الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وَفَاة عمر رضي الله عنه
: يرْوى أَنه خرج يطوف بِالسوقِ بعد حجَّته فَلَقِيَهُ أَبُو لؤلؤة فَيْرُوز الْفَارِسِي غُلَام للْمُغِيرَة بن شُعْبَة وَكَانَ نَصْرَانِيّا، وَقيل: مجوسياً، أعدا عليّ الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَإِن عليّ خراجاً كثيرا، قَالَ: فكم خراجك؟ قَالَ: دِرْهَمَانِ فِي كل يَوْم، قَالَ: فإيش صناعتك؟ قَالَ: نقاش نجار حداد. قَالَ: فَمَا أرى خراجك كثير على مَا تصنع من الْأَعْمَال، ثمَّ قَالَ لَهُ: وَبَلغنِي أَنَّك قلت: لَو أردْت أَن أعمل رحى يتحدث بهَا من بَين الْمشرق وَالْمغْرب ثمَّ انْصَرف، فَقَالَ عمر: لقد توعدني العلج آنِفا، ثمَّ أَتَى عمر منزله فَجَاءَهُ كَعْب الْأَحْبَار فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعهد فَإنَّك ميت فِي ثَلَاثَة أَيَّام، فَقَالَ: وَمَا يدْريك؟ فَقَالَ: أجد فِي كتاب الله التَّوْرَاة، فَقَالَ عمر: الله إِنَّك لتجد عمر بن الْخطاب فِي التَّوْرَاة، قَالَ: اللَّهُمَّ لَا وَلَكِن أجد صِفَتك وحليتك وَإنَّهُ قد فنى أَجلك، فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جَاءَهُ كَعْب فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ذهب يَوْم وَبَقِي يَوْمَانِ، ثمَّ جَاءَهُ بعد ذَلِك فَقَالَ: ذهب يَوْمَانِ وَبَقِي يَوْم وَلَيْلَة وَهِي لَك إِلَى صبحها، فَلَمَّا كَانَ الصُّبْح خرج عمر إِلَى الصَّلَاة وَدخل أَبُو لؤلؤة فِي النَّاس فِي يَده خنجر لَهُ رأسان نصابه فِي وَسطه فَضرب عمر سِتّ ضربات، إِحْدَاهُنَّ تَحت سرته وَهِي الَّتِي قتلته وَسقط عمر، وَظهر العلج لَا يمر على أحد يَمِينا أَو شمالاً إِلَّا طعنه حَتَّى طعن ثَلَاثَة عشر رجلا مَاتَ مِنْهُم سَبْعَة، وَقيل: سِتَّة، وَطرح عَلَيْهِ رجل من الْمُسلمين برنساً واحتضنه من خَلفه فَنحر العلج نَفسه، وَأخذ عمر بيد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فقدمه فصلى بِالنَّاسِ بقل هُوَ الله أحد وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَحمل عمر إِلَى منزله وَدخل عَلَيْهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار يسلمُونَ عَلَيْهِ، وَدخل فِي النَّاس كَعْب فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ عمر أنشأ يَقُول: وواعدني كَعْب ثَلَاثًا أعدهَا
…
وَلَا شكّ أَن القَوْل مَا قَالَه كَعْب وَمَا بِي حذار الْمَوْت إِنِّي لمَيت
…
وَلَكِن حذار الذَّنب يتبعهُ ذَنْب طعن يَوْم السبت غرَّة الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين بعد حجَّة تِلْكَ السّنة، وَقيل: طعن يَوْم الِاثْنَيْنِ لأَرْبَع لَيَال بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين، وَقيل: لثلاث لَيَال بَقينَ من ذِي الْحجَّة، وَبَقِي ثَلَاثَة أَيَّام بعد الطعنة ثمَّ توفّي، وَاسْتَأْذَنَ عَائِشَة رضي الله عنها أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ فَأَذنت لَهُ، وَقَالُوا لَهُ: أوصى اسْتخْلف، فَقَالَ: مَا أجد أحدا أولى وَلَا أَحَق بِهَذَا الْأَمر من هَؤُلَاءِ النَّفر الَّذِي توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُم رَاض فَسُمي عُثْمَان وعلياً وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وسعداً وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فهم أهل
