المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: ذكر ما كانت الكعبة عليه فوق الماء قبل خلق السموات والأرض - تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف

[ابن الضياء]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمَة الْمُؤلف

- ‌الْبَاب الأول تَارِيخ مَكَّة المشرفة وَمَا يتَعَلَّق بِالْكَعْبَةِ الشَّرِيفَة وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَغير ذَلِك على سَبِيل الِاخْتِصَار

- ‌فصل: ذكر مَا كَانَت الْكَعْبَة عَلَيْهِ فَوق المَاء قبل خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض

- ‌فصل: ذكر بِنَاء الْمَلَائِكَة الْكَعْبَة قبل آدم ومبتدأ الطّواف

- ‌فصل: ذكر هبوط آدم عليه السلام إِلَى الأَرْض وبنائه الْكَعْبَة وحجه وطوافه بِالْبَيْتِ

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي رفع الْبَيْت الْمَعْمُور من الْغَرق وَبِنَاء ولد آدم الْبَيْت بعده وَطواف سفينة نوح بِالْبَيْتِ، وَأثر الْكَعْبَة بَين نوح وَإِبْرَاهِيم وَاخْتِيَار إِبْرَاهِيم عليه السلام مَوضِع الْبَيْت

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي إسكان إِبْرَاهِيم ابْنه إِسْمَاعِيل وَأمه فِي بَدْء أمره عِنْد الْبَيْت

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي نزُول جرهم مَعَ أم إِسْمَاعِيل الْحرم

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي بِنَاء إِبْرَاهِيم الْكَعْبَة

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي حج إِبْرَاهِيم وطوافه وأذانه فِي الْحَج

- ‌فصل ذكر ولَايَة بني إِسْمَاعِيل الْكَعْبَة من بعده وَأمر جرهم

- ‌فصل ذكر ولَايَة خُزَاعَة الْكَعْبَة بعد جرهم وَأمر مَكَّة

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي عبَادَة بني إِسْمَاعِيل الْحِجَارَة وتغيير دين إِبْرَاهِيم

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي أول من نصب الْأَصْنَام فِي الْكَعْبَة والاستقسام بالأزلام

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي أول من نصب الْأَصْنَام وَمَا كَانَ من كسرهَا

- ‌فصل: مسيرَة تبع إِلَى مَكَّة

- ‌فصل: مُبْتَدأ حَدِيث الْفِيل

- ‌فصل ذكر الْفِيل حِين ساقته الْحَبَشَة

- ‌فصل: ذكر بِنَاء قُرَيْش الْكَعْبَة فِي الْجَاهِلِيَّة

- ‌فصل: ذكر الْوَقْت الَّذِي كَانُوا يفتحون فِيهِ الْكَعْبَة وَأول من خلع النَّعْل عِنْد دُخُولهَا

- ‌فصل: ذكر بِنَاء الزبير الْكَعْبَة وَمَا زَاد فِيهَا وَمَا نقص مِنْهَا الْحجَّاج

- ‌فصل: ذكر الْجب الَّذِي كَانَ فِي الْكَعْبَة وَمَالهَا الَّذِي كَانَ فِيهِ

- ‌فصل ذكر من كسا الْكَعْبَة فِي الْجَاهِلِيَّة

- ‌فصل ذكر من كساها فِي الْإِسْلَام وطيبها وخدمها

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي تَجْرِيد الْكَعْبَة

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي أَسمَاء الْكَعْبَة وَأَن لَا يبْنى بَيت يشرف عَلَيْهِ

- ‌فصل: ذكر أول من استصبح حول الْكَعْبَة وَفِي الْمَسْجِد الْحَرَام

- ‌فصل: ذكر ذرع الْكَعْبَة من دَاخل وخارج

- ‌فصل: ذكر مَا يَدُور بِالْحجرِ الْأسود من الْفضة

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي مقَام إِبْرَاهِيم عليه السلام

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي مَوضِع الْمقَام وَكَيف رده عمر إِلَى مَوْضِعه هَذَا

