المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر منبر النبي صلى الله عليه وسلم وروضته الشريفة - تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف

[ابن الضياء]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمَة الْمُؤلف

- ‌الْبَاب الأول تَارِيخ مَكَّة المشرفة وَمَا يتَعَلَّق بِالْكَعْبَةِ الشَّرِيفَة وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَغير ذَلِك على سَبِيل الِاخْتِصَار

- ‌فصل: ذكر مَا كَانَت الْكَعْبَة عَلَيْهِ فَوق المَاء قبل خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض

- ‌فصل: ذكر بِنَاء الْمَلَائِكَة الْكَعْبَة قبل آدم ومبتدأ الطّواف

- ‌فصل: ذكر هبوط آدم عليه السلام إِلَى الأَرْض وبنائه الْكَعْبَة وحجه وطوافه بِالْبَيْتِ

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي رفع الْبَيْت الْمَعْمُور من الْغَرق وَبِنَاء ولد آدم الْبَيْت بعده وَطواف سفينة نوح بِالْبَيْتِ، وَأثر الْكَعْبَة بَين نوح وَإِبْرَاهِيم وَاخْتِيَار إِبْرَاهِيم عليه السلام مَوضِع الْبَيْت

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي إسكان إِبْرَاهِيم ابْنه إِسْمَاعِيل وَأمه فِي بَدْء أمره عِنْد الْبَيْت

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي نزُول جرهم مَعَ أم إِسْمَاعِيل الْحرم

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي بِنَاء إِبْرَاهِيم الْكَعْبَة

- ‌فصل مَا جَاءَ فِي حج إِبْرَاهِيم وطوافه وأذانه فِي الْحَج

- ‌فصل ذكر ولَايَة بني إِسْمَاعِيل الْكَعْبَة من بعده وَأمر جرهم

- ‌فصل ذكر ولَايَة خُزَاعَة الْكَعْبَة بعد جرهم وَأمر مَكَّة

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي عبَادَة بني إِسْمَاعِيل الْحِجَارَة وتغيير دين إِبْرَاهِيم

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي أول من نصب الْأَصْنَام فِي الْكَعْبَة والاستقسام بالأزلام

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي أول من نصب الْأَصْنَام وَمَا كَانَ من كسرهَا

- ‌فصل: مسيرَة تبع إِلَى مَكَّة

- ‌فصل: مُبْتَدأ حَدِيث الْفِيل

- ‌فصل ذكر الْفِيل حِين ساقته الْحَبَشَة

- ‌فصل: ذكر بِنَاء قُرَيْش الْكَعْبَة فِي الْجَاهِلِيَّة

- ‌فصل: ذكر الْوَقْت الَّذِي كَانُوا يفتحون فِيهِ الْكَعْبَة وَأول من خلع النَّعْل عِنْد دُخُولهَا

- ‌فصل: ذكر بِنَاء الزبير الْكَعْبَة وَمَا زَاد فِيهَا وَمَا نقص مِنْهَا الْحجَّاج

- ‌فصل: ذكر الْجب الَّذِي كَانَ فِي الْكَعْبَة وَمَالهَا الَّذِي كَانَ فِيهِ

- ‌فصل ذكر من كسا الْكَعْبَة فِي الْجَاهِلِيَّة

- ‌فصل ذكر من كساها فِي الْإِسْلَام وطيبها وخدمها

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي تَجْرِيد الْكَعْبَة

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي أَسمَاء الْكَعْبَة وَأَن لَا يبْنى بَيت يشرف عَلَيْهِ

- ‌فصل: ذكر أول من استصبح حول الْكَعْبَة وَفِي الْمَسْجِد الْحَرَام

- ‌فصل: ذكر ذرع الْكَعْبَة من دَاخل وخارج

- ‌فصل: ذكر مَا يَدُور بِالْحجرِ الْأسود من الْفضة

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي مقَام إِبْرَاهِيم عليه السلام

