَوق ذَلِك الذَّهَب