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي الذَّهَب الَّذِي على الْمقَام وَمن جعله عَلَيْهِ

- ‌فصل ذكر ذرع الْمقَام

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي إِخْرَاج جِبْرِيل زَمْزَم لأم إِسْمَاعِيل " ويروى لَهَا

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي حفر عبد الْمطلب بن هَاشم زَمْزَم

- ‌فصل: ذكر علاج زَمْزَم فِي الْإِسْلَام

- ‌فصل: ذكر فضل زَمْزَم وخواصها

- ‌فصل: ذكر ذرع بِئْر زَمْزَم

- ‌فصل: ذكر سِقَايَة الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رضي الله عنه

- ‌فصل: ذكر حد الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَا يتَعَلَّق بِالنَّوْمِ وَالْوُضُوء فِيهِ وَأول من أدَار الصُّفُوف حول الْكَعْبَة

- ‌فصل: ذكر مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمَسْجِد الْحَرَام وسعته وعمارته إِلَى أَن صَار على مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآن

- ‌فصل: ذكر عمل عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان رضي الله عنهما

- ‌فصل: ذكر بُنيان ابْن الزبير وَعبد الْملك بن مَرْوَان

- ‌فصل: ذكر عمل الْوَلِيد بن عبد الْملك

- ‌فصل: عمل أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي جَعْفَر الْمَنْصُور

- ‌فصل: ذكر زِيَادَة الْمهْدي الأولى

- ‌فصل: ذكر زِيَادَة الْمهْدي الثَّانِيَة

- ‌فصل: ذكر ذرع الْمَسْجِد الْحَرَام

- ‌فصل: ذكر عدد أساطين الْمَسْجِد الْحَرَام الَّتِي بالرواقات غير الزيادتين وَغير الأساطين الَّتِي بِصَحْنِ الْمَسْجِد فِي الْمَسْجِد الْحَرَام الْآن غير الزيادتين وَغير أساطين المطاف الشريف

- ‌فصل: ذكر عدد أَبْوَاب الْمَسْجِد وأسمائها وصفتها

- ‌فصل: ذكر منارات الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَا وضع فِيهِ لمصْلحَة الْمَسْجِد الْحَرَام الْآن

- ‌فصل: وَمن ذَلِك المنابر الَّتِي يخْطب عَلَيْهَا

- ‌فصل: وَمن ذَلِك المقامات الَّتِي هِيَ الْآن بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام

- ‌فصل: ذكر درج الصَّفَا والمروة

- ‌فصل: ذكر آيَات الْبَيْت الْحَرَام زَاده الله تَشْرِيفًا وتعظيما

- ‌فصل: فِي ذكر الْأَمَاكِن الْمُبَارَكَة بِمَكَّة المشرفة وحرمها وقربه الَّتِي يسْتَحبّ زيارتها وَالصَّلَاة وَالدُّعَاء فِيهَا رَجَاء بركتها

- ‌فصل: ذكر السقايات بِمَكَّة المشرفة وحرمها

- ‌فصل: ذكر البرك بِمَكَّة وحرمها

- ‌فصل: ذكر الْآبَار بِمَكَّة وحرمها

- ‌فصل: ذكر عُيُون مَكَّة

- ‌فصل: ذكر الْمَطَاهِر الَّتِي تمكن بِمَكَّة المشرفة مطاهر

- ‌الْبَاب الثَّانِي تَارِيخ الْمَدِينَة وَمَا يتَعَلَّق بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ الشريف والحجرة المقدسة والمنبر الشريف وزيارة النَّبِي صلى الله عليه وسلم ومزارات الْمَدِينَة والجوار بهَا وآداب الرُّجُوع. وَفِيه عشرَة فُصُول

- ‌الْفَصْل الأول: فِي أول سَاكِني الْمَدِينَة وسكنى الْيَهُود الْحجاز ثمَّ نزُول الْأَوْس والخزرج بِالْمَدِينَةِ

- ‌ذكر أول من نزل الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌ذكر سُكْنى الْيَهُود الْحجاز بعد العماليق