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي مَوضِع الْمقَام وَكَيف رده عمر إِلَى مَوْضِعه هَذَا

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي الذَّهَب الَّذِي على الْمقَام وَمن جعله عَلَيْهِ

- ‌فصل ذكر ذرع الْمقَام

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي إِخْرَاج جِبْرِيل زَمْزَم لأم إِسْمَاعِيل " ويروى لَهَا

- ‌فصل: مَا جَاءَ فِي حفر عبد الْمطلب بن هَاشم زَمْزَم

- ‌فصل: ذكر علاج زَمْزَم فِي الْإِسْلَام

- ‌فصل: ذكر فضل زَمْزَم وخواصها

- ‌فصل: ذكر ذرع بِئْر زَمْزَم

- ‌فصل: ذكر سِقَايَة الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رضي الله عنه

- ‌فصل: ذكر حد الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَا يتَعَلَّق بِالنَّوْمِ وَالْوُضُوء فِيهِ وَأول من أدَار الصُّفُوف حول الْكَعْبَة

- ‌فصل: ذكر مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمَسْجِد الْحَرَام وسعته وعمارته إِلَى أَن صَار على مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآن

- ‌فصل: ذكر عمل عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان رضي الله عنهما

- ‌فصل: ذكر بُنيان ابْن الزبير وَعبد الْملك بن مَرْوَان

- ‌فصل: ذكر عمل الْوَلِيد بن عبد الْملك

- ‌فصل: عمل أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي جَعْفَر الْمَنْصُور

- ‌فصل: ذكر زِيَادَة الْمهْدي الأولى

- ‌فصل: ذكر زِيَادَة الْمهْدي الثَّانِيَة

- ‌فصل: ذكر ذرع الْمَسْجِد الْحَرَام

- ‌فصل: ذكر عدد أساطين الْمَسْجِد الْحَرَام الَّتِي بالرواقات غير الزيادتين وَغير الأساطين الَّتِي بِصَحْنِ الْمَسْجِد فِي الْمَسْجِد الْحَرَام الْآن غير الزيادتين وَغير أساطين المطاف الشريف

- ‌فصل: ذكر عدد أَبْوَاب الْمَسْجِد وأسمائها وصفتها

- ‌فصل: ذكر منارات الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَا وضع فِيهِ لمصْلحَة الْمَسْجِد الْحَرَام الْآن

- ‌فصل: وَمن ذَلِك المنابر الَّتِي يخْطب عَلَيْهَا

- ‌فصل: وَمن ذَلِك المقامات الَّتِي هِيَ الْآن بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام

- ‌فصل: ذكر درج الصَّفَا والمروة

- ‌فصل: ذكر آيَات الْبَيْت الْحَرَام زَاده الله تَشْرِيفًا وتعظيما

- ‌فصل: فِي ذكر الْأَمَاكِن الْمُبَارَكَة بِمَكَّة المشرفة وحرمها وقربه الَّتِي يسْتَحبّ زيارتها وَالصَّلَاة وَالدُّعَاء فِيهَا رَجَاء بركتها

- ‌فصل: ذكر السقايات بِمَكَّة المشرفة وحرمها

- ‌فصل: ذكر البرك بِمَكَّة وحرمها

- ‌فصل: ذكر الْآبَار بِمَكَّة وحرمها

- ‌فصل: ذكر عُيُون مَكَّة

- ‌فصل: ذكر الْمَطَاهِر الَّتِي تمكن بِمَكَّة المشرفة مطاهر

- ‌الْبَاب الثَّانِي تَارِيخ الْمَدِينَة وَمَا يتَعَلَّق بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ الشريف والحجرة المقدسة والمنبر الشريف وزيارة النَّبِي صلى الله عليه وسلم ومزارات الْمَدِينَة والجوار بهَا وآداب الرُّجُوع. وَفِيه عشرَة فُصُول

