الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة «البروج»
وهى مكية كلها بالإجماع ونزلت بعد سورة «الشمس» وقد عالجت سورة الشمس- كما مر بنا- مسألة تزكية النفوس قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (9) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (10) كما نبهت إلى خطورة الطغيان وشؤم الطاغية على قومه حيث يعرّضون جميعا للهلاك، ويستمر فى مسيرة الدعوة وجود النوعين من الناس من استجاب لوحى ربه وزكى نفسه، ومن دساها وأعرض عن ذكر ربّه، والمرء عند ما ينصرف عن خير دعى إليه، فذلك حرمان له يصيبه، وعند ما يعرض عن إنذار له من شر يقيم عليه فإن الشر سيهلكه، وذلك الإعراض الذى يخصه يدل على قصور فيه، وجهل يعميه عن التمييز بين الحق والباطل، الخير والشر، ولكن يبقى ذلك فى دائرته، أما أن تجد المدعو لا يكتفى بهذا الإعراض، وتمتد يده الآثمة لتؤذى الداعى، فإن ذلك يدل على حماقة بالغة، ونفسية خبيثة، وحقد دفين، وأثره مفرطة، فقد يكون فى الدعوة خير للآخرين، وحماية لهم من مظالم هذا الحاقد الخبيث.
وتزداد درجة الحماقة والحقد والحسد فيه عند ما نجده لا يكتفى بإيذاء الداعى، وإنما يغيظه أن يرى إنسانا آخر فى مجتمعه فتح عينيه وأعمل عقله، وأصغى بقلبه واستجاب بجوارحه للدعوة التى رفضها هذا الحاسد الحاقد، فتمتد يده بالأذى لمن آمن واستجاب، وأقام من نفسه قيما على عقول الناس وتفكيرهم فلا ينبغى أن يروا إلا ما يرى، وينبغى أن يكونوا تبعا له فى جهالته.
وبمثل هؤلاء تعوّق الأمم، وتشغل بسفاهتهم، وكل هذا وقع مع الداعى الكريم والناصح الأمين رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ومع أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم على اختلاف فى درجاتهم من حيث الانتماء إلى قوة عصبية تدفع عنهم بعض الأذى ويحسب لها حساب من قبل المشركين.
فهذا عمار وأبوه ياسر وأمّه سميّة كان المشركون يخرجونهم إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء فيعذبونهم بحرها، ومر بهم النبى صلى الله عليه وسلم وهم يعذّبون فقال:«صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة» .
ولم يكن التعذيب لفترة زمنية يسيرة، أو بدرجة معقولة، وإنما كان يشتد ويستمر
إلى درجة الإتلاف، فمات ياسر فى العذاب، وأما سمية فأغلظت القول لأبى جهل بعزة إيمانها، فتصرف معها تصرفا لا يليق بالرجال فطعنها فى قبلها بحربة فى يديه فماتت، وهى أول شهيدة فى الإسلام، وأما عمار فشددوا عليه بالحر تارة وبوضع الصخر على صدره تارة أخرى وكذلك التغريق، وأما بلال فتعذيبه مشهور فكان أمية ابن خلف إذا حميت الشمس وقت الظهيرة يقلبه على الرمال الملتهبة ظهرا لبطن ويأمر بالصخرة الجسمية فتلقى على صدره ثم يقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى فما يزيد بلال عن ترديد: أحد أحد.
واشتدت ضراوة قريش بالمستضعفين وذهب أحلمهم وهو «خباب بن الأرت» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال خباب: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة فى ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: «قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له فى الأرض، فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت فلا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون» .
فالرسول صلى الله عليه وسلم يحثهم على الصبر، ويذكرهم بما كان يفعل بالمؤمنين فى الأمم السابقة، وتنزل سورة البروج لتربط على قلوب هؤلاء المؤمنين، ولتنذر وتحذر أولئك الطغاة الآثمين الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات، ولتذكر الجميع بما حدث فى الأمم السابقة قال تعالى: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (16) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22).
سورة البروج- إذن- من السور التى تربط على قلوب المؤمنين فى مواجهة ما يلاقون من تحديات وآلام نتيجة إيمانهم، ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ بها فى العشاء الآخرة ويأمر بقراءتها. روى الإمام أحمد بسنده عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى العشاء الآخرة ب وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ووَ السَّماءِ وَالطَّارِقِ، وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يقرأ بالسماوات فى العشاء، تفرد به أحمد «1». وعن جابر ابن سمرة: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى الظهر والعصر، وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ، وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ أخرجه الطيالسى وابن أبى شيبة فى المصنف وأحمد والدارمى وأبو داود والترمذى وحسنه والنسائى وابن حبان والطبرانى والبيهقى فى سننه.