- ‌ذكر نزُول الْأَوْس والخزرج الْمَدِينَة

- ‌ذكر من قتل الْيَهُود واستيلاء الْأَوْس والخزرج على الْمَدِينَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي: ذكر فتح الْمَدِينَة وهجرة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه إِلَيْهَا

- ‌ذكر مَا جَاءَ فِي فتحهَا

- ‌ذكر هِجْرَة النَّبِي إِلَى الْمَدِينَة صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل الثَّالِث: حُرْمَة الْمَدِينَة وغبارها وتمرها وحدود حرمهَا فِي مَا جَاءَ فِي حُرْمَة الْمَدِينَة وغبارها وتمرها ودعائه صلى الله عليه وسلم لَهُم بِالْبركَةِ وَمَا يؤول إِلَيْهِ أمرهَا وحدود حرمهَا:

- ‌ذكر حُرْمَة الْمَدِينَة المشرفة

- ‌مَا جَاءَ فِي غُبَار الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌مَا جَاءَ فِي تمر الْمَدِينَة وثمارها ودعائه صلى الله عليه وسلم لَهَا بِالْبركَةِ

- ‌ذكر مَا يؤول إِلَيْهِ أَمر الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌مَا جَاءَ فِي تَحْدِيد حُدُود حرم الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل الرَّابِع: ذكر أَوديَة الْمَدِينَة الشَّرِيفَة وآبارها المنسوبة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعينها وَذكر جبل أحد وَالشُّهَدَاء عِنْده

- ‌ذكر وَادي العقيق وفضله

- ‌ذكر الْآبَار المنسوبة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر عين النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس: ذكر جلاء بني النَّضِير من الْمَدِينَة وحفر الخَنْدَق وَقتل بني قُرَيْظَة بِالْمَدِينَةِ

- ‌ذكر جلاء بني النَّضِير من الْمَدِينَة

- ‌ذكر حفر الخَنْدَق

- ‌ذكر قتل بني قُرَيْظَة بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌ذكر ابْتِدَاء بِنَاء مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مَا جَاءَ فِي قبْلَة مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر حجر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مصلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من اللَّيْل

- ‌ذكر قصَّة الْجذع

- ‌ذكر مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وروضته الشَّرِيفَة

- ‌ذكر سد الْأَبْوَاب الشوارع فِي الْمَسْجِد

- ‌ذكر تجمير الْمَسْجِد الشريف وتخليقه

- ‌ذكر مَوضِع تأذين بِلَال رضي الله عنه

- ‌ذكر أهل الصّفة

- ‌ذكر زِيَادَة عمر بن الْخطاب فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر بطحاء مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر زِيَادَة عُثْمَان رضي الله عنه

- ‌ذكر زِيَادَة الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان

- ‌ذكر زِيَادَة الْمهْدي

- ‌ذكر بلاعات الْمَسْجِد وستائر صحنه والسقايات الَّتِي كَانَت فِيهِ

- ‌ذكر احتراق الْمَسْجِد الشريف

- ‌ذكر الخوخ والأبواب الَّتِي كَانَت فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ذرع الْمَسْجِد الْيَوْم وَعدد أساطينه وطيقانه وَذكر حُدُود الْمَسْجِد الْقَدِيم

- ‌ذكر أسوار الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌ذكر الْمَسَاجِد الْمَعْرُوفَة بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة

- ‌ذكر مَسَاجِد صلى فِيهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ المشرفة

- ‌ذكر الْمَسَاجِد الَّتِي صلى فِيهَا صلى الله عليه وسلم بَين مَكَّة وَالْمَدينَة

- ‌ذكر الْمَسَاجِد الْمَشْهُورَة الَّتِي صلى فِيهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْغَزَوَات وَغَيرهَا

- ‌الْفَصْل الثَّامِن

- ‌أما ذكر وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر وَفَاة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه

- ‌ذكر وَفَاة عمر رضي الله عنه

- ‌مَا جَاءَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَبا بكر وَعمر رضي الله عنهما وَعِيسَى عليه السلام خلقُوا من طِينَة وَاحِدَة وَأَن كل مَخْلُوق يدْفن فِي تربته الَّتِي خلق مِنْهَا

- ‌مَا جَاءَ فِي صفة وضع الْقُبُور المقدسة وَصفَة الْحُجْرَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل التَّاسِع

- ‌ذكر حكم زِيَارَة النَّبِي وفضلها صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌وَأما كَيْفيَّة زيارته صلى الله عليه وسلم وزيارة ضجيعيه رضي الله عنهما

- ‌كَيْفيَّة السَّلَام عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم حَال الزِّيَارَة وَالسَّلَام على ضجيعيه رضي الله عنهما

الفصل: ‌فصل: ذكر ما كانت الكعبة عليه فوق الماء قبل خلق السموات والأرض

‌فصل: ذكر مَا كَانَت الْكَعْبَة عَلَيْهِ فَوق المَاء قبل خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض

اعْلَم أَن الله تَعَالَى خلق الْعَالم فِي سِتَّة أَيَّام، ابْتِدَاؤُهَا يَوْم الْأَحَد والاثنين؛ لقَوْله تَعَالَى:" أئنكم لتكفرون بِالَّذِي خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ ". وَخلق الْجبَال يَوْم الثُّلَاثَاء، وَالْمَاء وَالشَّجر يَوْم الْأَرْبَعَاء، وَالسَّمَاء يَوْم الْخَمِيس، وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَالْمَلَائِكَة وآدَم يَوْم الْجُمُعَة، وَلذَلِك سمي يَوْم الْجُمُعَة؛ لِأَنَّهُ جمع فِيهِ خلق كل شَيْء قَالَه الشّعبِيّ حَكَاهُ الشهرستاني فِي " أَعْلَام النُّبُوَّة " لَهُ، وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله الْكسَائي فِي " بَدْء الدُّنْيَا " لَهُ: أول مَا خلق الله تَعَالَى اللَّوْح ثمَّ الْقَلَم ثمَّ المَاء. قَالَ: وكل شَيْء لَا يفتر عَن تسبيحه فِي وَقت عَن وَقت إِلَّا المَاء، وتسبيحه: اضطرابه. وَقيل: إِنَّه بَدَأَ بِخلق السَّمَوَات قبل الأَرْض يَوْم الْأَحَد والاثنين؛ لقَوْله تَعَالَى: " فقضاهن سبع سماوات فِي يَوْمَيْنِ " وَقيل: خلق السَّمَاء دخاناً قبل الأَرْض، وفتقها سبعا بعد الأَرْض؛ لقَوْله تَعَالَى:" ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِي دُخان فَقَالَ لَهَا وللأرض ائتيا طَوْعًا أَو كرها قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين ". قيل: إِن ظُهُور الطَّاعَة مِنْهُمَا قَامَ مقَام قَوْلهمَا. وَقيل: إِنَّه تَعَالَى خلق فيهمَا كلَاما نطق بذلك، فَنَطَقَ من الأَرْض مَوضِع الْكَعْبَة، ونطق من السَّمَاء مَا بحيالها، فَوضع الله تَعَالَى فِيهَا حرمه، قَالَه أَبُو نصر السكْسكِي. وَفِي هَذَا إِشَارَة إِلَى اتِّصَال حُرْمَة الْبَيْت الْمَعْمُور علوياً بِحرْمَة الْبَيْت الْحَرَام سفلياً، وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ. وَقيل: خلق الله الْأَشْيَاء من يَوْم الْأَحَد إِلَى