- ‌الْفَصْل الأول: فِي أول سَاكِني الْمَدِينَة وسكنى الْيَهُود الْحجاز ثمَّ نزُول الْأَوْس والخزرج بِالْمَدِينَةِ

- ‌ذكر أول من نزل الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌ذكر سُكْنى الْيَهُود الْحجاز بعد العماليق

- ‌ذكر نزُول الْأَوْس والخزرج الْمَدِينَة

- ‌ذكر من قتل الْيَهُود واستيلاء الْأَوْس والخزرج على الْمَدِينَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي: ذكر فتح الْمَدِينَة وهجرة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه إِلَيْهَا

- ‌ذكر مَا جَاءَ فِي فتحهَا

- ‌ذكر هِجْرَة النَّبِي إِلَى الْمَدِينَة صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل الثَّالِث: حُرْمَة الْمَدِينَة وغبارها وتمرها وحدود حرمهَا فِي مَا جَاءَ فِي حُرْمَة الْمَدِينَة وغبارها وتمرها ودعائه صلى الله عليه وسلم لَهُم بِالْبركَةِ وَمَا يؤول إِلَيْهِ أمرهَا وحدود حرمهَا:

- ‌ذكر حُرْمَة الْمَدِينَة المشرفة

- ‌مَا جَاءَ فِي غُبَار الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌مَا جَاءَ فِي تمر الْمَدِينَة وثمارها ودعائه صلى الله عليه وسلم لَهَا بِالْبركَةِ

- ‌ذكر مَا يؤول إِلَيْهِ أَمر الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌مَا جَاءَ فِي تَحْدِيد حُدُود حرم الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل الرَّابِع: ذكر أَوديَة الْمَدِينَة الشَّرِيفَة وآبارها المنسوبة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعينها وَذكر جبل أحد وَالشُّهَدَاء عِنْده

- ‌ذكر وَادي العقيق وفضله

- ‌ذكر الْآبَار المنسوبة إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر عين النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس: ذكر جلاء بني النَّضِير من الْمَدِينَة وحفر الخَنْدَق وَقتل بني قُرَيْظَة بِالْمَدِينَةِ

- ‌ذكر جلاء بني النَّضِير من الْمَدِينَة

- ‌ذكر حفر الخَنْدَق

- ‌ذكر قتل بني قُرَيْظَة بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌ذكر ابْتِدَاء بِنَاء مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مَا جَاءَ فِي قبْلَة مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر حجر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مصلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من اللَّيْل

- ‌ذكر قصَّة الْجذع

- ‌ذكر مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وروضته الشَّرِيفَة

- ‌ذكر سد الْأَبْوَاب الشوارع فِي الْمَسْجِد

- ‌ذكر تجمير الْمَسْجِد الشريف وتخليقه

- ‌ذكر مَوضِع تأذين بِلَال رضي الله عنه

- ‌ذكر أهل الصّفة

- ‌ذكر زِيَادَة عمر بن الْخطاب فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر بطحاء مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر زِيَادَة عُثْمَان رضي الله عنه

- ‌ذكر زِيَادَة الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان

- ‌ذكر زِيَادَة الْمهْدي

- ‌ذكر بلاعات الْمَسْجِد وستائر صحنه والسقايات الَّتِي كَانَت فِيهِ

- ‌ذكر احتراق الْمَسْجِد الشريف

- ‌ذكر الخوخ والأبواب الَّتِي كَانَت فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ذرع الْمَسْجِد الْيَوْم وَعدد أساطينه وطيقانه وَذكر حُدُود الْمَسْجِد الْقَدِيم

- ‌ذكر أسوار الْمَدِينَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل السَّابِع

- ‌ذكر الْمَسَاجِد الْمَعْرُوفَة بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة

- ‌ذكر مَسَاجِد صلى فِيهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ المشرفة

- ‌ذكر الْمَسَاجِد الَّتِي صلى فِيهَا صلى الله عليه وسلم بَين مَكَّة وَالْمَدينَة

- ‌ذكر الْمَسَاجِد الْمَشْهُورَة الَّتِي صلى فِيهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْغَزَوَات وَغَيرهَا

- ‌الْفَصْل الثَّامِن

- ‌أما ذكر وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر وَفَاة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه

- ‌ذكر وَفَاة عمر رضي الله عنه

- ‌مَا جَاءَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَبا بكر وَعمر رضي الله عنهما وَعِيسَى عليه السلام خلقُوا من طِينَة وَاحِدَة وَأَن كل مَخْلُوق يدْفن فِي تربته الَّتِي خلق مِنْهَا

- ‌مَا جَاءَ فِي صفة وضع الْقُبُور المقدسة وَصفَة الْحُجْرَة الشَّرِيفَة

- ‌الْفَصْل التَّاسِع

- ‌ذكر حكم زِيَارَة النَّبِي وفضلها صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌وَأما كَيْفيَّة زيارته صلى الله عليه وسلم وزيارة ضجيعيه رضي الله عنهما

- ‌كَيْفيَّة السَّلَام عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم حَال الزِّيَارَة وَالسَّلَام على ضجيعيه رضي الله عنهما

الفصل: ‌ذكر منبر النبي صلى الله عليه وسلم وروضته الشريفة

زعمهم فَأمر بقلع ذَلِك الْمِثَال أَيْضا، وَالْحَمْد لله، وَأما الْعود الَّذِي فِي الاسطوانة الَّتِي عَن يَمِين مصلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الْجذع الْمُتَقَدّم ذكره. فَقَالَ الْحَافِظ محب الدّين: روى عَن مُصعب بن ثَابت قَالَ: طلبنا علم الْعود الَّذِي فِي مقَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلم نقدر على أحد يذكر لنا فِيهِ شَيْئا حَتَّى أَخْبرنِي مُحَمَّد بن مُسلم بن السَّائِب صَاحب الْمَقْصُورَة أَنه جلس إِلَى جنبه أنس بن مَالك فَقَالَ: تَدْرِي لم صنع هَذَا الْعود؟ وَلم اسأله فَقلت: مَا أَدْرِي. قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يضع عَلَيْهِ يَمِينه ثمَّ يلْتَفت إِلَيْنَا، فَيَقُول:" اسْتَووا وَعدلُوا صفوفكم ". فَلَمَّا توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سرق الْعود فَطَلَبه أَبُو بكر فَلم يجده، ثمَّ وجده عمر عِنْد رجل من الْأَنْصَار بقباء قد دَفنه فِي الأَرْض فأكلته الأَرْض، فَأخذ لَهُ عوداً فشقه وَأدْخلهُ فِيهِ ثمَّ شعبه ورده إِلَى الْجِدَار، وَهُوَ الْعود الَّذِي وَضعه عمر بن عبد الْعَزِيز فِي الْقبْلَة، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمِحْرَاب الْيَوْم بَاقٍ. قَالَ مُسلم بن حَيَّان: كَانَ ذَلِك الْعود من طرفاء الغابة. وَقيل: بل كَانَ من الْجذع الْمَذْكُور. قَالَ الْمرْجَانِي: قلت وَالله أعلم: إِن هَذَا الْجذع الَّذِي ذكره ابْن النجار إِنَّه فِي الْقبْلَة بَاقٍ إِلَى الْيَوْم، لَعَلَّه الَّذِي قَاس بِهِ الشَّيْخ أَبُو حَامِد وقلعه ابْن حنا. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: وَكَانَ ذَلِك قبل حريق الْمَسْجِد الشريف.

