الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مَا جَاءَ فِي قبْلَة مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
اعْلَم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلى فِي مَسْجده مُتَوَجها إِلَى بَيت الْمُقَدّس سَبْعَة عشر شهرا، وَقيل: سِتَّة عشر، ثمَّ أَمر بالتحول إِلَى الْكَعْبَة فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة فِي صَلَاة الظّهْر يم الثُّلَاثَاء النّصْف من شعْبَان، وَقيل: فِي رَجَب، فَأَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رهطاً على زَوَايَا الْمَسْجِد ليعدل الْقبْلَة، فَأَتَاهُ جِبْرِيل عليه السلام فَقَالَ: يَا رَسُول الله ضع الْقبْلَة وَأَنت تنظر إِلَى الْكَعْبَة ثمَّ قَالَ: بِيَدِهِ هَكَذَا، فأمات كل جبل بَينه وَبَين الْكَعْبَة لَا يحول دون نظره شَيْء فَلَمَّا فرغ، قَالَ جِبْرِيل: هَكَذَا فَأَعَادَ الْجبَال وَالشَّجر والأشياء على حَالهَا وَصَارَت قبلته إِلَى الْمِيزَاب من الْبَيْت، فَهِيَ الْمَقْطُوع بِصِحَّتِهَا. وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: كَانَت قبْلَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى الشَّام، وَكَانَ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ للنَّاس من الشَّام من مَسْجده أَن تضع الإسطوانة المحلقة الْيَوْم خلف ظهرك ثمَّ تمشي مُسْتَقْبل الشَّام وَهِي خلف ظهرك حَتَّى إِذا كنت محاذياً لباب عُثْمَان الْمَعْرُوف الْيَوْم بِبَاب جِبْرِيل عليه السلام وَالْبَاب عَن منكبك الْأَيْمن وَأَنت فِي صحن الْمَسْجِد كَانَت قبلته فِي ذَلِك الْموضع، وَأَنت وَاقِف فِي مُصَلَّاهُ صلى الله عليه وسلم وَسَيَأْتِي ذكر الاسطوانة فِي مَحَله. يرْوى أَن أول مَا نسخ من أُمُور الشَّرْع أَمر الْقبْلَة، وَتقدم فِي بَاب الْفَضَائِل فضل مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَأَن الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى هُوَ مَسْجده صلى الله عليه وسلم.
ذكر حجر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم
لما بنى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَسْجده بنى بَيْتَيْنِ لزوجتيه عَائِشَة وَسَوْدَة رضي الله عنهما على نعت بِنَاء الْمَسْجِد من لبن وجريد، وَكَانَ لبيت عَائِشَة رضي الله عنها مصراع وَاحِد من عرعر أوساج، وَلما تزوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ بنى لَهُنَّ حجرات وَهِي تِسْعَة أَبْيَات، وَهِي مَا بَين بَيت عَائِشَة رضي الله عنها إِلَى الْبَاب الَّذِي يَلِي بَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَالَ أهل السّير: ضرب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الحجرات مَا بَينه وَبَين الْقبْلَة والشرق إِلَى الشَّام، وَلم يضْربهَا فِي غربيّه، وَكَانَت خَارِجَة من الْمَسْجِد مديرة بِهِ إِلَى جِهَة الْمغرب، وَكَانَت أَبْوَابهَا شارعة فِي الْمَسْجِد. قَالَ عمرَان بن أبي أنس: كَانَت مِنْهَا أَرْبَعَة أَبْيَات
بِلَبن لَهَا حجر من جريد، وَكَانَت خَمْسَة أَبْيَات من جريد مطينة لَا حجر لَهَا، على أَبْوَابهَا مسوح الشّعْر. قَالَ النجار: وذرعت السّتْر فَوَجَدته ثَلَاثَة أَذْرع فِي ذِرَاع، وَكَانَ النَّاس يدْخلُونَ حجر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعد وَفَاته يصلونَ فِيهَا يَوْم الْجُمُعَة حَكَاهُ مَالك، وَقَالَ: كَانَ الْمَسْجِد يضيق على أَهله، وحجرات أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيست من الْمَسْجِد وَلَكِن أَبْوَابهَا شارعة فِيهِ. وَقَالَت عَائِشَة رضي الله عنها: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا اعْتكف يدني إِلَى رَأسه فأرجله، وَكَانَ لَا يدْخل الْبَيْت إِلَّا لحَاجَة الْإِنْسَان. وَعَن عبد الله بن يزِيد الْهُذلِيّ قَالَ: رَأَيْت بيُوت أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين هدمها عمر بن عبد الْعَزِيز كَانَت بُيُوتًا بِاللَّبنِ وَلها حجر من جريد، وَرَأَيْت بَيت أم سَلمَة وحجرتها من لبن فَسَأَلت ابْن ابْنهَا، فَقَالَ: لما غزا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دومة الجندل بنت أم سَلمَة بَابهَا وحجرتها بِلَبن، فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نظر إِلَى اللَّبن فَقَالَ:" مَا هَذَا الْبناء "؟ فَقَالَت: أردْت أَن أكف أبصار النَّاس. فَقَالَ لي: " يَا أم سَلمَة شَرّ مَا ذهب فِيهِ مَال الْمُسلمين الْبُنيان ". وَقَالَ عَطاء الخرساني: أدْركْت حجر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم من جريد النّخل على أَبْوَابهَا المسوح من شعر أسود فَحَضَرت كتاب الْوَلِيد يقْرَأ يَأْمر بإدخالهم فِي الْمَسْجِد، فَمَا رَأَيْت باكياً أَكثر من ذَلِك الْيَوْم. وَسمعت سعيد بن الْمسيب يَقُول يَوْمئِذٍ: وَالله لَوَدِدْت أَنهم يتركونها على حَالهَا ينشأ نَاس من أهل الْمَدِينَة فَيقدم القادم من الْآفَاق فَيرى مَا اكْتفى بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاته، فَيكون ذَلِك مِمَّا يزهد النَّاس فِي التكاثر وَالْفَخْر. وَقَالَ يزِيد بن أُمَامَة: ليتها تركت حَتَّى يقصر النَّاس من الْبُنيان، ويروا مَا رَضِي الله عز وجل لنَبيه صلى الله عليه وسلم ومفاتيح الدُّنْيَا عِنْده. وَأما بَيت فَاطِمَة رضي الله عنها فَإِنَّهُ كَانَ خلف بَيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن يسَار الْمصلى إِلَى الْقبْلَة، وَكَانَ فِيهِ خوخة إِلَى بَيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا