الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتراب الْعين الْيُمْنَى يسيلان، وَإِن الْمَطَر لَا يزَال على هَذَا الْجَبَل فِي كل يَوْم من أَيَّام السّنة لَا يَنْقَطِع أصلا، وَلكنه فِي بعض الْأَوْقَات رشاش، وَإِن فِي كل جِهَة من جِهَات الْجَبَل الْأَرْبَع يَدُوم الْمَطَر فِي أَرض الْهِنْد ثَلَاثَة أشهر على ممر السنين وَالله أعلم.
فصل مَا جَاءَ فِي حج إِبْرَاهِيم وطوافه وأذانه فِي الْحَج
لما فرغ إِبْرَاهِيم عليه السلام من بِنَاء الْبَيْت الْحَرَام جَاءَ جِبْرِيل عليه السلام وَفِي رِوَايَة قَالَ: أَي ربّ قد فعلت فأرنا مناسكنا، أَي: أبرزها لنا وعلمناها، وَقيل: أرنا مناسكنا: مذابحنا، فَجَاءَهُ جِبْرِيل، فَقَالَ: طف بِهِ سبعا هُوَ وَإِسْمَاعِيل يستلمان الْأَركان كلهَا فِي كل طواف، وَكَانَ آدم يسْتَلم الْأَركان كلهَا قبل إِبْرَاهِيم عليه السلام فَلَمَّا أكملا سبعا صليا خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: فَقَامَ مَعَه جِبْرِيل فَأرَاهُ الْمَنَاسِك كلهَا الصَّفَا والمروة وَمنى ومزدلفة وعرفة، فَلَمَّا دخل منى وَهَبَطَ من الْعقبَة تمثل لَهُ إِبْلِيس وَفِي رِوَايَة: بعث الله عز وجل جِبْرِيل فحج بِهِ حَتَّى إِذا جَاءَ يَوْم النَّحْر عرض لَهُ إِبْلِيس عِنْد جَمْرَة الْعقبَة فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عليه السلام: ارمه فَرَمَاهُ إِبْرَاهِيم عليه السلام بِسبع حَصَيَات فَغَاب عَنهُ ثمَّ برز لَهُ عِنْد الْجَمْرَة السُّفْلى، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: ارمه فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات فَغَاب عَنهُ ثمَّ برز لَهُ عِنْد الْجَمْرَة الْوُسْطَى، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عليه السلام: كبر وارمه فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات مثل حَصى الْخذف فَغَاب عَنهُ إِبْلِيس وَفِي رِوَايَة: فَرَمَاهُ من الْغَد وَالْيَوْم الثَّالِث كَذَلِك ثمَّ مضى إِبْرَاهِيم فِي حجه وَجِبْرِيل يوقفه على المواقف ويعلمه الْمَنَاسِك حَتَّى انْتهى إِلَى عَرَفَات، فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهَا قَالَ لَهُ جِبْرِيل: أعرفت مناسكك؟ قَالَ إِبْرَاهِيم: نعم. فسميت عَرَفَات بذلك، فَلَمَّا فرغ من الْحَج أَمر إِبْرَاهِيم أَن يُؤذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ وَفِي رِوَايَة: لما فرغ إِبْرَاهِيم من بِنَاء الْبَيْت قَالَ: يَا رب قد فرغت فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن أذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ، فَهَذِهِ الرِّوَايَة تَقْتَضِي أَن الْأَذَان قبل الْحَج، وَالرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة تخَالف ذَلِك فَلَمَّا أَمر أَن يُؤذن بِالْحَجِّ، قَالَ: يَا رب وَمَا يبلغ صوتي؟ فَقَالَ الله تَعَالَى: أذن وعليّ الْبَلَاغ وَفِي رِوَايَة: قَالَ: وَكَيف أَقُول؟ قَالَ: قل: يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا ربكُم ثَلَاث مَرَّات فعلا إِبْرَاهِيم على الْمقَام فارتفع بِهِ حَتَّى صَار أرفع الْجبَال وأطولها وَفِي رِوَايَة: صعد أَبَا قبيس وَأذن بِالْحَجِّ، وَفِي رِوَايَة: علا على شبر وجمعت لَهُ الأَرْض يَوْمئِذٍ سهلها