‌ذكر مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وروضته الشَّرِيفَة

عَن أبي حَازِم أَن نَفرا جَاءُوا إِلَى سهل بن سعد وَقد تماروا فِي الْمِنْبَر من أَي عود هُوَ؟ فَقَالَ: أما وَالله إِنِّي لأعرف من أَي عود هُوَ، وَمن عمله، وَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أول يَوْم جلس عَلَيْهِ. فَقلت لَهُ: فحدثنا فَقَالَ: أرسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى امْرَأَة " انظري غلامك النجار يعْمل لي أعواداً أحكم للنَّاس عَلَيْهَا " فَعمل هَذِه الثَّلَاث دَرَجَات، ثمَّ أَمر بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَوضعت هَذَا الْموضع، وَهِي من طرفاء الغابة والطرفاء شجر يشبه الأثل إِلَّا أَن الأثل أعظم مِنْهُ. وَعَن جَابر بن عبد الله أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار قَالَت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُول الله أَلا أجعَل لَك شَيْئا تقعد عَلَيْهِ فَإِن لي غُلَاما نجاراً. فَقَالَ: إِن شِئْت. فَعمل لَهُ الْمِنْبَر.

ص: 273

وَعَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما بدن قَالَ لَهُ تَمِيم الدَّارِيّ: أَلا أَتَّخِذ لَك منبراً يَا رَسُول الله يجمع أَو يحمل عظامك. قَالَ: بلَى. قَالَ: فَاتخذ لَهُ منبراً مرقاتين. وَعَن أبي الزِّنَاد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يخْطب فِي يَوْم الْجُمُعَة إِلَى جذع فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: إِن الْقيام قد يشق عَليّ وشكا ضعفا فِي رجلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ تَمِيم الدَّارِيّ وَكَانَ من أهل فلسطين: يَا رَسُول الله أَنا أعمل لَك منبراً كَمَا رَأَيْت يصنع بِالشَّام. قَالَ: فَلَمَّا اجْتمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وذوا الرَّأْي من أَصْحَابه على اتِّخَاذه، قَالَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب: إِن لي غُلَاما يُقَال لَهُ فلَان أعمل النَّاس، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: فمره يعْمل، فَأرْسل إِلَى اثلة بِالْغَابَةِ فقطعها ثمَّ عَملهَا دَرَجَتَيْنِ ومجلساً، ثمَّ جَاءَ بالمنبر فَوَضعه فِي مَوْضِعه الْيَوْم ثمَّ رَاح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الْجُمُعَة، فَلَمَّا جَاوز الْجذع يُرِيد الْمِنْبَر حن الْجذع ثَلَاث مَرَّات كَأَنَّهُ خوار بقرة حَتَّى ارتاع النَّاس وَقَامَ بَعضهم على رجلَيْهِ، وَأَقْبل رَسُول الله حَتَّى مَسّه بِيَدِهِ فسكن، فَمَا سمع لَهُ صَوت بعد ذَلِك، ثمَّ رَجَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمِنْبَر فَقَامَ عَلَيْهِ. وَقد رُوِيَ أَن هَذَا الْغُلَام الَّذِي صنع الْمِنْبَر اسْمه مينا بياء سَاكِنة مثناة من أَسْفَل بعْدهَا نون. وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز: عمله صباح غُلَام الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب. قَالَ الْوَاقِدِيّ: وَذَلِكَ فِي السّنة الثَّامِنَة من الْهِجْرَة اتَّخذهُ دَرَجَتَيْنِ ومقعدة. قَالَ ابْن أبي الزِّنَاد: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يجلس على الْمِنْبَر وَيَضَع رجلَيْهِ على الدرجَة الثَّانِيَة، فَلَمَّا ولي أَبُو بكر رضي الله عنه قَامَ على الدرجَة الثَّانِيَة وَوضع رجلَيْهِ على الدرجَة الثَّالِثَة السُّفْلى، فَلَمَّا ولي عمر رضي الله عنه قَامَ على الدرجَة السُّفْلى كَمَا فعل عمر رضي الله عنه سِتّ سِنِين، ثمَّ علا فَجَلَسَ مَوضِع النَّبِي صلى الله عليه وسلم وكسا الْمِنْبَر قبطية. ذكر الشَّيْخ محب الدّين عَن مُحَمَّد بن الْحسن بن زبالة قَالَ: كَانَ طول الْمِنْبَر مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم الأول فِي السَّمَاء ذراعين وشبراً وَثَلَاثَة أَصَابِع، وَعرضه ذِرَاع رَاجِح، وَطول صَدره وَهُوَ مُسْند إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذِرَاع، وَطول رمانتي الْمِنْبَر اللَّتَيْنِ كَانَ يمسكهما صلى الله عليه وسلم إِذا جلس يخْطب شبر وأصبعان، وَعرضه ذِرَاع فِي ذِرَاع وتربيعه سَوَاء، وَعدد دَرَجه ثَلَاث بالمقعد، وَفِيه خَمْسَة أَعْوَاد فِي جوانبه الثَّلَاث قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: هَذَا مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفِي خلَافَة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان رضي الله عنهم، فَلَمَّا حج