ص: 22

يَوْم الْخَمِيس، وَخلق فِي يَوْم الْخَمِيس ثَلَاثَة أَشْيَاء: السَّمَاوَات وَالْمَلَائِكَة وَالْجنَّة، إِلَى ثَلَاث سَاعَات بقيت من يَوْم الْجُمُعَة، فخلق فِي السَّاعَة الأولى الْأَوْقَات، وَفِي الثَّانِيَة الأرزاق، وَفِي الثَّالِثَة آدم عليه السلام. قَالَ الثَّعْلَبِيّ فِي كِتَابيه " العرائس "، و " التَّفْسِير " حِين ذكر بَدْء الأَرْض: إِن الله تَعَالَى خلق جَوْهَرَة خضراء، ثمَّ نظر إِلَيْهَا بالهيبة فَصَارَت مَاء، فخلق الأَرْض من زبده، وَالسَّمَاء من بخاره، فَأول مَا ظهر على وَجه الأَرْض مَكَّة. زَاد غَيره ثمَّ الْمَدِينَة، ثمَّ بَيت الْمُقَدّس، ثمَّ دحى الأَرْض مِنْهَا طبقًا وَاحِدًا، ثمَّ فتقها بعد ذَلِك وَكَذَلِكَ السَّمَاء؛ لقَوْله تَعَالَى:" أَو لم ير الَّذين كفرُوا أَن السَّمَاوَات وَالْأَرْض كَانَتَا رتقاً ففتقناهما ". ثمَّ حمل الأَرْض على عاتق ملك، وَالْملك وَاقِف على ياقوتة خضراء، والياقوتة على سَنَام الثور، واسْمه يونان حَكَاهُ الْكسَائي، والثور على صَخْرَة خضراء، وَهِي الْمَذْكُورَة فِي سُورَة لُقْمَان والصخرة على النُّون، وَهُوَ الْحُوت، واسْمه لوثيا، وَقيل: بهموت، وَقيل: بنموت، والحوت على الْبَحْر، وَالْبَحْر على الرّيح، وَالرِّيح على الْقُدْرَة، وَهَذَا الْحُوت الَّذِي يَأْكُل أهل الْجنَّة كبده، وَهُوَ الْمَذْكُور فِي سُورَة ن والقلم، وَقيل المُرَاد بِهِ: الدواة. فَهَذَا بَدْء الدُّنْيَا. وَأول من سكن الأَرْض بعد الْجِنّ آدم وَذريته إِلَى زمن نوح عليه السلام، ثمَّ قسم نوح الأَرْض بَين أَوْلَاده: سَام وَحَام وَيَافث: إِن الأَرْض أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف فَرسَخ، اثْنَا عشر ألفا للسودان، وَثَمَانِية آلَاف للروم، وَثَلَاثَة آلَاف لفارس، وَألف للْعَرَب، وَقيل: الدُّنْيَا دِرْهَم خَمْسَة أسداسه للروم، وَحَام

ص: 23

أَبُو السودَان، وَيَافث أَبُو الرّوم وَالتّرْك ويأجوج، وسام أَبُو الْعَرَب. وَقيل: سَام أَبُو الْعَرَب وَفَارِس وَالروم، وَفَارِس وَالروم تنْسب إِلَى جدهم روم بن عيص. وَقيل: بَنو الْأَصْفَر مُلُوك الرّوم، والأصفر اسْم نتالوس بن روم أول مُلُوك الرّوم. وَقَالَ وهب بن مُنَبّه فِي كِتَابه " التيجان ": إِن إِسْحَاق ولد لَهُ يَعْقُوب وعيص، فيعقوب هُوَ إِسْرَائِيل أَبُو الأسباط، وَهُوَ بالعربي صفوة الله، وعيص هُوَ الْأَصْفَر، سمى بِهِ؛ لِأَن النيروز كَانَ عِنْدهم عيداً فحلته جدته سارة بِالذَّهَب فِي ذَلِك الْيَوْم، وَدخلت بِهِ على إخْوَته، فَقيل لَهُ: الْأَصْفَر؛ لصفرة الذَّهَب. وَقيل: إِنَّه كَانَ أسمر إِلَى الصُّفْرَة، وَهُوَ مَوْجُود فِي ذُريَّته إِلَى الْيَوْم. وَأما الْعَرَب فَمن ولد إِسْمَاعِيل؛ لِأَن ولد إِسْمَاعِيل نشأوا من عربه، وعربه من تهَامَة فنسبوا إِلَيْهَا وَقَالَ قَتَادَة: الأَرْض عشرُون ألف فَرسَخ؛ اثْنَا عشر ألفا للسند والهند، وَثَمَانِية آلَاف ليأجوج وَمَأْجُوج، وَثَلَاثَة آلَاف للروم والعجم، وَألف للْعَرَب. ومعمور الأَرْض هُوَ جُزْء من اسْتِوَاء الشَّمْس على وسط كرة الأَرْض إِلَى الْبَحْر الْمُحِيط بِالْأَرْضِ، وَهُوَ المسكون الَّذِي قسمه نوح عليه السلام بَين أَوْلَاده، فقسم سَام وسط الأَرْض مِنْهُ بَيت الْمُقَدّس والنيل والفرات ودجلة وسيحون وجيحون، وَذَلِكَ مَا بَين قاسيون إِلَى شَرْقي النّيل، وَمَا بَين منخر الرّيح الجنوبي إِلَى منخر الرّيح الشمالي، ولحام قسمه الرّيح النّيل إِلَى وَمَا وَرَاءه إِلَى منخر الرّيح الدبور، وليافث من قاسيون وَمَا وَرَاءه إِلَى منخر الصِّبَا. وَقيل: إِن الْعَجم من وَرَاء الْبَحْر مسيرَة اثْنَتَيْ عشرَة سنة، وبلاد الرّوم مسيرَة خمس سِنِين، وبلاد منسك عَن يَمِين الدُّنْيَا مسيرَة خَمْسَة عشر سنة، وبلاد يَأْجُوج مسيرَة مائَة سنة، وَقيل: الأَرْض سِتَّة أَجزَاء خَمْسَة مِنْهَا ليأجوج وَمَأْجُوج وجزء لِلْخلقِ حَكَاهُ

