الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّاسِعَةُ: إِذَا رَوَى حَدِيثًا ثُمَّ نَفَاهُ الْمُسْمَعُ، فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ جَازِمًا بِنَفْيِهِ بِأَنَّ مَا رَوَيْتَهُ وَنَحْوَهُ وَجَبَ رَدُّهُ وَلَا يَقْدَحُ فِي بَاقِي رِوَايَاتِ الرَّاوِي عَنْهُ.
فَإِنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أَذْكُرُهُ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَقْدَحْ فِيهِ. وَمَنْ رَوَى حَدِيثًا ثُمَّ نَسِيَهُ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الطَوَائِفِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا كَرَاهَةُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الرِّوَايَةَ عَنِ الْأَحْيَاءِ.
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى وَالْإِمَامُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْحَادِثَةِ، وَالْخَبَرُ لَا يَخْتَصُّ بِهَا.
الْحَادِيَ وَالْعِشْرُونَ: إِذَا شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِالزِّنَا حُدُّوا لِلْقَذْفِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَبْلَ التَّوْبَةِ، وَفِي قَبُولِ رِوَايَتِهِمْ وَجْهَانِ، الْمَشْهُورُ مِنْهَا الْقَبُولُ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي " الْكِفَايَةِ "، وَالْإِسْنَوِيُّ فِي " الْأَلْغَازِ ".
[التاسعة إِذَا رَوَى ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ حَدِيثًا ثُمَّ نَفَاهُ الْمُسْمَعُ وأقوال العلماء في ذلك]
(التَّاسِعَةُ: إِذَا رَوَى) ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ (حَدِيثًا ثُمَّ نَفَاهُ الْمُسْمَعُ) لَمَّا رُوجِعَ فِيهِ (فَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ (أَنَّهُ إِنْ كَانَ جَازِمًا بِنَفْيِهِ بِأَنْ قَالَ مَا رَوَيْتُهُ) أَوْ كَذَبَ عَلَيَّ (وَنَحْوُهُ وَجَبَ رَدُّهُ) لِتَعَارُضِ قَوْلِهِمَا مَعَ أَنَّ الْجَاحِدَ هُوَ الْأَصْلُ (وَ) لَكِنْ (لَا يَقْدَحُ) ذَلِكَ (فِي بَاقِي رِوَايَاتِ الرَّاوِي عَنْهُ) وَلَا يَثْبُتْ بِهِ جَرْحُهُ لِأَنَّهُ أَيْضًا مُكَذِّبٌ لِشَيْخِهِ فِي نَفْيِهِ لِذَلِكَ، وَلَيْسَ قَبُولُ جَرْحِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَتَسَاقَطَا، فَإِنْ عَادَ الْأَصْلُ وَحَدَّثَ بِهِ أَوْ حَدَّثَ فَرْعٌ آخَرُ ثِقَةٌ عَنْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ فَهُوَ مَقْبُولٌ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمَا، وَمُقَابِلُ الْمُخْتَارِ فِي الْأَوَّلِ عَدَمُ رَدِّ الْمَرْوِيِّ.
وَاخْتَارَهُ السَّمْعَانِيُّ وَعَزَاهُ الشَّاشِيُّ لِلشَّافِعِيِّ، وَحَكَى الْهِنْدِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْفَرْعِ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنِ الْأَصْلِ، فَحَصَلَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
وَثَمَّ قَوْلٌ رَابِعٌ: أَنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ وَيُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِطَرِيقِهِ، وَصَارَ إِلَيْهِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ.
وَمِنْ شَوَاهِدِ الْقَبُولِ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْبِيرِ» .
قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ثُمَّ ذَكَرْتُهُ لِأَبِي مَعْبَدٍ فَقَالَ: لَمْ أُحَدِّثْكَهُ، قَالَ عَمْرٌو: قَدْ حَدَّثْتَنِيهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَأَنَّهُ نَسِيَهُ بَعْدَ مَا حَدَّثَهُ إِيَّاهُ، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
(فَإِنْ قَالَ) الْأَصْلُ (لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أَذْكُرُهُ أَوْ نَحْوَهُ) مِمَّا يَقْتَضِي جَوَازَ نِسْيَانِهِ (لَمْ يَقْدَحْ فِيهِ) وَلَا يُرَدُّ بِذَلِكَ.
(وَمَنْ رَوَى حَدِيثًا ثُمَّ نَسِيَهُ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الطَّوَائِفِ) أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالْكَلَامِ (خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ) فِي قَوْلِهِمْ بِإِسْقَاطِهِ بِذَلِكَ.
وَبَنَوْا عَلَيْهِ رَدَّ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» .
زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةٍ: أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيَّ قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسُهَيْلٍ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، أَنِّي حَدَّثْتُهُ إِيَّاهُ وَلَا أَحْفَظُهُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَقَدْ كَانَ سُهَيْلٌ أَصَابَتْهُ عِلَّةٌ أَذْهَبَتْ بَعْضَ عَقْلِهِ وَنَسِيَ بَعْضَ حَدِيثِهِ، فَكَانَ سُهَيْلٌ بَعْدُ يُحَدِّثُهُ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَلَقِيتُ سُهَيْلًا فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ رَبِيعَةَ أَخْبَرَنِي بِهِ عَنْكَ. قَالَ: فَإِنْ كَانَ رَبِيعَةُ أَخْبَرَكَ عَنِّي فَحَدِّثْ بِهِ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِّي.
فَإِنْ قِيلَ: إِنْ كَانَ الرَّاوِي مُعَرَّضًا لِلسَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ فَالْفَرْعُ أَيْضًا كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَا.
أُجِيبُ بِأَنَّ الرَّاوِيَ لَيْسَ بِنَافٍ وُقُوعَهُ بَلْ ذَاكِرٌ، وَالْفَرْعُ جَازِمٌ مُثْبِتٌ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ رَوَى كَثِيرٌ مِنَ الْأَكَابِرِ أَحَادِيثَ نَسُوهَا بَعْدَ مَا حَدَّثُوا بِهَا، وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَقُولُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنِّي عَنْ فُلَانٍ، بِكَذَا.
وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ الْخَطِيبُ أَخْبَارَ مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ، وَكَذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ، مِنْ ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنَايَ عَنِّي «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ فَصَّ الْخَاتَمِ مِمَّا سِوَاهُ» ، وَرَوَى مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ حَدَّثَنِي رَوْحٌ أَنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ عَنْ زُبَيْدَةَ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ هَذَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ أَهْلَكَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَهُمَا مُهْلِكَاكُمْ ".
وَمِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيِّ صَاحِبِ الْجَامِعِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ قَالَ: حَدَّثَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنِّي وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: إِنَّمَا كَرِهَ الْمِنْدِيلَ بَعْدَ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ يُوزَنُ.
وَمِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَشَّارٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ أَنِّي حَدَّثْتُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، (مِنْ صَيَاصِيهِمْ)، قَالَ: مِنْ حُصُونِهِمْ.
(وَلَا يُخَالِفُ هَذَا كَرَاهِيَةُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ) كَشُعْبَةَ وَمَعْمَرٍ (الرِّوَايَةَ عَنِ الْأَحْيَاءِ) لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا كَرِهُوا ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مُعَرَّضٌ لِلنِّسْيَانِ فَيُبَادِرُ إِلَى جُحُودِ مَا رُوِيَ عَنْهُ وَتَكْذِيبِ الرَّاوِي لَهُ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَغَيَّرَ الرَّاوِي عَنِ الثِّقَةِ وَالْعَدَالَةِ بِطَارِئٍ يَطْرَأُ عَلَيْهِ يَقْتَضِي رَدَّ حَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا حَدْسٌ وَظَنٌّ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِمَا أَرَادَهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ بَيَّنَ