الشورى، وَتُوفِّي وسنه يَوْمئِذٍ ثَلَاث وَسِتُّونَ سنة، وَقيل: سِتُّونَ. وَقيل: إِحْدَى وَسِتُّونَ، وَقيل: سِتّ وَسِتُّونَ، وَقيل: خمس وَسِتُّونَ، وَقيل: خمس وَخَمْسُونَ، وَنزل قَبره عُثْمَان وعليّ وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَالزُّبَيْر وَسعد بن أبي وَقاص، وَقيل: صُهَيْب وَابْنه عبد الله بن عمر عوضا عَن الزبير وَسعد، تولى الْخلَافَة سنة ثَلَاث عشرَة من الْهِجْرَة لثمان بَقينَ من جُمَادَى الْآخِرَة وَقيل: بُويِعَ لَهُ فِي رَجَب، وَقيل: فِي ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة فَكَانَت مُدَّة خِلَافَته عشر سِنِين وَسِتَّة اشهر وَأَرْبَعَة أَيَّام، وَلما دفن عمر رضي الله عنه قَالَت عَاتِكَة ابْنة زيد بن عَمْرو بن عقيل امْرَأَة عمر بن الْخطاب ترثيه: وفجعني فَيْرُوز لَا در دره
…
بأبيض تال للْكتاب منيب رؤوف على الْأَدْنَى غليظ على العدا
…
أَخا ثِقَة فِي النائبات نجيب مَتى مَا يقل لَا يكذب القَوْل فعله
…
سريع إِلَى الْخيرَات غير قطوب وعاتكة امْرَأَته تزَوجهَا عبد الله بن أبي بكر فَقتل عَنْهَا ثمَّ عمر فَقتل عَنْهَا ثمَّ الزبير فَقتل عَنْهَا ثمَّ توفيت سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين، وَلما دفن رضي الله عنه لَزِمت عَائِشَة ثِيَابهَا الدرْع والخمار والإزار وَقَالَت: إِنَّمَا كَانَ أبي وَزَوْجي فَلَمَّا دخل مَعَهُمَا غَيرهمَا لَزِمت ثِيَابِي، وابتنت حَائِطا بَينهَا وَبَين الْقُبُور وَبقيت فِي بَقِيَّة الْبَيْت من جِهَة الشَّام، ويروى عَنْهَا رضي الله عنها أَنَّهَا رَأَتْ فِي الْمَنَام أَنه سقط فِي حجرها وَرُوِيَ فِي حُجْرَتهَا ثَلَاثَة أقمار فَذكرت ذَلِك لأبي بكر فَقَالَ: خيرا. قَالَ يحيى: فَسمِعت بعد ذَلِك أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما دفن فِي بَيتهَا، قَالَ أَبُو بكر: هَذَا أحد أقمارك يَا بنية وَهُوَ خَيرهَا. قَالَ عفيف الدّين الْمرْجَانِي فِي فَضَائِل عمر رضي الله عنه: عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رَأَيْت عمر رضي الله عنه فِي الْمَنَام بعد وَفَاته فَقلت لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من أَيْن أَقبلت؟ قَالَ: من حَضْرَة رَبِّي عز وجل فَسَأَلته مَاذَا فعل الله بك؟ فَقَالَ: أوقفني بَين يَدَيْهِ فَسَأَلَنِي ثمَّ قَالَ: يَا عمر تناديك امْرَأَة على شاطئ الْفُرَات فَأهْلك من شاها شَاة تَقول: واعمراها واعمراها تستغيث بك فَلَا تجيبها. فَقلت: وَعزَّتك وجلالك مَا علمت بذلك وَأَنت أعلم مني، فَقَالَ لي: وَقد كَانَ يجب عَلَيْك، وَإِنِّي أرعد من تِلْكَ الْمَسْأَلَة إِلَى هَذَا الْوَقْت، قَالَ ابْن عَبَّاس: ثمَّ مَاذَا قَالَ؟ قَالَ: رددت إِلَى مضجعي فهبط عليّ مُنكر وَنَكِير فَقَالَا لي: من رَبك؟ وَمن نبيك؟ فَقلت لَهما: أما تستحيان مني ولمثلي تقولان هَذَا وجذبتهما إليّ، وَقلت: الله رَبِّي وضجيعي نَبِي وأنتما من رَبكُمَا؟ فَقَالَ نَكِير لمنكر: وَالله يَا أخي مَا