ص: 274

مُعَاوِيَة رضي الله عنه فِي خِلَافَته كَسَاه قبطية ثمَّ كتب إِلَى مَرْوَان بن عبد الحكم وَهُوَ عَامله على الْمَدِينَة أَن ارْفَعْ الْمِنْبَر عَن الأَرْض، فَدَعَا لَهُ النجارين ورفعوه عَن الأَرْض وَزَادُوا من أَسْفَله سِتّ دَرَجَات، وَصَارَ الْمِنْبَر بِسبع دَرَجَات بِالْمَجْلِسِ. قَالَ ابْن زبالة: لم يزدْ فِيهِ أحد قبله وَلَا بعده. وَقَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: هَذَا فِي زمَان مُحَمَّد بن زبالة، وروى أَيْضا عَن ابْن زبالة أَن طول مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَا زيد فِيهِ أَرْبَعَة أَذْرع وَمن أَسْفَله عتبَة، وَذكر ابْن زبالة أَيْضا أَن الْمهْدي بن الْمَنْصُور لما حج سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة قَالَ للْإِمَام مَالك بن أنس رحمه الله: أُرِيد أَن أُعِيد مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم على حَاله الأول، فَقَالَ لَهُ مَالك: إِنَّمَا هُوَ من طرفاء وَقد شدّ إِلَى هَذِه العيدان وَسمر فَهِيَ ببركته حفت أَن تتهافت فَلَا أرى تَغْيِيره، فَتَركه الْمهْدي على حَاله، قيل: إِن الْمهْدي فرق فِي هَذِه الْحجَّة ثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَمِائَة ألف وَخمسين ألف ثوب، وَحمل إِلَيْهِ الثَّلج من بَغْدَاد إِلَى مَكَّة وكسا الْبَيْت ثَلَاث كساوي بَيْضَاء وحمراء وسوداء توفّي بِمَاء سندان بِموضع يُقَال لَهُ الرَّد، فِي الْمحرم سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: وَذكر لي يَعْقُوب بن أبي بكر بن أوحد من أَوْلَاد المجاورين بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة وَكَانَ أَبوهُ أَبُو بكر فراشا من قوام الْمَسْجِد الشريف، وَهُوَ الَّذِي كَانَ حريق الْمَسْجِد على يَدَيْهِ وَاحْتَرَقَ هُوَ أَيْضا فِي حَاصِل الْحرم، إِن هَذَا الْمِنْبَر الَّذِي زَاده مُعَاوِيَة وَرفع مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وجد قد تهافت على طول الزَّمَان وَإِن بعض خلفاء بني الْعَبَّاس جدده وَاتَّخذُوا من بقايا أَعْوَاد مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم أمشاطاً للتبرك بهَا، والمنبر الَّذِي ذكره ابْن النجار هُوَ الْمَذْكُور أَولا فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَارِيخه: وَطول الْمِنْبَر الْيَوْم ثَلَاثَة أَذْرع وشبر وَثَلَاثَة أَصَابِع، والدكة الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا من رُخَام طولهَا شبر وَعقد، وَمن رَأسه إِلَى عتبته خَمْسَة أَذْرع وشبر وَأَرْبع أَصَابِع، وَقد زيد فِيهِ الْيَوْم عتبتان وَجعل عَلَيْهِ بَاب يفتح يَوْم الْجُمُعَة. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: فَدلَّ ذَلِك على أَن الْمِنْبَر الَّذِي احْتَرَقَ غير الْمِنْبَر الأول الَّذِي عمله مُعَاوِيَة وَرفع مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَوْقه. قَالَ الْفَقِيه يَعْقُوب بن أبي بكر: سَمِعت ذَلِك مِمَّن أدْركْت بِأَن بعض الْخُلَفَاء جدد الْمِنْبَر وَاتخذ من بقايا أعواده أمشاطاً، وَإِن الْمِنْبَر المحترق هُوَ الَّذِي جدده الْخَلِيفَة الْمَذْكُور، وَهُوَ الَّذِي أدْركهُ الشَّيْخ محب الدّين قبل احتراق الْمَسْجِد الشريف، فَإِن الْحَافِظ محب الدّين كتب التَّارِيخ فِي سنة ثَلَاث

