الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَكَّة ظاعن مِنْهُم إِلَّا احتملوا مَعَهم من حِجَارَة الْحرم؛ تَعْظِيمًا للحرم وصبابة بِمَكَّة وَبِالْكَعْبَةِ حيت مَا حلوا وضعوه وطافوا بِهِ كالطواف بِالْكَعْبَةِ حَتَّى أفْضى ذَلِك بهم إِلَى أَن كَانُوا يعْبدُونَ مَا استحسنوا من حِجَارَة الْحرم خَاصَّة حَتَّى خلفت الخلوف بعد الخلوف، ونسوا مَا كَانُوا عَلَيْهِ، واستبدلوا بدين إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عليهما السلام غَيره، فعبدوا الْأَوْثَان وصاروا إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ الْأُمَم من قبلهم من الضلالات، واستباحوا مَا كَانَ يعبد قوم نوح مِنْهَا على إِرْث مَا كَانَ قد بَقِي فيهم من ذكرهَا، وَفِيهِمْ على ذَلِك بقايا من عهد إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل يتمسكون بهَا من تَعْظِيم الْبَيْت وَالطّواف بِهِ وَالْحج وَالْعمْرَة وَالْوُقُوف بِعَرَفَة ومزدلفة وَهدى الْبدن والإهلال بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة مَعَ إدخالهم فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَكَانَ أول من غير دين إِسْمَاعِيل وَإِبْرَاهِيم وَنصب الْأَوْثَان وسيّب السائبة وبحر الْبحيرَة وَوصل الوصيلة وَحمى الحام عَمْرو بن لحي. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلمك " رَأَيْت عَمْرو بن لحي يجر قصبه فِي النَّار أَي أمعاءه على رَأسه فَرْوَة، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " من فِي النَّار "؟ قَالَ: من بيني وَبَيْنك من الْأُمَم.
فصل: مَا جَاءَ فِي أول من نصب الْأَصْنَام فِي الْكَعْبَة والاستقسام بالأزلام
قَالَ ابْن إِسْحَاق: إِن الْبِئْر الَّتِي كَانَت فِي جَوف الْكَعْبَة كَانَت على يَمِين من دَخلهَا، وَكَانَ عمقها ثَلَاثَة أَذْرع، حفرهَا إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل؛ ليَكُون فِيهَا مَا يهدى للكعبة فَلم تزل كَذَلِك حَتَّى كَانَ عَمْرو بن لحي فَقدم بصنم يُقَال لَهُ: هُبل من هيت من أَرض الجزيرة، وَكَانَ هُبل من أعظم أصنام قُرَيْش عِنْدهَا، فنصبه على الْبِئْر فِي بطن الْكَعْبَة وَأمر النَّاس
بِعِبَادَتِهِ، فَكَانَ الرجل إِذا قدم من سَفَره بَدَأَ بِهِ على أَهله بعد طَوَافه بِالْبَيْتِ وَحلق رَأسه عِنْده، وهبل الَّذِي قَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان يَوْم أحد:" أهل " هُبل اعْل هُبل أَي: ظهر دينك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " الله أَعلَى وَأجل ". وَكَانَ اسْم الْبِئْر الأخسف. قَالَ إِسْحَاق: وَكَانَ عِنْد هُبل فِي الْكَعْبَة سَبْعَة قداح، كل قدح مِنْهَا مَكْتُوب فِيهِ كتاب، قدح فِيهِ " الْعقل " إِذا اخْتلفُوا فِي الْعقل من يحملهُ ضربوا بِالْقداحِ السَّبْعَة عَلَيْهِم فعلى من خرج حمله وقدح فِيهِ " نعم " لِلْأَمْرِ إِذا أرادوه " بِضَرْب بِهِ فِي القداح " فَإِن ظهر قدح فِيهِ نعم عمِلُوا بِهِ، وقدح فِيهِ " لَا " فَإِذا أَرَادوا الْأَمر ضربوا بِهِ فِي القداح فَإِذا خرج ذَلِك لم يَفْعَلُوا ذَلِك الْأَمر وقدح فِيهِ " مِنْكُم "، وقدح فِيهِ " ملصق "، وقدح فِيهِ " من غَيْركُمْ " وقدح فِيهِ " الْمِيَاه " فَإِذا أَرَادوا أَن يحفروا المَاء ضربوا بِالْقداحِ، وفيهَا ذَلِك الْقدح فَحَيْثُ مَا خرج بِهِ عمِلُوا بِهِ، وَكَانُوا إِذا أَرَادوا أَن يختنوا غُلَاما أَو يزوجوا أحدا أَو يدفنوا مَيتا أَو شكوا فِي نسب أحد ذَهَبُوا بِهِ إِلَى هُبل وَمِائَة دِرْهَم وجزور فأعطوها صَاحب القداح الَّذِي يضْرب بهَا ثمَّ قربوا صَاحبهمْ الَّذِي يُرِيدُونَ بِهِ مَا يُرِيدُونَ ثمَّ قَالُوا: يَا إلهنا هَذَا فلَان بن فلَان أردنَا بِهِ كَذَا وَكَذَا فَأخْرج الْحق فِيهِ ثمَّ يَقُولُونَ لصَاحب القداح: اضربه فَإِن خرج " مِنْكُم " كَانَ مِنْهُم وَسِيطًا، وَإِن خرج عَلَيْهِ " من غَيْركُمْ " كَانَ حليفاً، وَإِن خرج عَلَيْهِ " ملصق " كَانَ مُلْصقًا على مَنْزِلَته فيهم لَا نسب لَهُ وَلَا حلف، وَإِن خرج عَلَيْهِ شَيْء سوى هَذَا مِمَّا يعْملُونَ بِهِ عمِلُوا بِهِ، وَإِذا خرج " لَا " أخروه عَامه ذَلِك حَتَّى يأْتونَ بِهِ مرّة أُخْرَى ينتهون فِي أَمرهم ذَلِك إِلَى مَا خرجت بِهِ القداح، وَكَذَلِكَ فعل عبد الْمطلب بِابْنِهِ حِين أَرَادَ أَن يذبحه. قَالَ ابْن إِسْحَاق: وَكَانَ هُبل من خرز العقيق على