كان نزول سورة البروج ربطا على القلوب فى مواجهتها للإيذاء والتحديات، وما فيها من المعانى لا غنى للمؤمنين عنها فى مسيرتهم، وهى ضرورية أيضا لمن أراد أن يعتبر من الطغاة. إن السورة الكريمة افتتحت بالقسم، والقسم هنا بالسماء ذات النجوم وذات المنازل لهذه النجوم إنها السماء فى إحكام بنائها وخلقها وزينتها وإحاطتها بمن تحتها واليوم الموعود وهو يوم القيامة، وشاهد ومشهود وهو كما يقول الطبرى بعد إيراده لما قيل فى المعنى: إن الله أقسم بشاهد شهد ومشهود شهد ولم يخبرنا مع إقسامه بذلك أىّ شاهد وأى مشهود أراد، وكل الّذى ذكرنا أن العلماء قالوا: هو المعنىّ مما يستحق أن يقال له وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3).
والقسم بهذه له مناسبته بما تتضمنه السورة الكريمة من فعل الكافرين بالمؤمنين عيانا ونسوا عقاب الجبار جل جلاله ونسوا اليوم الذى يجمع فيه العباد للحساب، وإذا أمهل الظالمون فى هذه الحياة فإن اليوم الموعود آت إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (42)[إبراهيم]. ويأتى بعد هذا الإقسام ما حدث فى السابقين من لعن الله لأصحاب الأخدود الذين عذبوا المؤمنين وحرقوهم بالنار لا لذنب إلا لكونهم مؤمنين.
روى الإمام أحمد بسنده عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان فيمن كان قبلكم ملك وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك: إنى قد كبر سنى وحضر أجلى فادفع إلى غلاما لأعلمه السحر فدفع إليه غلاما كان يعلمه السحر، وكان بين الساحر وبين
(1) تفسير ابن كثير 4/ 491.
أخرج الإمام أحمد فى المسند 2/ 327 عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر أن يقرأ بالسماوات فى العشاء، يعنى السور الأربع المفتتحة بذكر السماء، انظر: أسرار ترتيب القرآن للسيوطى ص 149.
الملك راهب فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، وكان إذا أتى الساحر ضربه وقال: ما حبسك؟ وإذا أتى أهله ضربوه وقالوا: ما حبسك، فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل: حبسنى أهلى، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل حبسنى الساحر. قال: فبينما هو ذات يوم إذ أتى على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا فقال: اليوم أعلم أمر الراهب أحبّ إلى الله أم أمر الساحر؟ قال: فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحبّ إليك وأرضى من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس، ورماها فقتلها ومضى الناس، فأخبر الراهب بذلك فقال: أى بنى أنت أفضل منى وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا
تدلّ علىّ، فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم، وكان للملك جليس فعمى فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة فقال: اشفنى ولك ما هاهنا أجمع، فقال: ما أنا أشفى أحدا إنما يشفى الله عز وجل فإن آمنت به دعوت الله فشفاك فآمن فدعا الله فشفاه، ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس فقال له الملك: يا فلان من رد عليك بصرك؟ فقال: ربى؟ فقال: أنا؟ قال: لا، ربى وربك الله، قال:
أو لك رب غيرى؟ قال: نعم ربى وربك الله فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فبعث إليه فقال: أى بنى بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص وهذه الأدواء، قال: ما أشفى أحدا إنما يشفى الله عز وجل، قال: أنا، قال: لا، قال: أولك رب غيرى؟
قال: ربى وربك الله، فأخذه أيضا بالعذاب فلم يزل به حتى دل على الراهب، فأتى بالراهب فقال: ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار فى مفرق رأسه حتى وقع شقاه، وقال للأعمى: ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار فى مفرق رأسه حتى وقع شقاه إلى الأرض.
وقال للغلام: ارجع عن دينك فأبى فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا، وقال:
إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه فذهبوا به فلما علوا به الجبل، قال:
اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فدهدهوا أجمعون وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك. فقال: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى، فبعث به مع نفر فى قرقور فقال: إذا لججتم به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فغرقوه فى البحر فلججوا به البحر، فقال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت فغرقوا أجمعون، وجاء الغلام حتى دخل على الملك. فقال: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى ثم قال
للملك: إنك لست بقاتلى حتى تفعل ما آمرك به فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتنى، وإلا فإنك لا تستطيع قتلى، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس فى صعيد واحد ثم تصلبنى على جذع وتأخذ سهما من كنانتى ثم قل: باسم الله رب الغلام فإنك إذا فعلت ذلك قتلتنى. ففعل ووضع السهم فى كبد قوسه ثم رماه وقال: باسم الله رب الغلام فوقع السهم فى صدغه، فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات فقال الناس: آمنا برب الغلام. فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر؟ فقد والله نزل بك. قد آمن الناس كلهم. فأمر بأفواه السكك فخدّت فيها الأخاديد، وأحرقت فيها النيران، وقال: من رجع عن دينه فدعوه، وإلا فأقحموه فيها، قال: فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون فجاءت امرأة بابن لها ترضعه فكأنها تقاعست أن تقع فى النار، فقال الصبى:
اصبرى يا أماه فإنك على الحق».