ص: 24

الْقُرْطُبِيّ. وَقَالَ المنجمون: الأَرْض أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ قيراطاً العامر مِنْهَا أَرْبَعَة قراريط وَكسر. وَقيل: مَا العامر فِي الخراب إِلَّا كفسطاط فِي فلاة من الأَرْض حَكَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي درياق الْقُلُوب وَقَالَ فِي كِتَابه المدهش: الإقليم الأول: إقليم الْهِنْد، وَالثَّانِي: إقليم الْحجاز، وَالثَّالِث: إقليم مصر، وَالرَّابِع: إقليم بابل، وَالْخَامِس: إقليم الشَّام، وَالسَّادِس: إقليم بِلَاد التّرْك، وَالسَّابِع: إقليم بِلَاد الصين، كل إقليم مائَة فَرسَخ، وأوسطها إقليم بابل وَفِيه الْعرَاق الَّتِي هِيَ سرة الدُّنْيَا. والحجاز هُوَ مَكَّة وَالْمَدينَة واليمن وتحاليفها وقراها، وَسمي حجازاً؛ لِأَنَّهُ حجز بَين السُّرَّة ونجد. وَقيل: لِأَنَّهُ حجز بَين الشَّام والبادية وَقيل: لِأَنَّهُ حجز بَين نجد والعور. رَجعْنَا إِلَى مَا نَحن فِيهِ عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: كَانَت الْكَعْبَة غثاء على المَاء قبل أَن يخلق الله السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِأَرْبَعِينَ سنة، وَمِنْهَا دحيت الأَرْض. وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما كَانَ الْعَرْش على المَاء قبل أَن يخلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض، بعث الله ريحًا هفافة فصفقت المَاء فأبرزت عَن خشفة. فِي مَوضِع الْبَيْت كَأَنَّهَا قبَّة، فدحى الله الأَرْض من تحتهَا فمادت ثمَّ مادت فأوتدها بالجبال، وَكَانَ أول جبل وضع فِيهَا أَبُو قبيس فَلذَلِك سميت مَكَّة أم الْقرى. وَفِي رِوَايَة: خلق الله مَوضِع الْبَيْت قبل أَن يخلق الأَرْض بألفي سنة، وَإِن قَوَاعِده لفي الأَرْض السَّابِعَة السُّفْلى. وَأجْمع الْعلمَاء على أَن الْكَعْبَة أول بَيت وضع للعباد، وَاخْتلفُوا هَل هُوَ

ص: 25