وجبلها وبرها وبحرها وإنسها وجنها حَتَّى أسمعهم جَمِيعًا وتطأطأت الْجبَال، وَفِي رِوَايَة: خفضت الْجبَال رؤوسها وَرفعت لَهُ الْقرى فَأدْخل إصبعيه فِي صماخي أُذُنَيْهِ وَأَقْبل بِوَجْهِهِ يمناً وشاماً وشرقاً وغرباً، وَبَدَأَ بشق الْيمن فَقَالَ: أَيهَا النَّاس كتب عَلَيْكُم الْحَج إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق فأجيبوا ربكُم وَفِي رِوَايَة: أَن الله قد أَمركُم بِحَجّ هَذَا الْبَيْت ليثيبكم بِهِ الْجنَّة ويجيركم من عَذَاب النَّار فحجوا فَأَجَابُوهُ من تَحت التخوم السَّبْعَة وَمن بَين الْمشرق وَالْمغْرب إِلَى مُنْقَطع التُّرَاب من أقطار الأَرْض كلهَا لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وَفِي رِوَايَة: أَي كل رطب ويابس، وسَمعه من بَين الْمشرق وَالْمغْرب وأجابه من كَانَ فِي أصلاب الرِّجَال وأرحام النِّسَاء فَلَيْسَ أحد يحجّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا من أجَاب نِدَاء إِبْرَاهِيم، وَإِنَّمَا حجهم على قدر إجابتهم يَوْمئِذٍ، فَمن أَجَابَهُ مرّة حج مرّة، وَمن أَجَابَهُ مرَّتَيْنِ حج مرَّتَيْنِ، وَمن أَجَابَهُ أَكثر فَأكْثر على حسب إجَابَته. ويروى أَنه كَانَ بَين ذَلِك وَبَين أَن بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَة آلَاف سنة، وَكَانَ أول من أجَاب دَعْوَة إِبْرَاهِيم بِالتَّلْبِيَةِ أهل الْيمن، وَذهب جمَاعَة إِلَى أَن الْمَأْمُور فِي قَوْله تَعَالَى:" وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ ". سيدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَفِي رِوَايَة اسْتقْبل إِبْرَاهِيم الْيمن ودعا إِلَى الله وَإِلَى حج بَيته فَأُجِيب أَن لبيْك لبيْك، ثمَّ اسْتقْبل الْمشرق فَدَعَا إِلَى الله وَإِلَى حج بَيته فَأُجِيب أَن لبيْك لبيْك، ثمَّ إِلَى الْمغرب بِمثل ذَلِك، ثمَّ إِلَى الشَّام بِمثل ذَلِك، ثمَّ حج إِبْرَاهِيم بِإِسْمَاعِيل وبمن مَعَه من الْمُسلمين من جرهم، وهم سكان الْحرم يَوْمئِذٍ مَعَ إِسْمَاعِيل وهم أصهاره، وَصلى بهم الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء بمنى ثمَّ بَات بهم حَتَّى أصبح وَصلى بعن الْغَدَاة، ثمَّ غَدا بهم إِلَى نمرة فَقَالَ بهم هُنَالك حَتَّى إِذا مَالَتْ الشَّمْس جمع بَين الظّهْر وَالْعصر بِعَرَفَة فِي مَسْجِد إِبْرَاهِيم، ثمَّ رَاح بهم إِلَى الْموقف من عَرَفَة وَهُوَ الْموقف الَّذِي يقف عَلَيْهِ الإِمَام الْيَوْم فَوقف بهم فَلَمَّا غربت الشَّمْس دفع بِهِ وبمن مَعَه حَتَّى أَتَى الْمزْدَلِفَة فَجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ الْمغرب وَالْعشَاء الْآخِرَة، ثمَّ بَات حَتَّى إِذا طلع الْفجْر صلى بهم الْغَدَاة ثمَّ وقف بِهِ على قزَح من الْمزْدَلِفَة وبمن مَعَه وَهُوَ الْموقف الَّذِي يقف بِهِ الإِمَام الْيَوْم حَتَّى