وهكذا رواه مسلم فى آخر الصحيح عن هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة به نحوه. ورواه النسائى عن أحمد بن سلمان عن عثمان عن حماد بن سلمة، ومن طريق حماد بن زيد كلاهما عن ثابت به واختصروا أوله، وقد جوّده الإمام أبو عيسى الترمذى فرواه فى تفسير هذه السورة «1» .
ومع ما حدث للمؤمنين من أصحاب الأخدود، وأن ذنبهم الذى عوقبوا به هو إيمانهم بالله سبحانه. ولكى يكون من التوجيه القرآنى الكريم ما يحذر الكافرين من الاستمرار فى تعذيب المؤمنين من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، ولكى يطمئن المؤمنون كذلك تذكر السورة الكريمة تعقيبها على ما حدث لهؤلاء المؤمنين السابقين. أن الذى آمن به المؤمنون سبحانه عزيز غالب منيع له العزة التى قهر بها كل شىء، وهو الحميد فى صفاته وكلامه وأفعاله والمحمود فى كل حال فهل أمن هؤلاء الكافرون المعذّبون للمؤمنين أن يأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر؟ وهل هؤلاء المؤمنون الذين عذّبوهم قد تجاوزوا الحق وقد آمنوا بالمحمود فى كل حال، والذى له ملك السموات والأرض، والذى يعلم أعمال خلقه ولا تخفى عليه خافية، إن هؤلاء المعذّبين للمؤمنين والمؤمنات إن لم يتوبوا من قبيح صنيعهم فإن الجبار جل جلاله سيعاقبهم بجنس صنيعهم حيث يحرّقون ويكونون وقودا لجهنم مع انتقامه منهم فى الحياة الدنيا، وأما المؤمنون الصالحون فإنهم فائزون بإيمانهم وصلاحهم، ما هى إلا لحظات يسيرة حين يحرقون بنار الكافرين، ليجدوا ما أعدّ
(1) ابن كثير 4/ 493، 494.
لهم من نعيم وليصيروا إلى جنات تجرى من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير.
كما تقدم السورة الكريمة تحذيرا آخر، وربطا على القلوب المؤمنة عسى أن تفيد الكافرين من التحذير، وليطمئن المؤمنون على صلة الودود سبحانه بهم. إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) كما قال تعالى: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)[هود] وهو الذى خلق خلقه ابتداء وهو الذى يعيدهم عند البعث، أو كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: يبدئ لهم عذاب الحريق فى الدنيا، ثم يعيده عليهم فى الآخرة. وهذا اختيار الطبرى «1». وهو سبحانه الغفور الذى يغفر الذنوب لمن تاب ورجع واستغفر وهو المحب لأوليائه ولعباده الصالحين الذين يحبونه قال ابن عباس:
المتودد إلى أوليائه بالمغفرة. وذكر الصفتين معا توجيه إلى قيمة التوبة والمغفرة «والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بفلاة» وهذا من فضل الله سبحانه على عباده.
وهو سبحانه ذو العرش المجيد، فعّال لما يريد. ألا يخشى هؤلاء من هذه صفاته؟
سبحانه. وإذا كانت قلوبهم قد غلّقت فلينظروا إلى أمثالهم من المكذبين الذين عذبوا المؤمنين من أمثال فرعون الذى ذبح الأطفال واستحيا النساء وأراد الفتك بالمؤمنين
فتبعهم بجيشه وكيف أغرقه الله؟ وكذلك ثمود كيف أهلكهم الله؟ ولكن الكافرين لا ينتفعون بهذه الدروس فلتكن هذه الدروس ربطا على قلوب المؤمنين أما الكافرون فالله من ورائهم محيط يقدر على أن ينزل بهم ما أنزل بفرعون وثمود.
وهذا الذى حكى للمؤمنين وللكافرين كلام الله سبحانه عظيم المعانى متناه فى الشرف والبركة كثير الخير والعلم ومكتوب فى اللوح، المحفوظ من وصول الشياطين إليه ومحفوظ من التغيير والتبديل.
(1) القرطبى 19/ 296.