ص: 275

وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة، وَكَانَ احتراق الْمَسْجِد لَيْلَة الْجُمُعَة أول رَمَضَان سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين: ثمَّ إِن الْملك المظفر عمل منبراً وأرسله فِي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة، وَنصب فِي مَوضِع مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم رمانتاه من الصندل، وَلم يزل إِلَى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة عشر سِنِين يخْطب عَلَيْهِ، ثمَّ إِن الْملك الظَّاهِر أرسل هَذَا الْمِنْبَر الْمَوْجُود الْيَوْم فَحمل مِنْبَر صَاحب الْيمن إِلَى حَاصِل الْحرم وَهُوَ بَاقٍ فِيهِ وَنصب هَذَا مَكَانَهُ، وَطوله أَرْبَعَة أَذْرع، وَمن رَأسه إِلَى عتبته سَبْعَة أَذْرع يزِيد قَلِيلا، وَعدد درجاته سبع بالمقعد، وَالْمَنْقُول أَن مَا بَين الْمِنْبَر ومصلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ إِلَى أَن توفّي صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَة عشر ذِرَاعا. وَأما الرَّوْضَة الشَّرِيفَة فَتقدم فِي بَاب الْفَضَائِل قَوْله صلى الله عليه وسلم:" مَا بَين قَبْرِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة ". وَتقدم معنى الحَدِيث. وَفِي حَدِيث آخر: " مَا بَين حُجْرَتي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة ". وَفِي رِوَايَة: " مَا بَين بَيْتِي ومنبري ". قَالَ القَاضِي عِيَاض: قَالَ الطَّبَرِيّ: فِيهِ مَعْنيانِ؛ أَحدهمَا: أَن المُرَاد بِالْبَيْتِ بَيت سكناهُ على الظَّاهِر مَعَ أَنه روى مَا يُبينهُ " مَا بَين حُجْرَتي ومنبري ". وَالثَّانِي: أَن الْبَيْت هَاهُنَا الْقَبْر، وَهُوَ قَول زيد بن أسلم فِي هَذَا الحَدِيث، كَمَا روى " مَا بَين قَبْرِي ومنبري " قَالَ الطَّبَرِيّ: وَإِذا كَانَ قَبره فِي بَيته اتّفقت مَعَاني الرِّوَايَات وَلم يكن بَينهَا خلاف؛ لِأَن قَبره صلى الله عليه وسلم فِي حجرته وَهُوَ بَيته.

ص: 276